أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - صديقتي علياء*... من حلب السورية.














المزيد.....

صديقتي علياء*... من حلب السورية.


غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 4290 - 2013 / 11 / 29 - 12:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من سنة تقريبا, أحاول الاتصال باستمرار بصديقة سورية قريبة, تعيش في وسط مدينة حلب المنكوبة المحتلة.. حتى أطمئن عنها.. بواسطة سكايب SKYPE , وذلك خلال الساعات أو حتى الدقائق القليلة النادرة التي تحصل خلالها على قليل من الكهرباء التي يبيعها جار لها.. يملك محركا ويبيع الكهرباء لجيرانه بالدولار.. أو بمقايضات لمواد نادرة غذائية أو دوائية يملكونها, وهو يعيد بيعها إلى المحتاجين. وكان السؤال الأول الذي تطرحه علي صديقتي باستمرار, ماذا أكلت هذا المساء.. وكانت تطلب مني تفسير المواد بهدوء.. ثم فهمت أنها تتلذذ بتخيلها.. وتحلم أنها تأكلها.. لأن اللحم والخضار والفواكه أصبحت من المواد النادرة.. لذلك كانت تطالب دوما أن أشرح لها بهدوء.. كأنها تصل إلى نشوة الحلم بتذوقها.. حتى أنني لما فهمت غايتها.. بدأت أخجل من نفسي.. وبدأت إجاباتي تنحصر بخجلي مما آكل.. وصرت أردد كأنني محروم مثلها.. مختلقا اسباب صحية وطبية, لحرماني من ملذات الطعام, حتى أرافقها حرمانها الاضطراري المفروض على المناطق التي لا تسيطر عليها كليا الفرق القتالية الجهادية التي تحمل أعلاما وأسماء إسلامية مختلفة...وكم مرة سمعت أن صديقتي أكلت نصف رغيف خبز يابس طيلة يوم كامل.. يرافقه نصف حبة بندورة... أمبارغو لا تفرضه دول أجنبية.. إنما الفرق الجهادية الإسلاموية.. على مناطق السوريين (الكفار)...بينما في الأحياء التي تسيطر عليها هذه الجحافل العجيبة الغريبة والتي تعتبرها هذه القوى أمارة إسلامية, وتطبق فيها الشريعة الإسلامية بحذافيرها كما كانت تطبق بصحـاري داحس والغبراء من خمسة عشر قرن... كأنما الزمن توقف كليا.. وماتت الحياة الحلبية بكل ما حملت من حضارات وخيرات وطيب وجمال... ويا ويل من يخالف شعرة واحدة هذه الشرائع من نساء وشيوخ ورجال وأطفال.. مهما كانت ضائقات حياتهم. هذه المناطق (المحتلة) تعيش نسبيا أفضل من المناطق المحاصرة, بما يخص بعض المواد الغذائية والغاز والمازوت والقليل من الأدوية الضرورية.. بأسعار أٌقل بعدة مرات...
***********
صديقتي علياء تعيش لوحدها في مدينة حلب.. تعيش في بيتها.. وكانت تعمل بوظيفة جيدة بمؤسسة خاصة قبل الأحداث.. وكانت تستطيع مغادرة البلد إلى لبنان أو أوروبا كما فعل مئات آلاف الميسورين وغير الميسورين من سكان هذه المدينة.. ولكنها التزمت بعملها.. وما زالت. كما كانت تفعل من عشرين سنة.. وفاء لعملها ومورد رزقها.. وتمسكا بحبها لمدينتها. ذهبت مرة لزيارة أقربائها في لبنان وبقيت بينهم مدة شهر كامل بإجازة.. كما ألــح عليها أقرباؤها للبقاء بينهم, حنى تنفرج الأزمة السورية.. ولكنها لم تقبل وضعها اللبناني كلاجئة.. وآثرت العودة على رأس عملها, رغم خطورة الانتقال والمواصلات داخل مدينة حلب المحتلة المنكوبة.. كأنك تتنقل من خطر الاختطاف والقنص والاغتصاب والموت.. إلى خطر الموت أو الاغتصاب أو الاختطاف.. أو القنص... لا أمن ولا أمان ولا أية بادرة من حياة عادية...
سكان حلب اليوم... من أي حي كانوا.. هم رمز البطولة والصمود اليوم. هم رمز الشهادة الحقيقية.. وسوريتهم وتمسكهم بالبقاء في مدينتهم المحتلة المحاصرة.. أشــرف من كل الخطابات الخشبية التي يفقعها الإعلاميون السلطويون, وجميع زعماء المعارضة في الداخل والخارج وكل من يدعمهم من مقاتلين ومطبلين ومزمرين ومحترفي تقطيع الجثث ورافعي الأعلام السوداء وصارخي : تكبير... تكبير...
سكان حلب وصديقتي علياء.. لو خيروني لأعطيتهم حق الصدارة بمؤتمر Genève 2 وغيره من المؤتمرات الصعبة التي تتبع.. إن تــمــت هذه المؤتمرات التي لا يستحق أي واحد من مشتركيه المفترضين حق القرار وتقرير المصير.. أكثر من صديقتي علياء وكل سكان حلب, أو أي من المدن والقرى السورية المنكوبة... ولماذا لا تشكل وفود من أهالي هذه المدن وهذه القرى المنكوبة, وممثلون عنها, تعطى حق الاشتراك وحق القرار وحق الاعتراض والنقض على جميع المفوضين, وعلى مجريات مفاوضات Genève 2 وغيرها من المفاوضات والمتاجرات والمقايضات.. لأنهم ألف ألف مرة أحق من كل السياسيين الذين حكمونا خلال الخمسين سنة الفائتة الحزينة.. وألف ألف مرة أفضل من هؤلاء المتاجرين السياسيين الذين يسمون أنفسهم معارضة وأنصارهم من المقاتلين على الأرض من سوريين وغرباء.. والذين مزقوا كل آمال السوريين بحياة أفضل.. كما مزقوا كل آمالنا ببناء دولة علمانية ديمقراطية حديثة.. زارعين أبشع مبادئ الحقد الطائفي والضغائن العنصرية.. حتى تهدمت بلدنا.. ومات اقتصادنا.. وماتت آمالنا لعشرات السنين القادمة أو أكثر...
يا ســكـان حلب.. يا صديقتي علياء.. قلبي معكم.. قلبي مع كل المدن السورية المنكوبة وسكانها الصامدين... وأقول لهؤلاء الذين يترددون ويساومون على مجيئهم إلى Genève 2, بكميات المناصب والمصالح الشخصية التي قد يحصلون عليها.. أقول لهم كفا يا أنصاف البشر.. أما تعبتم.. أو لا تخجلوا من بيع شعبكم ووطنكم.. ألا ترون مــآسـي المدن السورية؟؟؟...ألا يكفي مطامعكم كل هذا الموت.. وكل هذا الخراب؟؟؟!!!...
تعبت.. تعبت يا بلدي من الصراخ في وادي الطرشــــان...
يا صديقتي علياء.. كم أتمنى أن نلتقي في حلب.. على أنغام قدود حلبية... في مدينة أحبها وأحب أهلها.. وأنت يا صديقتي الغالية.........
بــــالانــــتــــظــــار.......
للقارئات والقراء الأحبة كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي وولائي... وأطيب تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
*اسم مستعار



#غسان_صابور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بانتظار 22 كانون الثاني 2014
- صديقي... اتفاق.. واختلاف.
- لبلد مولدي.. أتابع الكتابة...
- صرخة مخنوقة.. لن تسمع أبدا...
- رد على مقال السيد عبدالله خليفة
- جحا وحماره.. على نقاط التفتيش...
- عودة إلى جحا...
- جحا وبنت السلطان
- غول الطائفية.. تعليق...
- آخر رسالة إلى صديق بعثي مخضرم
- بانتظار Genève 299
- الحضارة... والحروب... والعكس!!!...
- عيد رأس سنة سورية؟!...
- أصوات مخنوقة من البلد الحزين
- غول.. أردوغان.. وأوغلو... والحجاب التركي
- صرخة... في وادي الطرشان
- قصة صديقي فادي... درس شجاعة
- بين حانا ومانا... الحرب مستمرة.
- مات صديقي
- الرئيس بشار الأسد مع غسان بن جدو


المزيد.....




- -بعد فضيحة الصورة المعدلة-.. أمير وأميرة ويلز يصدران صورة لل ...
- -هل نفذ المصريون نصيحة السيسي منذ 5 سنوات؟-.. حملة مقاطعة تض ...
- ولادة طفلة من رحم إمرأة قتلت في القصف الإسرائيلي في غزة
- بريطانيا تتعهد بتقديم 620 مليون دولار إضافية من المساعدات ال ...
- مصر.. الإعلان عن بدء موعد التوقيت الصيفي بقرار من السيسي
- بوغدانوف يبحث مع مدير الاستخبارات السودانية الوضع العسكري وا ...
- ضابط الاستخبارات الأوكراني السابق يكشف عمن يقف وراء محاولة ا ...
- بعد 200 يوم.. هل تملك إسرائيل إستراتيجية لتحقيق أهداف حربها ...
- حسن البنا مفتيًا
- وسط جدل بشأن معاييرها.. الخارجية الأميركية تصدر تقريرها الحق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - صديقتي علياء*... من حلب السورية.