|
بشَّار الذي فَقَدَ ترسانتيه -المنطقية- و-الكيميائية-!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4215 - 2013 / 9 / 14 - 15:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قديماً، وقبل اشتعال فتيل الصراع في سورية بين الشعب والطاغية، والذي كان سلمياً قبل أنْ يُلوِّنه بشار (وشركائه في اغتصاب السلطة) بلون الدَّم، كان كل سوري وعربي يخشى على "الأمن القومي العربي" من "الترسانة النووية" الإسرائيلية يتحدَّث، في فخرٍ واعتزازٍ ووُدٍّ، عن "الترسانة الكيميائية (والبيولوجية)" لسورية، مع أنَّ دمشق لم تتحدَّث عن "سلاح الفقراء النووي" هذا، والذي قد يَصْلح رادعاً يردع إسرائيل "العسكرية النووية"، و"العسكرية دون النووية"، بما يؤكِّد حيازتها هذه "الترسانة"؛ أمَّا الآن، وبعد، وبسبب، "جريمة غاز السَّارين" التي ارتكبها بشار الأسد في حقِّ أبناء شعبه من المدنيين الأبرياء العُزَّل في غوطتي دمشق الشرقية والغربية، فلا شعور يستبدُّ بنا إلاَّ الشعور بالعداء لهذه "الترسانة"، التي أراد لها بشار أنْ تكون رادعاً يردع الشعب عن المضي قُدُما في حراكه لإطاحته. بشار، على ما يَظُن، أو يَتَوهَّم، اشترى الآن بقاءه، أو زمناً إضافياً لبقائه، الذي لن يُبْقي على شيء من سورية، بثَمَنٍ هو قبوله أنْ تُنْزَع من يده "ترسانته الكيميائية"، بدءاً من كَشْف "المواقع (والأماكن)"، ونَقْل الإشراف والسيطرة عليها إلى "فريق دولي". أقول هذا وأنا أعْلَم أنَّ في الأمر كثيرٌ من المناورة والمراوغة والمخاتلة؛ فهذا "السَّفَّاح الكيميائي" يتنازعه الآن مَيْلان في هذا الأمر: مَيْل إلى التَّسليم والاستخذاء والخضوع، ومَيْل إلى المناورة والمرواغة والمخاتلة. ولا بدَّ من "الضَّغْط" بما يُرجِّح لديه كفَّة المَيْل الأوَّل على كفَّة المَيْل الثاني. بشار، والذي نُزِعَت من ذرائع بقائه (في الحُكْم) البقية الباقية من "المنطق"، استذرع، في "قبوله"، بما لا يُصَدِّقه حتى أولئك الأكثر تعصُّباً له؛ فهذا الذي يحسده موسوليني على ما أظْهَر من فاشية، بَرَز في ثياب بابا الفاتيكان، وعلى هيئة "حمامة السلام"، فخاطب العالَم (وكأنَّه يَخْطُب في قومٍ من الأغبياء) قائلاً إنَّه فَعَلَها من أجل السلام والأمن والاستقرار، إقليمياً ودولياً، ولتجنيب شعبه (والجيران) ويلات الحرب؛ ولو كان "المجتمع الدولي" مُحِبَّاً للسلام مثله لعاقب ضحايا بشار بمَنْح هذا المجرم جائزة نوبل للسلام! لكنَّ هذا "الجواب" لبشار سرعان ما ولد سؤالاً، يشبه "الابن العاق"؛ فإذا كان "حرصه على السلام" هو "ذريعة إذعانه"، فما هو "السَّبَب" الذي حَمَلَه، مِنْ قَبْل، على ابتناء تلك "الترسانة الكيميائية (والبيولوجية)" الرهيبة؟ إنَّ على بشار أنْ يجيب أوَّلاً عن هذا السؤال؛ فإذا ما أَحاطَنا عِلْماً بـ "السَّبَب"، وإذا ما كان رَدْع "إسرائيل النووية" هو "السَّبَب"، فلا مناص لنا، عندئذٍ، من أنْ نَصوغ مِنْ دهْشَتِنا السؤال الآتي: وهل زال السبب حتى يَبْطُل العجب؟! ونمضي قُدُماً في تَعَقُّب "التَّهافُت" في "المنطق"، وهو سِمَة كلِّ "سياسة" ناصَبَ أصحابها "الحقيقة الموضوعية" العداء؛ فها هي روسيا (التي تُماثِل "سوريا" في "أحرف البناء") تُعْلِن، غير مرَّة، أنَّ المعارَضَة السورية (أو بعضاً منها) هي التي ارتكبت "الجريمة الكيميائية" في غوطتي دمشق، كما ارتكبت، مِنْ قَبْل، "جرائم كيميائية" أصغر حجماً في أماكن سورية أخرى. لقد حَمَّلت "المعارضة" مسؤولية ارتكاب هذه الجريمة (مبرِّئةً، في الوقت نفسه، ساحة بشار) من غير أنْ تُكلِّف نفسها عناء الإتيان بدليلٍ، ولو كان من قبيل الدليل على أنَّ الشَّمس هي التي تدور حول الأرض. وكان لا بدَّ، مِنْ ثمَّ، "إنزال العقاب"؛ فلا جريمة بلا عقاب؛ ولقد عاقَبَت روسيا هذا "المجرم"، أيْ المعارضة السورية، باقتراحها تجريد "البريء"، وهو بشار الأسد، من "ترسانته الكيميائية"؛ فبئس "مصالح" تتصالح مع خطأ من قبيل "1 + 1 = قِرْد"! ولَمَّا كان الشيء بالشيء يُذْكّر، تَذَكَّرْتُ سبب وفاة والدي؛ فَمَا أنْ عَلِم بمرض والدتي العضال حتى فارق الحياة؛ لقد مرضت والدتي، فأودى مرضها بوالدي! أَمْرهما حيَّرني؛ فَلِمَ لم يَشْتَرِط بشار وبوتين "النَّزْع المتبادَل المتزامِن للسِّلاحَيْن الكيميائيين: سلاح بشار وسلاح المعارضة"، ما داما صادقَيْن في زعمهما أنَّ "المعارضة" هي وحدها "المجرم الكيميائي"؟! ولو كان الشعب السوري من السذاجة بمكان، ومُصَدِّقاً لِما بين يديه من مزاعم بشار وبوتين، لَنَزَل إلى الشارع، مناشِداً حكومته أنْ تَقيه، وتدرأ عنه، شرور "كيميائي الإرهابيين"، وألاَّ تَنْزَع "ترسانتها الكيميائية" إلاَّ بالتزامُن مع نَزْع السِّلاح الكيميائي من أيدي "الإرهابيين"! أمَّا "الجامعة العربية" فأَبَت إلاَّ أنْ تقيم الدليل على أنَّ "منطقها" لا يَقِلُّ تَهافُتاً؛ فأيَّدت وبارَكَت تجريد سورية (الأسد) من "ترسانتها الكيميائية"، ضاربةً صفحاً عن "الترسانة النووية الإسرائيلية"، وكأنَّ "المبدأ" الكامِن في موقفها هذا (المُعْلَن في أحد جانبيه، وغير المُعْلَن في جانبه الآخر) هو الآتي: لَكَ "حق التَّمَلُّك"؛ لكن ليس لَكَ "حق الاستعمال"؛ فإذا اسْتَعْمَلْتَ هذا الذي تملك، فَقَدتَّ "حق التَّمَلُّك"! أَعْلَمُ أنَّ "الترسانة الكيميائية" السورية هي "أداة" في يد بشار الأسد، يستخدمها في ارتكاب جرائمه في حقِّ المدنيين من الشعب السوري؛ ولا بدَّ من تجريده منها اليوم قَبْل غَدٍ؛ لكنَّ "الجامعة" كان ينبغي لها ألاَّ تَضْرِب صفحاً عن "الترسانة النووية" الإسرائيلية، وأنْ تَقْتَرِح، في الوقت نفسه، وبصفة كونها حريصة على "الأمن القومي العربي"، نَقْل الإشراف والسيطرة على هذه "الترسانة" إلى "فريق عربي"، يَمْنَع استخدامها ضدَّ الشعب السوري، ثمَّ يعيدها إلى صاحبها، أيْ الدولة السورية، بعد تسوية الأزمة، وانتهاء الصراع؛ كان ينبغي لها أنْ تَقْتَرِح هذا الاقتراح ولو لَمْ يُؤخّذ به، وظلَّ حِبْراً على ورق.
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كَمْ من الولايات المتحدة يَقَع في خارج حدودها؟
-
طاغوت
-
-عناقيد المجرَّات-.. لماذا لا تغادِر أماكنها؟
-
معنى -الضَّرْبة-.. ومعنى -المبادرة-
-
-مبادرة- تقول لبشار: سَلِّمْ تَسْلَمْ!
-
أوباما.. ما بين -الذرائعية- و-السببية-!
-
المدافعون عن -هولوكوست الغوطة-!
-
-الغوطة-.. دَرْسٌ في السياسة الدولية!
-
أخطر ما تمخَّض عنه -جَدَل الضَّرْبة-!
-
قبل ساعات من الضربة!
-
-الفقر- و-وعي الفقر-.. -الطاغية- و-شيخ الطاغية-!
-
تفجير طرابلس!
-
-الثورة المصرية-.. ظواهر ميدانية تطلب تفسيراً
-
الثورة المصرية.. نتائج وتوقُّغات
-
التناقُض المُدمِّر لثورات -الربيع العربي-!
-
في -الإشكالية الدستورية- المصرية
-
في -الفاشية- و-البلطجة-!
-
-مفاوضات- في -لحظة تاريخية فريدة-!
-
هذا ما بقي لإنقاذ مصر!
-
كيف تُؤسَّس -النَّظريات-؟
المزيد.....
-
أول رد من إيران على تصريحات ترامب عن -إنقاذ خامنئي من موت مش
...
-
تحقيق إسرائيلي يكشف عن أوامر بقتل فلسطينيين أثناء تلقيهم مسا
...
-
11 شهيدا معظمهم أطفال في غارة إسرائيلية غربي مدينة غزة
-
ترامب: وقف إطلاق النار بغزة بات قريبا
-
فستان أبيض وياقة عالية.. من صمّم إطلالة العروس لورين سانشيز
...
-
ترامب يشكر قطر على دورها في اتفاق السلام بين رواندا والكونغو
...
-
خبير عسكري: عمليات المقاومة تعيق تقدم جيش الاحتلال داخل غزة
...
-
لا وجود لـ-المهدي المنتظر- في تونس
-
ترامب يتوقع التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة -خلال أسبوع-
...
-
فيديو لدب يتسبب في إغلاق مطار باليابان وإلغاء رحلات
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|