أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - المالكي.. حينما يكون طاقية إخفاء















المزيد.....

المالكي.. حينما يكون طاقية إخفاء


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4293 - 2013 / 12 / 2 - 19:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يحتل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مركز الثقل في كل الهجمات التي تشن على الأخطاء الكارثية للنظام الحالي, وإذا كان ذلك يثير حفيضة مناصريه حبا به وولاء له, إلا أن الذي يثير البعض, وأنا منهم, أن المالكي ,الذي تحول إلى مالئ الدنيا وشاغل الناس, قد صار العباءة التي باتت تغطي عيوب الآخرين, وخاصة من خصومه الذين يتشاركون معه النظام السياسي الفاسد, والتي تسمح لهم مطمئنين بممارسة الشر مؤمنين أن عتمة المالكي ستكفيهم للمرور الليلي الآمن.
ومن هنا تأتي الخطيئة الأخرى لرئيس وزرائنا, كونه أصبح أيضا, بالإضافة إلى اخطائه الذاتية, ممسحة لأخطاء الآخرين وعباءة تعتيم على شرورهم, وهذا بدوره يبين لنا كم أصبحت أخطاء الرجل كثيرة وكبيرة بحيث باتت تشتغل وكأنها طاقية للإخفاء.
ومع إيماني بأنه يتحمل المسؤولية الأساسية عن تردي النظام الحالي, لكونه إختار بنفسه أن يكون رئيسا لوزارة عجزت طيلة عهدين عن تقديم الحلول لمشاكل البلد, إضافة إلى كونه بصلاحيات شخصية ذات طبيعة فردية وممارسات تمهد لعودة الدكتاتورية, وأنه أيضا كان صاحب القرار الأساسي ذا الصلة بمحاربة الإرهاب وبعموم الملف الأمني, والتي لم يفلح في حلحلة الوضع الأمني بل زاده سوء على سوء, فإن التركيز على شخصه دون محاولة البحث عن العوامل المتفرقة والمركبة التي تؤسس لهذا التدهور الشامل إنما يساهم من جانبه في التعتيم على الجانب الجوهري في الأزمة العراقية الراهنة التي لا يمكن لها بطبيعة الحال أن تزول لمجرد زوال المالكي بل أنها مرشحة للإستمرار بأشكال جديدة, وأيضا فهي مرشحة لإعادة إنتاج نفس المنظومة من الشخوص والأفكار التي تعرقل إعادة البناء وتسهم في إستمرار الأوضاع السيئة, وإن هي ستخضع للتلطيف والتخفيف والتنحيف.
وهذا سيدلنا على إحدى أهم حسنات الرئيس كونه, وهو الذي حرص على أن يكون بعيدا عن سياسة التلطيف والتخفيف والتنحيف, أتاح لنا بشكل عاجل وسريع أن نكتشف سيئات النظام ونتعرف على حقيقة ان عجز هذا النظام هو عجز بنيوي قبل أن يكون عجزا لشخص رئيس وزرائه.
وأرى أن الفرق كبير بين أن نتحدث عن رجل مخطئ في نظام أو عن نظام مخطئ في رجل
ونعرف أن النوع الأول يوجد في نظام تأكدت صلاحيته, لكن ظهر فيه من أساء بشكل فردي, أما الثاني فلا يأتي خطأ الفرد فيه من فراغ وإنما هو ناشئ من ومتأسس على خطأ النظام ذاته, ولهذا سيكون من الطبيعي أن تختلف سبل المعالجة وماهية الحلول.
إن المالكي لا يتحمل لوحده حالة النظام الطائفية لأنها حالة بنيوية, ورغم أنه مسؤول عن إحماء وتشغيل هذه المعادلة لصالحه إلا أنه ليس هو الذي إخترعها, بل أن نظامنا السياسي الحالي كان قد تأسس منذ البدء عليها, أما المالكي فهو لم يعمل أكثر من محاولة إستثمار هذه المعادلة لصالحه, أي أنه كان مسؤولا عن إحماء بعض سيئات المعادلة السيئة أصلا وتفعيل بعض سلبيات المعادلة السلبية أصلا.
لنكن شجعانا وصريحين في نقد كل تجاربنا على قدم سواء: في الإتحاد السوفيتي.. هل كان ممكنا أن تظهر شخصية مثل شخصية ستالين, بالعنف والقسوة التي ظهرت عليها, لو أنه لم يكن مدعوما من قبل نظرية ثورية عقائدية وأيديولوجية عنفية تؤكد على أن الدكتاتور (في الأدبيات الغربية) هو في حقيقته (في الأدب الثوري) قائدا للضرورة وإنجابا تاريخيا لا يتكرر إلا كل ألف سنة.
نفس التسميات والعناوين التي أعطيت لستالين أعطيت لصدام حسين مما يدفعنا أيضا لذات التساؤل: هل كان بإمكان صدام أن يكون على ذلك المستوى من العنف لو أن النظرية البعثية لم تكن مثل أختها النظرية الشيوعية, لحصوصية الفكر الأيديولوجي الإلغائي والصياغات التنظيمية التي تتأسس على مبدأ المركزية الديمقراطية.
نعم كان ستالين هو ستالين وصدام هو صدام, كل منهما كان بتاريخ من العقد الذاتية التي أسست لجنوحهما ودفعهما بنظرية العنف إلى أقصاها, ولكن ماذا كان مقدرا لستالين وصدام أن يفعلا لو أنهما ظهرا في حزب ديمقراطي غير خاضع لسطوة الأيديولوجية وغير مقهور بالمركزية الديمقراطية. من المؤكد أنهما ما كانا إنتميا لحزب كهذا الحزب بسبب إختلاف شخصيتيهما عن شخصية الحزب, وإنهما لو إنتميا لتراجعت بكل تأكيد فرصهما للإستيلاء على حزبيهما ولواجها اللفظ في أول خطأ يتنافى ونظرية الحزب وأصوله التنظيمية. لقد كان الرجلان فروعا قوية لشجرة مالت بإتجاه ثقل الفرع الأقوى, ولو لم تكن هناك شجرة لما كان هناك ذلك الفرع ولما حدث ذلك الميلان.
في واقع الحال ليست هذه دعوة للتخفيف من المواقف المناوئة للمالكي, بل أنها تأتي هنا لتشجيع إستمرار هذه المواقف وحتى تصعيدها, على شرط أن لا يجري التغاضي عن حقيقة التداخل ما بين طبيعة الشخص من جهة وطبيعة النظام الذي أنتج هذا الشخص من جهة أخرى, والغرض بطبيعة الحال لن يكون الشتيمة الشخصية أو الإدانة السلبية وإنما لتوضيح جوهر المشكلة ولتحديد نوع الحل.
لنأخذ مثلا واحدة من أهم ثغرات المالكي وهي التي تتعلق بصلاته الإيرانية التي كانت وراء حسم فوزه بالولاية الثانية. نحن هنا طالما ركزنا هجوماتنا بالإتجاه الذي يدين المالكي كونه مواليا لإيران وكون ترؤسه للوزارة جاء بتأثير منها, وتلك حقيقة لا يمكن نكرانها أو التخلي عن إدانتها, غير أن التعامل معها كان كان جرى بسياقات أهملت الجانب الأخطر في المعادلة, ألا وهو أن إيران لم يكن بمقدورها أن تملك ذلك التأثير لولا وجود أطراف أخرى ضمن الإئتلاف, وحتى من خارجه, مستعدة للإنصياع لأوامرها والتنازل لها عن كل ما أعلنته من مواقف مناوئة. ففي اللحظات الحرجة كان المالكي يتفرج مقتنعا أن معارضيه يشيدون قصورهم في الهواء ويقيمونها على أرض رخوة. وإذا بنا نجد أنفسنا في وضع خانق نتساءل, وسط قلة الأوكسجين وصعوبة التنفس, أيهما الأخف عمالة وتبعية وخنوع وخضوع, المالكي أم منافسه, ثم نهيأ أنفسنا للذهاب إلى صناديق الإنتحاب حاسمين موقفنا على ضوء معادلة السئ أفضل من الأسوأ.
وسيجعلنا إستذكار الأحداث التي أحاطت بمحاولة سحب الثقة نتبين طبيعة المأزق الذي نمر به متأكدين أن حمَّتنا هي من أقدامنا قبل ان تكون قد جاءت إلينا ماشية على أقدام إيرانية, إذ لولا معرفة المالكي بحقيقة إرتباط الطرفين الآخرين في الإئتلاف الشيعي, وأقصد بهما التيار الصدري والمجلس, لما ظل واثقا إلى آخر لحظة بأن محاولة عزله ستفشل حالما ترفع اليد الإيرانية بنصرها بوجه أخوته الأعداء وتهددهم بالويل والثبور, ولولا معرفة المالكي أيضا بأن إيران تمتلك أوراق الضغط على الطالباني لما سار على الأرض مرحا.
ثم هل نعتقد أن أولئك الذين يهرولون نحو تركيا أو السعودية يقدمون حلا لائقا لمشكلة وطنية, أو أن لهم العذر لكي يكونوا طائفيين بذريعة أن طائفيتهم هي مجرد ردفعل على طائفية كانت هي الفعل, في وقت نحن في اشد الحاجة فيه إلى فعل نوعي نقيض يدين كلاهما: الفعل الطائفي ورد الفعل الطائفي.
الواقع أننا ضمن حالة كهذه إنما نختزل عيوب النظام في شخص ونعمل بالتالي على شخصنة التدهور بشكل مفرط وكأننا نتصور أن كثيرا من تلك العيوب الجوهرية بات إصلاحها مرهونا بإزاحة المالكي عن سدة الحكم. وفي احيان عدة بت أتخيل أن كثيرا من الكتاب الخصوم سوف تجف محابرهم حال خسارة المالكي لمنصبه ليجدوا أنفسهم لفترة عاجزين عن إيجاد الموضوعة التي يكتبون عنها أو الشخص الذي يعيدون إختزال أسباب التدهور في شخصه
لا شك أن المالكي يتحمل الكثير من المسؤولية كما قلت, ولسنا مجبرين على تصديق حكاية أنه جزء من منظومة حكومية تتحمل معه هذه المسؤولية جَماعيا, فالواقع الذي لا يمكن التعتيم عليه أن الرجل قد جمع بيديه مفتاحي السلطة الاساسية وهما القوة والمال وبات يستعملهما بطرق لا تخدم في النهاية قضايا الأمن وقضية الوحدة الإجتماعية, مما يجعله يتحمل المسؤولية الأولى التي تقف وراء هذا التدهور المستمر.
إن الإعتراف بهذه الحقيقة هي مسألة هامة, غير أن الأهم منها هو الإعتراف بحقيقة أن المالكي هو إبن لنظام محكوم بقواعد عامة ومعطيات موضوعية وبتداعيات لا يمكن فصلها عن تلك القواعد والمعطيات. إن إهمال هذه الحقائق وإختزال الأخطاء بشخصية بعينها يمنح المجاميع الفاسدة الأخرى فرصة ثمينة لمزيد من الفساد والإفساد تحت عباءة المالكي, كما ويجعل النظام السياسي بمنأى عن النقد بمستوى مقارب, وربما يمنحه ذلك صكا بالبراءة.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومتى صار الوليد بن طلال ناطقا رسميا بإسم السنة
- بطل المرحلة الجديدة .. ذئب بفراء ثعلب
- الناصر* وقضية التغيير في العراق
- العراق حينما يتحول إلى قدر هريسة
- أين هي عمامة البطاط من عمامة علي
- إذا كان بيتك من زجاج فلا تضرب المالكي بحجر !
- عودة المالكي المفاجئة من واشنطن .. محاولة للقراءة
- وراء كل عظيم إمرأة.. إختراع ذكوري مخادع, وبإمتياز
- في زمن خيبات الأمل وادلهام العتمة .. عبدالحسين لعيبي وعمر ال ...
- في واشنطن.. أربعة أسئلة ليست بريئة في مواجهة المالكي
- يا لثارات الحسين .. معك يا عبدالحسين, نعم معك
- السيد أحمد الصافي ومفهوم التعايش السلمي بين العراقيين
- غزوة الخضراء .. نهاية سياسية وأخلاقية لنظام ينتظر نهايته الق ...
- وثيقة الشرف .. أم وثيقة -الكَرِف-
- أحمد العلواني ..ذبَّاحا.
- الكيميائي .. إعادة الحدث السوري إلى عالميته
- أوباما على خطى كلينتون .. الضربة العقابية
- خط أوباما الأحمر.. وما تحته
- مرة أخرى.. حول رفع صور الخميني وخامئني في الشوارع العراقية
- الطائفية والإرهاب .. جريمة الخط السريع


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - المالكي.. حينما يكون طاقية إخفاء