أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - جذور تهميش وإقصاء جيل من المغاربة لم يفرح بشبابه















المزيد.....

جذور تهميش وإقصاء جيل من المغاربة لم يفرح بشبابه


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 4161 - 2013 / 7 / 22 - 06:34
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


إن واقع البطالة يهدد شريحة اجتماعية عريضة جدا من جيل رجال الغد ، خاصة حاملي الشهادات والذين استفادوا من التعليم، وهذا أمر لم يعد إشكالية عابرة بالنسبة لبلاد في طريق النمو ما زال في حاجة ماسة للكثير من الخدمات والأطر، وإنما أضحى معضلة يستعصي حلها في المستقبل المنطور، هذا علاوة على تداعياتها والانعكاسات الخطيرة المترتبة عنها التي ستظل تكبّل فرص الانطلاق من جديد. باعتبار أن الأمر لا يهم عددا كبيرا من المغاربة و إنما يهم أغلبية ساحقة من رجال الغد لم ينعموا يوما بإمكانية حصولهم على مكان تحت شمس وطنهم. و هذا في وقت اتضح فيه بجلاء فشل مبادرات و تدابير المسؤولين في حل معضلة البطالة التي لم تعد آفة كما هو الحال في مختلف المجتمعات و إنما هي في طريقها للحكم على أكثر من جيل بالتهميش و الاقصاء بالمغرب مدى حياتهم – جيل بكامله ضاعت حياته والبقية آتية- و كل المبادرات المتخذة إلى حد الآن فشلت فشلا ذريعا بل منها ما زاد من حدة الآفة و سرع من وتيرتها...
و رغم نضال الشباب المغربي من أجل حقهم في الشغل و العيش الكريم منذ عقد و نصف من الزمن، والذي يضمنه لهم الدستور المغربي وكل المواثيق الدولية، و رغم أنهم أدوا ثمن ذلك قمعا و محاكمات صورية و اعتقالا و سجنا و ضربا في الساحات العمومية... مما يبين، و بجلاء، زيف شعارات المسؤولين من قبيل العهد الجديد و النهوض بالعالم القروي والتنمية البشرية ...
فبجميع الأقاليم – على امتداد "المغرب السعيد"- ارتفعت أصوات المعطلين الشباب منذ سنوات خلت في مختلف الأماكن، ولازالت دار لقمان على حالها . وذلك رغم أنهم عملوا على فضح سياسة لوبيات التشغيل و التلاعب بمصير جيل كامل.
فمنذ سنة 1998 والجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب وجمعيات أخرى مماثلة ، التي تأبى السلطات المغربية الاعتراف بها رسميا خوفا من الاعتراف الضمني لواقع تريد الاستمرار في ستره والتخفيف من وطأته وخطورته. و اعتبارا لهذا الوضع لا يرى الشباب المعطل – جيل كامل من رجال الغد- أمامه إلا ضرورة الاستمرار في النضال و تقديم أجسادهم قربانا لهراوات الأمن الوطني في الساحات العمومية على مرأى الجميع دون تحريك ساكنا أو اللجوء إلى المغامرة بالحياة قصد الهروب إلى الخارج بأي ثمن.
هذا هو حال أغلب رجال الغد بالمغرب حاليا. لكن هل هذه الوضعية مستحدثة أم أن جذورها تتوغل في تاريخ المغرب المفعم بالفساد والتفريط في المواعيد مع التاريخ مما ساهم في شل حركية الشعب المغربي وإعداده لقبول واقع الحال الذي أضحى قدره: القبول بجود مغربين وليس مغرب واحد، "المغرب – الجزيرة": مغرب الرفاه والتمرغ في الثروات دون حسيب ولا رقيب، و"المغرب- المحيط": مغرب التهميش والفقر وانسداد الأفق.
فما هي جذور واقع الحال هذا؟
فمنذ خروج الاستعمار المباشر من الباب وعودته مستترا من النافذة بفعل تواطؤ بعض أبناء جلدتنا والشعب المغربي ينشد الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، من خلال ديمقراطية شعبية تمكنه من تقرير مصيره الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي. لكن أسرّ هؤلاء المتواطؤون الانقلاب في كل مرّة الشعب من خلال بناء نظام سياسي مغلق من أعلى بواسطة الدين والمقدسات والقهر البوليسي والعسكري والمخابرات، كما أنه مغلق من أسفل بالهيمنة على مختلف المقدرات الاقتصادية ومصادر الثروة الوطنية وإطلاق اليد لنهب الأراضي واستغلال الكادحين وقهر المعارضين، وبذلك عاش المغاربة انغلاقا و(حصارا) مزدوجا من الأعلى والأسفل.
وفي خضم المعاناة والقهر السياسي والاجتماعي والاقتصادي، كانت الانفجارات الاجتماعية في مختلف ربوع البلاد، وبلغت حدة درجة كادت تتسبب في سكتة قلبية نتيجة ، إذ انبسجت الانتفاضات الجماهيرية الواسعة جل المدن من اجل للمطالبة بالتغيير الجذري، وأشهرها انتفاضات سنوات 1965 و1981 و1984 و1990. لكن هذه الانفجارات الشعبية كانت دائما تخمد بالقمع المنهجي وبتفريخ الأحزاب من كل نوع ولون، لكنها ذات قاسم مشترك، خدمة مصالحها من خلال التسابق للدوران في فلك النظام على حساب المطالب الشعبية ومصالح أوسع فئات الشعب المغربي . وساندت هذه الأحزاب المستحدثة بطريقة اصطناعية وغير طبيعة مختلف سياسات التفقير والتهميش، وهلّلت لخوصصة جل المرافق العمومية وساندت وارتفاع أسعار فواتير الماء والكهرباء وساهمت في تدمير قطاع التعليم العمومي ومحاباة التعليم الخاص و تدمير الصحة العمومية فأصبح يعز على المواطن علاج نفسه دون رشاوى أو دون دفع تكاليف غالية لجهاز طبي جشع مجرد من الإنسانية لا هدف له سوى مراكمة الثروات والمتاجرة في صحة المواطن التي لا تساوي حياته سعر بصل في مغرب الليبرالية المتوحشة والانفتاح. ومقابل كل هذا تمّ تكريس تجميد الأجور وتمديد ساعات العمل لاستخلاص اكبر فائض قيمة ممكن وضمان أضخم درجة للاستغلال. وموازاة مع ذلك تم اعتماد مسلسل التسريحات الفردية والجماعية الشغيلة مما زاد من اتساع رقعة الفقر ودوائر الإقصاء والتهميش، استكملت الدائرة بتجميد التوظيف وإتلاف حق الشغل تدريجيا إلى أن أضحى واقع حال معيش ودائم.
ولم يكتف القائمون على الأمور بهذا الحد، وإنما تجاوزوه إلى هو أظلم وأفظع، إذ تمّ فرض الضرائب بمعدلات عليا – غير مطاقة- على ذوي الدخل المحدود في حين تم إعفاء ملاكي الأراضي الكبار وأصحاب رؤوس الأموال من مستحقاتهم الضريبية أو السماح لهم بالتهرب منها بسهولة، واتسع مآل الاغتراف من النفقات العمومية وأموال الشعب دون حسيب ولا رقيب ، اختلاسا وتبذيرا، هذا رغم أن البلاد لا تعيش إلا اعتمادا على الديون الخارجية، مما رهن مستقبل أجيال من المغاربة. ومع تراكم المديونية، إن على الصعيد الداخلي والخارجية ازداد الهجوم الغاشم على جيوب الكادحين بغية سدادها من خلال اقتطاع ضرائب مباشرة متزايدة من الأجور الزهيدة والمتآكلة أصلا بفعل غلاء المعيشة أو بشكل غير مباشر من خلال تقليص أو تجميد أو إلغاء الاعتمادات المخصصة للمرافق العمومية، لاسيما الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية.
ومع هبوب رياح الربيع العربي حاول الشباب المغربي تقليد تمرد الشعوب الأخرى على مستبديها وكسرها لجداري الصمت والخوف و جر الجماهير الشعبية بدورها للخروج إلى الشارع للمطالبة بالتغيير الحقيقي وإسقاط الفساد في البلاد، لكن تم الالتفاف على تطلعات الشعب المغربي للحرية والانعتاق من الفساد والاستبداد. وهنا يبرز سؤال جوهري: لماذا تم تذكر أن الأمور ليست على ما يرام عندما هبّت رياح الربيع العربي وليس قبل ذلك، علما أن المطالب هي ذاتها منذ عقود؟ وهو سؤال يفضح السرائر...
هذه بعض معالم جذور واقع الحال المرّ الذي يعيشه "مغربنا السعيد" حاليا ليس إلا... والحالة هذه، فإن أسباب السكتة القلبية مازالت تتربص بـ "المغرب السعيد" بفعل الضغط المتفاقم الذي تعيشه أوسع فئات الشعب المغربي.
اللهم قد بلغت...



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقنين زراعة الكيفّ في المغرب... إلى أين؟
- هل ولج المغرب نادي مالكي الغواضات الحربية؟
- هل هناك ربّان يدير اللعبة السياسية في المشهد المغربي اليوم م ...
- حميد شباط العدو الأول للحكام الجزائريين
- الجزائر ...والانحدار إلى المجهول
- كيف يتم خداع الجماهير؟
- خصام العلم والأخلاق والسياسة
- مغاربة يقاتلون بسوريا هل هي ظاهرة أو مجرد حالات معزولة
- الهروب من السجون والمعتقلات من الحماية إلى اليوم
- 2013 المغرب تحت مجهر التقارير الدولية
- قضية الصحراء: أول نجاح للمغرب لدى البرلمان الأوروبي
- -لادجيد- المخابرات العسكرية أو الخارجية : ظلها في كل مكان
- هل من الحكمة المطالبة بإلغاء معاش البرلمانيين والوزراء الساب ...
- ضرورة فضح الديون الكريهة -المكسي بديال الناس عريان-
- فاز -الإصلاحيون- في إيران فهل تتحسن العلاقات المقطوعة بين ال ...
- المغرب: السلفيون يلجون السياسة من بابها الواسع
- الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي الاسباني هل بات المغرب يشك ...
- اغتصاب الأطفال عندنا أضحى مقلقا جدا عندنا
- ضلّلونا بأكثر من مقلب
- الجزائريون ينتظرون رئيسهم من سيحصل على تأشيرة ولوج قصر المرا ...


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - جذور تهميش وإقصاء جيل من المغاربة لم يفرح بشبابه