أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - أوباما.. ما بين -الذرائعية- و-السببية-!















المزيد.....

أوباما.. ما بين -الذرائعية- و-السببية-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4208 - 2013 / 9 / 7 - 22:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"الأسباب" في عالَم السياسة الواقعي ليست كالأسباب في العالَم الفيزيائي أو الطبيعي؛ فهي ليست صريحة، مباشِرة، عارية من كل ما من شأنه تمويهها وزركشتها وتزيينها وتزييفها..
ولنا في أزمة، وتفاقُم أزمة، الصراع السوري، والصراع الدولي والإقليمي في سورية، بَعْد، وبسبب، "جريمة الغوطة الكيميائية"، التي ارتكبها بشار الأسد، خير مثال، لجهة وضوحه وقوَّته؛ وإنَّها لمهمَّة في منتهى الصعوبة والتعقيد أنْ تَكْشِف وتَكْتَشِف "الدافع الحقيقي الأقوى والأهم" الكامن في "المواقف السياسية (المُعْلَنَة)" للدول والحكومات والأفراد من قادة ورؤساء ومسؤولين..
أَمْعِنْ النَّظَر في كلِّ "سبب"، يُقدَّم على أنَّه "السبب الحقيقي" لـ "موقف سياسي ما"، فَتَجِد أنَّ فيه من "المنطق الذرائعي والتبريري" ما لا يسمح لكَ بالتوصُّل إلى "التعليل" و"التفسير". أَمْعِنْ النَّظَر في "جريمة الغوطة"، ولجهة "صلتها السببية" بما يقوله ويفعله الرئيس أوباما، الآن، فلن تَجِد فيها ما يَصْلُح "تعليلاً" و"تفسيراً" لـ "موقفه"، بوجهييه "الكلامي" و"العملي"؛ فهل من "الحكمة السياسية" أنْ تُصَدِّق أنَّ الرئيس أوباما سيُسدِّد ضربته العسكرية (المحدودة) إلى بشار الأسد (الحُكْم، لا الشخص) لأنْ ليس من المقبول أبداً أنْ يُسْمَح لحاكِم مستبد، لديه "ترسانة كيميائية"، باستخدام هذا النوع من أسلحة الدمار الشامل ضدَّ شعبه، أو ضدَّ المدنيين الأبرياء العُزَّل من أبناء شعبه؟!
إنَّكَ يكفي أنْ تسمع الرئيس أوباما يتكلَّم عن هذا "السبب"، الذي ينبغي لنا، على ما يريد ويتوقَّع، أنْ نقتنع بـ "بوجاهته"، حتى تَجِد نفسكَ مضطَّراً إلى أنْ تتساءل عن "الدافع الحقيقي (الأقوى والأهم)"، والذي حَرِصَ الرئيس أوباما على تمويهه وإخفائه، والنأي به عن أبصارنا وبصائرنا، من طريق تغليفه وتدثيره بهذا "السبب المُعْلَن"، والذي لكونه يُرجِّح كفَّة الشَّك على كفَّة اليقين، في تفكيرنا، يَصْلُح "ذريعةً (وتبريراً)" أكثر ممَّا يَصْلُح "تعليلاً (وتفسيراً)".
الرئيس أوباما هو وحده الذي يعرف "الدَّافِع الحقيقي" الكامِن في "موقفه السياسي المُعْلَن"؛ ولكنَّه لا يستطيع الإفلات من "التناقض" الذي يحكمه، ويتحكم فيه؛ فهو لا يستطيع إلاَّ أنْ يصغي لهذا "الدَّافِع الحقيقي"؛ كما لا يستطيع إلاَّ أنْ يُعبَّر عنه بما يَحُول بيننا وبين إدراك هذا "الدَّافِع"، والوقوف عليه، وكأنَّ السياسة، في عالَمها الواقعي الحقيقي، لا تحكمها، وتتحكَّم فيها، إلاَّ "دوافِع"، لصاحبها مصلحة في حجبها وتمويهها بما يتيسَّر له من "الذرائع (والتبريرات)".
إنَّ من قواعد "اللعبة" في عالَم السياسة، وإذا ما أراد "اللاعِب" النجاح والفوز، أنْ يجتهد في النأي بـ "دافعه الحقيقي" عن أبصار وبصائر الناس، وأنْ يلبسه، في الوقت نفسه، لبوساً صالحاً من "الذرائع (والتبريرات)".
و"الدافِع الحقيقي" للرئيس أوباما لا تبحثوا عنه في خارج "حلبته"؛ فلا صلة سببية له في سورية، أو في جوارها الإقليمي؛ إنَّه يتَّصِل فحسب بمصالح الرئيس أوباما، وبالصراع الذي يخوضه في "الدَّاخِل"؛ فهنا، وهنا فحسب، يكمن العِرْق النابض لسياستة، ومواقفه، في "الأزمة السورية"، وفي كل أزمة خارجية.
إنَّ الرئيس أوباما هو وحده الذي يستطيع (إذا ما أراد) أنْ يُحدِّثكَ عن السبب الذي حَمَلَه على أنْ يَقِف من "مأساة الغوطة" هذا الموقف، وهذا الموقف فحسب، وأنْ يَقِفه الآن، وليس مِنْ قَبْل.
وأحسبُ أنَّ خير طريقة في الفهم أنْ نَنْظُر إلى "السبب" المُقدَّم والمُعْلَن على أنَّه "نتيجة"، ينبغي لنا البحث عن "سببها"، وأنْ نمضي قُدُمَاً في سَيْرِنا هذا، وصولاً إلى "السبب (أو الدافع) الحقيقي"، والذي خلَّصْناه وصَفَّيْناه ونَقَّيْناه من "الشوائب"، والتي هي كناية عن "الذرائعية"، بصورها وأشكالها كافَّة.
لا خلاف مع الرئيس أوباما على أنَّ "جريمة الإبادة لمئات المدنيين السوريين بغاز السَّارين"، والتي ارتكبها بشار الأسد، فيها من الوحشية ما يُلْزِم "المجتمع الدولي" أنْ يُعاقِب مرتكبها أشدَّ عقاب؛ و"العقاب الأشد" هو الذي يردعه عن تكرار جريمته، إذا لم تكن إطاحته جزءاً من هذا العقاب، ويردع غيره، من أمثاله وأشباهه، في الوقت نفسه، عن ارتكاب جرائم مشابهة. وربَّما لا نختلف معه على وجاهة السبب الآخر الذي قَدَّم، ألا وهو أنَّ "جريمة الغوطة" تنطوي على تهديد للأمن القومي للولايات المتحدة، كما يَفْهَم هو، ويُعرِّف، الأمن القومي لبلاده.
لكننا نختلف معه، ولا بدَّ لنا من أنْ نختلف، إذا ما أراد أنْ يُصَوِّر لنا هذين السببين المُعْلنين على أنَّهما هُما نفساهما "دافعه الحقيقي".
ما أنْ ارتكب بشار الأسد جريمته الكيميائية في الغوطتين الشرقية والغربية حتى أدرك الرئيس أوباما أنْ ليس لديه شيء من "الخيارات الجيِّدة"، أيْ الخيارات التي إنْ أَخَذَ بأحدها جَرَت الرياح بما تشتهي سفينته؛ وكان عليه، من ثمَّ، أنْ يُفاضِل بين "خيارين سيِّئَيْن"، أو بين "أَمْرَيْن أحلاهما مُرُّ"، أو بين "أَهْون الشَّرَّيْن"؛ فإمَّا أنْ يَضْرِبَ بشار، وإمَّا أنْ يَضْرِب عن ضَرْبه.
إذا لم يَضْرِب (بما يُعاقِب بشار، ويردعه، ويردع غيره) فلن يمضي وقت طويل حتى يَشْعُر الرئيس أوباما، ويتأكَّد، أنَّه "الضحية المتأخِّرة" لـ "مجزرة الغوطة"؛ فهو شخصياً سيتضرَّر كثيراً من الوجهة السياسية؛ وهذا الضرر سيَلْحَق، أيضاً، بكل مَنْ معه في "القارِب نفسه". إنَّ الضَّرَر سيُصيب أوَّلاً، وعلى الفور، "القوَّة الدولية" للولايات المتحدة؛ وهذا الضَّرر هو الذي سيُتَرْجَم، بَعْد مضي بعض الوقت، بضرر (سياسي) كبير يصيب الرئيس أوباما شخصياً، وكل مَن يَتَّحِد معه، ويَشْتَرِك، في المصير نفسه.
مصلحة الرئيس أوباما تقضي بضَرْب بشار ضربة عقابية رادعة؛ فهذا هو أفضل الخيارين السَّيِّئَيْن لديه؛ لكنَّه يخشى، في الوقت نفسه، العواقب والتَّبِعات؛ فالصراع السوري، أو الصراع الدولي والإقليمي في سورية، فيه من التعقيد، ومن احتداد صراع المصالح، ما يجعل كثيراً من عواقب وتَبِعات الضربة في خارج "التوقُّعات الأكثر واقعية"؛ وأحسبُ أنَّ أشدَّ ما يخشاه الرئيس أوباما هو أنْ يعمي العين التي يريد تكحيلها، أيْ أنْ يكون للضربة من العواقب والتَّبِعات ما يلحق به ضرراً يفوق أضعافاً مضاعفة الضرر الذي كان سيلحق به لو أَخَذَ بالخيار السَّيِّئ الآخر، خيار الإضراب عن ضرب بشار.
في هذا الحيِّز الضَّيِّق الذي تتركَّز فيه مصالح سياسية شخصية وفئوية للرئيس أوباما ينبغي لنا البحث عن "دافعه الحقيقي"، والذي للرئيس أوباما (وفريقه) مصلحة في تمويهه وزركشته وزخرفته، وحجبه، من ثمَّ، عن الأبصار والبصائر، بجملةٍ من المبادئ السياسية والإنسانية والأخلاقية العامة. إنَّ بشار يستحق الضربة؛ لكن ما قدَّمه وأعلنه الرئيس أوباما من أسباب لا يستحق التصديق!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المدافعون عن -هولوكوست الغوطة-!
- -الغوطة-.. دَرْسٌ في السياسة الدولية!
- أخطر ما تمخَّض عنه -جَدَل الضَّرْبة-!
- قبل ساعات من الضربة!
- -الفقر- و-وعي الفقر-.. -الطاغية- و-شيخ الطاغية-!
- تفجير طرابلس!
- -الثورة المصرية-.. ظواهر ميدانية تطلب تفسيراً
- الثورة المصرية.. نتائج وتوقُّغات
- التناقُض المُدمِّر لثورات -الربيع العربي-!
- في -الإشكالية الدستورية- المصرية
- في -الفاشية- و-البلطجة-!
- -مفاوضات- في -لحظة تاريخية فريدة-!
- هذا ما بقي لإنقاذ مصر!
- كيف تُؤسَّس -النَّظريات-؟
- الجدل الذي تخيَّله ماركس بين عامِل ورب عمل!
- وما -الرَّوح- إلاَّ من أساطير الأوَّلين!
- النسور يَطْلُب مزيداً من الضرائب!
- النمري الذي يُسِيءُ فهم ماركس دائماً!
- لماذا الماركسي لا يمكن أنْ يكون -ملحداً-؟
- -الإسلام السياسي-.. -حقيقة- تَعرَّت من -الأوهام-!


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - أوباما.. ما بين -الذرائعية- و-السببية-!