علي عبد الرحيم صالح
الحوار المتمدن-العدد: 4189 - 2013 / 8 / 19 - 22:29
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
إن بطبيعتنا كائنات اجتماعية نعيش مع الآخرين ونحيا معهم ونحب عاداتهم وقيمهم وسلوكهم ، فإنني أحب عائلتي وجيراني واصدقائي وأبناء عمومتي وكذلك أحب الاشياء المشتركة التي نرتبط بها معا ، وبالمثل مثلما يحتل الآخرين حيز كبير في مدركاتنا ومشاعرنا نحتل نحن أيضا مساحة كبيرة في قلوبهم .
وبرغم هذا الحب الذي نحتفظ به للأخرين ، فقد تصل درجة حب الآخرين وقيمهم الى حد العمى ، بحالة لا استطيع أن أفكر في غيرهم ، أو أتعايش مع قيم غيرهم أو عادتهم ، بحيث تصبح العلاقة مع الاشخاص الذين أحبهم أحادية ومنغلقة لا أستطيع التحرك خارج محيطها . وبذلك فإن الحب الاعمى هو حالة من التشوش الذهني مشحون بعاطفة قوية تجعل المحبوب منقاد الى محبوبه بدرجة كبيرة أي بدرجة لا يستطيع أن يراجع فيها عيوب وأخطاء حبيبه .
إن الأذى الكبير من الحب الاعمى هو ما يمارس المحبوب من (جماعة ، طائفة ، مذهب ، حزب ، شخص ) نفوذ وسيطرة علينا ، إذ يصبح لدى المحبوب سلطة كبيرة في توجيهنا على وفق مصالحه وأهوائه أو ما يخدم حاجاته ، وهذا ما نشاهده اليوم في الساحة السياسية والدينية في العراق والوطن العربي ، فبفتوى من رجل دين متطرف يمكن أن يحرق أمة بأكملها أو يوجه الجمهور والمقلدين نحو انتخاب فئة معينة تتوافق مع مصالحه مثلما يفعل المتطرفين الآن ، وكذلك بتوجيه من قائد سياسي يمكن أن يدمر مدن بأكملها ، وحتى على مستوى العلاقات الاجتماعية الصغيرة فالممثل أو الرياضي المحبوب لديه القدرة على ممارسة سحره علينا لشراء سلعة أو بضاعة معينة .
وكذلك الحال أيضا على مستوى العلاقات الفردية فللحبيب القدرة في السيطرة على محبوبه ، فيعذبه مرة ، ويريحه مرة أخرى ، وخير دليل على ذلك ما كتبه الشعراء والادباء ، وأجمل ما قيل في شعر الحب ، هو شعر قيس بن الملوح ، إذ يقول في حب ليلى التي أسرت قلبه
أمر على الديــــــار ديار ليـلى ... أقبل ذا الـــــــجدار وذا الجـدارا
وما حب الديار شـــــغفن قلبي ... ولكن حب من ســـــــكن الديارا
#علي_عبد_الرحيم_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟