أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي العباس - الراعي الكذاب..تراجيديا السياسة العربية














المزيد.....

الراعي الكذاب..تراجيديا السياسة العربية


سامي العباس

الحوار المتمدن-العدد: 1176 - 2005 / 4 / 23 - 12:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نتذ كر من طفو لتنا تلك الحكاية الجميلة التي سمعناها مرارا من الجدات والأمهات ,حتى احتلت ركنا في ذاكرتنا التربوية ..حكاية الراعي الكذاب:
,وملخصها - لمن فاتته طفلا –أن أهل قرية بعد أن ملّوا من الاستغاثات الكاذبة لراعي قطيعهم طّنشوه عندما استغاث بهم صادقا , فأكل الذئب الراعي الكذاب , وخسرت القرية معظم قطيعها..
أتذكر هذه الحكاية كلما وجدت هذا الزعيم أو ذاك, هذا الحزب أو هذه الحركة, تلك الطائفة أم هذه السلطة أو تلك المعارضة..عندما تنسحب من لسانها كما انسحب من لسانه ذاك الراعي المسكين ..
تختصر هذه التراجيديا مسلسل مكسيكي ينجزه في العالم العربي القادة السياسيون والروحيون, الأحزاب ببرامجها المتورمة, وبعض ((محرز)) من صناع الرأي العام من قادة الفكر والإعلام. ذلك أن محنة الراعي الكذاب تصنعها لكل هؤلاء حركة الواقع بجدلياته المركبة : العمودية – الأفقية عندما يطرح ممكناً هنا أو هناك , ولا يستطيع الرعاة الكذبة أن يسّوقوه لأن أحداً لن يصدقهم .
أتذكر محنة الراحل عبد الناصر عشية حرب حزيران, وهي محنة رفع عنها الغطاء بقليل من التفكر الموضوعي الراحل أيضاً ياسين الحافظ, في كتابه: الهزيمة و الأيديولوجية المهزومة.
و أتذكر المحنة الممد د لها حتى الآن لمنظمة التحرير الفلسطينية بخطابها السياسي وبرامج الحد الأدنى و الحد الأقصى , وتوهانها في الزواريب الأيديولوجية و السياسية , و الحرتقات الطائفية و المذهبية لمجتمعات الطوق العربية بنخبها الحاكمة و المحكومة , الإنحباسات و المخارج الممكنة , المستحيل و الفرص الضائعة . و أخيراً الواقعية المتدرجة التي تبطن ذعراً من قول الحقيقة كاملةً كي لا تنقطع الخيوط مع الشارع المهيج دوماً بالوعود الكاذبة, و المتروك لأحلام اليقظة, و لكل أنواع المهرجين الفكريين و السياسيين. لكل أنواع النستالوجيا و الاستلاب : للماضي التلبيد او لأيديولوجيات حديثة عسيرة الهضم .
إذا كان الجميع في الصف الفلسطيني متفقين على أن شارون قد خاض الانتخابات الأخيرة و نجح فيها تحت شعار إسقاط أوسلو. و أنه عندما وافق على مضض على خارطة الطريق فلتأكده من أن الفلسطينيين سيتولون بأنفسهم إسقاطها فلماذا تتبرع حماس و الجهاد الإسلامي بتقديم المساعدة لشارون في هذا الإطار ؟
الجواب بسيط . إنها حكاية الراعي الكذاب ثانية . فالأصولية الإسلامية الفلسطينية التي زايدت على منظمة التحرير , و رفعت اليافطات التي طوتها المنظمة في إطار واقعيتها المتدرجة , فلكي تسرق من منظمة التحرير شارعها السياسي الفلسطيني . و هي الآن في مواجهة محنة - تصنعها حاجة الولايات المتحدة لبناء مصداقيةٍ ( على المسرح الفلسطيني - الإسرائيلي ) تسند مشروعهالدقرطة المنطقة – تعرق و تحمر خجلاً من جماهيرها .
يالحبل الكذب ما أقصره ! ولكن لو كانت المسألة تندرج تحت بند الأخلاق, لهانت علينا نحن أهل الدنيا.
ذلك أننا سنترك المسألة للسماء تحلها بطريقتها. لكن الكذب السياسي ليس كما هو الحال في حكايتنا البسيطة معطى أخلاقياً بحتاً, الكذب هنا معطى عقليٌّ بامتياز. إنه أحد تجليات الفكر المفارق , الفكر الذي لا يسائل ا لواقع , لا يتلمس جدلياته . الفكر الذي يدور حول نفسه تجذبه نحو المركز نرجسيةٌ تتلبس يقيناً ما. يخاف أن يفلت من اليقين, فيفلت خارج الجاذبية و يضيع . الكذب هنا أحد العلامات الفارقة للاجتماع السياسي العربي , بتحوله مع الوقت و الممارسة إلى تكاذب , أي كذب الجميع على الجميع .
و لا أظن أن في هذا الكلام جلداً للذات أو انسياقاً وراء اللغة . إنه محاولة متواضعة للتعرف على الجدلية التي تعيد أنتاج الفشل بالرغم من أرتال المناضلين الذين انخرطوا منذ قرنين في مغامرة الحداثة و العراك مع معوقاتها . أتذكر في هذا المجال الكتاب المثير بعنوانه ( لجم العوام عن معرفة علم الكلام ) للإمام الأكبر أبي حامد الغزالي . إنه عنوان للمأزق الذي أفضت إليه النزعات العقلانية للنخب الفكرية الإسلامية في نهاية القرن الخامس الهجري. إنه تعبير عن الاكراهات السسيولوجية التي كانت في خلفية ميل النخب إلى حجب الحقائق العقلية عن الجمهور العريض !!
هل نذهب أكثر في تقليب الأغطية لكشف الجدليات التي أفضت إلى هذا المأزق العقلي ؟
لا يتسع مثل هذا المقال لمثل هذه المهمة , ولكن لا بأس من الإشارة بإيجاز إلى جدلية الحاضرة البادية التي ولدت تاريخاً من الإجتياحات الرعوية . الجدلية التي ظلت تعيد إنتاج نمط الإنتاج الخراجي حتى مشارف انقلاب الرأسمالية في أوربا إلى إمبريالية .
لقد احتل الكذب كل هذه المساحة في العمل الثقافي – السياسي لأن قدميه تنغرسان في قاع المأزق الذي أفضى إليه النقاش المفتتح من قبل المعتزلة على نحو مبكر حيال ضرورة توسيع تخوم(المفكر فيه ) التي حبست ظاهرة الوحي الإسلامي العقل داخل تخومه..
من هنا فإن العقلانيات التي فشلت في معظم معاركها الثقافية تحت ضغط سسيولوجيا ذات طبيعة استنقاعية قلصت مساحة المفكر فيه إلى مستوى يحبس الأنفاس, شدّت الرحال نحو الغرب ( هجرة الرشدية إلى أوروبا )
ومن هنا أيضاً فإن الطلقات التي دشنت بدء عصر النهضة العربية كانت باتجاه الجدران التي تفصل بين ( المسموح التفكير فيه ) و بين ( اللا مفكر فيه و المستحيل التفكير فيه )
كانت محولة طه حسين ( كتابه في الشعر الجاهلي ) أشبه بمن يطلق نيران مسدسه على جدران قلعة , رغم ذلك فإن ردّة فعل حراس القلعة كانت من الشراسة بحيث دفعته لتبديل حشوة مسدسه بالقطن و تنقيح كتابه ليصبح ( في الأدب الجاهلي )
*******

عندما يتحول الكذب إلى ظاهرة يصبح الميل إلى دراسته مقدمة للخروج منه . ذلك هو دور الوعي . إنه في الظواهر بمثابة الطبيب الذي يتحرى المرض مبتدئاً بمظاهره السرير ية فإن لم يتوصل إلى نتيجة حاسمة يستخدم ما تتيحه له تجهيزاته الطبية للغوص تحت السطح .



#سامي_العباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مزاح ثقيل مع الدكتور طيب تيزيني
- دراما استعادة الليبرالية
- العرب والسياسة
- ستاتيكو لغوي
- العرب نظرة الى المستقبل
- الحزب العقائدي
- برسم الانتلجنسيا العربية
- ملاحظات على هامش الماركسية الايديولوجية
- الولايات المتحدة الأمريكية والشرق الأوسط
- مشتركات الوعيين الاسلامي - السوفييتي
- رد على لؤي حسين
- قصة من مجموعة -ابطال من هذا الزمان
- بيان من اجل الليبراليه
- الماركسيه في الاستخدام
- أزمة الرأسمالية ثانية
- ملاحظات حول مسودة الورقة السياسية للجنة الوطنية لوحدة الشيوع ...
- أزمة اليسار السوري – محاولة للرؤية


المزيد.....




- كولومبيا تعلن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل بسبب الحرب ...
- السعودية تؤكد اصدار حكم بسجن مدربة رياضية 11 عاما في -جرائم ...
- مصر.. إحالة المتهم بقتل طفلة سودانية لمحكمة الجنايات
- السعودية.. السيول تقتلع النخيل وتغمر الأخضر واليابس في بعض م ...
- إعلام: الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي يمارسون ...
- بلينكن: لا وقت للتأخير وعلى حماس قبول المقترح ولا نؤيد هجوما ...
- قطة حية في طرد لشركة أمازون في أمريكا، ما قصتها؟
- يوزيف فريتسل.. الرجل الذي اغتصب ابنته طيلة 25 عاما وأنجب منه ...
- ما وضع قوانين الهجرة واللجوء في المجر اليوم؟
- الحوثيون: نمتلك أسلحة ردع استراتيجية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي العباس - الراعي الكذاب..تراجيديا السياسة العربية