أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد عطشان هاشم - عنف الاديان : نصوص ام واقع؟















المزيد.....

عنف الاديان : نصوص ام واقع؟


عبد عطشان هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 22:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تحفل الاديان جميعا بدأ من البوذية وانتهاء بالاسلام بنصوص مقدسة متواترة تحث وتأمر الانسان على سلوك السلام والمحبة والتسامح وعدم الركون الى العنف كوسيلة لحل المشاكل مع الاخرالمختلف، ويفترض وفقا لهذا السياق ان يتصرف رجال الدين ومريديهم باسمى معاني النبل والايثار والتسامح الانساني الرحب اذا كانوا حقا مؤمنين بتلك النصوص ولكن ياترى هل ينطبق حساب الحقل مع حساب البيدر في هذا الشأن؟
بالامس القريب (الثلاثاء 9/5/2013) استنكر الدالاي لاما، الزعيم الروحي للتبت الذي يعيش في المنفى،هجمات الرهبان البوذيين على المسلمين في ميانمار قائلا إن القتل باسم الدين شيء لا يمكن قبوله ، واردف قائلا أن السبب الأساس للصراع في ميانمار الذي يتخذ مظهرا طائفيا، هو سياسي وليس روحيا.
دعنا نتوقف هنا قليلا لتأمل هذا المشهد ونرى كيف يقود رجال دين بوذيون ، من دين مسالم لاتسمح نصوصه بقتل اي كائن حي حتى لو كان نملة، ابشع عملية تطهير عرقي في القرن الحادي والعشرون ضد اقلية مضطهدة لاغراض سياسية كما صرح الدالاي لاما بنفسه. وهكذا، كما اكدت ذلك مرارا في كتاباتي السابقة ،عندما يستخدم الدين كاحد ادوات السياسة للوصول الى السلطة او ممارستها فسيتحول الى حاضنة لتفريخ العنف والتطرف والارهاب ايا كانت هويته ونصوصه المقدسة ومكانه الجغرافي.ولنا اسوة برجال الدين المسلمين في الوقت الراهن ، الذين يشنون حربا على من يخالفهم الراي والتفكير عبر سيل من الفتاوى السوداء التي تثير فتنا نائمة في بطون التاريخ وتدعو علنا الى سفك الدماءالبريئة ، وتحظى المرأة عادة بالنصيب الاوفر من حملاتهم المستمرة ضد الحريات والفكر الانساني مخالفين جوهر النصوص القرانية في هذا الصدد (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) سورة النحل (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ) سورة الكهف ( أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ )سورة يونس (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ . لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ) سورة الغاشية.
وبالعودة للتاريخ ، فأن الاديان جميعا وبدرجات متفاوتة حسب الظرف والمكان ، حملت لواء العنف والقتل المقدس الذي يصل لابشع الممارسات الهمجية ابتداء من القرابين البشرية كما في مجمل الديانات البدائية الى الحروب الدينية والاضطهاد الديني والتكفيروالهرطقة والحرق بالنار لدى الديانات السماوية (وبخاصة الدين المسيحي والاسلامي) ، ولم تحفل على الاطلاق بماورد لديها من نصوص مسالمة تدعو الى الرحمة والتسامح،، لقد استطاعت النظم العلمانية في الغرب من كبح جماح الكنيسة الكاثوليكية ووضعها في اطارها الطبيعي كدين شخصي ورغم ذلك تتسرب بين الحين والاخر اخبار عن الانتهاكات الجنسية التي يقوم بها الرهبان والقساوسة ضد الاطفال الى حد اضطر فيها البابا الى الاعتذار عنها علنا . اما في الجانب الاسلامي فقد تصرف خلفاء المسلمين على هواهم في اموال الناس وارواحهم بل ان العديد منهم انتهج العنف الذي يصل حد السادية للوصول الى سدة الحكم فمنهم من قتل اخيه او والده وافراد عائلته الاقربين للاستيلاء على السلطة المقدسة وباركهم رجال الدين عبر تأويل النص ولوي عنقه حتى ينضح بما يشتهي ولي الامر. بل ان مشايخ المسلمين على اختلاف نسخهم المذهبية ، يحاولون الان تجريد النص من كل معاني الرحمة والانسانية والعدالة عبر سيف التفسير الاحادي الذي يدعي لنفسه احتكار الحقيقة المطلقة مما يذكي روح التطرف و يجعل العنف والقسوة والكراهية الخيار الوحيد لدى المسلمين .
كل ذلك قد يدفع الى التساؤل ما هو الوجه الحقيقي للدين ؟ هل هي النصوص النظرية المركونة في زوايا النسيان ام الواقع المر الذي يقدمه لنا رجال الدين على طبق من التفاسير المعصومة التي لاتقبل النقض. ان تطبيق النص على ارض الواقع هو المعيار الوحيد لمصداقية النص وقدرته على الحياه فنرى مثلا ان دساتير الدول المتخلفة تحفل بنصوص رائعة عن الحريات والعدالة وكرامة المراة وحقوق الانسان ولكن التطبيق العملى لهذه النصوص في واد اخر قاحل ومجدب تماما من هذه القيم والثوابت كما نعرف جميعا، لقد اثبتت تجارب تطبيق الشريعة بدءا من ايران والسعودية والسودان انها تولد مظالم اجتماعية جسيمة وامتهان منهجي لكرامة الانسان وحياته الخاصة وبدلا من اقامة العدالة الالهية المنشودة شرعنت تلك التجارب عنف الدولة ضد الانسان عبر المحاكمات الشرعية الصورية وهيئات الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها وسنت حجرا قاسيا على حرية التفكير والمعتقد.
واذا كانت النصوص الدينية الاسلامية لم تفلح حتى الان في تكوين وصقل القائمين عليها من سدنة ودعاة ومشايخ ناهيك عن ولاة الامر بما يعكس رؤيتها المسالمة المسامحة كما يتبدى ذلك في النصوص القرانية والاحاديث النبوية ، فكيف نتوقع منها ان تفعل ذلك في المستقبل كما ينادي المشايخ باعلى اصواتهم ، فقد تعودنا ان نسمع ان اخطاء التطبيق هي اخطاء بشرية واجتهادات لا غبار عليها لاتمس جوهر النص رغم مرور 1400 سنة من التطبيق ، مما يترك لدينا اسئلة شائكة ، هل هذه النصوص التي اجتزءت من سياقها التاريخي والموضوعي الذي ولدت فيه واحيطت بهالة القداسة قابلة للتطبيق اصلا ؟ ام هي تركت عن عمد من قبل اصحابها لعدم استجابتها مع الواقع الحديث مع متغيراته الاجتماعية والاقتصادية الجوهرية وكيف يعقل ان نسقط التاريخ والزمن والعلم ونتفاخر بأن الانسان الحاضر ليس الا نسخة كاربونية من البدوي العربي ذاته قبل 14 قرنا من ناحية التفكير والحاجات والتطلعات كما تروج لذلك النظرية الدينية المتداولة بأنه (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ) ولم لا ونحن الامة الوحيدة التي تفتش عن حلول لمشاكل الحاضر في اقبية الماضي ولاتكتفي بذلك بل تستحضر مشاكلها وصراعاتها الطائفية من سراديبه الرطبة.
وهكذا فان شواهد الماضي والحاضر معا تفضي بنا ، الى استنتاج لامفر منه وهو ان النصوص الدينية لم تفلح على الاطلاق في كبح جماح العنف بل رمت فيه المزيد من الحطب عبر مصادرة حق الافراد في الاختلاف ورجم افرادها بالكفر والارتداد عن الملة كما يحدث الان وما الصراع الطائفي الا الاطار الاجتماعي السياسي لعنف الدين ، فالنص الديني مهما كان ساميا فانه سيتم تدنيسه عبر رغبات وشهوات رجال الدين للنفوذ والسلطة والمال وتحويله الى حجر بازلتي ثقيل يجثم على صدور الناس فيمنع عنها التنفس والحركة ان لم يسرق منها الحياة.
------------------------------------------------------------
مصادر:
د.فؤاد زكريا- الحقيقة والوهم في الحركة الاسلامية المعاصرة – دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع- الطبعة الاولى – القاهرة 1986



#عبد_عطشان_هاشم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخروج من الطائفة : المستحيل والممكن
- عندما يتوقف التاريخ : حروب الطوائف العربية
- من الدولة الفاشلة الى المجتمع الفاشل !
- كيف يمكن انشاء قطيع من القطط؟
- كهنة الفتاوى الجدد
- الاسلام واصول الحكم بعد 88 عاما على صدوره
- تساؤلات حول مستقبل العلمانية في المنطقة العربية
- الديمقراطية عندما ترتدي الجلباب
- خرافة التسامح الديني


المزيد.....




- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...
- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد عطشان هاشم - عنف الاديان : نصوص ام واقع؟