أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - من غير لف ودوران















المزيد.....

من غير لف ودوران


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 4308 - 2013 / 12 / 17 - 02:31
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


الوضع الحالي في مصر يستدعي الحديث من غير لف ودوران.. فليس هناك وقت ولا مساحة للإطناب والإسهاب، أو للإيغال في الكلام النظري، أو الغرق في الجزئيات..

لنقلها بصراحة : لا نجد من الحكومة، ومن كثير من القوى الوطنية رد فعل مناسبًا على شغب الإخوان الذي شيئًا فشيئًا يتجاوز الشغب إلى الإجرام.. الإخوان يعلمون جيدًا أن الأوضاع في أحسن الاحتمالات لن تَدين لهم قريبًا.. وأنهم ليس أمامهم سوى "التفاوض" العنيف في الشارع، وفي الجامعات والمساجد، واستدعاء التدخل الخارجي.

ومن أجل هذا الهدف استخدم الإخوان تكتيكات عديدة.. لكن كان أخطرها هو نقل الإرهاب من سيناء إلى مدن الوادي، مع محاولة وضع الشارع المصري على شفا الحرب الأهلية من خلال الابتزاز والاعتداءات على المدنيين، ومحاولة توريط الشرطة والجيش في الإيغال في الدم.. على أمل تكرار السيناريو السوري في النهاية.

وفي الحقيقة أن الشعب المصري أظهر وعيًا كبيرًا حينما تجاهل مظاهرات الجماعة وحلفائها من تيارات خائبة تدعي الثورية.. ففي أغلب الأحوال حرم الأهالي الإخوان من فرص افتعال المشاجرات والمصادمات.. وانحصر الصدام مع قوى الأمن.. وإن كان هذا ليس مضمونًا على الدوام.

لكن الأمر المعيب هو ذلك التخاذل والميوعة من جانب بعض القائمين على الحكومة.. وكأنهم جميعًا يتحسسون رؤوسهم.. وبعض المسئولين الأمنيين يريدون- عن عمد- وضعنا تحت سيف هذا الخطر (منخفض الكثافة بعض الشيء) حتى نترحم على إجرام الدولة البوليسية.

كما أخذت بعض القوى السياسية (المفروض أنها مدنية) تتلاعب وتحاول التملص من مسئولية مواجهة الإجرام الإخواني، وتريد أن تترك المغارم كلها للجيش والشرطة، بينما هي تنتظر المشاركة في المغانم بحصص أكبر.. وهي ممارسة أقل ما يقال عنها إنها انتهازية.. بل يشاع إن بعض الطامحين في مناصب كبرى في الدولة ومقاعد في مجلس النواب يجرون اتصالات في الخفاء مع الجماعة الإجرامية نفسها.

ومن الطبيعي جدًا أن يكون من نتائج هذه المواقف المتخاذلة أن تطمح الأجهزة والمؤسسات الأمنية في حصص أكبر وحصانات أكثر قوة.

والسؤال الآن هل نحن بصدد اقتسام الأنصبة في الدولة أم في معركة الإبقاء على مدنية الدولة وعدم تدهورها إلى دولة فاشلة.. بل وعدم تفكك المجتمع نفسه ودخوله في حالة من الفوضى (وهي حالة أخرى غير الصراع الطبقي).. ومن المخجل أن بعض "الثوريين" يتصورون أن هذه الحالة هي الأمثل لاندلاع ثورة اجتماعية كبرى متجاهلين أن القوى الوحيدة المؤهلة للاستيلاء على المشهد بأكمله أو اقتسامه في هذه الحالة هي القوى اليمينية بكافة أنواعها من جانب، والقوى الأمنية والعسكرية من جانب آخر.

ومن الواجب التأكيد على أن تمرير الدستور في حد ذاته لن يوقف ردة فعل الإخوان المدعومة من قوى خارجية والمستمرة بقوة منذ أشهر، كما أن اعتراض قوى ثورية على الدستور لن يمنع مروره حسب حساباتي الشخصية، وإنما سيضع هذه القوى موضوعيًا في صف واحد مع الجماعة الإخوانية، كما سيزيد من بعثرة صفوف القوى الوطنية الديمقراطية.

لن يكون الدستور المطروح للاستفتاء هو خاتمة المطاف.. وهو بالتأكيد ليس دستورًا ثوريًا. ومن واجبنا أن نحافظ على مطالبنا الجذرية، وبالمقابل من المنطق ألا نتوقع أن تأتي نصوصه خارج موازين القوى السياسية، بل تعبيرًا عنها..

ومن المنطق أيضًا أن نراعي السياق السياسي الذي تجري فيه عملية الاستفتاء، فالهدف الأهم الآن هو القضاء على الخطر الذي تمثله جماعات فاشية فكرًا وتنظيمًا وممارسات.. ولا شك أن هذه الجماعات تمثل خطرًا وجوديًا.

أما الحديث عن خطر "عودة حكم العسكر" و"الدولة البوليسية" فهو قائم لكنه مبالغ فيه.. فالسياقات الدولية والإقليمية لن تسمح بوضع كهذا بسهولة، كما أن المخزون التاريخي في نفوس شعبنا لهذا النوع من الممارسات، وقفزة الوعي والفعالية التي نلمسها بعد ثلاث سنوات فائرة، لن يسمحا لهذا الخطر بالمرور دون مقاومة.. وذلك على العكس من الخطورة الهائلة للمشروع الإخواني الذي كاد في شهور قليلة أن يغير وجه مصر المدني والحضاري، ويلتهم جهاز الدولة ويهدم المؤسسات الأمنية ويشرع في بناء تنظيمات بديلة وموازية..الخ.

ورغم قفزة الوعي والفعالية الجماهيرية تلك فإنها لا تمنعنا من الاعتراف بحقيقتين:

الحقيقة الأولى : أنه لا يمكن الاحتفاظ بحالة التعبئة الجماهيرية على ذات المستوى لفترات طويلة.. لأسباب اقتصادية/ اجتماعية/ أمنية، وأسباب أخرى تتعلق بغياب طليعة ثورية منظمة تستند إلى منظمات اجتماعية راسخة ومجربة، فضلاً عن المعارك الثانوية التي تفتحها قوى ثورية وتتفرغ لها ربما في غير أوانها، أو في غير سياق الحفاظ على ممارسة التناقض الرئيسي. ولعل هذا هو السبب الرئيسي في ازدياد دور مؤسسات الدولة في مقاومة (أعتبرها خجولة وخائرة) للمشروع الإخواني.

الحقيقة الثانية : نظرًا لما سبق ذكره، فإنه من المهم معرفة المزاج النفسي الاجتماعي للجماهير الشعبية اليوم. وأزعم أنه في الشهور الماضية يغلب على هذا المزاج الميل للاستقرار وليس التغيير الثوري، ولا داعي للعبارات الحماسية ونحن ندرس هذه الظاهرة. فقد تتحرك الجماهير هنا أو هناك من أجل مصالح نوعية مباشرة، ولكننا لسنا- الآن أو في القريب العاجل- بصدد تحركات عملاقة للإطاحة بالنظام.

نتيجة لهاتين الحقيقتين المترابطتين، ولخطر الفوضى الذي يلوح به الحراك الإخواني، تستنجد قوى اجتماعية واسعة- في الريف والمدينة ومن شتى الطبقات- بمؤسسة القوات المسلحة، وخاصة بالقائد الذي لا يمكن إنكار الدور الكبير الذي لعبه في الإطاحة بحكم الإخوان واعتقال قادتهم وصفهم الثاني. وهي واقعة وظاهرة تاريخية ينبغي على القوى الثورية ألا تسلم بها كقدر مكتوب أو مسار ممتد، مثلما هو مطلوب منها أن تتعامل معها بواقعية وذكاء.

إن عبد الفتاح السيسي يعلم أكثر من أي أحد آخر أن رأسه مطلوبة من جهات عدة. ويعلم أنه إذا لم ينتقل من ديوان وزارة الدفاع إلى قصر الاتحادية، فإن خيار المنفى مستبعد لأن هناك جهات دولية تعد له محاكمات، أما خيار البقاء وزيرًا للدفاع مع رئيس آخر فهو مستبعد لأنه سيكون صعبًا جدًا على أي رئيس أن يكون بجانبه مسئول له هذه الشعبية، كما لا أظن أن سيمكنه الذهاب إلى منزله والخروج من الحياة العامة. وهو يبدو لي كأحد شخوص الأساطير القديمة الذي تسوقه الأقدار بصرف النظر عن الرغبات والأهواء.

ومهما كتب السياسيون عن العقبات القانونية والأخلاقية لترشح وزير الدفاع لرئاسة الدولة، فإن هذا لن يمنع ترشحه وربما فوزه شبه المؤكد بالرئاسة. ولن تنفع المناشدات في إثنائه عن هذا إذا كانت هذه رغبة مجمع عليها في المؤسسة، ناهيك عن تأييد جماهيري واسع. أعني أنه إذا لم يكن لدى القوى الثورية والديمقراطية قدرة على تقديم مرشح متفق عليه ومؤهل لمنافسة حقيقية، فإنه يجب عليها من الآن أن تعد نفسها للتعامل الثوري مع أمر واقع جديد، ومن ثم الدعاية الواسعة لبرامج ومطالب أكثر جذرية.

ولعلني أفصح أكثر عن هاجس عندي فحواه أن جماعة الإخوان إذا فشلت في إشعال الحرب الأهلية وتوسيع دائرة الإرهاب المادي والمعنوي، فإنها ستعمل على الأقل على إدخال المجتمع في دائرة لا تنتهي من الفوضى في الشارع والاقتصاد والعمل الحكومي عامة..الخ. ومن المتوقع مع هذين الاحتمالين اضطرار المؤسسة العسكرية على التدخل السافر بالانقلاب الكامل.. أي أن الإخوان سيفضلون إذا فشلوا في هدفهم السابق أن يأتي السيسي لقصر الاتحادية عن غير طريق الانتخابات.. وفي هذه الحالة سيمكن للتنظيم أن يعود للالتئام وربما الاتساع، وكذا إمكانية التفاوض مع حكم عسكري سيشعر بعزلة محلية وإقليمية ودولية خانقة..

بعد هذه الأفكار غير المرتبة.. أظن على القوى الديمقراطية الراديكالية (وفي القلب منها اليسار المصري) أن تضطلع بالمهام التالية:

- الدعوة لأن ينزل الشعب المصري بكافة أطيافه للمشاركة في الاستفتاء (30 مليونًا مثلاً) ومساعدة المواطنين على الاحتفاظ برباطة الجأش في مواجهة التصعيد الإرهابي والإخواني المتوقع في الأسابيع القادمة.

- إن الدعوة للاستفتاء بلا أو المقاطعة لن تفضي غالبًا إلا إلى مزيد من عزلة قاتلة في لحظة تاريخية شديدة الحرج لأنني أتوقع أن نسبة الموافقة قد تلامس 70%.

- عدم التوقف عن نقد عيوب الدستور، والعمل على وضع أجندة اجتماعية راديكالية وتوحيد الصفوف في الدعاية لها، والارتقاء ببناء ووحدة الحركة النقابية كي تلعب دورًا فاعلاً إلى جانب الأحزاب الثورية، وتطوير أنشطة الاحتجاج الاجتماعي شرط عدم إتاحة الفرصة لاستفادة قوى الثورة المضادة- بكل أجنحتها- منها.. فهذا هو ما يعطينا التمايز، ويحول دون مخاطر عودة القوى اليمينية "المدنية" الفاسدة للعربدة في المجتمع والدولة.

- العمل منذ الآن على تكوين أوسع تحالف ديمقراطي ممكن في الانتخابات البرلمانية.

- الدعوة إلى تكوين حكومة ائتلافية من القوى الديمقراطية، تتسم بالجسارة في مواجهة المشروع الإخواني والإرهابي، والحل الجذري لكثير من المشكلات الحالّة للطبقات الشعبية، والتصدي للتدخلات الخارجية، والشروع في قطع سلاسل التبعية للإمبريالية العالمي’

- الشروع فورًا في توحيد المنظمات والأحزاب اليسارية، في حزب واحد أو حزبين كبيرين على الأكثر، ولتكن البداية في هذا هي تكوين قيادة مشتركة للأنشطة الجماهيرية والتثقيفية، على أساس من الأجندة سابقة الذكر.

- البحث عن سبل فعالة وواقعية لرأب الصدع المفتعل بين أجيال اليسار المصري، وخاصة من خلال الأنشطة المذكورة.

- لا بد في الشهور المقبلة من حسم أمر امتلاك اليسار المصري لوسائل إعلامية فعالة، وإلا فإن الكثير من المواقف والدعوات ستكون أسيرة دوائر محدودة جدًا.



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دليلك إلى القيادي الشرير
- وحزب يساري جديد في مصر..
- ثورة من جديد ؟!
- وحدة اليسار المصري بين السراب والممكن
- حديث طريف.. وكله عِبَر
- مينا دانيال.. بطل من مصر
- مسألة السيسي بين الاستقالة أو الاغتيال
- كي لا تفشل الثورة المصرية
- مظاهرة الزيتون
- غابت البوصلة والطليعة فحضرت الكاريزما
- شعب ثائر وحكومة مرتعشة
- المجد للشعب المصري
- أيام مصر الخطيرة
- انقلاب عسكري أم انقلاب ثوري
- الثورة المصرية بحاجة لطليعة
- لا نوايا حسنة في تبرير الإرهاب
- الساكت عن النقد...
- شافيز.. عرفته قبل أن أقابله
- حتى لا تخسر القضية الفلسطينية شعب مصر بسبب حماس
- حول الدعوة إلى تنظيم شيوعي للشباب


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: سماع دوي انفجار شمال غرب أصفهان
- صافرات الإنذار تدوي في شمال إسرائيل وأنباء عن هجوم بالمسيرات ...
- انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول أمر ...
- وسائل إعلام: الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجوم صاروخي وا ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع هجوم ...
- فرنسي يروي تجربة 3 سنوات في السجون الإيرانية
- اقتراب بدء أول محاكمة جنائية في التاريخ لرئيس أميركي سابق
- أنباء عن غارات إسرائيلية في إيران وسوريا والعراق
- ??مباشر: سماع دوي انفجارات في إيران وتعليق الرحلات الجوية فو ...
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية الرسمية نقلا عن تقارير: إسرائيل ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - من غير لف ودوران