أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فارس حميد أمانة - مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الأول















المزيد.....

مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الأول


فارس حميد أمانة

الحوار المتمدن-العدد: 4165 - 2013 / 7 / 26 - 18:24
المحور: كتابات ساخرة
    


سافرت الى مصر كسائح في العام 1977.. لكنني لم أسافر الى بلد أوربي للمرة الأولى الا في عام 1981 وكان ذلك نهاية شهر آب .. كانت سفرة رائعة جدا لكن الوصول الى العاصمة أوسلو كان صعبا ومعقدا جدا..
كان خط السفر على متن احدى طائرات الخطوط الجوية العراقية الى كوبنهاكن وهي أبعد عاصمة أوربية تصلها الطائرات العراقية ثم من المفترض ان نركب طائرة الخطوط الجوية الاسكندنافية الى أوسلو.وقد كان موعد اقلاع الطائرة عند الثالثة فجرا ومن الطبيعي وفي كل مطارات العالم المتقدم أو المتخلف على حد سواء أن تصل بوابة المطار قبل ساعتين. وقد وصلت المطار عند السادسة مساء اليوم السابق أي قبل الاقلاع بتسع ساعات. ثم التقيت زميل السفر المهندس خالد الجنابي الذي وصل لاحقا. وعند الساعة الحادية عشرة مساءا لمحت قطعة معدنية عند احد منافذ شحن الحقائب للتنبيه بشحن الحقائب لمسافري كوبنهاكن ( عرفت لاحقا انها طريقة متخلفة حيث يتم الاعلان في مطارات العالم الآخرى بلوحات الكترونية ) فهرعنا الى الكاونتر في طابور طويل جدا وكنت لا أتقدم من مكاني الا سنتمترات قليلة كل حين.. وعند الساعة الثانية عشرة تقريبا كنت وخالد قد تحركنا مترا واحدا فقط عندما أعلن " سلطان الزمان " من خلف الكاونتر بأن الطائرة قد امتلأت ولا يمكن استقبال أي مسافر آخر..صعقت ثم صرخت به : وهل نحن في كراج العلاوي ؟ وهو مرآب للسيارات الخارجة من بغداد الى المحافظات وهو مرآب مشهور بالفوضى والازدحام الذي يقترب من الهرج والمرج ..وما العمل؟ .. هكذا صرخت به ..فأجابني ببرود : ليس هذا شغلي..كان هذا أحد افرازات الحرب العراقية الايرانية المشتعل اوارها منذ فترة.
لكم ان تتصوروا كيف أمضينا الساعات الطوال ونحن نحاول ان نجد لنا منفذا من هذا المأزق ثم لاح لنا بصيص أمل اذ ان خالد لمح قبطانا يعرفه فركض اليه شارحا المأزق فوعدنا ان يجد لنا مكانين لمضيفتين حيث ان المضيفات يخدمن أكثر وقت الرحلة ولا يجلسن. عند الساعة الثالثة فجرا احترق خيط الأمل هذا بعد ان سمعت هدير محركات الطائرة وهي تقلع..وعند الرابعة فجرا أسقط في ايدينا فاستأجرنا تاكسي الى بيت خالد وصلناه عند الخامسة ولم ننم طبعا حيث تناولنا افطارنا ثم أخذنا سيارة أجرة آخرى الى مكتب الخطوط الجوية العراقية في السعدون ومعنا حقائبنا المثقلة بالكليجة والتمر والملابس ولم نجد أحدا عند الثامنة فقد كان الدوام يبدأ في التاسعة.
بالطبع كان هجومنا عنيفا على ممثلي المكتب الا ان موظفة أرتني شاشة الحاسوب لديها لتعلمني ان البطاقتين مؤشر عليهما ok ويبدوا ان موظفي المطار سرقوا هذا التأكيد..ما العمل؟ هكذا سألتها وباحباط شديد؟
كان الحل الوحيد هو الطيران في هذا اليوم ( وهو اليوم الثاني ) الى عمان – الأردن ثم قضاء يومين اضافيين هناك ثم ركوب طائرة خطوط عالية الملكية الى فرانكفورت والبقاء ليوم كامل في المانيا ثم أخذ طائرة الخطوط السويسرية الى كوبنهاكن وبعد ساعتين نستقل طائرة الخطوط الجوية الاسكندنافية الى الى أوسلو !!! لقد أصبحت أوسلو حلما بعيد المنال!!
رفض خالد القبول بهذا المسار الطويل والمتعب والذي يستغرق منا أربعة تضاف الى اليوم الذي تأخرنا فيه في بغداد . فأقنعته بكوننا سنحضى بفرصة اجبارية لزيارة الأردن مع فرصة قضاء يوم في المانيا وكانت المطارات تمنح سمات دخول اضطرارية تسمى 24 hour visa. تقبل مرغما .. غيرنا المسار وأكدنا الحجز ثم أخذنا سيارة أجرة راجعين الى المطار العتيد.. صعدنا الطائرة بصعوبة كبيرة فقد كان معنا العديد من المصريين العاملين في العراق والهاربين من جحيم الحرب العراقية الايرانية وبالطبع كان هناك تدافع شديد وكان أحد المصريين يحمل معه تلفازا كبيرا مغلفا بصندوق كارتون.. يبدوا انه كان غير قادر على التخلي عنه وكان يدفعني بقوة ليزيحني عن سلم الطائرة حتى انني كدت أقع وأدق عنقي.. ورفض أحد المضيفين ادخال الصندوق الى متن الطائرة فحدثت مشاحنة قوية بين الاثنين وكان المصري مصرا على ان ما يحمله هو hand bag والقانون الدولي يسمح له بحمل حقيبة يد الى متن الطائرة .. حدث كل هذا وانا وخالد لا نزال محشورين على سلم الطائرة..ثم حدثت المعجزة..
قبل المضيف ادخال التلفاز بعد الحاح المسافرين والحاح المسيطرين الجويين للاسراع باقلاع الطائرة خوفا من قصف محتمل.
هبطنا في مطار عمان عند المساء وبتنا ليلتين بعد ان حضينا بفرصة لمشاهدة هذه المدينة وفي اليوم الثالث وهو الرابع منذ بدء ملحمة كلكامش أقلتنا سيارة أجرة الى المطار لنفاجأ بان طائرات خطوط عالية تطير الى فرانكفورت مرتين في الأسبوع وتحديدا الثلاثاء والجمعة واليوم هو الاثنين !!! سيارة أجرة أخرى تقلنا الى مكتب عالية في وسط البلد ومعنا وككل مرة حقائبنا حيث بقيت على الناصية أحرس الحقائب ليدخل خالد الى المكتب وليخرج بعد دقائق محبطا.. لا يمكن السفر بطائرة الغد.. ممتلئة..!!!!
طلبت منه حراسة الحقائب لأجرب حظي مع فاتنات عمان.. ذهبت أولا الى المقهى القريب لأغتسل ومن التعب والارهاق فلا يمكن لي أن أمارس ذكورتي على فتاة ساحرة الجمال وأنا مغبر أشعث.. دخلت وانا أجول ببصري حتى وقع على فتاة رائعة الجمال بالغة الرقة اقتربت منها قائلا : حيا الله جمال الأردن ...فابتسمت لي ..كان هذا أملا لا أريد التخلي عنه.. اردفت: نحن ضيوف الملك حسين وجيرانكم من العراق ونحن في أزمة منذ 3 أيام. وشرحت لها باختصار ما حدث من تأخير واحراج مع الشركة النرويجية راعية التدريب ...الخ
خرجت الى خالد وأنا أريه الحجز الجديد..لم يصدق عينيه بالطبع ..كان السفر الى فرانكفورت في اليوم التالي أي الرابع منذ حزم الحقائب..بالطبع أقلتنا سيارة أجرة الى فندق وبتنا ليلتنا دون نوم فرغم ان الطيران المزمع في الثانية عشرة ظهرا فقد كنا منذ الفجر ننتظر في احدى قاعات المطار.. وعند اقتراب الساعة الحادية عشرة انتابني القلق فلا أثر ولا نداء فاقتربت من أحد الموظفين لأستفسر منه حيث أجابني بعصبية لم أعرف تبريرا لها : لا يوجد حجز باسميكما....وبعد احباط شديد والحاح مني لمساعدتنا في الطيران الى فرانكفورت أخبرني بوجود مسافرين اثنين لم يصلا بعد وقبل اقلاع الطائرة بخمس دقائق وفي حال عدم حضورهما سيعطينا المقعدين لكن وقبل تحرك الطائرة من ال taxi way ووصول هذين المسافرين سينزلنا من الطائرة .. ياله من بصيص أمل لا بد وان نتمسك بأذياله .. قبلنا بالطبع وجلسنا في مقعدينا ونحن نصلي بخشوع ليموت هذان الاثنان ويا لها من دقائق طويلة.. ثم حلقت الطائرة لنصل بعد أربع ساعات الى فرانكفورت..هاهي أوربا أخيرا.. سنأتيك يا أوسلو فانتظري..
جلسنا في احدى قاعات الترانزيت للاستراحة قليلا قبل النزول الى فرانكفورت وكان ذلك ممكنا جدا في تلك الفترة فجاء الينا ضابط الماني بمعطفه الكاكي الطويل وسحنته المتجهمة والنجوم الصغيرة التي تلتمع على ياقة معطفه ليدقق في جوازينا وكأنه تفاجأ بوجودنا غير المرغوب فيه فأعلمته ان سفرنا الى أوسلو عبر كوبنهاكن سيكون غدا وسنطلب سمة الدخول الطارئة فأجاب باقتضاب Nein وكانت تعني بالألمانية كلا..قلت له : سنبيت الليلة في فندق المطار وكانت الاجابة بالطبع Nein فقلت حانقا : سنبيت الليلة في قاعة الترانزيت لتصعقني الاجابة القاتلة Nein تمالكت أعصابي خوفا من طردنا وارجاعنا الى عمان فقلت مستهزءا حسنا سنعلق أجنحة Ikarus ثم نطير من القاعة كعباس بن فرناس ..لم تعجبه اجابتي بالطبع وقال باقتضاب أيضا : Nein ثم اقتادنا الى موظفة حجز عرفت من لهجته انه يقصد ان تخرجنا من المطار بأقصى سرعة..حجزت لنا بطاقتين الى كوبنهاكن بطائرة ستقلع بعد عشر دقائق مع حجز لاحق بساعتين الى أوسلو ولم أكن مصدقا فقلت متشككا : ماذا لو لم نلحق بهذه الطائرة؟ ..أجابتني: ستلحق بها وسأنادي الطيار لينتظركم فقط هيا وبسرعة . هرولت مع خالد لكنني لا أزال متشككا فرجعت اليها وانا أققول وببلاهة شدية : لنفترض يا سيدتي انني لم ألحق بها فما العمل؟ قالت بابتسامة : لدينا طائرة الى كوبنهاكن كل ساعتين يا سلام !!!!
هرولنا مرة آخرى الى النفق الخاص بهذه الطائرة لأجد باب الطائرة وهو يغلق.. يا الله .. ثم انفتح الباب مرة آخرى .. لقد وصلت الاشارة الى الطيار بالراكبين التعيسين.. ركبنا ثم وصلنا الدانمارك بعد ساعة..وعند الانتظار لساعتين في مطار كوبنهاكن سألني خالد ان كان هناك ضمان بصعودنا متن الطائرة التالية المغادرة الى أوسلو فذهبت من فوري الى أحد الضباط على البوابة فأكد لي ان اسمينا من ضمن الراكبين..
وأخيرا وفي اليوم الخامس وصلنا أوسلو لنجد مفاجأة آخرى بانتظارنا
عندما حملت حقائبنا من عمان كتب عليها المسار بالتاريخ الذي سنصل فيه وبما ان الضابط اللعين أخرجنا من فرانكفورت قبل يوم فان حقائبنا ستصل على رحلة آخرى وبعد يوم..كان وصولنا المطار في ساعة متأخرة وبالطبع لم نجد أحدا من ممثلي الشركة بالانتظار نتيجة لكل هذه التغييرات فأخذنا سيارة أجرة الى فندق ما . وأذكر ان خالد لم يأخذ معه حقيبة يد في الطائرة فقضى ليلته وهو يرتدي أحد الشراشف على وسطه فكان منظره كمنظر رجل يماني خارج توا من الحمام..ضحكنا كثيرا ثم غفونا من التعب..
وعند تناول الافطار في الفندق عند الصباح الباكر ونحن نفكر بوسيلة للاتصال بممثلي الشركة لفت انتباهي صوت قرع جرس خفيف وأحد موظفي الفندق يحمل لافتة كتب عليها باللغة الانكليزية : call to Mr. Amana حدثت نفسي بأن الاسم ليس غريبا علي وربما أكون أعرف مستر أمانة .. ثم فجأة قفزت من مقعدي .. المكالمة لي .. من يعرفني في أوسلو؟؟؟ كان محدثي على الهاتف ممثل الشركة الذي قال بانه ينتظر وصولنا منذ خمسة أيام ويحجز لنا في فندق ثم يلغي الحجز لعدم وصولنا وسيرسل لنا سيارة الشركة لنقلنا الى الفندق الخاص بنا وعندما سألته بعد وصولنا لقاعة التدريب : كيف عرفت اننا في هذا الفندق؟ أجابني بأنه سأل السيطرة على التاكسيات ان كان أحد قد نقل شخصين شرقيين من المطار قادمين من كوبنهاكن ليلة البارحة.. وعند تعميم النداء باللاسلكي على كل سواق السيارات أجاب أحدهم انه نقل شخصين شرقيين ليلا وأعطاه اسم الفندق..
يا سلام مرة أخرى.
ثم جلب لنا استمارات خاصة من المطار تتضمن معلومات حول الحقائب فملأنا الاستمارات وارسلها الى المطار وكم كانت دهشتنا كبيرة عندما فتحت باب الغرفة لأجد حقائبي مرتبة ولم تمس. هل أقول يا سلام مرة ثالثة..
في مرة قادمة سأحدثكم عن مشاهدات آخرى من بلاد الثلج ..



#فارس_حميد_أمانة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يستحق عبد الهادي المجبل الفرعون كل ذلك ؟
- قوادون .. لصوص .. متسولون .. وخمارون من الزمن الجميل
- الجاسوسان
- أنا .. ومعي الآخرون


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فارس حميد أمانة - مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الأول