طاهر مسلم البكاء
الحوار المتمدن-العدد: 4200 - 2013 / 8 / 30 - 16:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أخذ الصهاينة بما يملكون من فن الدسائس التدخل في تشكيل القرار الأمريكي وتكييفه وفق أهوائهم ومصالحهم ، فأحتلال العراق كان هدفه ،صهيونيا ً ، تدمير الجيش العراقي الذي خرج جيشا" مرعبا" لهم بعد توقف الحرب مع أيران ، فحيك كمين الكويت لصدام الذي بلغ به العمر وشطحات الخيال أن يدخل في مراحل الخرف ،حيث لم يكتفي الصهاينة والأمريكان بحرب صدام مع أيران،ولا بحرب الخليج الأولى ، بل أتبعوها بتدمير العراق أقتصاديا"، وتدمير شعبه نفسيا" ،عن طريق حصار قاسي أستمر لثلاثة عشرة سنة ،ثم صفحة رابعة بحرب تدميرية جديدة سال فيها الدم العربي والأسلامي والأمريكي بكثافة لم يكن لها مايبررها ،وكان بالأمكان التخلص من صدام ،لو كان الهدف صدام ،فقد رأينا، في نهاية الحرب الأولى ، كيف حمل أغراضه وكان ينوي مغادرة العراق ،بعد أن وصلت أنتفاضة العراقيين ، بشماله وجنوبه ، الى قلب بغداد ولكنها أجهضت أمريكيا" ،لأن القائمين بها كانوا لايخضعون للمواصفات اليهودية والأمريكية وشيوخ النفط في الخليج .
وقد يقول قائل ان هناك مغالات فأمريكا هي سيدة العالم اليوم وقادتها هم الآمرون الناهون ووفق لمصالح أمريكا بالدرجة الأولى ، وللجواب على ذلك نقول له أستمع الى أحد أركان سياسة بوش الأب والذين يمييزون بأنهم الغلاة ممن دعوا الى أمبراطورية دموية وهو ويليام سافير ، من ابرز كتاب جريدة نيويورك تايمز ، يكتب مقالا" يذكر فيه أنه ( لايستطيع أن ينام الليل مستريحا" إلا بعدما يسمع صوت شارون على التلفون ثم يغمض عينيه ! ) .
وهؤلاء مفتشوا الأمم المتحدة المكلفون بالتفتيش على اسلحة العراق ورئيسهم ريتشارد بتلر يعاونه مساعده الأول سكوت ريتر ، الذي أعترف فيما بعد أنه كان ينسق كل تصرفاته مع أسرائيل ،وانه في فترة عمله زارها سرا" أثنين وعشرين مرة ، لكي يحولوا دورهم من مهمة تفتيش الى محكمة تفتيش وهناك عشرات الأمثلة الواضحة للباحث عن الحقيقة .
ولنقتطف من أفتتاحية مجلة الأيكونوميست ليوم 15 فبراير 2003 ، وهي مجلة رأسمالية محافظة تمتلك أسرة روتشيلد معظم اسهمها ، تقول المجلة :
( كثيرون في العالم الخارجي يتمنون لو أن الولايات المتحدة ضبطت أعصابها ولو قليلا" . ان هناك ضرورة الآن للجم كلاب الحرب التي أطلقتها الرأسمالية الأمريكية ( النفاثة ) ، بحيث تتصرف الأدارة الأمريكية بمنطق أقرب الى جيمي كارتر ( الرئيس الأمريكي السابق الحاصل على جائزة نوبل ) ،وليس مثل ( جون واين ، بطل أفلام الغرب المتوحش ، لأن المخاوف من الأنفلات الأمريكي باتت حديث موائد العشاء كلها في عواصم اوربا على أختلاف مواقعها ) .
أن امريكا أصبح لديها جيش خطر من المفكرين الذين احترفوا تهييج القوة الأمريكية وأستثارتها حتى تندفع أبعد كل يوم على طريق الحرب ،أن هؤلاء الناس وضعوا لأمريكا جدول أعمال يتضمن الأن خطة لتغيير الشرق الأوسط كله ،وفيما هو واضح فان الرأسمالية الأمريكية تمول وتدعم هذه المؤسسات الفكرية ،التي ضلت طريقها وجنحت الى الأصرار على تطبيق النظام الراسمالي حتى في عوالم الفضاء الخارجي ،ثم يكون مطلوبا" من العالم ان يصفق لهذا الجنوح الأمريكي المجنون المتحصن في دبابات الفكر الجديدة ! ) .
محنة العراق تنقذ سوريا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلسة البرلمان البريطاني في يوم الخميس 29/8/2013والتي يبذل فيها رئيس الوزراء لبريطاني كاميرون جهدا ًأستثنائيا ً لكسب موافقة البرلمان على اشتراك بريطانيا مع حلفاءها في ضرب سوريا ، نجد فيها شيئا ً جديد على الغربيين ،أنه عودة الضمير والشعور بالخطأ الذي أقترف ضد شعب العراق ،بعد أن صورت المخابرات الأمريكية والغربية والصهيونية العراق ،الذي كان يئن تحت أقسى حصار عرفه التاريخ ، وكأنه معقل لأسلحة الدمار الشامل التي قد تصل لتطال المواطن الأمريكي والغربي !
وحصل الساسة في حينها على الضوء الأخضر لتدمير العراق وهذا ما حصل ولكنهم أنفضحوا بعد ذلك فلم يكن العراقيون يملكون سوى السلاح السوفيتي التقليدي الذي تجاوزه الزمن كما تجاوز السوفيت .
لقد كانت أغلب مناقشات البرلمانيين وخصوصا ًزعيم المعارضة تشدد على عدم تكرار تجربة الخطأ الفادح في العراق ووجوب التأني والتأكد من مصدر استخدام هذه الأسلحة ،والسماح لتقرير فريق المفتشين بالأكتمال ومن ثم مناقشته في مجلس الأمن وأتخاذ قرار بشأنه وفي خلاصة التصويت رفض البرلمان البريطاني بالأغلبية ضرب سوريا .
دليل على انخداع الغرب بالدعاية الصهيونية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان رفض البرلمان البريطاني للضربة على سوريا ،سواء حدثت أم لم تحدث ،لهو دليل صارخ على أن شعوب امريكا واوربا لاتوافق على مغامرات ساستها في انتهاج طريق الحرب والقتل والضغينة ، غير انهم دائما ًينخدعون بأعلام مضلل كاذب لبلوغ الأهداف التي يتوخاها الساسة ، وان هذا الرفض ما كان ليحصل بالشكل الذي حصل فيه لولا ما جرى في العراق والمحن والتدمير الذي تعرض له شعب العراق ولا يزال مستمر يواجهه نتيجة الكذب والتلفيق المزوق .
من الواضح ان امريكا صالت وجالت في الساحة الدولية مستخدمة القوة التي استشعرتها بعد الحرب العالمية الثانية ،وتشير الأحصائيات الى أنها شاركت خلال الحرب الباردة في عشرات النزاعات المسلحة وتدخلت بالعنف في الشان الداخلي لأكثر من مائة دولة من دول العالم وكانت تجد في كل ذلك التبرير المناسب !
ينقل الأستاذ هيكل عن زعيم الهند ورئيس وزراءها جواهر لال نهرو قوله :
( أننا محاصرون بقوتين امريكيتين ، واحدة شريرة غامضة تستعمل للتطويع والأخضاع وهي ( وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ) والثانية براقة وخداعة تستعمل للأغواء والأغراء ويقصد بها قوة الأعلام ، ويضيف : صحيح أن هناك قوة ثالثة وهي قوة البنتاجون ( وزارة الدفاع الأمريكية ) ولكن فقدان الناس لحريتهم وفقدانهم لثقافتهم يمكن ان يتم بدون صخب وحتى دون ان يشعروا ) .
وهذا هو ما يستخدم الى الوقت الحاضر لقد كان كاميرون ،حليف امريكا ، يشدد أمام برلمانه ان المعلومات الأستخبارية تؤكد ان النظام السوري هو من أستخدم السلاح الكيمياوي وكان الأعلام الأمريكي والصهيوني والأوربي وأعلام العرب المستعربة يزوق ذلك ويظهره بمظهر الحقائق التي ثبتت فلا جدال فيها ،وكان يمكن ان يمر الأمر بسهولة تامة لولا تجربة ومحنة شعب العراق مع أبواق الدعاية الصهيونية .
#طاهر_مسلم_البكاء (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟