أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - مينا دانيال.. بطل من مصر














المزيد.....

مينا دانيال.. بطل من مصر


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 4237 - 2013 / 10 / 6 - 09:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ولد رقيق الجسد.. طحنه الفقر وتألمت نفسه وروحه من الاضطهاد الطبقي والطائفي معًا.. إنه مينا دانيال الذي كان يخطو الأعوام الأولى في العقد الثالث من عمره.. وأحد أيقونات الثورة المصرية.. بل ومن أكثرها إلهامًا..

للأسف معرفتي به معظمها "بعدية" أي بعد استشهاده في مذبحة ماسبيرو.. شاهدته مرات قليلة ولفت نظري بشعره الكث وحركته السريعة، بل وأذكر أنه حضر ندوة كنت أتحدث فيها وكان يستمع أكثر مما يثير مثل غيره من الشباب علامات الضجر من الكبار، الميالين- في ظنهم- للتنظير والتعميم..

هذا الولد أصيب بطلقين ناريين في موقعة "الجمل" يوم 2 فبراير، ومع ذلك استمر في ميدان التحرير حتى أطيح بمبارك بعدها بتسعة أيام.. وأي إصابة من هذا النوع كانت كفيلة بأن يبتعد أو حتى ينزوى إلى أن يبرأ من إصابته.. وكانت كفيلة بأن يتاجر بها بقية حياته وأن يكون في مقدمة من يجنون الثمار.. لكنه استمر كشهيد حي، حتى اغتالته أيدي الغدر بعد ذلك بثمانية أشهر بطلق ناري ثالث اخترق صدره النحيل..

هذا الولد الذي أوصى بأن تشيع جنازته من ميدان التحرير، نشأ في أسرة فقيرة وسط ستة أشقاء، جاءت أسرته من أعماق صعيد مصر الصارخة بالفقر والطاردة لأبنائه، والفقر نفسه وضيق قاعدة الموارد كفيلان بإزجاء الطائفية المقيتة التي ترعاها وتستفيد منها أحقر شرائح الأثرياء بالحرام وعرق الشعب..

جاءت الأسرة الغفيرة والفقيرة تبحث عن النجاة في قاهرة المعز فاستقر بها الحال في عزبة النخل، ذلك الحي الفقير العشوائي الذي يضج بالبشر المعذبين، والمنتشرة بينهم بالطبع أخطر الأمراض الاجتماعية.. فكانت كالمستجيرة من الرمضاء بالنار..

كان من الممكن أن ينحصر اهتمام الولد في القضية الطائفية، لكن العقل النابه والروح الوثابة رأت في النضال الوطني والديمقراطي الجمعي خلاصًا للمجتمع من كل أزماته ومآلاته التعسة.. ومع ذلك لم ينس قضية الوحدة الوطنية والرغبة في العيش في وطن للمتساوين والأسوياء.. فكان مينا فلتة بين أقرانه وقدوة أكبر من سنه وطاقته..

لقد تصور النظام المتهاوي في إحداث الفتنة الطائفية مخرجًا له من المأزق والحل الكفيل بتمزيق صفوف الثورة.. واندفع المجرمون في التيارات المتاجرة بالدين وذات الشبق السلطوي لتعميق الفتنة.. فكان حرق الكنائس ومطاردة الأقباط، خاصة في القرى النائية.. ومن هنا كانت مظاهرات ماسبيرو.. وكان أيضًا أن تورط الإعلام المصري في جريمة حمقاء لإذكاء الكراهية الطائفية..

كانت ماسبيرو معركة هوجاء اختلط فيها الحبل بالنابل.. اختلط الثائر المحتج بالجندي المذعور بالبلطجي المأجور.. ووراء الستار كان القتلة الحقيقيون يعقدون الصفقات الشيطانية فيما بينهم وينتظرون سقوط الثمرة في حجرهم.. انهزام الثورة واندحار الشعب..

لكن روح مينا دنيال وأرواح عشرات من شهداء موقعة ماسبيرو هي التي استطاعت إنارة الطريق لكثير من الثوار ليكتشفوا ويكشفوا كل التحالفات القذرة بين أعداء الشعب..

أتيح لي أن أسمع الكثير عن الولد.. وأن أقرأ بعض خواطره التي نشرت بعد استشهاده.. فتيقنت أنني أمام مشروع ثائر كبير عرفت رصاصات الغدر طريقها إليه، كما لو كانت تعرف أين مكامن الخطر الحقيقية عليها.. وجدت في ممارساته وأفكاره وعيًا هائلاً بترابط النضال الديمقراطي مع المواطنة والثورة الاجتماعية..

أتمنى أن أرى في جيل مينا دانيال الكثيرين ممن يقتدون به.. فهذا هو الأمل الباقي لمصر.. أما شقيقته ماري دانيال فهي تلوح لي في ثيابها السوداء كنفحة متبقية من جسد وطيف الشهيد ودمه الفائر.. لا أشعر بالأسى لها.. وإنما أفعم بالأمل.. ولا بد أن مئات من مينا دانيال في الطريق لكتابة تاريخ مجيد لمصر العجوز..



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسألة السيسي بين الاستقالة أو الاغتيال
- كي لا تفشل الثورة المصرية
- مظاهرة الزيتون
- غابت البوصلة والطليعة فحضرت الكاريزما
- شعب ثائر وحكومة مرتعشة
- المجد للشعب المصري
- أيام مصر الخطيرة
- انقلاب عسكري أم انقلاب ثوري
- الثورة المصرية بحاجة لطليعة
- لا نوايا حسنة في تبرير الإرهاب
- الساكت عن النقد...
- شافيز.. عرفته قبل أن أقابله
- حتى لا تخسر القضية الفلسطينية شعب مصر بسبب حماس
- حول الدعوة إلى تنظيم شيوعي للشباب
- السياسة الثورية.. وإلا الخيار نيرون !!
- قهر الفاشية.. أو الخروج من التاريخ
- لنكسر الفاشية أولاً
- ارتباك في بر مصر
- بلطجة نظام مرسي وجماعته لن تخيفنا
- لا وقت للميوعة


المزيد.....




- وزير دفاع أمريكا يوجه - تحذيرا- لإيران بعد الهجوم على إسرائي ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لعملية إزالة حطام صاروخ إيراني - ...
- -لا أستطيع التنفس-.. كاميرا شرطية تظهر وفاة أمريكي خلال اعتق ...
- أنقرة تؤكد تأجيل زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة
- شرطة برلين تزيل بالقوة مخيم اعتصام مؤيد للفلسطينيين قرب البر ...
- قيادي حوثي ردا على واشنطن: فلتوجه أمريكا سفنها وسفن إسرائيل ...
- وكالة أمن بحري: تضرر سفينة بعد تعرضها لهجومين قبالة سواحل ال ...
- أوروبا.. مشهدًا للتصعيد النووي؟
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة بريطانية في البحر الأحمر وإسقا ...
- آلهة الحرب


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - مينا دانيال.. بطل من مصر