أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عباس علي العلي - الوردي والبداوة والديمقراطية















المزيد.....

الوردي والبداوة والديمقراطية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4283 - 2013 / 11 / 22 - 23:20
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    



لقد أجمل الدكتور الوردي كل التناقضات التي درسها في ثلاث محاور رئيسية تعود لسبب واحد هو صراع البداوة والمدنية بالرغم أن هذه المحاور قد لا تمس في منطلقاتها وأسبابها روح الصراع الذي يتكلم عنه, لمحاور الثلاثة يمكن إرجاعها إلى سبب رئيسي واحد أو لصورة واحدة من شكل صراع أخر, لا التعصب الدين ولا التناشز المجتمعي ولا تجذر روح الجدل تبيح حسب نظرية الوردي أعادتها بمجملها إلى صراع البداوة ,بل أن هذه المحاور يمكن عدها وجه أخر من وجه النتائج التأريخية لوجود العراق وسط المربع الحضاري القديم, وما ترك من أثر سيكولوجي معرفي مميز ينبئ عن أهمية توظيف هذا الأثر بنجاح لإعادة أنتاج العراق الحضاري الفاعل.
هذا الثراء والتنوع والانبساط والقدرة على التحكم بالواقع من خلال قوة الشخصية العراقية بما تملك من خزين يؤهلها لأن تكون قادرة فعلا على البقاء رغم الأزمات والنكبات المتلاحقة ليست في محل اهتمام جاد من النظرية الوردية التي سعت للتعرية أكثر من سعيها لامتلاك رؤية استراتيجية واضحة المعالم مصاحبه بمنهج عملي محكم مترجم بمدى منظور يؤهل المجتمع ويعيد الفاعلية الحيوية له وهذه من بديهيات النظرية.
فليس المهم كما قلنا أن تكتشف الخطأ لأن أمامك مهمتين الأولى البحث عن الأسباب الحقيقية له ومن ثم تهيئة القاعدة العملية لعدم الوقوع في الخطأ مرة أخرى, نحن نتكلم عن مجتمع مركب متنوع ومتشعب في امتداده التأريخي والاثني والعرقي وهو بحاجة إلى إعادة اكتشاف قاسم مشترك جامع يتجاوز أشكالية التحرر منها نحو صنع رؤية لحرية في الاطار الذي يحفظ لكل لمجتمع خصائصه العامة ولمكوناته خصائصها الخاصة دون تزاحم ودون أقصاء.
هذا الرؤية المستقبلية لابد لها أن تستند بقوة إلى ركيزتين هما المدنية السياسية والدينية في العلاقة الأجتماعية, والديمقراطية في السلطة وتداولها دون أن تمس جوهريا القناعات الشخصية لا بالإكراه والجبر ولا بالدعوة أو التحريض لها, ولكي يكون الصراع خارج الذات موجها نحو التحديات المصيرية التي تجعل العراقيين جميعا في مواجهة الواجب الحضاري تاركين للخصائص الذاتية أن تأخذ مكانها الطبيعي في حدودها الخاصة.
بهذا المنهج نحيد أسباب الصراع القديمة ونعطي للشخصية العراقية مجال حقيقي وأكيد لتفريغ أثر الشحنة السالبة وتوظيفها إيجابيا نحو هدف جامع هدف يحتضن الطاقات ويصهرها نحو غائية خارج الصراع القديم مما يهدئ من الصراعات الداخلية مرحليا ولينتهي إلى أن تكون هذه جزء من ماض سيكتشف العراقيون من بعدها كم كانوا في وهم حين تمسكوا لأجيال متعاقبة به دون نتيجة تسجل لصالحهم الخاص ولصالح مشروعهم الحضاري.
مثلا الصراع الطائفي في كل مراحله لا يخدم الحق ودين الإسلام الحقيقي بقدر ما يخدم العربانية والجاهلية المقيتة, فلا سجل الشيعة من خلاله انتصارا حاسما ولم يكسب السنه الحق إلى جانبهم وبقيت طاحونته تأكل من الأثنين دون مصلحة جادة وملموسة ولو لطرف منهم, فلو وظفت هذه الطاقات التي تهدر في هذا الصراع نحو قضية تجمع الطرفين بمصلحة شاملة سوف نشهد إجماعا ونتاجا أكبر بكثير من كلا المشروعين المتنافسين على الساحة الطائفية.
الاحتقان الطائفي المزمن والخارطة القومية المليئة بفراغات تركتها النزاعات والحروب (العرب والكرد) مثال (والعرب الفرس) مثال أخر ,نتائج هذه الحروب والاحساس بجروح التاريخ التي لم تندمل وطبيعة تشكيل الوعي المجتمعي المتأزم نتيجة لها والحضور الراسخ للاضطراب المتعدد لا شعوريا في سيكولوجيا ذاتية الفرد العراقي والكثير من الظواهر التي اشبعها الوردي بحثا في اوصافها الكثيفة كانت تتضافر وهي تتحول الى مضامين هدامة تستنزف العقل العراقي وتشغله في الدفاع عن التأريخ دون إعطاء المجال للبحث في المستقبل أو البناء له وهذه أحدى نتائج الوهم التأريخي بصفته الحضارية المنطلق من قاعدة أجتماعية.
إذن الخروج من دائرة الطائفية والعرقية والجروح التأريخية يمكن تسويتها من خلال الحرية التي تمنحها مدنية السلطة, وتؤسس لديمقراطية في شكل السلطة متماشية مع التحدي الحداثي وعلمانية البناء الأجتماعي فيصبح العيش المشترك الواحد هدف ليس فقط يسعى المجتمع له بل يشعر بمسئولية المحافظة عليه وصيانته من الأيديولوجيات التي تنتهك مبدأ التعددية وتقنن مبدأ الشمولية في الفكر والممارسة.
لقد طرح الدكتور الوردي مسألة الديمقراطية كحل كما طرح مفهوم المدنية من خلال سردياته القصيرة الناقدة دون أن يؤسس لمشروع متكامل بين المدنية والديمقراطية ولم يبين في أثرية هذا الحل في التخفيف من أثار الصراع المحتدم الذي أشره وأشار إليه بل أن مشروعه كان ينتهي بتوصية مشهورة عنه(إن التجارب القاسية التي مرّ بها الشعب العراقي علّمته دروساً بليغة، فإذا هو لم يتّعظ بها، أصيب بتجارب أقسى، وربما حلّ به من الكوارث والويلات ما يقسره على تغيير إطاره الفكري رغم أنفه ... ومن الوسائل المجدية في ذلك، هو أن نحاول تعويد الشعب العراقي على الحياة الديموقراطية، ونجعله يمارسها ممارسة فعلية، حيث نتيح له حرية إبداء الرأي، والتصويت، دون أن نسمح لفئة منه أن تفرض رأيها بالقوة على الفئات الأخرى) .
ثم يقول يستطرد مضيفا من نفس الاقتباس محذرا هذه المرة(يقف العراق الآن على مفترق الطريق. وهذا هو أوان البدء بتحقيق النظام الديموقراطي. فلو فاتت هذه الفرصة من أيدينا لضاعت منّا أمداً طويلاً." ويختتم الكتاب بقوله: "ينبغي لأهل العراق أن يعتبروا بتجاربهم الماضية. وهذا هو أوان الاعتبار ... فهل من يسمع ...!! "
الدعوة للديمقراطية كممارسة حتى تكون مجدية وحقيقية لا بد لها من تأسيس قبلي وهو تمدن الدولة من خلال تمدين القانون الجامع وتمدين القضاء والفصل بين السلطات والإعادة المستمرة لقراءة الحزمة القانونية الحاكمة وتوسيع المشاركة الشعبية المدنية في تشيد مؤسسات الدولة والابتعاد عن الخلط بين الشخصي والعام والتفريق ما بين مفهوم النظام ومفهوم السلطة, وتحزيب المجتمع على أساس برامج محددة غير منتمية لأيديولوجيات متطرفة أو شمولية أو ممهدة له.
كان لا بد للمجتمع حتى يتحول نحو المدنية أن تكون الثقافة وأساليب نشرها بيد مؤسسات المجتمع المدني وليس بيد السلطة وأن تكون معيارية الوطنية والمواطنة هي للجماعية والعمل المنظم من خلال هدف واحد جامع ,وأن يكون شعار المجتمع والسلطة هو الكل في خدمة المجتمع والمجتمع في خدمة الكل, أي تأصيل مبدأ الإحساس بالمسئولية ليس فقط القاء هذه المهمة على الأفراد بل أن على السلطة وقواها أن تشعر بها وأن وجودها هو وجود تكليفي محدد أصلا بنجاحها في تجسيده وليس تشريفا لها لأنها نادت به فقط.
لقد كان الوردي في خطابه الأخير الذي اقتبسناه واعظا أكثر من كونه باحث متعمق ,وكانت كلماته أمنيات بدل أن تكون برنامج عمل ناجح ,ولكن هذا لا ينقص من قيمة فكر الرجل وهو يعاني من تهميش وتضيق وإفقار متعمد من الكثير من القوى الفاعلة ابتدأ من المؤسسة السلطوية مرورا بمن يفترض ان تكون داعمة له ومعاونة في بسط أفكاره ورؤاه الخاصة وأعني به المؤسسة الأكاديمية كنظام وكأشخاص وليس انتهاء بالمؤسسة الدينية الرجعية المتزمتة التي حاربته وفسقته ولم تترك مناسبة دون أن تشهر به وبأفكاره التنويرية.
كما لاقى المفكر الراحل الأمرين من المؤسسة الإعلامية والثقافية والعشائرية ومن المتنفذين من طبقات المجتمع ليكون كل ذلك كابح ومعرقل حقيقي في الإفصاح عن الكثير مما في جعبته ,ولو تهيأت له الظروف المناسبة التي نشهدها الأن مع النضج النسبي ثقافيا وفكريا لكان أكثر جرأة وعطاء وأبداع فيما ينظر به ويبحث فيه.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية العراقية بين الفعل والإنفعال ج1
- سارة صانعة الحلوى _ قصة قصيرة
- قلم وفرشاة
- منظومة الأخلاق وصنع السلام والحرية
- تأريخنا حقل ألغام
- التسييس الديني والدين السياسي
- صورة الوجود في الموجود
- الرجل الذي أحب حمارا _قصة قصيرة
- اليسار و الدولة المدنية
- كلام فوق المعقول
- مشروع الإنسان _الإنسان
- اليسار وافاق العمل المستقبلي
- اليسار العراقي وقراءة في مستقبله السياسي
- الأساس العلمي لدراسة النفس والسلوك
- مفهوم الوجود فلسفيا
- العقلانية ودورها في تثبيت دور العقل
- الوعي العلمي والتجريبي وفهم التأريخ
- الحرية قبل الدين
- التصنيف العقلي والديني
- تجربة الدين


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - عباس علي العلي - الوردي والبداوة والديمقراطية