أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فارس حميد أمانة - مشاهدات من المانيا - الجزء الثامن














المزيد.....

مشاهدات من المانيا - الجزء الثامن


فارس حميد أمانة

الحوار المتمدن-العدد: 4189 - 2013 / 8 / 19 - 13:30
المحور: كتابات ساخرة
    


لماذا لا توجد في مدننا العربية الكبرى مناطق خاصة وشوارع للمشاة فقط ولا تدخلها السيارات بضجيجها ونفث دخانها الخانق ؟ ألا تستحق مدننا ذلك ؟ ألا يستحق العرب أمكنة تسوق وسهر ومتعة كهذه ؟
سهرت مرة في السوليتير ببيروت حيث كانت المنطقة تغلق عن حركة ومرور السيارات ليخرج أصحاب المحلات والمقاهي والمطاعم كراسيهم الى الأرصفة لتتحول الى منطقة مشاة رائعة وحتى ساعة متأخرة من الليل .. وشاهدت مرة منطقة مشابهة في العاصمة الأردنية عمان .. لكن كلتا المنطقتين لم تكونا بحجم وروعة تلك المناطق التي شاهدتها في ميونخ وفرانكفورت وفينا وانزبروك وبروكسل وأمستردام وروتردام وموسكو وليوبليانا العاصمة السلوفينية الرائعة وحتى سيئول.. يسمي البريطانيون تلك المناطق Pedestrian zone أما الألمان فيسمونها Fussgenger strasse ..
أروع ما رأيت منطقة المشاة في ميونخ التي تبدأ من ساحة كارلس ومن بوابة Stachus لتمتد لما يقرب من كيلومتر مرورا ببناية دار البلدية التي أنشأت قبل أكثر من قرن .. لتنتهي عند كنيسة Heilig Geist .. لقد كنت أستمتع أكثر ما أستمتع بالتسكع في هذه المنطقة وأنا أحتك بالناس بل أذوب معهم وكأنني جزء من ذلك الخليط .. وأجمل ما في تلك المنطقة ساحة مريم التي تقع قبالة دار البلدية .. هناك تجد ناسا من مختلف الجنسيات بل ومن كل القارات ممن يقضون أجمل الأوقات لا سيما أبان عطلة نهاية الأسبوع حيث تنتشر مقاهي الجعة البافارية الرائعة والقهوة اللذيذة .. وقد تعودت أن لا أفوت أيام الآحاد ولاسيما في الصباح .. كنت أرى أحيانا متسولين لكن بثياب نظيفة جدا يقدمون للمارة فواصل ابداع مدهش ليستحقوا بعد ذلك قطعة نقدية نظطرلدفعها لهم تحت تأثير الاندهاش من البراعة في عمل ما ..
كنت لاهيا مرة فتقدم مني شخص بوهيمي الوجه وعرض علي بأدب جم ورقة عليها رسم وجه .. أخذني الاندهاش وأنا أرى تخطيط بورتريه لوجهي بالقلم الرصاص وبنفس التعابير التي كنت عليها قبل دقائق قليلة .. أدهشني ذلك حقا اذ لم تمض على جلوسي في هذا المكان سوى دقائق لا تكفي لانجاز عمل فني جميل كهذا العمل .. أدخلت يدي في جيبي ثم قدمت له ثلاثة ماركات المانية في حينها .. ومرة وعند مدخل المنطقة رأيت شحاذا جالسا وبيده سلك رفيع وكماشة صغيرة يعملها في السلك طيا وقصا فيتحول السلك الرفيع الى دراجة أو فتاة ترقص أو سيارة أو طفل يرضع أو أشياء آخرى جميلة .. كل هذا وهو ينجز كل قطعة بدقيقتين لا أكثر .. أعجبني ذلك .. أعجبني جدا ..
أما الموسيقيون أو الراقصون أو المهرجون فحدث ولا حرج .. وكلهم يتشابهون في نظافة ملابسهم وتهذيبهم ولطفهم الشديد .. كانت تقفز الى مخيلتي أشكال ووجوه متسولينا بثيابهم القذرة ووجوههم المريضة الكالحة وعاهاتهم وهم يعرضونها عليك بطريقة تثير النفس الانسانية ..
أقتربت يوما من تجمع كبير في ساحة مريم لأرى ما هناك .. دهشت جدا وانا ألمح شارلي شابلن بقامته القصيرة وبدلته السوداء الضيقة جدا وببنطاله القصير وحذاءه الضخم وبالطبع عصاه الشهيرة .. كان الرجل المهرج نسخة طبق الأصل من شارلي شابلن وكان عندما يلمح رجلا أو امرأة ساهية البال يأتي بخطوات متلصصة ليقف خلف الشخص مباشرة لا يفصل بينهما سوى متر واحد ليفعل نفس الحركة التي يفعلها الشخص وبنفس الوقت حتى يخيل لك انهما شخص واحد بنفس الذراع أو الساق أو الرأس .. فان حرك الشخص الساهي ذراعه ليحك رأسه تحركت يد شارلي شابلن المزيف نفس الحركة بالضبط وبنفس الوقت .. كان شيئا مذهلا لم يكن أحد ينتظره أو يتصوره .. ضج الحشد بالتصفيق وانهالت الماركات على الممثل العبقري .. انه وككل المتسولين يقدمون لك شيئا يبهرك مقابل نقود قليلة .. ولك الاختيار في أن تهب أو أن لا تهب .. يا سلام على متسولي أوربا ..
من الممكن ان تلتقي بشخص يجمع التبرعات لكنيسة أو لمؤسسة خيرية كما من الممكن ان تستمع لشخص يرتقي كرسيا أو ما شابه ذلك ليخطب حاضا الناس للانتماء لحزب أو لأخوية بينما يرتقي شخص معارض مكانا آخر ليجمع الناس له .. هكذا .. دون قتال أو عراك بين الاثنين ..
كان صباح الأحد الأخير لي في ميونخ صباحا رائعا رغم البرد فقد أشرقت الشمس بسماء صافية وأخذت مكاني المعتاد أحتسي قهوتي عندما لفت انتباهي أصوات تقترب لمجموعة كبيرة من المتظاهرين وهم يحملون اللافتات ويصرخون منددين أو مؤيدين لشيء ما .. كل هذا والشرطة تسير بجانبهم لحمايتهم .. قفزت من مكاني وأنا لم أكمل شرب القهوة ثم دخلت فجأة وسط الحشد وأنا ألوح بيدي وأتظاهر معهم .. اندفعت لمقدمة التظاهرة صارخا فوضع أحدهم لافتة بيدي فرفعتها عاليا منددا أو مؤيدا اذ لم أعرف لماذا كانوا يتظاهرون ومن هم .. لقد سيطرت علي فكرة التظاهر والشرطة تحميني .. كان شيئا لم أختبره في حياتي .. هذه حرية وديمقراطية تفقد العقل لمن يختبرها للمرة الأولى بعد سنوات قهر وظلم ..
سرت معهم حتى كنيسة Heilige Geist دون أن يضربني أحد أو تعتقلني الحكومة لترمي بي متعفنا في السجن أو متدليا برقبة طويلة من حبل معقود عليها ..
خرجت من التظاهرة وأنا أسأل نفسي : هل ذلك ممكن ؟



#فارس_حميد_أمانة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاهدات من المانيا - الجزء السابع
- مشاهدات من المانيا - الجزء السادس
- مشاهدات من المانيا - الجزء الخامس
- مشاهدات من المانيا - الجزء الرابع
- مشاهدات من المانيا - الجزء الثالث
- مشاهدات من المانيا - الجزء الثاني
- ما الذي ستقدمه بغداد لأمريكي وايطالي وفرنسية ؟
- مشاهدات من المانيا - الجزء الأول
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء السابع والأخير
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء السادس
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الخامس
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الرابع
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الثالث
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الثاني
- مشاهدات من بلاد الثلج - الجزء الأول
- هل يستحق عبد الهادي المجبل الفرعون كل ذلك ؟
- قوادون .. لصوص .. متسولون .. وخمارون من الزمن الجميل
- الجاسوسان
- أنا .. ومعي الآخرون


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فارس حميد أمانة - مشاهدات من المانيا - الجزء الثامن