أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبد الرحيم العطري - العلاقات المغربية الجزائرية : من يجني ثمار تعكير الأجواء ؟















المزيد.....

العلاقات المغربية الجزائرية : من يجني ثمار تعكير الأجواء ؟


عبد الرحيم العطري

الحوار المتمدن-العدد: 1225 - 2005 / 6 / 11 - 10:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


مرة أخرى يعود كل شيء إلى الصفر ، و ينتهي موسم الغرام السياسي الذي جمع البليدين الشقيقين لأسابيع معدودة ، فشهور العسل بين المغرب و الجزائر قدر لها ألا تكتمل ، و أن تظل مجرد مناسبات محدودة الزمن و الأثر للإعراب عن حسن النوايا ، ليعود كل شيء إلى سابق عهده و تنتحر الأحلام و الآمال التي انتعشت و تنامت في أعماق الشعبين ، خصوصا بعد مشاركة الملك محمد السادس في القمة العربية المنعقدة أخيرا بالجزائر و تمديد إقامته بها ،الشيء الذي جعل قارئي الطالع السياسي المغاربي يسهبون في الحديث عن تنقية الأجواء ، و عن قرب فتح الحدود البرية بعد قرار الجزائر برفع التأشيرة ،و كذا عن بناء المغرب العربي و تجاوز كل الخلافات القائمة بين البلدين .
لكن نبوءات قارئي الطالع السياسي لم تصدق و ربما لن تصدق في القادم من الأيام ما دامت العلاقات المغربية الجزائرية تنضبط لخلفية بنيوية معقدة تؤطرها مجموعة من العوامل الداخلية و الخارجية و يؤثر في صياغتها و انبنائها فاعلون كثيرون تتناقض مصالحهم و أهدافهم في مطلق الأحوال ، فرهان التطبيع و الانتهاء من كل الخلافات و الحسابات الضيقة و التي تفوت على الشعبين و المنطقة عموما فرصا قوية للاندماج و التكامل لمواجهة عصر العولمة الكاسح ، ذات الرهان الوحدوي ربما لا يتم صنعه في قصر الجزائر ، و إنما يعود القرار فيه إلى المؤسسة العسكرية التي ما زالت تسيطر على مختلف تضاريس النسق السياسي الجزائري ، فبالرغم من التغييرات التي أنجزها الرئيس بوتفليقة على مستوى التدبير الفوقي لهذه المؤسسة ، فإنه يبدو واضحا بأن المؤسسة العسكرية هي أكبر قوة سياسية في البلاد ، و هي التي تصنع القرار السياسي و تعمل أيضا على تصريفه في مختلف الاتجاهات . فكبار مسؤولي الجيش الجزائري لا يريدون لشهور العسل السياسية بين المغرب و الجزائر أن تستمر لوقت طويل ، فالخلاف بين هذين البلدين يفيد كثيرا في تقوية الرأسمال المادي و الرمزي لمؤسسة الجيش . فمن خلال الأزمة يتغذي أكثر من جهاز و تتم شرعنة أكثر من قرار . و لهذا يتساءل الكثير من المحللين الذين لا يدمنون قراءة الكف السياسي بل ينصتون إلى النبض الحقيقي لمالكي وسائل الإنتاج و الإكراه في النسق المغاربي ، عن سر امتداد الأزمة الجزائرية الداخلية ؟ و عن الحسابات البنكية التي تستقر بها مداخيل البترول و الغاز الطبيعي ؟ و عن الحجم الحقيقي للجيش الجزائري في دوائر صناعة القرار السياسي ؟ و أيضا عن علاقته المباشرة بمشكل الصحراء المغربية و مدي إفادته من تمديد النزاع حوله ؟
إن الإجابات المحتملة عن هذه التساؤلات الشقية تكشف كثيرا من الغموض الذي يلف هذا التعكير المستمر للأجواء بين الرباط و الجزائر ، و يقود أيضا إلى فهم كثير من العناصر التي تجني ثمار هذا التعكير و تفيد منه في شرعنة و تكريس وجودها ، فالعلاقات المغربية الجزائرية لا تصنعها النوايا الطيبة و لا تبادل الإشارات السياسية الذكية ، بل إنها تظل محكومة و حتى إشعار آخر بمصالح المؤسسة العسكرية الجزائرية التي تخشى التفريط في أحد المشاجب الرئيسية التي تعلق عليها أخطاءها الاستراتيجية ، فمن خلال تدعيم الجمهورية الوهمية للانفصاليين يتم الاستمرار في التضليل السياسي و أيضا في مراكمة الكثير من الخيرات و الرساميل ، و يستمر الإعفاء التام من المساءلة السياسية ما دامت المؤسسة العسكرية تكرس كل جهودها لموضوع إنساني نبيل و هو" مساعدة شعب على تقرير مصيره " . إنه العبث من غير شك ، و إنه العبث الذي يسمح بفعل أي شيء دونما حاجة للانضباط لما هو مؤسساتي في النسق الجزائري ، فلا مؤسسات نيابية و لا مدنية و لا إعلامية بمقدورها أن تقف في وجه طموحات هذه المؤسسة التي باتت تصنع القرار السياسي الذي يخدم مصالحا بالدرجة الأولى .
إن الإملاءات السياسية للمؤسسة العسكرية الجزائرية ليست وليدة اليوم ، و لهذا فهي لا تحمل عنصر المفاجأة ، بل على العكس من ذلك فقد كانت متوقعة ، لأنه من غير المعقول أن يحدث كل هذا الانعطاف نحو التطبيع السياسي دون أن تتحرك المؤسسة العسكرية الجزائرية و تجعل الرئيس بوتفليقة و جريدة الخبر تحديدا يلوكان من جديد الأطاريح و المواقف العدائية السابقة ، و لهذا فعنصر الاندهاش الذي جاء في بيان الخارجية المغربية يصير لا مقبولا إذا ما تم شحذ الذاكرة السياسية و الرجوع قليلا إلى الوراء ، ألم يقل بوتفليقة على هامش مشاركته في الدورة 54 للجمعية العامة للأمم المتحدة " إن الجزائر لا تقبل أن يكون شبابها من المستهلكين للمخدرات التي تأتي من البلد الجار الذي يعد من أكبر الدول المصدرة للمخدرات " ؟ و ألم يضف قائلا في كثير من المناسبات " بأنه لن يتخلى عن دعم الشعب الصحراوي في تقرير مصيره " ؟
و لعل عنصر الغرابة و الإدهاش الذي تحدث عنه بيان الخارجية المغربية يتصل أساسا بالتوقيت قبل المضمون الذي ميز عودة العلاقات إلى الصفر ، فالتصريحات الأخيرة للقيادة الجزائرية جاءت في وقت يجري فيه التحضير لعقد قمة مغاربية أكد قارئو الطالع السياسي أنها ستكون خطوة مركزية و استثنائية على درب تنقية جميع الأجواء المغاربية و تجاوز كل الخلافات القطرية و في مقدمتها الخلافات المغربية الجزائرية ، كما أنها جاءت في سياق دولي يسحب فيه الاعتراف بجمهورية الوهم من قبل العديد من الدول ، و تتكثف فيه الجهود من أجل الوصول إلى حل للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية .
كثيرة هي المحطات التي انكشفت فيها الإملاءات العسكرية الجزائرية التي تغنم كثيرا من تعكير الأجواء بين الرباط و الجزائر ، و كثيرة هي اللحظات التي انفضح فيها الخطاب الازدواجي الذي يبصم اشتغال مؤسسة الرئاسة بالجزائر ، و لهذا لا ينبغي للشعبين المغربي و الجزائري أن يعلقا كثيرا من الآمال على المناسبات التي يتألق فيها الغرام السياسي ، و تنطلق على إثرها أسابيع العسل التي لا تعني أكثر من تبادل زيارات بروتوكولية أو تصريحات مجاملاتية أو حتى القيام بمبادرات رمزية من قبيل رفع التأشيرة دون فتح الحدود البرية .
إن الخيار الوحدوي و الوصول إلى أكبر درجة ممكنة من التفاهم بين البلدين يظل هو الاختيار الذكي و الوحيد لمواجهة الإكراهات التي تعصف بعالم اليوم ، لكن هل هذا الخيار الاستراتيجي يعيه جيدا صناع القرار السياسي بالجزائر ؟ أم أن همهم اليوم و غدا هو شرعنة الحضور و تصريف الأزمة الداخلية و إلهاء الٍرأي العام الداخلي و الخارجي والاستمرار في مراكمة الرساميل المادية و الرمزية على حساب القضايا المصيرية للشعب الجزائري و المغاربي .؟
*كاتب و باحث مغربي



#عبد_الرحيم_العطري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعددية السياسية المعطوبة : الانقسام أقصر طريق لتأسيس حزب س ...
- ما معنى أن تكون وزيرا سابقا بالمغرب ؟
- تيبولوجيا المثقف المغربي
- المثقف المغربي : مجالات الفعل و العطب
- في رثاء عصرنا : موت المعنى
- المهنة الأكثر انتشارا في المغرب : قراءة الطالع السياسي
- في حوار مع المحلل النفسي الدكتور محمد نبيل غزوان
- حوار مع المفكر المغربي الدكتور محمد سبيلا
- في الحاجة إلى علم الاجتماع القروي : العالم القروي بالمغرب بي ...
- الضبط المخزني للمجال بالمغرب : مزيدا من التقسيم من أجل مزيد ...
- الشباب العربي و السلطة الأبوية : عمليات التدجين و إرهاصات ال ...
- حقوق الإنسان الموقوفة التنفيذ : المهاجرون مواطنون من الدرجة ...
- جينيالوجيا العقاب السجني : تاريخ التطويع القمعي للإنسان
- المشهد الحزبي المغربي و مآزق الإفلاس
- دار الشباب المغربية :إشكالية التأطير و هاجس الفرملة
- ظاهرة الهجرة السرية : قطران الوطن أم عسل الضفة الأخرى
- السجون المغربية : إعادة الإدماج أم إعادة إنتاج الجنوح
- انتخابات 2007 بالمغرب: المخزن و القبائل الحزبية أمام الامتحا ...
- المؤسسة العقابية و إعادة إنتاج الجنوح
- المجتمع المدني بالمغرب : جنينية المفهوم و تشوهات الفعل


المزيد.....




- وزير الخارجية البحريني سيترأس وفد بلاده في قمة -بريكس-
- جدل حول هوية أحد سكانه.. 18 قتيلا في غارة إسرائيلية على منزل ...
- 23 عاما بعد 6.. منظمة: السجن لرسام سعودي بسبب -منشورات عن قط ...
- منظومة صواريخ -ثاد- الدفاعية التي نشرتها أمريكا في إسرائيل
- -دينا حلمت بعالم خال من العنف لكنها ماتت بسببه-
- جولة داخل المستشفى اللبناني الوحيد المتخصص في معالجة الحروق ...
- مأساة في كولومبو: الفيضانات تودي بحياة 3 أشخاص وتجبر المدارس ...
- لمنع تسلل المقاتلين.. إسرائيل تباشر ببناء حاجز بري كبير على ...
- كم مرة ينبض القلب طوال الحياة؟
- فرنسا.. الاستماع إلى مارين لوبان في قضية اختلاس أموال البرلم ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبد الرحيم العطري - العلاقات المغربية الجزائرية : من يجني ثمار تعكير الأجواء ؟