أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فارس حميد أمانة - مشاهدات من المانيا - الجزء الثالث














المزيد.....

مشاهدات من المانيا - الجزء الثالث


فارس حميد أمانة

الحوار المتمدن-العدد: 4177 - 2013 / 8 / 7 - 10:23
المحور: كتابات ساخرة
    


هاهي المانيا تلوح لي من نافذة الطائرة مرة آخرى بعد سبع سنوات ..حطت بنا الطائرة في فرانكفورت وسط عاصفة من الثلج والصقيع .. كان ذلك في شباط من عام 1990 .. ثم سرعان ما حلقت بنا طائرة آخرى صوب الجنوب .. صوب ميونخ .. مدينة التاريخ والجمال والألب المثلج والزهو الألماني المستفز أحيانا ..كانت حقائبي مليئة حيث طلبت منا احدى زميلاتنا ان نحمل الكثير من الأكل العراقي كالبامياء المجففة والبهارات والكيك البيتي الصنع الى عائلة خالتها التي هاجرت الى المانيا قبل سنوات طويلة ..بعد اكتمال اجراءات المطار وصلنا فندق دانيال في قلب ميونخ .. هجع الجميع من زملائي بعد تلك الرحلة الطويلة لكنني رغبت بالتسكع في شوارع المدينة رغم البرد الشديد حيث ضربت المدينة عاصفة ثلجية انخفضت درجة الحرارة بعدها الى خمس عشرة درجة تحت الصفر .. لكن الجو تحسن بعد انتهاء العاصفة بأربعة أيام حيث أصبحت درجة الحرارة الصغرى خمس درجات تحت الصفر والعظمى صفر .. يا سلام على البرد والصقيع والشمس تشرق بتمازج لوني غريب .. يا سلام ..
في اليوم الرابع تحديدا اتصلت بالخالة حيث معي رقم هاتفها وعنوان شقتها الا انها لم توافق على أخذنا لسيارة أجرة للوصول الى مسكنها بل أرسلت الينا ابنها الكبير أمثل وهو شاب يافع في الثامنة عشر من عمره .. شاب جميل المحيا .. أنيق .. غاية في التهذيب .. وما ان وصلنا حتى استقبلتنا السيدة على باب العمارة .. كانت سيدة راقية جدا .. في الخامسة والأربعين من العمر كما خمنت .. جميلة .. أنيقة .. تتحرك وتتكلم بهدوء شديدين .. أما الابنة قرطبة فتلك حكاية آخرى .. قطعة من السماء سقطت على الأرض .. رقيقة كالمخمل .. هادئة كنسمة .. كانت بسنوات ربيعها السبعة عشر أحلى ما في الجلسة التي استمرت حتى بعد منتصف الليل .. أما الأب فكان حاصلا على شهادة الدكتوراه في هندسة النفط ولم يكن موجودا بيننا اذ غادر قبل شهر بعد حصوله على عقد عمل في الصحراء الليبية .. قدمت لنا السيدة طعاما لذيذا كعشاء ثم استمتعنا بعدها بمشاهدة مسرحية كاسك يا وطن للمثل الكوميدي السوري دريد لحام .. لا أعرف لماذا كانت المسرحية ممنوعة من العرض لدينا في العراق؟ كانت مسرحية هادفة تنقد الحكومات بشكل عام دون أن تمس حكومة معينة أو حاكما معينا .. الا ان قائمة الممنوعات في بلدي كانت طويلة جدا ........
سألت السيدة سؤالا غريبا كنت أعرف الاجابة مسبقا لكنني رغبت بترك أثر واضح من هذه الزيارة لدى بقية زملائي من المهندسين ممن يصغرونني سنا وكانت هذه المرة الأولى التي يغادرون فيها العراق .. سألت : لدينا في العراق معايير خاصة وضعناها بأنفسنا لقياس مستوى الشرف في العراق فمثلا نحن نحكم على عائلة ما حكما قاسيا جدا ان رأينا ابنتهم واقفة في الباب أو فوق السطح .. ونحكم حكما رائعا جدا على شخص من مجرد " سيماؤهم في وجوههم " دون النظر لمفردت آخرى لهذا الشخص وبصمته في مجتمعه الذي يعيش فيه .... الخ .. فما المعايير التي يستخدمها الالمان لقياس الشرف عندهم ؟
قالت لي السيدة : لن أجيبك بشكل مباشر .. سأذكر لك مثالا تعرف فيه الاجابة .. هل لاحظت انني تأخرت بعض الشيء عند سلامي على أحد الالمان الذي كان يغادر العمارة التي كان يسكنها معنا ؟ انه السيد ماير حيث ينتخبه العمال كل سنة مثالا للألماني الشريف في المصنع الذي يعمل به رغم كونه عاملا بسيطا فيه .. فهو يحب المانيا بشدة وحريص على عمله الى درجة كبيرة .. ومرة ما قرأ تقريرا اقتصاديا مفاده ان عشرين بالمئة من الاقتصاد الألماني يعتمد على المدخرات الفردية للألمان فتعود ان يقتطع ما يكفيه من راتبه لكل شهر ويهرع الى البنك ليودع ما تبقى بل ويسأل أصحابه مذكرا اياهم ان كانوا قد وضعوا ما زاد من الراتب في البنوك أم لا .. فهو يعتقد انه قوي طالما كانت المانيا قوية .. ولن تكون قوية ان لم يكن اقتصادها متينا ..
أعترف انني لم أكن أتوقع جوابا كهذا .. كان ولاء هذا الألماني لوطنه ولعمله ولاقتصاد بلده ..
فأجبتها : لو كان مسموحا لي التصويت مع هؤلاء العمال لصوت لهذا الألماني الشريف ..



#فارس_حميد_أمانة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاهدات من المانيا - الجزء الثاني
- ما الذي ستقدمه بغداد لأمريكي وايطالي وفرنسية ؟
- مشاهدات من المانيا - الجزء الأول
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء السابع والأخير
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء السادس
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الخامس
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الرابع
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الثالث
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الثاني
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الأول
- هل يستحق عبد الهادي المجبل الفرعون كل ذلك ؟
- قوادون .. لصوص .. متسولون .. وخمارون من الزمن الجميل
- الجاسوسان
- أنا .. ومعي الآخرون


المزيد.....




- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فارس حميد أمانة - مشاهدات من المانيا - الجزء الثالث