أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي عبد الرحيم صالح - الهوية الوراثية وسيكولوجية التمييز بين الجماعات














المزيد.....

الهوية الوراثية وسيكولوجية التمييز بين الجماعات


علي عبد الرحيم صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4167 - 2013 / 7 / 28 - 00:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


على الرغم من تحذير علماء النفس الاجتماعي فكرة أن تصنيف البشر أجناسًا بيولوجية هي لغرض تعرف وفهم السلوك البشري و الاجتماعي ، فيصعب علينا مثلاً تحليل المجتمع الأمريكي دون أن نأخذ في اعتبارنا التقسيم الشائع لذلك المجتمع إلى بيض ، وسود، وأسبانيين وغير ذلك من الأجناس من أجل تعرف عاداتهم و تقاليدهم ودياناتهم ، وإن هذا التقسيم لا علاقة له بكرامة أو تفوق هذه الجماعات على غيرها ؛ إلا أن التصنيف العرقي ما زال عاملاً اجتماعيًا مهمًا في عملية المقارنة بين الجماعات إذ إن كثيراً من الناس في المجتمعات ينظرون إلى أنفسهم وإلى الآخرين على أنهم أعضاء من جنس معين بناء على ما يمتلكونه من خصائص جسمانية معينة ، فالبيض في أوربا و أمريكا كانوا يميزون أنفسهم عن السود بلون البشرة و العين و شكل الوجه ، ويقارنون أنفسهم من خلالها بالجماعات الأخرى مثل السود ، والأسيويين ، وغيرهم ؛ لذا كانوا يعتبرون أنفسهم أعضاءًا في مجموعات عرقية معينة بناءًا على خصائصهم الوراثية ، وكذلك يعدون أنفسهم بناءًا على هذه الخصائص متفوقين على هذه الجماعات حيث ميزوا وربطوا خصائصهم الوراثية بما يمتلكونه من قوة وجاذبية ، و رقي حضاري و تعليمي ، واتهموا الجماعات الأخرى في الوقت نفسه بالدونية ، والنقص ، ومعاملتهم بأقصى معاملات التعذيب و الاسترقاق والاضطهاد ، من الأمثلة الأخرى أيضا كان الرومان القدامى ينظرون إلى القبائل الجرمانية على أنهم جنس من الهمج لا يكادون يعدّون من البشر وكذلك ادَّعى الأوروبيون الذين استقروا في أمريكا تفوقهم على الهنود الأمريكيين كي يسوغوا توسعاتهم في العالم الجديد ، وفي الثلاثينيات من القرن العشرين نادى "زعماء ألمانيا النازية" بتفوق الألمان المنتمين إلى الجنس الآري الرفيع وأن اليهود وغيرهم من الأقوام غير الآرية أدنى منهم مرتبة ( الموسوعة العربية الشاملة ، 2010 ) .
ويمكن أن نفسر هذه العملية من خلال نظرية تاجفل و تيرنر في الهوية الاجتماعية . إذ تعد الهوية الاجتماعية سواء كانت قومية أم عشائرية أم وراثية طريقة يفسر من خلالها الأفراد انتمائهم مع الجماعة التي يعيشون فيها ، وتحديد علاقة جماعتهم مع الجماعات الأخرى في علاقات سلبية (Flesser & Nesdale , 2001 ) ويمكن أن نلخص كيفية تصنيف الأفراد أنفسهم في جماعات حسب هويتهم الاجتماعية و تمييزها عن الجماعات الأخرى بما يأتي :
1. التصنيف : يعد التصنيف جزء أساس ومهم من عملية إدراكنا للآخرين ، فهو يزودنا بمعلومات وأفكار عن جماعة أو شخص معين ، ومن ثمَّ يؤثر في سلوكنا و حكمنا عليه (Stangor , 2004 ) لذا فنحن نصف أنفسنا بأننا جماعة من العرب ، و هويتنا عربية ، و لغتنا عربية ، و لون بشرتنا سمراء ، ونحن كذلك متوسطي الطول ..الخ .
هذه الجماعة التي صنفنا أنفسنا فيها تسمى بالجماعة الداخلية ، في حين تسمى الجماعات الأخرى المختلفة عنا بالجماعة الخارجية ( Stets & Burke , 2000 ) . إن عملية التصنيف هذه تعكس عملية توحدنا وذوباننا مع جماعتنا ، فمن خلال عملية التوحد يتآلف الفرد مع أبناء جماعته و يرتبط معهم بصلات عاطفية قوية ، ويتمثل قيمهم وعاداتهم في الوقت نفسه مما ينمي لديه المزيد من مشاعر الانتماء و الاندماج مع الجماعة ، و إن تشبع هذه الجماعة حاجاته العاطفية و الاجتماعية (Aronson , 1976 ) .
2. عملية المقارنة الاجتماعية : إن لدى كل فرد دافع قوي لأن يرى إن جماعته ايجابية وقوية وذات مكانة عالية ؛ لأن رؤية الفرد لجماعته تتصف بمميزات ايجابية تنعكس على تقديره لذاته ، فجماعتنا هي صورة من صور تقييم أنفسنا فإذا قيّمنا جماعتنا أنها ايجابية و مميزة مقابل جماعات أخرى ، فأن ذواتنا مميزة وإيجابية أيضا(مكفلين وغروس ، 2002 ) هذه العملية أي ( المقارنة الاجتماعية ) لا تتم إلا من خلال مقارنة جماعة الفرد مع جماعات أخرى ؛ لأن هذه المقارنة تزوده بنتائج عن طبيعة و مكانة جماعته بين الجماعات الأخرى ، هذه العملية تذهب إلى حدٍ كبير في تحديد قيمة هويتنا الاجتماعية و احترامنا لها (Trept , 2000 ) . على سبيل المثال ان عملية تعصب البيض ضد السود لم يأتِ إلا من خلال مقارنة الجماعة البيضاء نفسها نحو السوداء .
3. التمييز : ترتبط هذه العملية بالمقارنة التي يقوم بها الأفراد ، وذلك من أجل تمييز جماعتهم الداخلية عن الجماعات الأخرى ؛ لذا فإن لهذه العملية تأثير عميق على تقييم أنفسهم ، وإدراكهم ، وسلوكهم . وبما إن أفراد الجماعة الداخلية يودون أن يعتقدوا بأنهم ينتمون إلى جماعة ذات مكانة عالية ، فهم يلجأون إلى وسائل لإقناع أنفسهم إن جماعتهم أفضل من الجماعات الأخرى ؛ لذا يظهرون خصائصهم الايجابية أمام خصائص الجماعة الأخرى عبر المقارنة ويبخسون قيمة الطرف الآخر ، و يطلقون أحكاماً معممة غير منطقية (هدسن ، 1987 ) فكان فالبيض يعدُّون أنفسهم مميزين على الجماعات السوداء ، وكانوا يتهمون السود بالكسل ، والغباء ، والشهوانية ، والقذارة .. الخ .
لذا فأن هذه العملية تعمل على بخس الهوية الوراثية للجماعات الاخرى و تحط من قيمتها و كرامتها .
صالح ، علي عبد الرحيم (2013) : علم النفس الوراثي ، ط1 ، دار صفاء ، عمان.



#علي_عبد_الرحيم_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجانين الثلاثة (مسرحية نفسية قصيرة من الادب الشعبي العراقي ...
- بائعو الحب سيكولوجيا النفاق وسياسة الاعتناق
- سيكولوجيا القرود الخمسة فلا تكن سادسهم : رؤية حول امتثال الف ...
- سيكولوجيا الازمة بين الفرد و المجتمع
- عندما تغيب الديمقراطية في جامعاتنا الاكاديمية
- سيكولوجيا العنف ضد المرأة ( المرأة العراقية أنموذجا )
- سيكوسولوجيا التطرف الديني بين الانغلاق الفكري و جذور الارهاب
- الغرابة سيكولوجيا التشويش و الارتباك الإنساني
- سيكولوجيا الملابس و الحلي ( هويتنا الشخصية و الاجتماعية )
- تجنب الألم سيكولوجية الدفاع عن النفس
- الفشل سيكولوجية الإخفاق و الهزيمة
- الحاجة الى التنبيه الحسي سيكولوجية الإثارة الحسية
- الإدراك معنى الحياة
- أسباب التسرب الدراسي لدى طلبة الدراسة المتوسطة و الإعدادية
- مقومات التضحية سيكولوجية الشجاعة و الفداء
- سيكولوجية نشر الشائعات في المجتمع العراقي
- أحلام اليقظة وسيلة لإشباع الرغبات المكبوتة لدى الفرد العراقي
- التمركز حول الذات سيكولوجية تدهور الذات و العلاقات الانسانية ...
- رؤية تحليلية في سيكولوجية الشخصية المتعصبة
- لعب الأطفال بين براءة الأمس و عنف اليوم


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي عبد الرحيم صالح - الهوية الوراثية وسيكولوجية التمييز بين الجماعات