عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4171 - 2013 / 8 / 1 - 13:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الدوقة ُ .. تَـلِـدْ
في عام 1982 ..
كنتُ جنديا في جبهة " البسيتين " ، أتمرّغُ في الوحلِ الدامي لواحدة من أشرس معارك الحرب العراقية - الأيرانية .
كانت الـ BBC يومها توّجهُ نداءها الرقيق لسكان كوكبِ ، لم يكن الجنود المتحاربون جزءاً منه ، ولكنهم كانوا يسمعون النداء بذهول ، وكأنه شأن عائلي خاص بهم :
" الملكة اليزابيث الثانية تناشدكم ان لا تتسببوا للأميرة ديانا بأي أزعاج ، لأنها ستضعُ قريبا مولودها الأول " .
في عام 2013 ..
أنا في بغداد
أتمرّغُ في الوحل الدامي لحروبٍ أخرى .. بينما الأمير " وليم " الذي ولد في " البسيتين " تلك .. في عام 1982 ذاك .. متزوجٌ الآن من أميرة أخرى .. والـ BBC ذاتها تزفّ ليّ البشرى :
" الأميرة كيت .. دوقة كامبريدج .. وضعتْ مولوداً ذَكراً في الساعة 16.24 بتوقيت لندن الصيفي .. وهذا المولود هو الأمير الثالث في ترتيب وراثة العرش البريطاني " .
وكما يتمُ الأعلانُ عن ولادة أطفالنا ( وموتهم ) في العراق .. سيرسل المستشفى ، ( وهو ذاته الذي ولد فيه الأمير الأب ) ، مظروفا يحتوي على تفاصيل الولادة الى الملكة في قصر بيكنجهام ، ليتم بعد ذلك نشر الخبر على لوح في باحة القصر ، وفقا للتقاليد الملكية .
الملكة اليزابيث الثانية .. هي ذاتها .. ملكة " البسيتين " تلك .
والـ BBC هي ذاتها الـ BBC .. التي تجاهلتْ دمنا ، قبل ثلاثين عاماً .. وانشغلتْ بما يحولُ دون تعكير مزاج أميرةٍ بريطانية على وشك الولادة .
أمّا نحنُ ..
وعلى أمتداد تاريخنا الرخيص ما بين نهر " الحويزة " ونهر " دجلة " .. فإن اطفالنا " الدوقات " لايزالون يخوضون في مزابلنا الفسيحة .. بينما آباؤهم " العبيد " لايزالون يستنسخون موتهم العاديّ منذ قرون .. وكأن لا فسحة لهم للحياة على هذه الأرض .. ولا أمل .
وبينما يتحولُ أطفال بريطانيا العظمى ، كلّهم ، إلى أمراء .. فأن أمراء الطوائف لا يجيدون شيئاً غير قتلنا ..
كأن شيئاً لم يتغير
ما بين مخاض أميرةٍ .. وأميرة
وولادة أميرٍ .. وأمير .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟