تزوير العملة جريمة اتسعت بالمغرب

إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)

الحوار المتمدن-العدد: 4223 - 2013 / 9 / 22 - 05:39
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

تمّ إلقاء القبض مؤخرا على ثلاثة عسكريين بعدما كشفت التحقيقات الأولية انتماؤهم إلى عصابة إجرامية مختصة في تزوير العملة عن طريق الاعتماد على وسائل تقنية متطورة وترويجها على نطاق واسع. وهي العصابة التي حيرت مصالح الأمن والدرك بجهة الرباط، بعدما حاولت الشبكة إغراق السوق بالعملات المزورة..
وفي بداية شهر يوليو الماضي، قامت مصالح الأمن لمدينة الجديدة بإيقاف قاصرين اثنين بتهمة تداول أوراق نقدية مزوّرة من فئة 200 درهم . وعمد الظنينان في ترويج هذه النقود المزيفة عبر التسوق من أحد محلات الجزارة بالمدينة ، حيث اقتنى الأول ربع كيلوغرام لحم ولم يفطن الجزار إلى الورقة النقدية المزورة إلا بعدما غادر المتهم المحل التجاري، ليعود عنصران اثنان في اليوم الموالي لنفس المحل التجار يليشتريا نفس الكمية من اللحم إلا أن الجزار فطن لهما واحتجزهما إلى حين حضور رجال الأمن .
ومنذ شهرين تقريبا أوقفت مصالح الشرطة الولائية بمكناس شخصين متورطين في تزوير العملة الوطنية، وذلك بناء على تحريات أعقبت اكتشاف كمية كبيرة من العملة المزورة التي تم استعمالها في معاملات مالية على نطاق واسع بذات المدينة وببعض المناطق المجاورة.
وحجزت مصالح الأمن معدات إلكترونية وطوابع بريدية ومخزنية مزورة في المكان الذي استغل لتزوير هذه الأوراق المالية. كما تم حجز العديد من الطوابع البريدية والمخزنية من مختلف العينات، وخاصة من فئة 300 درهم،التي تم بيعها لأصحاب المكتبات بهدف تسويقها للراغبين في إعداد جوازات السفر.
وتم تصريف الكميات المزور، باحترافية عالية من خلال اقتناء عدد منا لسلع والبضائع المرتفعة الثمن والتي تصل قيمتها إلى 300 درهم فما فوق. كما لجأت العصابة إلى اقتناء بطاقات التعبئة الهاتفية بكميات كبيرة وأعيد تسويقها من خلال تخفيض ثمنها.
وغير بعيد ، تمكنت عناصر الشرطة القضائية بالحي الحسني بالدار البيضاء من اعتقال شخص متورط في تزوير الأوراق النقدية منفئة 100 و200 درهم، حيث كان يستغلها للاحتيال على المتبضعين من بعض المواقع التجارية. ومن بين الخيوط التي قادت العناصر الأمنية إلى المتهم، اقتناءه لحاسوب كان في ملكية طالب جامعي بمبلغ مالي قدره 4800 درهم، وهو المبلغ الذي يتكون من 29 ورقة نقدية مزورة من فئة 200 درهم. وتم حجز بمنزله بسلا آلة ناسخة وحاسوبين وهاتف نقال وورقة نقدية مزورة منفئة 100 درهم.
واعترف، أنه كان يستنسخ ما بين 4500 و 5000 درهم يوميا، ويروجها في المحلات التجارية بالعديد من المدن المغربية، حيث ارتكب ما يزيد عن 20 عملية نصب، تمكن من خلالها الحصول على العديد من الحواسيب مقابل مبالغ مالية مزيفة، والتي كان يعيد يبيعها، بأثمان منخفضة.
وجريمة تزوير النقود ليست جديدة ببلادنا، وإنما الملفت للنظر حقا هو مدى اتساعها في السنوات الأخيرة. وأضحى اليوم من الصعب حصر الظاهرة في نطاق جغرافي محدود، علما أن نشاط شبكات التزوير يتمركز أكثر في المدن الكبرى، خاصة العاصمة الاقتصادية، الدارالبيضاء.

تطوير الأساليب
لجأت عصابات تزوير الأوراق النقدية إلى تطوير أساليب اشتغالها، إذ أصبحت تعتمد على وسائل وتقنيات حديثة يصعب معها الكشف بسهولة عن طبيعة الأوراق المزورة، وتستعين، عادة، بحواسيب متطورة وطابعات متخصصة ووحدة مركزية ومداد خاص يسهل عملية تزوير الأوراق النقدية وتقريبها أكثر من السابق بالأوراق النقدية الحقيقية.
وخلافا للسابق تنشط الشبكات المحلية اليوم عن طريق وسطاء محليين ضمن شبكات دولية مختصة في تزوير وتهريب العملة الصعبة والمحلية من الخارج نحو المغرب باستغلال بعض الهفوات، إذ لم يعد خافيا علاقة شبكات الترويج المحلية بشبكات دولية تنشط في كل من فرنسا وايطاليا . وامتد نشاط شبكات تزوير العملة إلى عمليات تجارية كبرى، كاقتناء سلع بمبالغ مالية كبيرة ثم إعادة بيعها أو الحصول على منتوجات ثمينة وتحف، في حين أنه في السابق كان الاعتماد على تمرير ورقة مزورة هناك وأخرى هنالك عبر شراء سلعة رخيصة الثمن بغية الحصول بهذه الطريقة على أكبر كمية من النقود السليمة – أي تنييض الورقة تلو الأخرى .
المدن الصغرى
منذ مدة بدأت بعض المدن الصغرى يذيع صيتها بخصوص تزوير النقود. ففي سنة 2010 اعتقلت مصالح الأمن بابن سليمان، أحد الأشخاص الذي كان مبحوثا عنه، وذلك بتهمة تزوير أوراق مالية. في ذات السياق، اعتقلت السلطات الأمنية أربعة عناصر أخرى ينحدرون من مدينة الكارة بنفس التهمة، وكدا في ضواحي مدينة سلا. وقد دأبت هذه العصابة على تزوير الأوراق المالية منذ سنوات، خاصة من فئة 20 درهماً، و 50 درهماً و 200 درهم.
وتمكنت السلطات الأمنية من حجز آلة خاصة بتزوير الأوراق المالية بمنزل أحد أفراد هذه العصابة بمنزله بالكارة.
وتمكنت العديد من الأسماء المتورطة في هذه التهمة، من الاغتناء في وقت قصير، في الوقت الذي كانوا محسوبين على الطبقة الفقيرة. إذ أضحوا يستثمرون في العقار.
وفي نفس السنة أحالت المصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بتاوريرت ثلاثة أشخاص بينهم تلميذ كان يتابع دراسته بثانوية صلاح الدين الأيوبي هناك، على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بوجدة من أجل تكوين عصابة إجرامية وتزوير عملة وطنية وترويجها.
ولعبت الصدفة في إيقاف أفراد هذه العصابة الإجرامية دورا كبيرا، ذلك أن التلميذ المذكور(من مواليد 1991 ) ، كان قد قصد في وقت متأخر من الليل أحد الأكشاك الهاتفية المتواجد ة بوسط المدينة طالبا تعبئة هاتفية بقيمة عشرة دراهم بعد أن سلم لصاحبه ورقة نقدية من فئة خمسين درهم تحمل الرقم التسلسلي 972261ح95س، إلا أن خبرة المستخدم جعلته يفطن إلى أن الورقة المالية مزورة بعد تفحصها ومقارنتها بأوراق سليمة، ليدخل في نقاش مع صاحبها الذي حاول بكل الطرق إقناعه بصحتها دون أن يدري بأن أحد ضباط الشرطة كان يتابع ما يجري عن كتب ليتدخل في الوقت المناسب ويقوم بإيقاف المعني بالأمر بعد معاينته الورقة النقدية المزورة. وكشف البحث عن شريكيه في عملية التزوير. وتمت مصادرة 35 ورقة مزورة كما تمت معاينة بعض معالم عملية التزوير من قبيل العثور على بقايا أوراق مالية تم الاستغناء عنها لعدم جودتها.
وفي سنة 2010 ، اعتقلت مصالح الدرك الملكي بمدينة بويزكارن بإقليم كلميم شبكة متخصصة في تزوير الأوراق المالية العملة الوطنية من فئة مائتي درهم، وجاء اعتقال أفراد الشبكة الثلاثة بناءا على مذكرة بحث أصدرها مركز جماعة تكانت، بعد توصله بشكاية مستعجلة من طرف مستخدم بمحطة الوقود توجد بالطريق الرئيسية الرابطة بين مدينتي كلميم وتزنيت، تسلم ورقة مالية من فئة 200 درهم من طرف أفراد الشبكة زودوا سيارتهم التي استأجروها من إحدى وكالات كراء السيارات بالكازوال، قبل أن يكتشف المستخدم أن الورقة المالية مزورة، ليتم إشعار مركز الدرك الملكي الذي أصدر مذكرة بحث عبر اللاسلكي، ليتم إيقاف السيارة وعلى متنها شخصين، بحاجز الدرك الملكي عند نقطة التفتيش على مشارف مدخل مدينة بويزكارن. وضبطت فرقة التحقيق التابعة للضابطة القضائية بسرية الدرك الملكي بكلميم مبلغا ماليا مهيأ للترويج حددته في 5300 درهم.
وسبق للشرطة القضائية بكلميم خلال صيف سنة 2006 أن فككت لغز ترويج أوراق مالية مزورة من فئة 200 و100 و 50 درهما داخل أسواق ومخادع الهاتف بالمدينة، وذلك بعدما ثم إيقاف المتورطين في ملف التزوير وضبطت بحوزتهم جهاز كمبيوتر وآلة نسخ بالألوان وجهاز سكانير ومعدات أخرى كان يستعملها المتهمون في تزييف وإعداد الأوراق المالية، وإحالتهم على استئنافية أكادير. وفي سنة 2011 اعتقلت الفرقة الجنائية بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بالعيون، شبكة تضم أفارقة من جنسيتين مختلفتين، تنشط في جرائم تزوير العملة المغربية بمدينة العيون.
انعكاسات على الاقتصاد
تؤثر عمليات تزوير العملة بشكل كبير على الاقتصاد الوطني، وتقود في بعض الحالات إلى إفلاس مقاولات ومؤسسات تنصب عليها من طرف عصابات إجرامية مختصة.
ويلحق ترويج الأوراق المالية المزورة خسائر فادحة بالاقتصاد الوطني، إذ أكد بنك المغرب، أن قيمة الأوراق النقدية المزورة التي رصدها سنة 2009 بلغت 2.4 مليون درهم، مسجلا ارتفاعها بنسبة 25.3 في المائة، مقارنة مع السنة التي سبقتها، في حين تم رصد 19 ألفاو44 ورقة مزورة، إذ ارتفع عددها من فئتي 200 و100 درهم، في حين انخفضت فئتا 50 و20 درهما.
وفي إطار مكافحة تزوير العملة، رصد بنك المغرب، خلال سنة 2007، ما يقارب 14.574 ورقة بنكية مغربية مزورة تناهز قيمتها الإجمالية مليون درهم . واختلف تطور الأوراق البنكية المزورة بشكل كبير من فئة إلى أخرى، إذ ارتفع بنسبة 35 في المائة بالنسبة إلى فئة 200 درهم، فيما انخفض بـ 29 في المائة بالنسبة إلى فئة 100.
ومن المعلوم أن المغرب اهتم عن قرب بتزوير العملة ، بالخصوص منذ 2005، إذ أن لجنة عليا تشكلت وقتئذ لتحديد وضع خطط لمحاربة تزوير العملة المغربية وترويج العملة الأجنبية المزورة في المغرب. وتكونتمنمسؤولينفيقيادةالدركالملكي،والإدارةالعامةللأمنالوطنيووزارةالعدل،ووزارةالداخليةووزارةالماليةوبنكالمغرب.
وعكفت على البحث عن آليات دقيقة، وحلول تقنية لتفادي تزوير العملة، إضافة إلى تشديد المراقبة في المطارات والموانئ، للحيلولة دون تهريب العملة الأجنبية المزورة، وإدخالها إلى الأراضي المغربية. وقد تمّ تشكيلها بعد اكتشاف عمليات تزوير متعددة في عدد من المدن المغربية، وفي أعقاب نجاح عصابات منظمة في تزوير أوراق مالية، خاصة من فئتي 100 و200 درهم. والخطر الذي دفع أيضا إلى تشكيل هذه اللجنة، المعلومات التي توصلت إليها المصالح الأمنية بعد حجز أوراق مالية مزورة بحوزة متهمين بالانتماء إلى "خلايا إرهابية" خاصة في مدينتي برشيد وخريبكة. وقد عملت هذه اللجنة إعداد إطار قانوني لمحاربة تزوير العملة الوطنية من خلال تشديد العقوبة الحبسية، ورفع الغرامة المالية، وتطوير تقنية إصدارالعملة.
آنذاك كان أحد أهم الملفات التي باشرته السلطات الأمنية المغربية قد فتحت قبل شهور عن تشكيل اللجنة، ويتعلق الأمر بتحقيق موسع حول شبكة دولية، مشتبه في تورطها في تزوير عملات أجنبية أهمها الدينار البحريني، والدولار الأميركي، حيث أظهرت التحقيقات أن شخصا إماراتيا يدعى «ع.ح» صدرت بحقه مذكرة بحث دولية هو من كان يتزعم هذه الشبكة . وتورط في القضية 12 شخصاً من جنسيات مختلفة عربية وأفريقية، فيما ظل البحث جاريا عن مواطن سنغالي، وصف حسب ملف التحقيق، بأنه مختص في تزوير العملة، ويمتلك خبرة وتقنيات حديثة في هذا المجال . وبعد رصد حركة لتداول أوراق مصرفية، باشرت التحقيق فرقة أمنية خاصة، ضبطت حوالي 2500 ورقة نقدية من فئة 20 دينارا بحرينيا، إلىجانب بطاقات ائتمانية، وبطاقات مرور. وتم اعتقال كذلك ستة مغاربة، وصفوا بأنهم شخصيات نافذة، قدمت الدعم المالي والمعنوي للشبكة، وسهلت أكثر العمليات التي قامت بها العناصر المتورطة في الملف.

وسائل الكشف عن تزويرالعملة
أصدر بنك المغرب قرارا يحدد فيه الطرق التي يفترض في الأبناك أن تسلكها في الكشف عن تزوير الأوراق النقدية ووسائل فرز الأوراق البنكية والمساطير الواجب اتباعها.
وشدد القرار على أن الأبناك ملزمة بمراقبة الأوراق البنكية بمجرد تلقيها من الزبناء، وهي المراقبة التي يفترض إجراؤها بواسطة تجهيزات ملائمة تتيح التأكد من حقيقة الأوراق البنكية. كما أن الأبناك ملزمة بمصادرة الأوراق البنكية المشكوك في صحتها وتسليمها إلىبنك المغرب. ومن أجل تأمين هذه المراقبة يفترض في الأبناك أن تلجأ إلى فرز نوعي أتوماتيكي بواسطة تجهيزات مبرمجة لهذا الغرض أوالقيام بالفرز النوعي اليدوي عبر اعتماد موظفين مؤهلين لذلك.
تقليد وتزوير
ما هو الفارق بين تزييف وتقليد العملة؟
هناك فارق كبير بين التزييف والتزوير.. فالتقليد هوصنع عملة متشابهة في كل شيء من البداية للنهاية للعملة الصحيحة المتداولة باستخدام الأحبار والأوراق والكمبيوتر والطابعات وكل الأدوات المستخدمة في هذاالعمل وهوالأسلوب المنتشر حاليا مع العملة المحلية..
أما التزوير فيتم بإحضار ورقة عملة صحيحة ويقوم المزور بإجراء تغيير فيها لتحويلها من عملة ذات فئة أقل إلى عملة ذات فئة أعلى.. وأكثر عمليات التزوير كانت تخص الدولار الأمريكي، فيتم تحويل الورقة ذات الدولار الواحد إلي 10 دولارات أو 100 دولار، وهذا كان رائجا في السابق. فنقطة ضعف العملة الأمريكية الأساسية أن كل أبعاد العملات واضحة سواء دولارا أو عشرة أو عشرين أو خمسين أو مائة دولار فكلها ذات أبعاد واحدة وهذا يساعد المزورين كثيرا.

ماهي أكثرالعملات تزويرا على مستوى العالم؟
الدولار الأمريكي هو الأكثر تزويرا على الصعيد العالمي ، فنوازل التقليد والتزوير 90 في المائة منها خاصة بالدولار الأمريكي واحصائيات الأمريكان تقول أن النسبة 91 في المائة.

#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات