أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم لعرب - الخيال في زمن الاغتيال














المزيد.....

الخيال في زمن الاغتيال


عبد الرحيم لعرب

الحوار المتمدن-العدد: 4073 - 2013 / 4 / 25 - 21:20
المحور: الادب والفن
    


الشعر مغامرة جميلة حقا. هو درب جميل من الأعشاب الخضراء والعصافير، لكنه غير مضمون دائما. هي أشياء جميلة قد تؤدي بك إلى المقصلة...لماذا؟؟
لأن الشاعر حين يتأمل زهرة القرنفل يرى حبيبته الباسمة...وقد يرى بجانبها وطنه الأسير و الوجوه الواجمة. و يقول لا يسعني إلا الحب في زمن الحرب.
فهو دائما متهم و مشكوك في أمره.لأنه يرى اللطخات القبيحة التي لا ترى عندما يرى الجميع كل شيء جميل. و يتأمل الأشياء الجميلة الصغيرة، بل يعشقها عندما يرى الناس كل شيء قبيح...يرى في المطر كل الحياة وأهازيج الحصادين وغيث الأرض. ثم يقول: المطر أيضا غيث الناس عندما تنسد أبواب الحديث بين غريبين.
عندما يريد الجميع أن يفتخروا بماضيهم و أمجادهم القديمة، يطير الشاعر مع غيمة في السماء ليحتفل مع نملة كادحة بماضيها الآتي. فالحب يقوده إلى الوطن و المنفى، وتصوفه المسكون بالحرية يقوده إلى السجون.
هذا هو الشاعر: البحر من حوله متلاطم الأمواج. قرص الشمس الأحمر أمامه يودعه ساخرا نحو الغروب. يجذف نحو قصيدته الهاربة. وخلفه ترك كل الصخور المتربصة بقاربه الخشبي، منطلقا نحو ذكرياته و تأملاته، هاربا من ضجيج المدينة وبصاصيها. نحو حبيبته، نحو الكتابة.
يعانقها و يلاعب نسيم الخيال المنهك بسراب الواقع. لعله يستطيع الانفلاث من خيوط العنكبوت ومن الفخاخ المتربصة في كل مكان. صدق فوكو حين قال إن السلطة و القمع لا مكان لهما لأنهما يوجدان في كل مكان.
الشاعر أراد ان يعيش ما يريده و ما لا يريده خلف أسطر أوراقه المخربشة. اكتمل الوزن أو اللاوزن الذي يبحث عنه في هيأة استعارة..ابتسامة..وردة..قصيدة أو عشتروت الفينيقية. حين حمل قلمه اكفهرت كل الوجوه المستبدة الناقمة. وسموه على وجهه كمجرم خطير يحرض الخيال على التمرد، يحرض الكناية ضد الطاعة، و يصير كل الطغاة في شطر واحد بغاة.
قيل له إن أوراقك فاسدة الأخلاق. حروفك تنثر الشقاق سرا في شقائق النعمان، وتبعث كل الصعاليك من قبورهم. صدر الحكم، أحرقت بنيات أفكاره في الزقاق، كما أحرقت كتب ابن رشد. أعلن: أن كل من ردد مهاتراته من الفساق. رد الشاعر منافحا عن حق الفراشات: كل الأشياء سمعتها..الأخلاق، الشقاق، النفاق، الوثاق...و نسيتم زهر الدراق.
قال الشاعر لسجانه: لم أنا هنا؟...قيل لأنك عديم الأخلاق، سفيه، كلماتك خارجة عن القانون...
ابتسم الشاعر أمام جلاده ساخرا: تأمل جيدا في تضاريس خيالك تجدها خارجة عن القانون..متى كان الخيال يأبه بفصول القانون. ألم تنصت لنفسك يوما؟ ألم تجالس أحلامك؟كوابيسك؟أحلام اليقظة؟النوم؟ و الخيال؟ كلها أشياء ترقص خارج الدائرة الحمراء. ارتعد الجلاد من حقيقته و انبرى واجما: قل لهم ذلك في المحكمة...و فعلا تحدث الشاعر فقال قصيدة.
هذا هو الشعر، و هكذا هو الفن و دروب المخيلة. أسرع القاضي في حكمه خائفا من خياله و من صحوة الضمير، قائلا: سطورك كلها كلام بذيء، شتم، كفر وعصيان. كلها مفردات جنس و جسد عار،فتنة للعالمين...
حين أخرجوا الشاعر المنهوك بأسئلة الكون، نحو مقصلة الخيال. استرق الأنظار إلى ردهة المحكمة، و لمح الواقع المضحك المبكي. هناك بعيدا على كرسي مهشم، امرأة بلحمها و دمها ممزقة الأسمال،مغتصبة...منذ زمن طويل تنتظر موعدا واحدا من هذا القاضي الذي هزه منظر امرأة ترقص في ثنايا قصيدة ما. و قال ساخرا أمام شانقه: هذا هو الخيال في زمن الاغتيال.
عبد الرحيم حدا(لعرب)
04/04/2013



#عبد_الرحيم_لعرب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقال عن مستبد قديم إلى كل المستبدين الجدد و القادمين على ظهر ...
- ثورة مصر مستمرة: -بشرى للحرية بشعب مصر-
- عمال إيمني:قصيدة إلى كل عمال المناجم بالمغرب: إيمني، بوازار. ...
- إلى ذكرى الشهيد الثائر الأممي تشي غيفارا: خطاب كاميليو وسط ا ...
- رسالة الشهيد البوعزيزي: إلى ثعالب الديار: إلى مفتي الديار:
- من شاعر يحبكم: بشرى للحرية بشعب مصر. مع باقة من القصائد
- بطاقة تهنئة من المغرب: مبارك على الشعوب سقوط مبارك
- رسالة الشهيد البوعزيزي
- أبو القاسم الشابي يُبعث في سيدي بو زيد
- خطاب سيدي السلطان بعد أحداث سيدي بوزيد
- في ذكرى استشهاد الرفيق عبد الرزاق الكاديري، كان أول من سقط ش ...
- حوار قصير بين الأخطل و جرير: إلى كل الجلادين
- شعر ثوري:أنتم أحرار في ألا تعترفوا بالكلام و الحمام
- رفيقي لا ترحل: إلى الرفيق الرقيق المشاعر الطيب المعشر الشهيد ...
- قصيدة قديمة إلى حرزني و أمثاله
- أحد عشر كوكبا و سبع سنبلات خضر
- صٓوِّتْ


المزيد.....




- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...
- بعد زلة لسانه حول اللغة الرسمية.. ليبيريا ترد على ترامب: ما ...
- الروائية السودانية ليلى أبو العلا تفوز بجائزة -بن بينتر- الب ...
- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم لعرب - الخيال في زمن الاغتيال