أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - أسَفي على بغداد














المزيد.....

أسَفي على بغداد


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 4228 - 2013 / 9 / 27 - 12:30
المحور: المجتمع المدني
    


في عجالة الحياة اليومية وإنشغالاتها .. لاينتبه المرءُ عادةً ، لبعض الظواهر الإجتماعية والسياسية ، لاسيما تلك التي أصبحتْ تدريجياً " أمراً واقعاً " .
فبعد مرور أكثر من عشر سنوات على إنزياح كابوس صدام من على كاهل العراقيين .. فأن الفوضى التي خّلفها الإحتلال الأمريكي وبالتماهي مع الطبقة السياسية الفاسدة الحاكمة ، فلقد تراجعتْ " المَدنية " في بغداد .. وعندما أقول بغداد ، فأعني العراق كله عدا أقليم كردستان . ولّما أقول المدنية ، فأعني ما تبّقى منها خلال فترة حُكم البعث .. إذ ان النظام السابق قد شّوَهَ الكثير من مظاهر " المدنية " التي كانتْ موجودة في الستينيات . ولكن على أية حال .. فأن الفرد العادي ، كان لايُفّكر قبل ثلاثين سنة مثلاً ، في " مخاطر " التنقُل من محلةٍ يغلب عليها الطابع الشيعي ، الى أخرى سُنية ! ، أو بالعكس . صحيح ، ان الطوائف والمذاهب والقوميات كانتْ موجودة في العراق ، منذ زمنْ طويل .. وصحيحٌ أيضاً ان التأريخ شهدَ الكثير من المعارك والتناحرات والقتل ، بين السُنة والشيعة على هذه الأرض .. لكن إنتشار التعليم والمبادئ الإشتراكية والإنسانية والعدالة ، لا سيما بعد ثورة تموز 58 ، قد خّففَ كثيراً من الغلواء المذهبية والدينية .
رغم فاشية النظام السابق ، فأن بعض مناطق بغداد كانتْ تعُج بالمسيحيين والإيزيديين ، الذين يقومون بأعمالهم بصورةٍ طبيعية .. في حين أنها خلتْ اليوم تقريباً ، من هذه المكونات الجميلة ، بعد إستهدافهم من قِبل الإرهاب وميليشيات العُنف المُنّظَم .
رغم لا إنسانية حُكم البعث وعبثية " حملاته الإيمانية " المزعومة ، فأن الحُريات البسيطة التي كانتْ تتمتع بها المرأة ، كانتْ موجودة بدرجةٍ ما .. والكثير من طالبات الجامعة في البصرة والجنوب ، كُنّ سافرات ، وكان الشباب يستمعون الى الموسيقى والأغاني .. في حين ان أحزاب الإسلام السياسي الحاكمة اليوم ، وأربابهم الأمريكان .. لم يُحّركوا ساكناً .. حين قامت ميليشيات ما يُسّمى الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر ، بالإعتداء على الشباب والشابات من البصرة الى الموصل مرورا ببغداد ، بل وحتى قتلهم أحياناً .. ان هذه العصابات المحمية من أحزاب الإسلام السياسي ، قامتْ وتقوم ، بنفس ما إقترفه النظام الفاشي السابق ، في ما كان يُسمى الحملات الإيمانية ، بل وتمادتْ في ذلك ، اليوم ، أكثر بمراحِل . لايوجد فرق كبير ، بين عصابات وميليشيات الأمر يالمعروف والنهي عن المنكر ، الشيعية والسُنية .. فكلاهما وجهان لِعُملةٍ واحدة .. فالذي يقوم بتفجير محلات المشروبات الكحولية في بغداد والبصرة والموصل ، هو نفس المُجرم .. والذي يحرق النوادي والملاهي وينسف محلات الحلاقة والتجميل والموسيقى والأغاني .. هو نفس المُتطرِف المريض ، الذي يحقد على المرأة ويعتبرها عَورة ويُمارِس ساديته عليها ، والذي يكره الرياضة وكرة القدم ويخاف من إختلاط الجنسَين في المدارس ، هو نفس المَسخ المُشّوَه . المأساة .. انه ليس فقط ، هذه العصابات والميليشيات ، مَنْ تمتلك هذه النظرة التدميرية ، تِجاه كُل ما هو " مَدني وحضاري " .. بل ان السلطات الحاكمة ، تزدحم بوزراء ونواب ومُحافظين ومسؤولين كبار .. رجعيين مُتخلفين مرضى ، كارهين لكل ما هو جميل ! .
...............
في خضم الفوضى الراهنة ، والقتل المجاني اليومي ، والعُنف الأعمى .. ليس الأمن ، هو الوحيد الذي فقدناهُ في بغداد .. بل معظم المظاهر المدنية أيضاً .. أسفي على بغداد ، بعدَ أن غدتْ صحراء قاحلة .



#امين_يونس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطي ، الأكثر شعبية . محاولة تفسير
- سيناريوهات تشكيل حكومة الأقليم
- الإنتخابات .. وصوت البَطة !
- هُواة سياسة
- أصحاب عوائل وأطفال
- أحلام
- المُفارَقة .. والإختيار الحُر
- إنتخابات الأقليم ، والعودة الى الصَف الوطني
- الوكيحون .. والعُقلاء ، في إنتخابات الأقليم
- إفتراضات إنتخابية
- قُبيلَ إنتخابات أقليم كردستان
- المُدير
- الموت الرحيم
- المالكي يُدافع عن السُراق
- لِمَنْ أعطي صَوتي ؟
- ضوءٌ على إنتخابات أقليم كردستان
- حتى الأموات .. ينتخبون
- أيها المصريون .. لاتُبالغوا في إمتداح السعودية
- لا تَقُل : حَجي ولا أبو فلان !
- هزيمة اليمين الديني في مصر


المزيد.....




- تفاصيل موافقة تشاد على إجراء امتحانات شهادة الثانوية للاجئين ...
- منظمة العفو الدولية في كينيا: قتلى وجرحى في احتجاجات مناهضة ...
- الأمم المتحدة تحذر: المخدرات تتوسع والكوكايين يقود موجة جديد ...
- الاحتلال حوّل سجونه ومعسكراته إلى ساحات لتعذيب المعتقلين
- الحياة تعود إلى طبيعتها في إسرائيل وأزمة الأسرى إلى الواجهة ...
- اعتقال 26 شخصا في الأحواز بتهمة التعاون مع إسرائيل
- الأونروا: سكان غزة مهددون بالموت عطشاً بسبب القصف الإسرائيلي ...
- اقتحامات واعتقالات بالضفة ومستوطنون يؤدون طقوسا تلمودية بالأ ...
- الأونروا: الفلسطينيون في غزة مهددون بالموت عطشا
- شهداء بغارات إسرائيلية على خيام النازحين ومنتظري المساعدات ب ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - امين يونس - أسَفي على بغداد