أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم لعرب - الحلقة الأولى: كوني بردا وسلاما على إبراهيم














المزيد.....

الحلقة الأولى: كوني بردا وسلاما على إبراهيم


عبد الرحيم لعرب

الحوار المتمدن-العدد: 4169 - 2013 / 7 / 30 - 02:04
المحور: الادب والفن
    


سقراط سُمّم البارحة، الكواكبي أيضا. قُتل ابن المقفع، فرج فودة. اغتيل حسين مروة، مهدي عامل، المعطي، بنعيسى، بن جلون، شكري بلعيد...، الحلاج صُلب وبشار بن برد، أُعدم غاليليو... نجيب محفوظ طُعن غدرا... نُفي ابن رشد، نصر أبو زيد، وسبينوزا أيضا... ماركس،فرويد، داروين،قاسم أمين، طه حسين، أبو نواس، المتنبي، المعري...كلهم لُعنوا، وشُتموا، كُفروا وأُهينوا...
رُمي وراء قضبانهم كل من استرق النظر إليهم. أو حتى قرأ عناوين من كتبهم. خُطط لهم مسبقا موقعهم الأبدي في الكون. إنها جهنم وبئس المصير.
نمت في منتصف الليل بعد قراءة "الحقيقة الغائبة"، ولازالت تتردد في أذني صدى كل هذه الهتافات.
في صباح ليس ككل الصباحات. وفي مكان ليس ككل الأمكنة. إنتابتني أحاسيس لم أسمع بها إلا في رسالة الغفران. حفرة مستطيلة مغلقة، ضيقة، مظلمة. مأثثة بالثعابين والحيات الغريبة، ذكرتني بكتاب عذاب القبر، خصوصا غلافه المرعب. وعلى يميني كائن لم يكن عندي من صورته إلا بعض الهواجس عندما كان مؤذن بلدتنا يهلل قبل الفجر. لطمني على وجهي بعد أن ضمد جراحي، حينها تذكرت أحاديث الناس بعد كل وفاة. تذكرت مناجاتي لنفسي حينما كنت أمر خائفا الى فدادين "أم حنش"، خلف مقبرة القرية التي توحي بعالم ماورائي. قرأ كل شيئ في عنيا أو على صفحة كتفيا.
تساءلت وجوديا عما يحدث بحولي. أجابني بشكل لا أدري هل كان مبتسما أو غاضبا أو بدون إحساس:
- ربما تستفيق من سباتك، فجراحك مثخنة.
- لكن لماذا أنا هنا؟ !ما...السبب؟!
- لا أدري أيها الآدمي! لم أكلف بنزع روحك مبكرا. كلفت فقط بمرافقتك هنا حين طردوك من الدنيا.
رفعت هامتي لأستقيم جالسا. تهشمت جمجمتي بالحجر المكدس أعلى رأسي. ثم التأمت شظاياها مرة أخرى. اتكأت على يدي اليمنى ثم اليسرى في صعوبة شديدة لضيق المساحة. أحسست بالألم يلفني في كل مكان وفي كل حركة. لا أتذكر غير أخبار جدتي عن الموت. وصورة والدتي وهي تحشرج، ثم وهي ممدة على مغسل الموتى، وحتى ملابسها التقليدية المطرزة التي بقيت تراقبني في كل أرجاء منزل جدي الطيني. وبيتها ذي الباب الخشبي الأخضر. تأوهت قائلا لهذا الكائن اللامرئي الغريب، الرهيب:
- أف..آه.. لماذا هذا الخناق القاطع للأنفاس؟! وهذا الظلام الدامس المثبط للإحساس؟! ولم هذه الحيوانات الشرسة تحوم حولي الآن؟!
أجابني بحزم ينم عن عطف ما تجاهي:
- لا تخف يا آدمي! هذه حفلة استقبال برزخية ستزول، شرط أن تجيب عن أسئلتي البرزخية أيضا.
تنفست الصعداء، تسلل بصيص من الأمل إلى قلبي الذي نخرته الديدان. ربما هو امتحان وجودي. إذن هي فرصة ممكنة للنجاح. حاولت استعادة ذاكرتي التي نهشتها حشرات التراب. استغربت لماذا كان يقال لنا مصيرك محدد سلفا. ربما أولئك الذين وضعوا أنفسهم حكاما قدريين سيمرون من نفس المصير قدرا. فقلت لهذا الكائن البرزخي متسرعا مرتعبا من وطأة المجهول:
- أنا ربما مستعد الآن...لأسئلتك المصيرية، هه... تفضل قبل أن يصير كل شيء رمادا.
أجابني معترضا، ساخرا ومشفقا في آن:
- أنا سيد هذه الجلسة اليوم. لست في مقهى هنا! ذلك المقهى القصبي الذي كنت ترتاده محملا بكتبك وأسئلتك. وتلوذ إليه حين تنسد كل الأبواب المعتادة.
- نعم... وكأنك كنت ظلا لي في يوم كنت أحسب أن لا ظل إلا ظلي.
تلمست ضحكته النورانية لأول مرة:
- إذن ستجيب عن أسئلتي دون تردد وبلا مداورة. لماذا أنت هنا قبل أوانك المسطر في جدول قدرك الإلهي؟
- سيدي البرزخي...أنا مثلك لا أعلم. ربما لأني أحب الحياة، أرسلوني إلى الحياة الأبدية. الأجدر أن تسأل من أرسلني إلى هنا؟
يتبع.....



#عبد_الرحيم_لعرب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صرخة ضد كل الفاشيين بشتى تلاوينهم، من النازية إلى الصهيونية ...
- شجاعة لحد الخوف
- من أم الدنيا إلى كل الدنيا.
- الخيال في زمن الاغتيال
- مقال عن مستبد قديم إلى كل المستبدين الجدد و القادمين على ظهر ...
- ثورة مصر مستمرة: -بشرى للحرية بشعب مصر-
- عمال إيمني:قصيدة إلى كل عمال المناجم بالمغرب: إيمني، بوازار. ...
- إلى ذكرى الشهيد الثائر الأممي تشي غيفارا: خطاب كاميليو وسط ا ...
- رسالة الشهيد البوعزيزي: إلى ثعالب الديار: إلى مفتي الديار:
- من شاعر يحبكم: بشرى للحرية بشعب مصر. مع باقة من القصائد
- بطاقة تهنئة من المغرب: مبارك على الشعوب سقوط مبارك
- رسالة الشهيد البوعزيزي
- أبو القاسم الشابي يُبعث في سيدي بو زيد
- خطاب سيدي السلطان بعد أحداث سيدي بوزيد
- في ذكرى استشهاد الرفيق عبد الرزاق الكاديري، كان أول من سقط ش ...
- حوار قصير بين الأخطل و جرير: إلى كل الجلادين
- شعر ثوري:أنتم أحرار في ألا تعترفوا بالكلام و الحمام
- رفيقي لا ترحل: إلى الرفيق الرقيق المشاعر الطيب المعشر الشهيد ...
- قصيدة قديمة إلى حرزني و أمثاله
- أحد عشر كوكبا و سبع سنبلات خضر


المزيد.....




- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم لعرب - الحلقة الأولى: كوني بردا وسلاما على إبراهيم