أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - قسمة ضيزى















المزيد.....

قسمة ضيزى


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 4203 - 2013 / 9 / 2 - 01:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن التغيير الذي طالما انتظره المغاربة و"زكلوا" - أي فوتوا الفرصة- عبر أكثر من خمسة عقود أكثر من موعد لقائه، ومازال هذا الموعد في خبر كان . إذ أنه، على مستوى المنهج أو غياب سبل وغياب توضيح آليات كل الأهداف التي أعلنتها الحكومات المتعاقبة وآخرها حكومة عبد الإله بنكيران رغم كل ما يقال عن تقدم الدستور الجديد.
لقد تأكد بما فيه الكفاية أن سبب "زكل" المغاربة مع التنمية الحقيقية هو قسمة ضيزى لثروات ومقدورات البلاد، فهل "الفكوسة عوجة" أصلا ولا سبيل لتقويمها إلا بالتكسير.
في واقع الأمر إن أغلب المغاربة اليوم لا يطالبون إلا برؤية توضح فشل الماضي والحاضر وما انطوت عليه مختلف التجارب من مثبطات لتحقيق ما ظل يثوق إليه المغاربة منذ الحصول على الاستقلال لرسم ملامح المستقبل المشرق الذي ظل مستعصيا .
لقد تأكد بما يكفي أنه لا يمكن أن نطمع إلى التقدم وتغيير واقع الحال المزري، كما لا يمكن أن نحقق تنمية في صالح كل المغاربة – وليس كمشة منهم – إلا بإعادة النظر بشجاعة ودون مواربة في القسمة الضيزى .
فلم يسبق أن سمعنا يوما منذ حصول "مغربنا السعيد" على الاستقلال – الذي اعتبرته طغمة كاملا مكمولا في حين وُصف بالأعرج عند البعض وشكلي مبيّت عند الكثيرين- أقول لم يسبق أن سمعنا على أنه تمّ القيام بعملية نقدية لأية سياسة سبق اعتمادها رغم أن الكثير من السياسات أضرت بالمغرب والمغاربة، حتى التي طوّعت بالبلاد والعباد إلى الهاوية. وهذا أمر يعكس بجلاء وبفضاضة القيمة التي ظل يوليها القائمون على الأمور على امتداد أكثر من خمسة عقود للشعب وللإنسان المغربي، إذ في نظرهم لا يهم على الإطلاق أن يكون المواطن على علم أو موافق على هذه السياسة أو تلك، وإنما ظلوا يقررون ما يحلو لهم وكفى و"ليشرب الشعب البحر"، كما أنه لا يهم إن نجحوا أو فشلوا، لأنهم على علم –علم اليقين- أنه لا حساب ولا مساءلة.
كنّا نود أن يشكل الدستور الأخير –على علته والظروف التي فرضته – فرصة غير مسبوقة في المغرب لإعداد رؤية وبرامج تأخذ بعين الاعتبار أهمية تقييم ومراجعة السياسات المعتمدة.
فكم من سياسة اعتمدناها – وأغلبها فاشلة بقوة نتائجها على أرض الواقع- لكن لم يسبق تقييم إحداها علنيا وبشفافية ومسؤولية للوقوف على مواطن الخلل. بل هناك من تلك السياسات ما ظلت تتبناه الحكومات المتعاقبة بما فيها حكومة بنكيران.
هذا من بين الأسباب التي جعلت "مغلابنا السعيد" عديم القدرة على مراكمة خبرات فعلية حقيقية ومجدية. ويزيد الطين بلّة بفعل غياب "مستدام" لرؤية شاملة، مما جعل نصف قرن من الاستقلال يذهب سدى بالنسبة لأغلبية المغاربة. إنها حقيقة مرة رغم أن القائمين على أمورنا لن ولن يقبلونها.
وقد يقول قائل أن المغرب حقق بنيات تحتية ضخمة وتقدما نوعيا نسبيا في بعض جوانب ظروف الحياة، لكن كل هذا لم يرتكز على منظومة داخلية تسمح بالتطور الفعلي وتراكم خبرة تدبير آليات التنمية. وهنا تكمن أخطر معضلة يواجهها "مغربنا السعيد" اليوم، سيما أن مصادر ثرواتنا الوطنية هشة جدا وقابلة للانهيار في أي لحظة من حيث لا نحتسب، الشيء الذي يسهل خضوع بلادنا لإملاءات الخارخ والخنوع إليه خنوعا، مما جعل المغرب يعيش بفضل الديون والقروض والصدقات الخارجية.
يبدو أن القائمين على الأمور بالمغرب أجبلوا على أن يسيطر عليهم الفكر الآني واللحظي. ولطالما تحدى البروفسور المهدي المنجرة –الذي يُعتبر من القلائل جدا الذين تابعوا وتتبعوا مسار البلاد بوطنية ومصداقية ونزاهة وعقلانية- القائمين على الأمور والحكومات المتعاقبة على المغرب أن يدلوا برؤية تُأطر عملهم. ومع الأسف الشديد مازال الأمر قائما إلى حد الساعة.
الغريب في الأمر، إبّان الاستعمار والظلم والجور والاستغلال المفضوح- كانت هناك درجة من الشفافية. كان المستعمر الفرنسي يُعلن بكل وضوح عن رؤيته التي يمكن اختزالها في "المغرب النافع والمغرب غير النافع". آنذاك كانت الأمور واضحة، إذ كانت هناك رؤية شاملة – محددة المعالم ومضبوطة المقاصد ومعلومة الأهداف- للمستعمر الفرنسي. كما كانت، زمنئذ، رؤية النخبة المغربية التواقة للتحرر والاستقلال والانعتاق من الاحتلال – سيما بين 1934 و 1954 – واضحة وشفافة المعالم. لقد كانت رؤية بلورتها الحركة الوطنية في مختلف المجالات والقطاعات: السياسية، الاقتصادية، المالية والتعليمية....
لكن بعد الاستقلال تمّ –بكل بساطة – التخلي عن شفافية ووضوح الرؤية، بل التخلي عن مبدأ الاعتماد على رؤية بعد أن تمّ اغتيال الرؤية التي أقرّتها حكومة عبد الله إبراهيم، التجربة اليتيمة في تاريخ المغرب المعاصر. ومنذئذ ظللنا نهيم على أرض "المغرب السعيد" دون رؤية شاملة محددة المقاصد والأهداف إلى حد الآن. إن الرؤية الوحيدة – لو أمكن نعتها رؤية تجاوزا – التي عرفها "المغرب السعيد" هي تلك "الرؤية" التي كانت تخطط للفساد والمزيد من الفساد، وبذلك تحققت الفكرة القائلة ليس شيء من مستقبل إلا شيء واحد إلا الفساد المؤدي للفقر والتفقير، وفي هذا الصدد سبق للبروفسور المهدي المنجرة أن قال:" في المغرب شيء واجد له مستقبل، إنه الفقر والفقرقراطية".
لقد تخلت "النخبة" تدريجيا عن فلسفة تلك الرؤية التي بلورتها الحركة الوطنية وعرفت أبهى ترجمتها على أرض الواقع في برنامج حكومة علد الله إبراهيم. تخلت نخبتنا عن تلك الرؤية وفضلت الارتزاق أو التحالف مع مصالح الانبريالية والاستعمار الجديد، إلى أن وصلنا إلى ما نحن عليه الآن.
لقد كانت بلادنا تتوفر على رؤية في فجر "الاستقلال" وكان حولها إحماع المغاربة الشرفاء. آنذاك كانت النخبة مازالت مرتبطة نسبيا – بشكل أو بآخر – بالشعب وطموحاته، عندما لم تكن سائرة على درب الارتزاق زالانتهازية والوصولية والنفعية. لكن من الأكيد أن النخبة المرتزقة تتوفر فعلا على "رؤية" خاصة بها غير معلنة. إنها رؤية البقاء في السلطة وعلى الكراسي لأطول فترة ممكنة للمزيد من الاستفادات غير المستحقة على حساب أوسع فئات الشعب المغربي. إنها الرؤية التي اعتمدتها بعد عملية مخزنتها (أي النخبة).
ومع استمرار غياب رؤية واضحة المعالم ومحددة المقاصد ودقيقة الأهداف، طغى عدم الوضوح والضبابية في المجال السياسي، وبذلك سيبقى الزيف ينكشف من حين لآخر، وستظل العدالة الاجتماعية بعيدة المنال على أرض الواقع رغم تقريبها في الخطابات الرنانة، وستزداد الفوارق الاجتماعية بين الكمشة الأكثر والأفحش غنى وثراء والسواد الأعظم الأكثر فقرا يوما بعد يوم، وسيبقى الكذب والنفاق من طرف المتحركين على الركح السياسي في "مغربنا السعيد".



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا وجود لعلاقات تجارية بين المغرب وإسرائيل ... لكن
- المغرب : كان الأمل سابقا أما اليوم فضباب فوق ضباب
- جذور تهميش وإقصاء جيل من المغاربة لم يفرح بشبابه
- تقنين زراعة الكيفّ في المغرب... إلى أين؟
- هل ولج المغرب نادي مالكي الغواضات الحربية؟
- هل هناك ربّان يدير اللعبة السياسية في المشهد المغربي اليوم م ...
- حميد شباط العدو الأول للحكام الجزائريين
- الجزائر ...والانحدار إلى المجهول
- كيف يتم خداع الجماهير؟
- خصام العلم والأخلاق والسياسة
- مغاربة يقاتلون بسوريا هل هي ظاهرة أو مجرد حالات معزولة
- الهروب من السجون والمعتقلات من الحماية إلى اليوم
- 2013 المغرب تحت مجهر التقارير الدولية
- قضية الصحراء: أول نجاح للمغرب لدى البرلمان الأوروبي
- -لادجيد- المخابرات العسكرية أو الخارجية : ظلها في كل مكان
- هل من الحكمة المطالبة بإلغاء معاش البرلمانيين والوزراء الساب ...
- ضرورة فضح الديون الكريهة -المكسي بديال الناس عريان-
- فاز -الإصلاحيون- في إيران فهل تتحسن العلاقات المقطوعة بين ال ...
- المغرب: السلفيون يلجون السياسة من بابها الواسع
- الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي الاسباني هل بات المغرب يشك ...


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إدريس ولد القابلة - قسمة ضيزى