أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فارس حميد أمانة - مشاهدات من المانيا - الجزء التاسع















المزيد.....

مشاهدات من المانيا - الجزء التاسع


فارس حميد أمانة

الحوار المتمدن-العدد: 4203 - 2013 / 9 / 2 - 14:38
المحور: كتابات ساخرة
    


لماذا نحمل معنا دائما كل جزئية من شخصياتنا ونحن نسافر الى بلد غريبة ثقافته عن ثقافاتنا ؟ لماذا لا يسهل التأقلم مع المجتمعات الجديدة علينا ونقع أغلب الأحيان في مطبات يصعب تجاوزها ؟ نأخذ معنا أحيانا خوفنا من الحاكم حتى وان كنا نبعد عنه آلاف الكيلومترات بسبب التسلط والفردية والقمع لسنوات طويلة كما أفهم .. وقد ذكرت جانبا من ذلك في مقالتي " مشاهدات من بلاد الثلج – الجزء الثالث " والتي نشرت في موقع الحوار المتمدن ..
نحمل معنا أحيانا خوفنا من التكنولوجيا الحديثة فنحتك بها بالقدر الأقل .. ذلك شيء أفهمه بسبب الفارق الكبير بين مجتمعاتنا والمجتمعات المتقدمة لا سيما الغربية منها .. كما نحمل معنا وفي دخائلنا أشياء كثيرة تسبب لنا أو لمن معنا حرجا كبيرا ..لكن أن نحمل معنا رغباتنا وشهواتنا الحقيرة أنى سافرنا فذلك شيء لا أفهمه .. الجنس متوفر ومبذول في الغرب بل ويعتبر جزءا من الثقافة الغربية وهو منتشر ومتاح في جنوب شرق آسيا أيضا .. فهناك أماكن خاصة لممارسة الجنس وباشراف ومراقبة طبية .. وهناك شوارع خاصة تنتشر فيها العاهرات ممن يحملن بطاقة فحص طبي .. وهناك الصداقات التي تعقد ويؤدي غالبها الى ممارسة الجنس .. أعرف الكثير ممن سافر الى أوربا وقضى معظم وقته كما قضى على معظم أمواله في تلك الممارسات الشهوانية الحقيرة دون أن يترك لنفسه مجالا للتمتع بجمال البلد أو المدينة التي هو فيها ..
أتفهم الحاجة الحارقة للجنس لمن هم في عمر الشباب .. لكنني لا أفهم كيف يهتز الكثير من شبابنا العرب ويفقد التوازن حيث يضع الجنس كهدف وحيد لا يرى سواه ولا يحقق غيره .. اننا نقدم أنفسنا وما نحمل من مال لقمة سائغة للعاهرات والقوادين ثم نحط من أقدارنا بذلك التهافت .. والاهتزاز .. والدونية ..
ساقتني قدماي مساء يوم مثلج جدا من أيام شهر شباط عام 1990 ومعي زميل رحلتي المهندس "ك" داخلين الى بوابة أقدم وأشهر حانة جعة في ميونخ .. كانت حانة Hacker Pschorr حانة كبيرة من طابقين يعج الطابق الأرضي كل مساء برواد الحانة التقليديين من العجائز وكبار السن وأغلبهم ممن شهد الحرب العالمية الثانية أو شارك بها .. كان منظرهم وأمامهم أقداح الجعة البافارية الكبيرة رائعا جدا .. أما الطابق العلوي فكان غالبية رواده من الشباب ومتوسطي العمر حيث تتوفر الأكلات البسيطة من النقانق والبيتزا والبطاطا المقلية .. وكان أغلب الحاضرين يرقصون عندما تعزف الفرقة الموسيقية وهم يرتدون الزي البافاري التقليدي المؤلف من بنطلون قصير حد الركبة وجوارب طويلة وسترة قصيرة مع قبعة بافارية مزينة بريشة طويلة من جناح الصقر الجبلي ..
كن رواد الحانة من الألمان بالطبع فهم فخورون بها اذ كان هتلر يتردد عليها قبل تسلمه منصب قيادة الرايخ الألماني الثالث اضافة الى الكثير من مختلف قارات العالم .. أذكر اني قلت مرة للنادلة انه يجدر بهم تسمية الحانة باسم Fuenf Continantale Brau وتعني حانة القارات الخمس فابتسمت بعذوبة حيث أعجبتها ملاحظتي ..
كان اليوم يوم عطلة نهاية الاسبوع عندما دخلت وصاحبي معي حيث لا توجد طاولات فارغة بسبب الازدحام .. اقتربت من فتاة شقراء في عشرينيات ربيعها حيث كانت تجلس وحيدة على طاولة مستأذنا منها في مشاركتنا لها طاولتها .. قبلت ذلك مبتسمة .. جذبت كرسيا يبعد عنها بكرسي واحد تاركا فراغا بيني وبينها وأنا أشكر لها قبولها لنا .. أما صاحبي "ك" فقد حرك الكرسي المجاور لها بالضبط ليجلس عليه وهو يلاصق كرسيها تماما .. لم تعر بالا لحركته الفجة تلك واكتفت بابعاد كرسيها بضعة انجات ..
لاحظت ان أمامها قدح جعة كبير وهي تحتسي منه بكميات قليلة جدا .. فطلبنا الجعة ثم تعارفنا .. كان اسمها lorry وهي أمريكية .. تحادثنا دقائق قليلة فما كان من "ك" الا وان أشار الى كأسها قائلا "اشربي" .. امتعضت قليلا لكنها رفعت الكأس الضخم الى شفتيها واحتست كمية قليلة .. قال لها صاحبي بعد أقل من دقيقة "اشربي" .. فأجابته ممتعضة انها تشرب عندما تريد أن تشرب .. كرر لها ذلك عدة مرات وهو يلح عليها بالشرب حتى أجابته بحدة " ان الكأس لا يملك قدمين ولن يهرب " .. كانت الاجابة لاذعة جدا .. وكان موقفي محرجا من الحاح صاحبي الذي تخيل وبأمل عريض انها ستسكر بعد لحظات فينقض عليها مفترسا مفاتنها .. حدثته بالعربية طالبا منه الكف عن التعامل معها وكأن لا شخصية لها .. انتبهت الشابة لحديثنا بلغتنا مرتبكة وأكاد أجزم انها حدست محور الحديث ..
ابتدأ العزف توا .. أتذكر ان احدى المقطوعات كانت معزوفة Lambada أي الرقصة المحرمة الجنوب أمريكية عندها هب أغلب الرواد للرقص مستمتعين به طائرين أزواجا أزواجا .. كنت أستمتع بمشاهدتهم وأدندن مع اللحن الذي كان ولايزال يعجبني كثيرا .. وكنت أنقر بأصابعي برفق على الطاولة غير مشغول بالمشاحنات التي تحدث بين دقيقة وآخرى بين صاحبي والفتاة حيث كان يلح عليها بالشرب .. تركتهما وأنا منسجم تماما مع اللحن حتى قالت لي : " لماذا انت لست معنا ؟" فأجبت مدهوشا :"بل معكما" .. فردت بحنق :" أقصد أن يكون بالك معنا وتتحدث معنا " عرفت ان المضايقة الشديدة من صاحبي هي سبب سؤالها .. " أحب الموسيقى كثيرا " هذا ما أجبتها به ..
قال صاحبي للفتاة ونحن في عز السهر والمتعة :" أتذهبين للفندق ؟" .. ردت بغضب : " بالتأكيد سأذهب لفندقي عند انتهاء السهرة .. أتظن انني سأبيت في الشارع ؟" .. شددت الفتاة على كلمة فندقي وهي تجيبه بحنق .. كانت تلك دعوة غبية منه للفتاة لممارسة الجنس .. الا ان الرجل الغارق تحت تأثير الرغبة الجامحة لم يعتقها من ذلك حيث كرر عليها رغبته بذهابها معه الى الفندق وهي تكرر عليه "أي فندق؟" فيجيبها "فندقي" فترد عليه بمشاكسة غاضبة " لكن لدي فندقي الخاص بي " فيتلعثم دون المقدرة على الرد فأشرت اليه بطرف عيني أن يترك الفتاة وشأنها.. الا ان الهر الشبق أبى ذلك ..
عزفت مقطوعة راقصة جميلة هذه المرة .. رأيت أن أخلص الفتاة المسكينة من صاحبي فقمت داعيا اياها للرقص .. قام صاحبي من كرسيه ملسوعا حال سماعه كلماتي .. كان ذلك منظرا غريبا ونحن الثلاثة نقف سويا وهي تتسائل " من سيراقصني ؟ انت أم هو؟ " أجبتها ان الخيار لها .. رجحت انها ستختارني للرقص بعد ما فعله صاحبي بها ولكوني صاحب الدعوة .. لم يترك صاحبي لتوقعاتي الفرصة لأن تتحقق مطلقا فقد قبض على معصم المسكينة كالشرطي الذي يقبض على سارق متلبس .. ثم سحبها الى الحلبة قالبا أحد الكراسي ودون أن يمنحها فرصة الرد أو الرفض أو حتى القبول .. كان يرقص معها وهو يحتضنها بشدة ويلصق بطنه المنتفخة كبطن امرأة تقترب من الولادة بشدة ببطنها .. وكان يحتضنها وكأنه يفرغ في بطنها أمطار شهوته الحارقة وهي تحاول التملص من قبضته .. بعد أقل من دقيقة دفعته متملصة منه ثم رجعت الى كرسيها وهي تحركه الى الخلف ضاربة بقوائمه الأرض بغضب شديد .. وكنت أنا ملتصقا بالكرسي لا أعرف ما أفعل ..
بعد ان جاوزت الساعة منتصف الليل وشارفت الحانة على غلق الأبواب اقترح صاحبي على الفتاة اكمال السهرة في مكان آخر .. التفتت الي وقالت " هل ستأتي معنا ؟ " أومأت برأسي موافقا .. ثم خرجنا ..
كان البرد شديدا جدا اذ كانت درجة الحرارة تنخفض كل ليلة في تلك المرة دون الصفر بعشر درجات بعد ان ضربت ميونخ عاصفة ثلجية .. كنت أرتعش تحت معطفي ذي الفرو الاصطناعي الذي ابتعته قبل بضعة أيام .. وكذا كان "ك" .. اقترحت الفتاة ان نهرول اتقاء البرد .. ففعل الجميع .. بعد دقائق وأنا أحدثهم مهرولا اكتشفت ان لا أحد يجيبني منذ فترة .. التفت فلم أجد أحدا بجانبي .. نظرت فاذا بالاثنين يقفان بعيدا ويتجادلان والفتاة تزعق بصاحبي الذي أصبح أخرسا للتو .. رجعت اليهما .. كانت الفتاة تسأله :" لماذا تحضنني؟" أجابها "ك" بتلعثم : "أشعر بالبرد الشديد " كان جوابا غبيا جدا فزعقت الفتاة به : "أتشعر بالبرد؟" أومأ براسه نعم فردت بعصبية شديدة :" ابتع لنفسك معطفا ثانيا لتلف به بطنك الكبيرة هذه " .. قالت ذلك وهي تشير بيدها الى بطنه .. انفجرت ضاحكا ولم أفلح بفض الشجار بينهما الا بعد لأي .. ثم تابعنا سيرنا الى حانة آخرى ..
ضمنا المكان الجديد نحن الثلاثة وعينا صاحبي تدوران في السقف والكراسي ثم قال لي :" هل تذكر انني أخبرتك قبل بضعة أيام انني وزميل آ خر جلسنا في حانة غالية الثمن ؟ أظن انها نفسها .. وأعتقد انني سأغادر " قلت له انني سأشاركه بنفقات السهرة رغم انه صاحب الدعوة .. الا انه بدا قلقا ومتوترا فقام الى دورة المياه ولم يدلف للداخل بل بقي واقفا ببابها ثم أشار لي بالمجيء فاستأذنت من الفتاة وسرت نحوه فقال : " لقد تأكدت الآن انها نفس الحانة وسأغادر " فطلبت منه عدم المغادرة اذ سيبدوا ذلك مهينا جدا للفتاة ووعدته بأن أدفع كل الكلفة مقابل تعقله وعدم الهبوط بنا الى الحضيض .. بدا انه غير مقنع فخرج منسحبا ورجعت الى مكاني مع الفتاة ..
قالت لي " لن يرجع صديقك؟ " فأجبت على مضض "نعم" .. فسألت بانزعاج كمن شعر توا بالاهانة : " لماذا؟" قلت :"لا أعرف" فردت بحدة هذه المرة قائلة : " بل تعرف .. ولابد أن تجيبني على سؤالي أو أخرج" قلت للفتاة : "لقد رغب بجسدك وليس بصداقتك .. ولم توافقي .. فلماذا رفضت ذلك ؟ " بهتت من سؤالي وردت بعصبية بالغة وبثقة وكبرياء " أنا حرة في اختيار الرجل الذي أمنحه نفسي " فأجبتها : "حسنا اذن .. لقد مارست حريتك معه .. وقد مارس معك حريته اذ لم يرغب بالبقاء .. لقد تعادلتما " فردت بسرعة :" وما فعله معي من مضايقة تشبه مضايقات المراهقين؟ .. ما قولك؟" قالت ذلك بلهجة المنتصر فرددت : " لا أوافقه على ما فعل بالتأكيد .. والآن هل ستدعينا نحتسي الجعة ونتحادث قليلا قبل أن يبزغ الفجر" ..



#فارس_حميد_أمانة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عذاب آل كشموش .. شخصية لن تتكرر
- قوة الرجل .. وضعف المرأة .. وزوربا اليوناني
- مشاهدات من بلاد النكت .. والزحمة .. والشطارة - الجزء الرابع
- مشاهدات من بلاد النكت .. والزحمة .. والشطارة - الجزء الثالث
- مشاهدات من بلاد النكت .. والزحمة .. والشطارة - الجزء الثاني
- مشاهدات من بلاد النكت .. والزحمة .. والشطارة - الجزء الأول
- من نوري السعيد الى غرو هارلم
- مشاهدات من المانيا - الجزء الثامن
- مشاهدات من المانيا - الجزء السابع
- مشاهدات من المانيا - الجزء السادس
- مشاهدات من المانيا - الجزء الخامس
- مشاهدات من المانيا - الجزء الرابع
- مشاهدات من المانيا - الجزء الثالث
- مشاهدات من المانيا - الجزء الثاني
- ما الذي ستقدمه بغداد لأمريكي وايطالي وفرنسية ؟
- مشاهدات من المانيا - الجزء الأول
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء السابع والأخير
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء السادس
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الخامس
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الرابع


المزيد.....




- MAJID TV “تثبيت تردد قناة ماجد 2024” .. نزلها في خطوة واحدة ...
- الروائية ليلى سليماني: الرواية كذبة تحكي الحقيقة
- -الرجل الذي حبل-كتاب جديد للباحث والأنتروبولوجي التونسي محمد ...
- شارك في -صمت الحملان- و-أبولو 13?.. وفاة المخرج والمنتج الأم ...
- تحميل ومشاهدة فيلم السرب 2024 لـ أحمد السقا كامل على موقع اي ...
- حصريا حـ 33 .. مسلسل المتوحش الحلقة 33 Yabani مترجمة للعربية ...
- شاهد حـ 69 كامله مترجمة .. مسلسل طائر الرفراف الحلقة 69 بجود ...
- التمثيل الدبلوماسي العربي في فلسطين... أهلا وسهلا بالكويت
- معرض الدوحة الدولي للكتاب.. أجنحة ومخطوطات تحتفي بثقافات عُم ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فارس حميد أمانة - مشاهدات من المانيا - الجزء التاسع