وصفي أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4226 - 2013 / 9 / 25 - 23:55
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
الأسباب التي أدت إلى هذا النمو
كما يتضح من الأرقام الواردة آنفاً , تخلي التجار العراقيون عن شكوكهم القديمة بالمبادرة الجماعية وزادوا من قوة تنظيمهم الاقتصادي . ولكن هذا ليس , في الواقع , أكثر من ظرف سببي فرعي .
وكان الأهم الفرص التي ترافقت مع الحربين العالميتين الأولى و الثانية , فوجود قوات كثيرة – أي وجود أسواق جاهزة للمنتجات الموجودة – والقلة التي لا بد منها , وحجب الحبوب والاستغلال وتيار المضاربة , والارتفاع المفاجيء و السريع في الأسعار و الايجارات , كلها أمور أدت إلى اعادة توزيع المداخيل وإلى تسهيل تمركز رؤوس الأموال الخاصة .
وكانت الزيادة الملحوظة للأراضي المزروعة وللفائض الزراعي القابل للتصدير في أيام الملكية قد ساهمت في عملية التراكم النقدي .
وكان حافز آخر قد تأتى من خلال تحسين أوضاع النقل و السفر .
وكان تقدم التجار قد ارتبط سببياً أيضاً بحقيقة أنهم لم يكونوا مثقلين ضريبياً . صحيح أنهم كانوا قد تأثروا بصورة غير مباشرة برسوم الجمارك و المكوس التي كانت تشكل جزءاً كبيراً من واردات الدولة , ولكن هذه الرسوم كانت في الحقيقة مفروضة على عامة الشعب .
ولكن العامل الأكثر حسماً في ارتقاء التجار كان التدفق الكبير لأموال النفط بعد سنة 1951 , الأمر الذي أدى إلى توسع تجارات كثيرة , وخلق فرص جديدة لم يكن أحد يحلم بها قبلاً , وتحريك مشاريع تطوير راس المال , وتضخيم ثروات عدد متزايد من العائلات التجارية .
وكانت هناك ظروف أخرى غير بعيدة العلاقة ساهمت في ارتقاء التجار مثل : تقدم حياة المدينة , وارتفاع مستوى معيشة العناصر الأفضل حظاً من السكان , وزيادة الطلب على السكن والسلع وأسباب الرفاه الأخرى .
ولكن , إذا كان التجار قد عملوا على مراكمة الثروات فإن معدل التراكم لم يكن بالسرعة التي كانوا هم أنفسهم يرغبون بها , وهو ما كان يعود في الأساس إلى أن الجزء الأكبر من السكان – الفلاحون – كان شديد التخلف وذا قوة إنفاق منخفضة وما زال موجوداً خارج شبكة الحياة التجارية .
وفضلاً عن هذا , فإن طريقة نمو التجار , إذا كانت مفيدة لهذه الطبقة , فهي لم تكن صحية بالنسبة للشعب بصورة عامة . إذ لم يقتصر تمركز الثروة المستجدة في أيدي عدد قليل نسبياً من العائلات , بل إن قسماً كبيراً من التجارة الجارية لم يُضِف إلا القليل من القوة الانتاجية الفعلية للبلاد . فبين العامين 1926 و 1945 شكلت السلع الاستهلاكية حوالي ثلثي قيمة الواردات .
وصفي السمرائي
#وصفي_أحمد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟