أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبد الرحيم العطري - التعددية السياسية المعطوبة : الانقسام أقصر طريق لتأسيس حزب سياسي بالمغرب















المزيد.....

التعددية السياسية المعطوبة : الانقسام أقصر طريق لتأسيس حزب سياسي بالمغرب


عبد الرحيم العطري

الحوار المتمدن-العدد: 1221 - 2005 / 6 / 7 - 07:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


التعددية السياسية المعطوبة
الانقسام أقصر الطرق لـتأسيس حزب بالمغرب
عبد الرحيم العطري
كاتب و باحث مغربي
بالرغم من تنامي الحديث مؤخرا عن رهانات الوحدة و التكتل بين عدد من الأحزاب السياسية بالمغرب ، و تتويج هذا النقاش الدائر بإعلان تأسيس اتحاد الحركات الشعبية، و الموافقة المبدئية للحزب الاشتراكي الديموقراطي على الذوبان في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، فضلا عن استمرار مبادرات تجميع هياكل اليسار الجذري بالمغرب ، بالرغم من ذلك كله فإن سؤال الانقسام لا يمكن إلغاؤه من أجندة هذه التحركات و المبادرات التي تظل مسكونة إلى حد بعيد بهاجس 2007 .و لهذا فمن غير المستبعد أن يعود كل شيء إلى الصفر و ينطلق التراشق بالتخوين و العمالة و الدغمائية و ما إلى ذلك من التهم التي تهيأ جيدا في مطبخ الانقسامية لتبرير الانشقاق و قطع دابر الغرام السياسي الذي " قد يجمع الشتيتين بعد أن يظنا أن لا تلاقيا "، و ذلك كله بمجرد انتهاء الموعد الانتخابي القادم .
يعد الانقسام من أبرز خصيصات المشهد الحزبي بالمغرب ، فتاريخ الأحزاب المغربية هو تاريخ انقسامات و تحالفات و صراعات ، و ما من موعد انتخابي إلا و يعرف المشهد الحزبي ولادة حزب أو أكثر و بالضبط من رحم أحزاب أخرى و بإيعاز من السلطة في غالب الأحيان ، فالانشطارية هي التي تؤمن للنسق استمراره و تحكمه في قواعد اللعبة ، فالملاحظ بقوة أن الثقافة الانقسامية جد متجذرة في المجتمع المغربي ، و هي نتاج ممارسة و تاريخ طويلين ، فهذه الثقافة لا تتمثل المجتمع كوحدة بل كمجموعة من الوحدات " لكن مسألة الانقسام التي تداهم المؤسسات الحزبية من حين لآخر لا تكون على أساس تباين الأهداف والخطوط الإيديولوجية بقدر ما تكون مشروطة بالصراع حول الزعامات والرساميل التي يحوزها هذا الحقل، وفي ذلك استلهام واضح لأسلوب اشتغال النسق القبلي والزواياتي. كما أنها تكون مصنوعة بإحكام في دهاليز المخزن الذي يرغب دوما في اختراق جميع تفاصيل الحياة المجتمعية ، و حشد مزيد من الطاعة لصالحه ، و بذلك يصير الانقسام الحزبي عقابا و تقليما للأحزاب التي لا تحترم قواعد اللعبة و تحاول تحقيق مطامحها خارج الدائرة التي رسمها لها المخزن قبلا ، كما يكون محاولة لإعادة التوازن السياسي للنسق و تحجيم بعض القوى الصاعدة ، "فالحياة السياسية المغربية تكمن في جو التوتر و الأزمة و المناوشات المستمرة بين الوحدات السياسية "، و كل ذلك يساهم في واقع الأمر في الاحتفاظ بتوازن المجتمع و إعادته عند الضرورة " و لقد كان من الضروري أن ينتبه المخزن مبكرا إلى أهمية اختيار التعددية السياسية كعنوان بارز للممارسة الحزبية بالمغرب و تقويتها ،و "العمل تشجيع الانقسام و الانشقاق تلافيا لأي مزاحمة" في الاختصاصات أو تذويبا لأي قوة محتملة يمكنها أن تخلق بلبلة على مستوى المشروعية و الاستحقاق.فالملاحظة المتأنية للتعددية الحزبية المغربية ، تظهر أن هذه الأحزاب تخضع لمسلسلات انشقاقية بل وحتى انشطارية ، و" هو ما يجعل من هذه التعددية مجرد تقطيع أفقي للنخبة الحزبية التي تتفاوض مع المركز حول قدراتها على الاندماج المؤسساتي السياسي "
إن نظرية التعارض بين بلاد المخزن وبلاد السيبة، والعرب والبربر، والشرع والعرق، والتي اعتمدتها السوسيولوجيا الكلونيالية في مقاربتها للمجتمع المغربي، كانت بمثابة إجابات ضافية لكل أسئلة الإكتساح والإحتواء التي كانت تؤرق بال الجهاز العسكري الإمبريالي. وفضلا عن ذلك فقد ساهم التحليل الإنقسامي بدوره في فهم جانب مهم من آليات اشتغال المجتمع، أفرادا، جماعات ومؤسسات، لتكون النتيجة في النهاية ضبطا خاصا للمجال يراهن على إعادة إنتاج القائم من الأوضاع، وخنق إمكانيات الحراك والتجاوز. لقد عمل المستعمر، والمخزن بعيد الإستقلال على تكسير البنيات القبلية من خلال فرض تقسيمات إدارية، وهياكل دخيلة تعلن الرغبة في خدمة المواطن والإقتراب منه، ولكنها تضمر - فعلا - هدف احوائه وضبطه!!
فالمستعمر، ومن خلال إفادته السوسيولوجية والأنتربولوجية، تبلور لديه وعي جذري بأن الضبط السوسيوسياسي يكون عبر التقسيم والإنتاج المخدوم للمجال في إطار ثنائية المركز والهامش، وارتباطا أيضا بالخصائص الأثنوغرافية والمصالح الإستعمارية، فالتقسيم/التفكيك هو الدرس الكولونيالي الذي يبدو أن المخزن قد استوعبه جيدا بعد انتفاضات الدارالبيضاء، وغيرها من المدن خلال الثمانينات.
فعندما يختل التوازن داخل حزب أو ائتلاف بسبب الأطماع الذاتية لفرد أو جماعة يوضع "الصغار" الممزقون بين مختلف الأطراف أمام اختيارات ثلاثة : التحالف مع أحد الطرفين و قطع العلاقات مع الآخر ، أو الانضمام إلى أحدهما مع إشعار الثاني بأنهم مرغمون على ذلك ، أو الانسحاب من النزاع مع الاحتفاظ بالاتصال مع الطرفين " لكن الاختيارات الثلاثة لا تكون مفتوحة أمام " صغار " الحزب فقط ، فحتى " كباره " من الصقور و الحمائم يجدون أنفسهم في مفترق الطرق مع كل انشطار جديد أو اندلاع محتمل لشرارات الصراع " و هذا كله يدل على أن مشهدا حزبيا كهذا لا يكون فيه إنتاج النخب إلا عن طريق الانشقاق ، فبدل أن تكون آلية دوران النخب و الحراك السياسي محتكمة إلى الديموقراطية الداخلية ، تصير الانشقاقات آلية أسرع و أجدى للانخراط في دوائر النخبة ، الشيء الذي يفرغ الانشقاق من محتواه الإيديولوجي و يجعله في النهاية مجرد تسابق محموم نحو كسب رضا المخزن و التزلف إليه ، فالمنشقون يهرعون دوما إلى تأسيس إطار بديل لممارسة سلطتهم و تكريس زعامتهم ، بعدما قضوا زمنا معينا في خدمة زعيم آخر ، فعندما ينتهي التلقين لا يمكن للشيخ والمريد أن يتعايشا بعد ذلك ، فبعد انتهاء التلقين تسطع إرادة الملقن ، و ينفق طاقته في مؤسسة جديدة و ذرية جديدة ، و ينقلب كل شيء من جديد"
و بما أن الانشقاقات السياسية تفترض نوعا من الصراع و المنافسة حول اقتسام خيرات الحقل السياسي ، فإن هذا ما يؤجج بالمقابل آلية التحالف لمواجهة الأخطار المحدقة أو لحصد مزيد من الغنائم و بشكل جماعي ، و لهذا يصبح الحزب المنشق بالأمس القريب عن غريمه السياسي واضعا يده في يده لتقديم دليل حيوي على أن السياسة لا تعرف أعداء دائمين و لا أصدقاء خالدين ، فاتحاد الحركات الشعبية الذي يلوح اليوم كتحالف سياسي يضم في تركيبته أحزابا منشقة عن بعضها البعض ،و كانت حتى عهد قريب تتبادل الاتهامات الرخيصة فيما بينها ، الشيء الذي يجعل من هذه التحالفات و غيرها مجرد ارتباطات هشة و مصالحية بالدرجة الأولى تحتمها الرغبة الجامحة في التأثير على القرار السياسي بغرض الاستفادة من غنائم الحقل التي تكون عبارة عن حقائب وزارية أو مقاعد برلمانية أو تحملا لمسؤوليات بعض المكاتب الوطنية و المندوبيات السامية أو ربما حتى الولايات و الأقاليم و العمالات ، مادام المخزن قد كسر قاعدة استثناء هذه المناصب من عطاياه بتعيين بعض الأشخاص الذين يحملون ألوانا سياسية على رأس الولايات". على ذلك تظل التعددية السياسية بالمغرب مصابة بالعطب المزمن و تظل الانقسامية كثقافة هدامة أقصر الطرق لتأسيس حزب سياسي بالمغرب.



#عبد_الرحيم_العطري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما معنى أن تكون وزيرا سابقا بالمغرب ؟
- تيبولوجيا المثقف المغربي
- المثقف المغربي : مجالات الفعل و العطب
- في رثاء عصرنا : موت المعنى
- المهنة الأكثر انتشارا في المغرب : قراءة الطالع السياسي
- في حوار مع المحلل النفسي الدكتور محمد نبيل غزوان
- حوار مع المفكر المغربي الدكتور محمد سبيلا
- في الحاجة إلى علم الاجتماع القروي : العالم القروي بالمغرب بي ...
- الضبط المخزني للمجال بالمغرب : مزيدا من التقسيم من أجل مزيد ...
- الشباب العربي و السلطة الأبوية : عمليات التدجين و إرهاصات ال ...
- حقوق الإنسان الموقوفة التنفيذ : المهاجرون مواطنون من الدرجة ...
- جينيالوجيا العقاب السجني : تاريخ التطويع القمعي للإنسان
- المشهد الحزبي المغربي و مآزق الإفلاس
- دار الشباب المغربية :إشكالية التأطير و هاجس الفرملة
- ظاهرة الهجرة السرية : قطران الوطن أم عسل الضفة الأخرى
- السجون المغربية : إعادة الإدماج أم إعادة إنتاج الجنوح
- انتخابات 2007 بالمغرب: المخزن و القبائل الحزبية أمام الامتحا ...
- المؤسسة العقابية و إعادة إنتاج الجنوح
- المجتمع المدني بالمغرب : جنينية المفهوم و تشوهات الفعل
- اعتصامات المعطلين بالمغرب : نجاح الحركات الاحتجاجية أم إفلاس ...


المزيد.....




- السيسي وابن سلمان.. تحذير من تصعيد إقليمي
- كيف تؤثر ساعات النوم ليلا على نشاطك ومزاجك؟
- نتنياهو يعارض وقف إطلاق نار في لبنان لا يمنع تسليح حزب الله ...
- وزير الخارجية الإيراني يزور الأردن يوم الأربعاء
- إيران.. قتيل ومصابون في حريق بمصفاة نفط بخوزستان
- ترامب وهاريس يركزان حملاتهما على كتلتين كبيرتين للناخبين الأ ...
- إسرائيل تُشغل الجبهات: تطورات جديدة في الجولان تهدد هيمنة حز ...
- وزيرة خارجية ألمانيا: يمكن لإسرائيل قتل المدنيين في غزة لحما ...
- رئيس البنك الدولي يقدر -تكلفة الدمار- في غزة ولبنان
- نظام ثاد الصاروخي: هل سيحمي إسرائيل من صواريخ إيران؟


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبد الرحيم العطري - التعددية السياسية المعطوبة : الانقسام أقصر طريق لتأسيس حزب سياسي بالمغرب