أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نادين البدير - الكفر الحلو














المزيد.....

الكفر الحلو


نادين البدير

الحوار المتمدن-العدد: 4203 - 2013 / 9 / 2 - 09:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



من كتاب (قواعد العشق الأربعون) للمؤلفة أليف شافاق.

«إنه فى القرن الثالث عشر، المفعم بالصراعات الدينية والنزاعات السياسية والعراك على السلطة، عاش جلال الدين الرومى الملقب بـ(مولانا) وصديقه شمس الدين التبريزى. بعد لقائهما تحول الرومى من رجل دين عادى إلى شاعر صوفى وداعية إلى الحب المنافى للصراع على السلطة باسم الأديان وقتها، كما دعا للروحانية العالمية. وبدلا من الدعوة للجهاد الخارجى (الحرب على الكفار)، دعا الرومى إلى الجهاد الداخلى (جهاد النفس)».

فى أول لقاء بينهما جادل التبريزى، كبير القضاة المتسلط قائلا: «إن الشريعة كالشمعة، توفر لنا نوراً لا يقدر بثمن. لكن يجب ألا ننسى أن الشمعة تساعدنا على الانتقال من مكان إلى آخر فى الظلام، وإذا نسينا إلى أين نحن ذاهبون وركزنا على الشمعة فما النفع من ذلك؟».

وحين حذر القاضى التبريزى من أن خطا رفيعا بين أقواله وبين الكفر المحض قص عليه شمس هذه الحكاية:

«فى أحد الأيام كان موسى يسير فى الجبال وحيدا عندما رأى من بعيد راعيا. كان جاثيا على ركبتيه ويداه ممدودتان نحو السماء يصلى. غمرت موسى السعادة، لكنه عندما اقترب دهش وهو يسمع الراعى يصلى.

(يا إلهى الحبيب إنى أحبك أكثر مما تعرف، سأفعل أى شىء من أجلك، فقط قل لى ماذا تريد. حتى لو طلبت منى أن أذبح لأجلك خروفا سمينا فى قطيعى فلن أتردد فى ذلك. أشويه وأضع دهن إليته فى الرز ليصبح طعمه لذيذا.. ثم سأغسل قدميك وأنظف أذنيك وأفليك من القمل. هذا هو مقدار محبتى لك). صاح موسى: (توقف أيها الرجل الجاهل، ماذا تظن نفسك فاعلاً؟ هل تظن أن الله يأكل الرز؟ هل تظن أن له قدمين تغسلهما؟ هذه ليست صلاة. هذا كفر محض).

اعتذر الراعى. ووعد أن يصلى كما الأتقياء. فعلمه موسى الصلاة. ومضى راضيا عن نفسه كل الرضا. وفى تلك الليلة سمع موسى صوتاً. كان صوت الله: (ماذا فعلت يا موسى؟ لقد أنبت الراعى المسكين. ولم تدرك معزتى له. لعله لم يكن يصلى بالطريقة الصحيحة، لكنه مخلص فى قوله، إن قلبه صافٍ ونيته طيبة. إننى راض عنه. قد تكون كلماته لأذنيك بمثابة كفر، لكنها كانت بالنسبة لى كفراً حلواً).

فهم موسى خطأه، وفى الصباح الباكر عاد للجبال ليجد الراعى يصلى لكن بالطريقة التى علمه إياها موسى. ولكى يؤدى الصلاة بالشكل الصحيح كان يتلعثم مفتقداً للعاطفة والحماسة كما كان يفعل سابقاً. ربت موسى على ظهره: (يا صديقى لقد أخطأت، أرجو أن تغفر لى. أرجو أن تصلى كما كنت تصلى من قبل. فقد كانت صلاتك نفيسة وثمينة عند الله). لم يشأ الراعى العودة لصلاته القديمة، ولم يلتزم بالصلاة الرسمية التى علمه إياها موسى. فقد اكتشف طريقة جديدة للتواصل مع الله. وبالرغم من أنه كان راضياً وسعيداً بإيمانه الساذج فقد تجاوز الآن تلك المرحلة، ما بعد كفره الحلو».

ختم التبريزى: «كما ترى لا تحكم على الطريقة التى يتواصل بها الناس مع الله، فلكل امرئ طريقته وصلاته الخاصة. الله لا يأخذنا بكلمتنا، بل ينظر إلى أعماق قلوبنا، وليست المناسك أو الطقوس هى التى تجعلنا مؤمنين، بل إن كانت قلوبنا صافية أو لا».

الرواية التى تربط بين الماضى والحاضر ربطا مذهلا لم أنهها بعد، لكن انبهارى بها دفعنى للكتابة عنها، مقتبسة بعضا من أجزائها لأدعوكم للاستمتاع بروعتها. تبدو النزاعات الدينية دوامات من الوحل المتحرك، غرقنا بها منذ أكثر من ألف سنة ولا مجال للخروج منها. ويبقى الحب عند الروحانيين هو الأمل الوحيد.

وعن الحب بين عزيز الصوفى وإيلا اليهودية..

يخبرها عزيز بأن الزمن بتصوره يتمحور حول اللحظة الراهنة وأى شىء سوى اللحظة ليس إلا وهما، لذا لا علاقة للحب بخطط الغد، فلا يمكن للحب إلا أن يكون هنا والآن «أنا صوفى. طفل اللحظة الراهنة».

وترد عليه إيلا العصرية «من الغرابة أن تقول ذلك لامرأة تفكر بالماضى كثيرا وتفكر بالمستقبل أكثر، وبطريقة ما لم تمسها اللحظة الراهنة».

أختتم هذه الاقتباسات بالعبارة الأجمل إلى قلبى، التى كتبها عزيز إلى إيلا بطلة الرواية «أرجو أن يجدك الحب عندما لا تتوقعينه».

وشكراً لمن أهدانى القواعد الأربعين، وأتمنى للجميع بداية البحث عن القاعدة الأولى لتصلوا إلى الأربعين. اقرأوا هذا الكتاب. وأكثروا من الكفر الحلو.



#نادين_البدير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كفى نفاقاً.. كفى كذباً وتجهيلاً
- مغلق للصلاة
- آنجى
- حب بشروط النظام
- الآثار عدوة الظلام (فى هدم القبة الخضراء)
- المنسي من التاريخ الإسلامي
- داعية منتصف الليل
- مصر.. يا أهل مصر
- المولد النبوى: شرك أصغر أم أكبر؟
- إخوان الخليج.. مكر الأعدقاء
- نجاة.. لا تموتي
- الشرفاء كلهم خونة
- رسالة إلى حماس.. انتبهوا
- عيون المباحث
- انسوه واغفروا
- فى نادى الكذب الثورى
- الإسرائيلى أحسن من الشيعى!
- أبى.. أريد وقتاً إضافياً
- القابض على دينه
- ترافقينى؟ طبعاً أرافقك (٢)


المزيد.....




- ملجئ الأطفال الوحيد .. تردد قناة طيور الجنة 2024 الجديد على ...
- قوات الاحتلال تداهم عدة منازل خلال اقتحام قربة حارس شمال غرب ...
- سلمى حايك تحضر إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام مع زوجها الذي ...
- بحضور زعماء العالم.. كاتدرائية نوتردام تعيد فتح أبوابها
- بعد 5 سنوات من الحريق المدمر.. إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردا ...
- مظاهرة حاشدة رفضا لحضور ترامب افتتاح كاتدرائية نوتردام بباري ...
- حضور المتبرعين في حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام في باريس
- كاتدرائية نوتردام تفتح أبوابها من جديد بعد خمس سنوات من الحر ...
- ردود أفعال الناس قبيل افتتاح كاتدرائية نوتردام في العاصمة ال ...
- حركة الجهاد الاسلامي: نبارك عملية الدهس قرب مخيم الفوار جنوب ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نادين البدير - الكفر الحلو