أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - فتح ـ حماس : وفخ ثنائية الاستقطاب















المزيد.....

فتح ـ حماس : وفخ ثنائية الاستقطاب


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 1197 - 2005 / 5 / 14 - 10:47
المحور: القضية الفلسطينية
    


بين محاولة رد الاعتبار من جانب ومحاولة تأكيد نتائج الانتخابات البلدية السابقة في القطاع باعتبارها ليست صدفة ، بل خيارا جماهيريا يتعزز ويشق مجراه في الواقع السياسي الفلسطيني من جانب آخر ، جرى حوار صناديق الاقتراع بين كل من حركة فتح وحركة حماس في غياب شبه كامل للقوى السياسية الأخرى ، الأمر الذي رفع درجة التنافس إلى مستويات أفقدت البعض القدرة على الانضباط لقواعد اللعبة الديمقراطية الجديدة على المجتمع الفلسطيني .

ومن ثم فإن حرارة ذلك الحوار قد دفعت بالبعض إلى تجاوز حدود التعبير عن النجاح بالطرق الحضارية ، إلى حالة تستحضر كل نوازع " الأنا" حتى باتوا لا يرون الحق والصواب إلا من خلالهم كقوى وفصائل معينة بذاتها ، لا كبرامج يجري النقاش حولها ونقدها ، في حين أن أبجدية العمل الديمقراطي تتجسد في المنافسة بين البرامج والتي تمثل القوى السياسية " حوامل " لهذه المشاريع في أبعادها المختلفة .

ووفق آليات الديمقراطية غير المباشرة ، فإن العملية الانتخابية هي تتويج لجهد وعمل تنافسي سياسي وفكري ودعائي ميداني بين القوى السياسية باعتباره حقا مكفولا ومتاحا لكل فلسطيني تنطبق عليه شروط المواطنة داخل الوطن ، ذلك التنافس الذي ينتهي عند صناديق الاقتراع ، حيث يصبح على جميع القوى عندئذٍ احترام إرادة المواطنين أياً كانت تجليات هذه الإرادة، وفي أي اتجاه تجسدت ، رغم أي حديث يمكن أن يقال راهناً حول مفهوم حرية الإرادة ومدى سلامتها من العيوب ، أياً كانت تلك العيوب، المباشرة منها وغير المباشرة ، وسواء كانت العيوب نتاج الإكراه المتأتي من شرط الحاجة أو الإكراه بمعناه السياسي أو الفكري .

ولعل أسوأ ما يمكن قراءته هو عندما لا يرى البعض في المواطن الفلسطيني إلا صوتاً انتخابياً، ومن شأن هذا الصوت أن يرفع رصيد هذا الطرف أو ذاك في السباق نحو الاستحواذ على المسؤولية، في حين أن المواطن يجب أن يكون القيمة الأسمى و الأعلى و الأرقى ، وبقدر تحرر إرادة المواطن من أي ضغط سياسي أو فكري أو اقتصادي أو اجتماعي أو أمني ناهيك عن قهر الاحتلال ، يكون الوطن كمفهوم وكينونة قد كسب مواطناً حر الإرادة ، دون وصاية أياً كان شكل أو مضمون هذه الوصاية ، ذلك هو المكسب الحقيقي وهذه هي القيمة التي تستمر وتبقى ويمكنها أن تخلق مجتمعاً يتجاوز هذه الثنائية إلى الفضاء السياسي الأرحب.

و بالنتيجة فإن الكسب الانتخابي في إطار هذه التجربة ، و في أي اتجاه كان ، هو كسب للتجربة الفلسطينية والإنسان الفلسطيني أولاً وأخيراً ، إذاً ما تم تجرد كل القوى من اعتبار أن المواطن لا يعدو أن يكون " شيئاً " يتم استخدامه لأهداف محددة وليس باعتباره هو الغاية والهدف ، وليس الوسيلة ، لأنه من الظلم بمكان أن يتم النظر إلى الإنسان الفلسطيني كرقم في معادلة الانتخابات ، هذا إذا ما سلمنا أن مجموع المواطنين أياً كانت اختياراتهم هم بكليتهم صناع كيمياء الوطن بكل مكوناتها.

ولأن الانتخابات البلدية تسبق الانتخابات التشريعية المقررة والتي أعلنت كل القوى قرار المشاركة فيها لأول مرة ، فقد جرى التعاطي مع الانتخابات البلدية التي جرت باعتبارها " بروفة " للانتخابات التشريعية القادمة ، والتي حاولت القوى المتنافسة وتحديداً فتح وحماس أن تؤكدا فيها حضورهما ، وكذلك أحيقتهما ومن أن كلاً منهما يملك مفاتيح المستقبل في سياق التحضير للانتخابات الأهم ، باعتبارها محطة فاصلة في الحياة السياسية الفلسطينية داخل الوطن المحتل ، والتي على ضوئها سيعاد ترتيب المشهد السياسي الرسمي والشعبي وفق النتائج التي سيقررها ذلك الاستحقاق ولفترة ليست قصيرة .

وفي هذا السياق جرت وتجري محاولة الاستقطاب السياسي بين جميع القوى بمختلف توجهاتها وتحديداً بين حركة فتح وحركة حماس للجماهير الفلسطينية ، في إطار تلك الكتلة الانتخابية التي لديها الاستعداد للذهاب إلى صناديق الاقتراع ، و هو يدور حول سقف نسبة أل 70 في المئة فيما بقى ما يقارب الثلث ممن يحق لهم الاقتراع خارج حسابات القوى السياسية المتنافسة وكأنه رقم محايد ، وهي نسبة لا يجب النظر إليها دون مبالاة.

ذلك أن من يتخلف عن ممارسة حقه السياسي في اختيار الأشخاص المناسبين باعتبارهم وكلاء عن الشعب في أي منطقة من المناطق لخدمته في حدود المهمة المحددة سواء كانت في المجلس البلدي أو التشريعي ، إنما يمثل تنازلاً عن حق يشكل أحد أهم الحقوق اللصيقة بالإنسان والتي بموجبها يستطيع مع غيره أن يحدد نوع الهيئة الحاكمة في أي موقع كان ووفق أي برنامج سياسي ، وهم من يصنع التغيير وفي أي اتجاه يذهب ، وأيضاً تتم المحاسبة بالمعنى الانتخابي لمن أساء وأفسد الحياة و لم يكن في مستوى المسؤولية حزباً كان أو شخصاً طبيعياً أو برنامجاً.

ويكاد يكون حديثاً مستغرباً من أي قوة سياسية أتى ، عندما يتم تصنيف المواطنين بحسب حجم الدوائر الانتخابية ، و كأن هناك سُُّلماً اجتماعيا قيمياً تقاس به درجات المواطنين بما يعنيه ذلك من ضرب لأساس مبدأ المساواة في المواطنة، ويمثل استخفافاً بالمواطنين ذلك أن المواطنين متساوون أمام القانون في الحقوق وفي الواجبات ، ومن ثم فإن حديث التمييز والتفرقة بين المواقع البلدية المختلفة ، بين بلدية صغيرة أقل شأناً وبلدية كبيرة أعلى شأناً ، إنما ينم عن خفة سياسية وفكرية تحاول أن " تشيء " المواطن لنكون أمام مواطن من الدرجة الأولى وآخر من الدرجة الثانية ارتباطا بالمكان الذي مارس فيه حقه الانتخابي .

هذا المنطق الاستخدامي الذي ينظر إلى المواطن باعتباره وسيلة من أجل تأمين حضور برنامج هذه القوة السياسية أو تلك ، لا يمكن إلا أن ينتج ذلك التشنج والاتهامات المتبادلة التي تم التراشق بها ووصلت حد استخدام العنف ، والتي تؤكد بالملموس أن قضية قبول الآخر شريكاً في الوطن كما هو ومبدأ التداول السلمي للسلطة ، لازالت تحتاج إلى ثقافة المساواة في المواطنة مع حق الجميع في حرية الرأي والتعبير بعيداً عن الأبوية السياسية أو الفكرية التي تصادر الحرية وتحاول " برمجة" عقل المواطن في إطار ثقافة اللون الواحد والتي تستحضر كل عصبية القبيلة في أسوأ أشكالها وتجلياتها ، وكون موضوع الانتخابات من يقرر فيه هو الناخب عبر صناديق الاقتراع فمن الطبيعي أن يتأخر في هذا السباق البعض ويتقدم البعض الآخر، و تكون هناك أغلبية وأقلية سواء كانت مطلقة أو نسبية لأن ذلك يمثل أحد قواعد وشروط الديمقراطية على اعتبار أن المفاضلة تتم بين البرامج إذا كان هناك من برامج ، ومن ثم فهو ليس اختياراً بين حقائق مطلقة بل بين قوى سياسية و أحزاب تعيش في الواقع وبرامج تحمل قدراً من الصحة بقدر ما تحمل قدراً من الخطأ، فإذا كان البعض يعتقد أنه يمتلك الحقيقة المطلقة فذلك يعني نفيا من حيث الأساس لمبدأ الديمقراطية وللآخر ولحق الآخر في الاختلاف أو الوصول لمواقع المسؤولية ، رغم أي حديث عن الديمقراطية وتداول السلطة لأن المعيار عندها سيكون للأفعال لا للأقوال .

و أخطر ما يواجه المواطن الفلسطيني في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخه الكفاحي ، هي في ما يمكن إشاعته من أجواء تقود إلى الاستلاب السياسي والفكري الذي يصادر العقل النقدي القادر على المحاكمة بشكل موضوعي دون تدخل للأهواء والأحكام المسبقة إن سلباً أو إيجاباً و بعيداً عـــــن ثقافــــــة الكتل البشرية المغلقـــة " الصمّاء " لأن الاستلاب أياً كان شكله فهو يصادر حرية الإرادة والتفكير ليتحول المواطن إلى أداة بدلاً من أن يكون المواطن الفاعل المستقل حر الإرادة والقادر على وعي المشاكل في نسبيتها ليقرر على ضوء التجربة وشروط الواقع الصواب من الخطأ في نسبيتهما كذلك .

ولتجاوز هذه الثنائية من الاستقطاب ( فتح – حماس ) والتي قد تؤدي إلى حالة من الانقسام المجتمعي ، والتي هي نتاج قانون انتخابي لا يلحظ الوجود الواقعي للقوى السياسية والفكرية الأخرى في المجتمع بصرف النظر عن مستوى هذا الوجود ، فيما نحن في أمس الحاجة إلى وحدة كل أبناء الوطن ، لذلك فإن نظام النسبية الانتخابي بقدر ماهو منصف لجميع القوى فهو قادر في الوقت نفسه على رسم خريطة المشهد السياسي بأعلى قدر من الواقعية والموضوعية بما يوفره ذلك من مكنة متساوية لجميع القوى السياسية من التواجد داخل المؤسسة السياسية ، وهو أيضاً يوفر للمواطن إمكانية واسعة للاختيار بين القوى السياسية المختلفة بما يعنيه ذلك من فرص للخروج من فخ الاستقطاب الثنائي إلى مساحة أوسع من حرية الاختيار بين جميع مكونات الحالة السياسية في الواقع الفلسطيني.

لقد جرت الانتخابات البلدية الأخيرة وقيل فيها ما قيل حول مـــن " الفائز الحقيقي " و " الفائز الشكلي" من خلال القراءات المتباينة وأحيانا المتعسفة من قبل كل فريق للنتائج ، الأمر الذي ساهم في توتير واحتقان وشحن اجتماعي لا مبرر له على الإطلاق بين فتح وحماس ، و لكي يتم تلافي أي تداعيات قد تعقب الانتخابات التشريعية إذا ما تكررت " بروفة" الانتخابات البلدية الأخيرة ، فإن قانوناً عصرياً وفق النظام النسبي الكامل ، يمثل حاجة موضوعية وضرورة لتجاوز كل ما مــــن شأنه أن يكـــــرس ثقـــــــافة " الأنا الحزبية " والقبلية بمعناها السياسي .

و لا بأس هنا من أن نقارن بين النظام الانتخابي للعدو الصهيوني الذي يحتل أرضنا ويعيش على وقع " ثقافة الخوف " وبين النظام الانتخابي الذي تجري محاولة تمريره في المجلس التشريعي ، عندها سنجد أن النظام الانتخابي المنوي إقراره وفق كل المؤشرات ، رغم أن رأي رأس السلطة التنفيذية مع نظام النسبية الكامل ، هو بمثابة خطوة للخلف ، ذلك أن هذه المرحلة المفصلية من تاريخ شعبنا تحتاج إلى نظام يوفر الحق لوجود الجميع في موقع تحمل المسؤولية من أجل مواجهة استحقاقات مصيرية قادمة، من الواجب أن يتحمل مسؤوليتها كل أبناء الشعب الفلسطيني .

تلك هي المسؤولية و ذلك هو تحدي اللحظة ، والأيام القادمة كفيلة بإعطاء الإجابة والحكم من بعد للشعب.



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شجرة الفساد : من التقليم إلى الاجتثثاث
- الكيان الصهيوني ـ موريتانيا : مَنّ يستخدم مَنّ ؟
- ديمقراطية بوش : بئس المثل
- يانواب التشريعي : الزمن دوَّار
- سوريا : وسد الذرائع
- النظام الرسمي العربي : طريق التهافت
- المقدس بوش : ومربط الفرس
- حزب فرنسا : يلبس عباءة الحريري
- عباس : حدود المناورة
- الانتخابات : وقبائل اليسار
- اللاجئون : بين عباس وشالوم ومفهوم الوطن .
- !!!الوطن:وشرط الحزب القبيلة
- الحوار المتمدن : فضاء مشع يدافع عن الحق والحقيقة
- حماس : خطوتان للوراء ، أم انحناءة للعاصفة ؟
- الانتخابات : بين التمثيل النسبي والأغلبية المطلقة
- مروان البرغوثي : قرار الربع ساعة الأخير
- الانتخابات : عباس والبرغوثي وما بينهما
- ديمقراطية فتح : الهرم مقلوبا
- انتخابات رئاسة السلطة : ودعوى الطهارة السياسية
- الثابت والمتغير بعد عرفات


المزيد.....




- تبدو مثل القطن ولكن تقفز عند لمسها.. ما هذه الكائنات التي أد ...
- -مقيد بالسرية-: هذا الحبر لا يُمحى بأكبر انتخابات في العالم ...
- ظل عالقًا لـ4 أيام.. شاهد لحظة إنقاذ حصان حاصرته مياه الفيضا ...
- رئيس الإمارات وعبدالله بن زايد يبحثان مع وزير خارجية تركيا ت ...
- في خطوة متوقعة.. بوتين يعيد تعيين ميشوستين رئيسًا للوزراء في ...
- طلاب روس يطورون سمادا عضويا يقلل من انبعاث الغازات الدفيئة
- مستشار سابق في البنتاغون: -الناتو- أضعف من أي وقت مضى
- أمريكية تقتل زوجها وأختها قبل أن يصفّيها شقيقها في تبادل لإط ...
- ما مصير شراكة السنغال مع فرنسا؟
- لوموند: هل الهجوم على معبر رفح لعبة دبلوماسية ثلاثية؟


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - فتح ـ حماس : وفخ ثنائية الاستقطاب