أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ثائر زكي الزعزوع - انتماءات














المزيد.....

انتماءات


ثائر زكي الزعزوع

الحوار المتمدن-العدد: 1222 - 2005 / 6 / 8 - 10:06
المحور: حقوق الانسان
    


انتماءات

ثائر زكي الزعزوع
1-
يمكن المواطن العربي أيا يكن القطر الذي ينتمي إليه أن يفخر بانتماءين اثنين: الأول بلده والثاني هو النظام الحاكم، فقد جرت العادة أن يقترن اسم البلد باسم حاكمه فقيل تحبباً: مصر مبارك، عراق صدام...الخ، وعليه فإنه لا وجود لبلد فرد، وكذلك فلا وجود لانتماء فرد أيضاً، وأي شيء عدا ذلك هو استثناء لا يندرج ضمن القاعدة، ولأنه استثناء فهو مدعاة للتساؤل والمساءلة، والمساءلة هي بعبارات بسيطة سيارة مغلقة يوضع فيها المستثنى معصوب العينين وينقل بخفة إلى مكان ما أنزل الله به من سلطان، وتتراوح مدة التساؤل والمساءلة بين السنة والسنوات.
يروى أنه ما إن يوضع الميت في قبره حتى يأتي ملكان ويسألانه عن ربه ودينه ونبيه، وقد روى لي أحد الأخوة العراقيين والذي كان معتقلا لسبع سنوات إبان حكم الرئيس السابق صدام حسين، وكان أثناء سجنه يعذب كل يوم وهذا أمر طبيعي تماماً، بالمناسبة الرجل كان معتقلاً لأن قريبا له كان معارضاً للنظام الصدامي، أي أن المسكين أخذ بجريرة قريبه، الذي استغل فرصة وجوده في بعثة خارجية، ليعلن عصيانه وتمرده و يصير معارضا لاجئا في إحدى الدول الأوروبية.
المهم الآن أن أخانا العراقي روى أنه أثناء التحقيق معه، كان المحقق/الذي يلعب دور الجلاد أيضاً/ يقول بشكل قاطع: تريدون قلب النظام، لا رئيس إلا صدام حسين.
وبعد خروجه من السجن ظل سنوات، يردد في سره وفي علنه: لا رئيس إلا صدام حسين، بعد الشهادتين، حتى صارت العبارة جزءا لا يتجزأ من شهادتيه، وصار الرجل مسلما صدامياً.
وربما تكون حادثة شبيهة لهذه حدثت في غير مكان في الوطن العربي، فالأمكنة كثيرا ما تتشابه تحت شمسنا العربية ثقيلة الظل.
2-
وفي الحديث عن الانتماء أيضا فقد جرت العادة أيام التفتح وانتشار الوعي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي أن يركب الشباب موجة الاشتراكية والشيوعية، مقلدين جيفارا ولينين في الحديث وفي طريقة التدخين، وأن يطلقوا على أنفسهم أسماء حركية تنسجم مع توجههم الأممي وأن يحاربوا القصيدة العمودية باحثين في تفاصيل الشعر الفرنسي، فكان الواحد منهم يهدي حبيبته ديوان أزهار الشر لبودلير، ويكتب على دفتره نصوص آراجون، وجان جينيه، ضاربا عرض الحائط بالتراث والموروث، غير مبال بما خلفه الجدود، حتى شكلت الشيوعية والوجودية والعبثية والـ..... جزءا من البنية الأساسية للمجتمع العربي طيلة عشرين إلى ثلاثين سنة، وبعد الانهيار المفاجئ الذي طرأ على المنظومة الاشتراكية في العالم، وتحول العالم إلى قرية صغيرة، تحول مريدو الاشتراكية إلى أصوليين ملتحين يدينون الظواهر الشاذة التي تجتاح مجتمعاتنا الإسلامية، والتي تسبب الخلل والتردي، والتي كان العديد منهم من روادها، ومن المبشرين بها، ولعل المفارقة أن يقال عنهم اليوم بأنه "متدين" من خلفية ماركسية... وعلى هذا فإن لها انتماءين، وإن أنكر أحدهما أيما إنكار مرددا إذا سئل إن الإسلام يجبّ ما سبقه.
3-
ويبدو من الطبيعي على شخصياتنا المهزوزة بفعل عوامل الاهتزاز التي ألمت بنا عبر تاريخنا الطويل ألا نكتفي بانتماء واحد، ليس لعلة في تعدد الانتماءات والولاءات، ولكن العلة في كوننا لم نختر أيا من هذه الانتماءات بل اندفعنا إليها بحكم تقلبات مزاجية، أو حالات عاطفية، أو بسبب عدائنا للآخر الكامن في دواخلنا، وهكذا صرنا حين احتشدت القوات الأميركية على بوابات بغداد منجرفين بين حالتين ليس لنا الفضل في أي منهما، الحالة الأولى أننا جميعا رفضنا ونددنا، وعقب تمكن القوات الاميركية من الإطاحة بالنظام العراقي باركنا سقوط الديكتاتور واعتبرنا الحل الديمقراطي الاميركي واحدا من الحلول الإلهية التي يسّرتها السماء لوضع حد لمعاناتنا.
ولو فكرت شعوبنا الجميلة، ومنظرونا الأكثر ثرثرة من أطفال يصعدون إلى باص المدرسة، لو فكّروا بحلول تناسبهم وتناسبنا، لتبعناهم كونهم منا، ولما تعددت ولاءاتنا ولا تنوعت انتماءاتنا بل لصرنا، وهذه أضغاث أحلامي، قادرين على أن نكون نحن لا أحداً سوانا.



#ثائر_زكي_الزعزوع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنا هناك... أذكر سلمى تماما
- فن تصريف الفجائع
- -المعارضة-سر وجود -النظام-
- -سوريا-ليست-سورية-
- ما هكذا يكون النقد ياأستاذ نصرة
- فلنفكر معا
- اعتصام وتفكير
- طهروا أبناءكم
- مامعنى رأيك؟
- بيانان الأخوان المسلمون ورفعت الأسد يدعوان للمصالحة الوطنية ...
- آخر أخبار الوطن
- نص المحو
- قاب فراغين
- فهرنهايت 11/9 سيد البيت الأبيض عاريا
- بيكاسو يدين (الحريـــة) الأميركية
- قصائد
- الروائية السوريةأميمة الخش: المفجع أن ثقافتنا باتت من الركاك ...
- حوار مع الفنان التشكيلي محمد غنوم
- كِفَايَتِي مِنَ الحُبِّ
- كتاب اليأس - للمقاومين الحق في أن يقاوموا .. ولي الحق في أن ...


المزيد.....




- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ثائر زكي الزعزوع - انتماءات