أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - قصّة عراقيّة .. قصيرةٌ جداً .. بحجم المقبرة














المزيد.....

قصّة عراقيّة .. قصيرةٌ جداً .. بحجم المقبرة


عماد عبد اللطيف سالم

الحوار المتمدن-العدد: 4148 - 2013 / 7 / 9 - 17:35
المحور: الادب والفن
    



عندما كنتُ صغيراً ، كانت أمّي تقتادني معها ، حاملاً مكنَسةً صغيرةً وجردَلَ ماء ، قادمين من محلّة " الشيخ علي " في الكرخ القديمة ، إلى حيث قبور أهلها في مقبرة الشيخ معروف .
في احدى الجولات التفقديّة تلك ، وصلنا إلى قبرٍ أثيرٍ عليها ، هو قبر زوجة خالي " عوّاشة " .
عوّاشةُ هذه كانت تشبهُ الأنبياء في الكدِّ والعفّة والحُلمِ والصمتِ ، والصبر على البلوى . وحتّى عندما ماتت ، لم تزعج أحداً ، بل وجدوها غافيةً بسلام فوق ماكنةِ الخياطة .
كان قبرها مجرد كوْمَة من الحجارة والتراب . وفوق هذه الكوْمَة ، كان هناك شاهد قبرٍ صغير من الرخام الأخضر ، كُتِبَ عليه : هنا ترقدُ الخيّاطة الفاضلة " عوّاشة " ، و نُقِشَ عليه رسمٌ باهتٌ لماكنة خياطة تُدارُ باليد ، والتي كان نموذجها شائعاً في بغداد آنذاك .
وكالعادة بداتُ أرّشُ الماء ، وأكنُس ُ حافّات الحجارة والتراب ، فأذا بأمّي تصيحُ بي بغضبِ عارمٍ ، وكأنها تخاطبُ شخصاً غيري ، وعيناها تقدحُ شرَراً : أوكَف يُوّلْ لتُكنِسْ . متكُلي شتكْنسْ ؟ هوّه ظلْ بالكَبر شي ؟ ليش ربي ليش ؟ مو هِيّاتهْ كَبُرْ " ريمة الكَوّادّة " ، ( وأشارتْ بيدها الى قبرٍ مُنيف ، كان قريبا من قبر عوّاشة ) ، عامرْ ونَفِهْ ، وشويّة أصغر من ضريح الشيخ معروف ، ومعايزه بس ايزوروا الناس ، ويتباركون بي .. وأنتِ يُمّه عوّاشة ، عِمَتْ عيني .. حتّى الطابوكَة المكسورة حسرة عليج .
من يومها أدركتُ أنّ العفيفاتِ ( مثلُ العفيفينْ ) ، لا يحظينَ عند موتُهّنَ بقبور ٍ تليقُ بهُن .. بعد عَيشٍ مُرٍّ ، لم يكنْ لائقاً ، هو الآخرُ ، بالعفيفات ْ .
ومن يومها أوقفتْ أمّي جولاتها التفقدية لقبور أهلها ، وفي جميع مقابر العراق الفسيحة جداً ، دون استثناء .
كانتْ أمّي تعرفُ انها لن تجدَ ما تبّقى من قبر عوّاشة في جولتها القادمة ..
وأنّ " الريمات " سيملأنَ جميع الأمكنة .. بقبورهّن البهيّة .



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الصّفِ الخامسِ .. من هذا العُمرِ القصيرِ الأجلْ
- حديقة الحيوان
- ليلى والذئب
- المشكلة .. والحل
- العراق : ديموقراطية طائر البطريق
- الدكتور فيسبوك .. الذي يكشف عوراتنا .. ويعرضها على الملأ
- امرأةٌ واحدة .. رجلٌ وحيد
- كتابُ الوجوه .. التي لا تراني
- الأسئلة الصعبة .. حول الأنسان - البسيط - .. نلسون مانديلا
- مقاطعُ من قاموسِ السوادِ العظيم
- الموازنة العامة في العراق : مأزق العلاقة بين مدخلات العبث ال ...
- تَذكّرْ الكثيرَ ممّا نسيتْ .. لعلّكَ تَنسى
- مظهر محمد صالح : محنة العقل في بلد ممنوع من الأنتقال إلى وضع ...
- دعوةٌ للصلاة .. من أجل وطنٍ .. مطوّقٍ بالرماد والرمل
- تارا .. لاتُحبّ ُ الجنود
- إلياذة المطر .. في عراق الرماد
- سيناريوهات الخراب .. التي لا يومضُ ضوءٌ عداها .. في وجوه الع ...
- التشغيل والبطالة والأنتاجية في العراق : فضائيّون .. ومقنّعون ...
- ضدّ النَسَق والنظام .. والحزب والثورة
- النفط ُ والدين .. وما أكل َ السبع ُ منه


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - قصّة عراقيّة .. قصيرةٌ جداً .. بحجم المقبرة