أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - شجرة الفساد : من التقليم إلى الاجتثثاث















المزيد.....

شجرة الفساد : من التقليم إلى الاجتثثاث


سليم يونس الزريعي

الحوار المتمدن-العدد: 1193 - 2005 / 5 / 10 - 11:33
المحور: القضية الفلسطينية
    


تشكل حاجة المجتمع الفلسطيني إلى الأمن ، مطلباً يحظى بالأولوية لدى الشارع الفلسطيني باعتباره ضرورة ملحة في ظل هذا التعدي و التطاول على القانون ومقدرات المجتمع في غياب الردع في مفهومه العام أو الخاص ، والذي لا يضبطه إلا وجود قانون فاعل و مؤسسات ذات كفاءة ومصداقية واستقلالية وليست جزءاً من حالة الفساد ، حتى تتمكن من أداء دورها في الحفاظ على النظام العام لصالح مجموع الشعب.

وإذا كان الفساد قد تشكل بنيانه وآليات عمله على مدار سنوات ما بعد أوسلو من خلال تغييبه للقانون والمحاسبة والتي كانت نتيجته فقداناً للتوازن المجتمعي بكل هذه التشوه في القيم والعلاقات ، فهو بالضرورة لم يهبط من السماء ، بل هو إفراز طبيعي لواقع أنتجته تجربة السلطة على مدى أكثر من عقد الزمن ، حيث تسلم حزب السلطة مسؤولية إدراة شؤون المجتمع بمختلف جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والأمنية ، موزعا على السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ، والتي بموجبها تم الاستحواذ على كل مقدرات المجتمع من اصغر الوظائف إلى المسؤولية الأولى في غياب معايير الكفاءة والمساواة في المواطنة ، الأمر الذي تم بموجبه إقصاء باقي مكونات المجتمع ، لينتج هذا الكم من الدخلاء و فاقدي شروط الأهلية إلى كل مسامات الكيان الذي تم تأسيسه .

ومن الطبيعي والحال كذلك أن تطفو على السطح " قوانين بديلة وموازية "
حيث الواسطة والمحسوبية والاستزلام والولاءات غير المبدئية ، ليبدو الوطن وكأنه مزرعة خاصة يجب أن يوزع ريعها على منتسبي حزب السلطة ومن والاهم فقط ، دون أن يكونوا أهلا لذلك ، فالموظف أو المهندس أو المعلم أو الحقوقي أو المحاسب .........الخ ، أو حتى بعض غير المؤهلين على الإطلاق يصبح بعضهم بقدرة قادر إما عقيدا أو مديرا عاما اومحافظا اوسفيرا ، أو ملحقا في سفارة دون أن تتوفر فيه أيا من المعايير التي تخوله لشغل ذلك الموقع ولو بالحد الأدنى ، ألا من معيار واحد هو أنه من حزب السلطة ، في تعد صارخ على كل الأعراف والقوانين وحقوق الآخرين من أبناء الوطن .

فأن تكون من حزب السلطة ولك " عم " فبالتأكيد سيكون لك مكان وحصة بحسب ثقل ووزن هذا " العم " وإذا ما أضفنا إلى تلك اللوحة المحزنة المساحة التي تحتلها زوجات وأخوات وبنات المسئولين في السلطة ، دون أدنى وجه حق ، وهي ظاهرة باتت تشكل أحد أبرز سمات حالة الفساد المستشرية وبالطبع لا يجب أن يفسر ذلك على أنه موقف ينتقص من حقوق المرأة ، لأن السؤال عندها أي امرأة يمثلن أولئك ، لأدركنا حجم الفاجعة وعمق المأساة التي يعيشها شعبنا على وقع هذا الكابوس الذي يمثله هؤلاء الذين تسلقوا شجرة الفساد ، وكأنه لا يكفي هذا الشعب الصامد جبروت وثقل وطأة الاحتلال على مدار سنين ليبتلى ويضاف إلى معاناته هذا الكم من الفساد بكل مفرداته .

لذا بات من المهم التقاط تلك الدعوات التي خرجت وتخرج من أوساط حزب السلطة والتي تشير إلى مواطن الخلل والفساد وتطالب بالإصلاح وتصفية الفاسدين ، لأنها وان أتت متأخرة فهو خير من أن لا تأتي أبدا ، وبصرف النظر عن النوايا الحقيقية سواء كانت تستهدف الإصلاح لأنه حاجة موضوعية للمجتمع بكل مكوناته وألوان طيفه السياسي والفكري بعيدا عن العصبوية التنظيمية ، أو كانت بهدف الحد من الانفضاض والعزوف الجماهيري من حول حزب السلطة خاصة بعد الانتخابات البلدية الأخيرة التي قال فيها من جرى استفتاءهم كلمتهم ، حيث حملّوا حزب السلطة وزر ما يعيشه هذا الشعب من أزمات في كل مناحي حياته.

و إذا كان حديث بعض أطراف حزب السلطة حول محاربة الفساد جديداً وفرضته ظروف استفحال هذا المرض الاجتماعي ، فذلك لا يعني انه لم تكن هناك حالة من الممانعة والمطالبة والتحذير من قوى اجتماعية سياسية ومدنية لها حضورها في الحياة الفلسطينية منذ أن كانت هذه الظاهرة ، بإجتثاث الفساد وقطع دابر المفسدين الذي واكب التجربة السياسية الفلسطينية ما بعد اوسلو ، و كان أحد افرازاتها .

إلا أن تلك الدعوات كانت تذهب أدراج الرياح في ظل حالة من الصمم الذي أصاب السلطة حينها، ليتكرس بذلك ما كان يخشاه الشعب الفلسطيني من بروز للسلوك والقيم الفاسدة ، والتي تشكل أحد أشد الأمراض الاجتماعية خطراً على أي مجموعة بشرية ، ناهيك عن المجتمع الفلسطيني ، الذي يعيش حالة استثنائية ، حيث لا تقل خطورة تلك الأنماط من القيم والسلوك عن خطر الاحتلال ، ذلك أن الاحتلال مصيره إلى زوال إن لم يكن اليوم فغداً أما القيم الفاسدة فأنها تحتاج إلى أجيال حتى يجري التخلص والتطهر منها ، شرط وعي المجتمع لهذه الخطورة وتوفر الإرادة من الجهات صاحبة القرار لذلك ، لأنها إذا ما تسربت إلى منظومة القيم الاجتماعية ، فإنها تحتاج إلى وجود منظومة قيم خلاقة و نظام قانوني مؤسسي ، يتم بهما تحصين وحماية المجتمع والأجيال القادمة من خطر التدمير الذاتي التي تقوم به بعض فئاته.

و هذا يستوجب أنه إذا ما عجزت كل الآليات القانونية الرسمية التي يتم الحديث عنها حول محاربة الفساد ، أن يلجأ المجتمع إلى أخذ زمام المبادرة من خلال قواه الاجتماعية المختلفة ومؤسساته ذات المصداقية ، وذلك بتعرية كل تلك القيم المفارقة وعزل أصحابها على الأقل اجتماعياً ، لأن من يسلك طريق الفساد أو يساهم فيه أياً كان مستوى و نوع هذا الفساد ، فإنه يقوم عن وعي بعملية تدمير منهجي لمقومات وبنى المجتمع الفلسطيني وقيمه ، الأمر الذي يضعه في الخندق المعادي للشعب الفلسطيني ومستقبله بشكل موضوعي حتى لو ظل يهتف صباح مساء باسم فلسطين.

ولذلك فإنه بالقدر الذي تبرز فيه الحاجة إلى وجود قوانين صارمة تحفظ الكرامات والحريات والحقوق وتوفر معايير العدل والمساواة بين أبناء الوطن الفلسطيني الواحد ، فإنها أيضاً تحتاجها لإجتثاث الفاسدين والمفسدين وكل البنى التي عملوا على تأسيسها على مدار سنوات من أجل إعلاء شأن القيم الخيرة والنبيلة ، بإعتبارهما المظهر العام لهذا الشعب الصامد بعد أن شوه هؤلاء الفاسدين وجهه ، و هو يخوض التناقض الرئيسي مع الاحتلال باعتباره الحلقة المركزية ، انطلاقاً من قراءة خريطة التناقضات سواء منها الخارجي أو الداخلي على اعتبار أن الشأن الداخلي هو التناقض الثانوي الذي يمكن تأخير حله إلى ما بعد حل التناقض الرئيسي مع العدو الصهيوني.

إلا أن التجربة أثبتت أن خطر هؤلاء يكاد يساوي خطر الاحتلال ، ومن هنا فان مواجهة الفساد والمفسدين ، تعتبر من المهام النضالية ذات الأولوية والتي يجب أن يتصدى لها كل المجتمع الفلسطيني . و هذا هو امتحان السلطة الآن ، فإما أن تعمل على استئصال الفاسدين والمفسدين لصالح مجموع الشعب وإرساء قيم المؤسسة وحكم القانون واستقلالية القضاء ، بخلق تقاليد من شأنها أن لا تمكّن حزب السلطة أي سلطة ، أياً كان هذا الحزب اليوم أو غداً . لأن يكون بوابة الدخول لإحياء مملكة الفساد ، وحتى لا يطفو على السطح الفاسد وغير الكفء وفاقد المصداقية ، بل يجب أن يفسح المجال للشرفاء ونظيفي الكف والأكفاء لأنهم مهما كان انتماؤهم السياسي أو الفكري أو المناطقي ، فهم ممن يعتز ويفخر بهم مجموع الشعب الفلسطيني .

لذلك لا يجب أن تتم معالجة موضوع الفساد بشكل انتقائي حيث تبرز ازدواجية المعايير ، بل عبر جهد مجتمعي جماعي تقوده السلطة لتؤكد صدْقّيتها ، و أنها سلطة بالمعنى المؤسساتي ، أي لكل أبناء الشعب الفلسطيني ، عبر عملية تطهير واسعة وشاملة تطال كل مستويات الفساد من قمة الهرم إلى قاعدته ، وفي كل المستويات وأن لا يكون هناك من أحد فوق المحاسبة أياً كان شأنه أو تاريخه لأن لا أحد أكبر شأناً و أعظم قدراً من الشعب الفلسطيني ، وهذا هو فيما نعتقد المدخل إلى الأمن والأمان بمعناه السياسي والاجتماعي والأمني والاقتصادي ، وتلك هي كلمة السر لدخول المستقبل الذي يليق بهذا الشعب المكافح وتضحياته.



#سليم_يونس_الزريعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكيان الصهيوني ـ موريتانيا : مَنّ يستخدم مَنّ ؟
- ديمقراطية بوش : بئس المثل
- يانواب التشريعي : الزمن دوَّار
- سوريا : وسد الذرائع
- النظام الرسمي العربي : طريق التهافت
- المقدس بوش : ومربط الفرس
- حزب فرنسا : يلبس عباءة الحريري
- عباس : حدود المناورة
- الانتخابات : وقبائل اليسار
- اللاجئون : بين عباس وشالوم ومفهوم الوطن .
- !!!الوطن:وشرط الحزب القبيلة
- الحوار المتمدن : فضاء مشع يدافع عن الحق والحقيقة
- حماس : خطوتان للوراء ، أم انحناءة للعاصفة ؟
- الانتخابات : بين التمثيل النسبي والأغلبية المطلقة
- مروان البرغوثي : قرار الربع ساعة الأخير
- الانتخابات : عباس والبرغوثي وما بينهما
- ديمقراطية فتح : الهرم مقلوبا
- انتخابات رئاسة السلطة : ودعوى الطهارة السياسية
- الثابت والمتغير بعد عرفات
- فتح : الصراع المكتوم إلى متى ؟


المزيد.....




- كوريا الشمالية تدين تزويد أوكرانيا بصواريخ ATACMS الأمريكية ...
- عالم آثار شهير يكشف ألاعيب إسرائيل لسرقة تاريخ الحضارة المصر ...
- البرلمان الليبي يكشف عن جاهزيته لإجراء انتخابات رئاسية قبل ن ...
- -القيادة المركزية- تعلن إسقاط 5 مسيرات فوق البحر الأحمر
- البهاق يحول كلبة من اللون الأسود إلى الأبيض
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /29.04.2024/ ...
- هل تنجح جامعات الضفة في تعويض طلاب غزة عن بُعد؟
- بريكس منصة لتشكيل عالم متعدد الأقطاب
- رئيس الأركان الأوكراني يقر بأن الوضع على الجبهة -تدهور- مع ت ...
- ?? مباشر: وفد حركة حماس يزور القاهرة الاثنين لمحادثات -وقف ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليم يونس الزريعي - شجرة الفساد : من التقليم إلى الاجتثثاث