عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4165 - 2013 / 7 / 26 - 16:37
المحور:
كتابات ساخرة
العراقيّون .. ودجاج " يونيف "
نحن العراقيون ( كلنّا أو الجزء الكبر منّا ) .. كائناتٌ بلا حيلةٍ .. ولا عقل مضيء .. ولا سلوك منتج . لذا لم نعد قادرين على العيش في بلد ، نحنُ من قام بتخريبه أصلاً .. فأصبح غير صالحٍ للسكن .
نحنُ عاجزون .. وضحايا .. وسبايا .. و " دواجن " .
ومنذ تموز 1958 ( على الأقل ) ونحن كذلك .
نحملُ فوق أكتافنا ذلك " الزعيم " أو " القائد " الذي يُرخي قليلاً عن اعناقنا قبضة اللجام .. أويشدّهُ فوق ظهورنا ، ولكنهُ يمنحنا " عَلَفاً " أفضل ، أو أكثر قليلاً ، مما كان يتفضّل بنا عليه " الراعي " الآخر .
نحنُ من قدّمْنا انفسنا أضحيةً ونذوراً لحماقات هؤلاء ، وفديناهم بارواحنا ودمائنا ، إلى أن أصبحنا لا شيء ، وأمسوا هُم ، كلّ شيء .
نحنُ من رأى وجوههم ( أحياء وموتى ) فوق سطح القمر .. وهلّلنا وكبّرنا لها .. بينما كانت وجوهنا بلا ملامح من فرط القهر .
ستقولون لي : " لا تجلد نفسكَ ، وتجلدنا يا اخي .. وتماسّكْ .. ولا تحمّل العراقيين وزرهم ، وأوزار غيرهم .. فهم في نهاية المطاف أسرى لظروفهم ، وللتراكمات المشينة لتاريخهم الخاص " .
شكرا لكم . شكرا لفرويد .. ويونغ .. وعلي الوردي .
وشكرا للحرب العراقية - الأيرانية التي كان " القادة " يعلفون الجنودَ فيها دجاجاً برازيلياً ، مستورداً من شركة إسمها " يونيف " .
لقد نقشتْ هذه الشركة على أغلفة الكارتون الخاصة بها ( ولأغراض الدعاية لدجاجها ، مقابل دجاج الآخرين ) عبارةً تُلخّصُ مسيرتنا الظافرة كلّها . والعبارةُ تقول :
" جميعُ الدجاج .. سيصبحُ يوماً .. شبيهاً بدجاج يونيف " .
وبما أنني كنت واحداً من قطعان الدواجن تلك .. فقد كنتُ أقرأُ العبارة كما كانت تعنيه لي في تلك اللحظة :
" جميعُ العراقيين .. سيصبحون يوماً .. شبيهون بدجاج يونيف " .
وهاهم كذلك ..
لا يشبهون دجاج " يونيف " فقط .. بل هُمْ دجاج " يونيف " ذاته .. بلحمهِ وشحمهِ وعظامه .
وهاهم أشباهُ السلاطين .. وللمرّة الألف يتبادلون الولائم العامرة بجثثنا .. ويضحكون .
هذا هو تاريخنا ..
ونحن من جعلهُ كذلك ..
ولا شيء آخر .
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟