أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي العباس - بين نصين مقدسين














المزيد.....

بين نصين مقدسين


سامي العباس

الحوار المتمدن-العدد: 1214 - 2005 / 5 / 31 - 09:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


" فالآن اقتلوا كل ذكر من الأطفال,كل امرأة عرفت رجلا بمضاجعة ذكر اقتلوها .لكن جميع الأطفال من النساء اللواتي لم يعرفن مضاجعة ذكر أبقوهن لكم حيات " سفر العدد 31- التوراة..
" فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم و خذوهم و احصروهم و اقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا و أقاموا الصلاة و آتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم . و إن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون " الآية 4-5 من سورة التوبة – القرآن.
بين النصين المقدسين بيئة جغرافية مشتركة و نمط عيش رعوي – تجاري و مؤسسة عنف تتبادل الغزو مع محيطها . إلا أن ما يفصلهما هو شوط من سيرورة الأنسنة قطعتها مجتمعات المنطقة .المعيار في النص الأول للإبقاء على الحياة هو معيار أنطولوجي أما في النص الثاني فهو أيديولوجي و هذا ما يفسر المنحنى التنازلي للعنف في" الاجتماع البشري "..
لكي تفلت من القتل عليك أن لا تكون ذكرا أو احتمال ذكر " في كل امرأة عرفت رجلا بمضاجعة " ذالك لأن الذكر غير اليهودي هو مشروع محارب يهدد الوجود بالمعنى الأنطولوجي للجماعة اليهودية.
هذا ما يعريه النص المقدس الأول أما في النص الثاني فلكي تفلت من القتل عليك فقط أن تبدل الهوية المختلفة للمقدس لديك لتصبح عضوا في الجماعة الإسلامية ..
يا لبعد المسافة التي قطعها ركب الأنسنة بحمولته المتضخمة باستمرار !
ومع ذلك فإن عدة الشغل ا العقليه التي ينتجها البشر لتعميق توغلهم في هذا الدرب المظلم للكون لا تفلت من المصير البائس الذي ينتظرها , الرمي على قارعة الطريق " روبا بيكا" غير صالحة للاستخدام ...ينفع طابعها المقدس فقط في تحويلها إلى حمولة إضافية للكاهل البشري 0 إنها بحميميتها أشبه بجثث الأحبة نتمزق بين حاجتها إلى الدفن وآلام فراقها في نفس الوقت 00
بين العنف الأنطولوجي والعنف الأيديولوجي ,كان على الدماغ البشري أن يطور رأسماله الرمزي ,يحسن من شيفرات اتصاله,ويرسب في الذاكرة الجمعية المزيد من خلاصات التجارب 0 وكانت كل طفرة في المعنى تخرج إلى مقدمة القطيع البشري ,السحرة والكهان والأنبياء والفلاسفة ,أليس من الملفت للنظر إن التوراة كمدونة نصية قد احتفظت لنا بعشرات الأنبياء والعرافين والكهنة ,ولاشك أن مئات بل آلاف غيرهم لم يستطيعوا أن يجتازوا الحاجز بين الشفوي والكتابي 0تعطينا التوراة مقطعا من سيرورة تجربة بشرية ,إنها أشبه بفيلم تسجيلي يخرج من ركام القرون ليرينا حالة القطيع البشري قبل بضعة آلاف من السنين 0من الصراع على البقاء الأنطولوجي إلى الصراع على البقاء الأيديولوجي ,العنف يتناقص ,بتبدل خلفيته, والخلفية تتبدل تحت ضغط توسيع الدماغ لرقعة نفوذه0
وفي إطار هذا الجدل المعقد بين الجسد وجهازه العصبي نشأت الحاجات المستقلة " للدماغ" التجريد بالصورة ,والتجريد بالصوت ثم توحيد نظم الاتصال ,والاتفاق على الشيفرات المشتركة. عشرات الآلاف من السنين استغرقه هذا الدرب المتلوي والصاعد لهذا الحيوان الإجتماعي نحو مزيد من الأنسنة 0
ونحن هنا على بعد عشرات الآلاف من السنين نحاول ان نمد البصر إلى الوراء فنعيد تركيب الحطام ,في كثير من الأحيان يأتي التركيب تدليسا لرغائبنا. نشيد فوقه صرحا من الاستنتاجات المعرضة للانهيار في أية لحظة 000
رغم ذلك علينا أن لا نيأس 0فالمهمة عسيرة 00ولكنها ليست مستحيلة ,وبمقدار ما ننجح في رؤية الماضي بشفافية بمقدار ما ننجح في تحرير رقبتنا من نيره0
إنها ضريبة إبداع المستقبل ,تتضخم كلما تضخمت تركة الماضي 0 من هنا فداحة المصاعب التي تواجهها الأمم العريقة وهي تواجه امتحان الدخول إلى العصر0



#سامي_العباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعر
- التغيير الديمقراطي في سورية
- قراءة في اية
- تحية لفالح عبد الجبار
- الراعي الكذاب..تراجيديا السياسة العربية
- مزاح ثقيل مع الدكتور طيب تيزيني
- دراما استعادة الليبرالية
- العرب والسياسة
- ستاتيكو لغوي
- العرب نظرة الى المستقبل
- الحزب العقائدي
- برسم الانتلجنسيا العربية
- ملاحظات على هامش الماركسية الايديولوجية
- الولايات المتحدة الأمريكية والشرق الأوسط
- مشتركات الوعيين الاسلامي - السوفييتي
- رد على لؤي حسين
- قصة من مجموعة -ابطال من هذا الزمان
- بيان من اجل الليبراليه
- الماركسيه في الاستخدام
- أزمة الرأسمالية ثانية


المزيد.....




- حرس الثورة الاسلامية يعلن تفكيك مجموعة ارهابية كانت تعتزم لي ...
- خطاب شيخ الأزهر والمفاضلة بين الأنبياء
- فرحوا عيالكم.. تردد قناة طيور الجنة للأطفال لعام 2024 بجودة ...
- بسبب الحرب في غزة.. مسلمون أمريكيون يقررون التصويت للمرشحة ا ...
- استراتيجيات المواجهات على ضوء مجزرة البيجر الاسرائيلية، ومؤت ...
- حركة الجهاد الاسلامي تزف شهداء بلدة قباطية بجنين الذين ارتقو ...
- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي في رسال ...
- المقاومة الاسلامية اللبنانية تعلن استهداف موقع السماقة بتلال ...
- اسعدي طفلك .. عبر استقبال تردد طيور الجنة ولادك هينططوا من ا ...
- حركو حماس: اقتحامات المستوطنين المتكررة للاقصى تاتي استمرارا ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي العباس - بين نصين مقدسين