أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء كعيد حسب - على خطى الشاعر العراقي - لقمان محمود - في ديوانه ( القمر البعيد من حريتي )














المزيد.....

على خطى الشاعر العراقي - لقمان محمود - في ديوانه ( القمر البعيد من حريتي )


علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي


الحوار المتمدن-العدد: 4160 - 2013 / 7 / 21 - 21:56
المحور: الادب والفن
    


نحتاج إلى الهشاشة و الحسِ المرهف لندرك ما حولنا من تفاصيلٍ و ما فينا من إيقاعاتٍ تحاصرنا، و إلى أعمقَ من الطفولة في تجليها لنتحسس المسافة بين قمرٍ على مرمى البصر و حريةٍ ضاعت بين الحرب و السلم. و حين نصل إلى هذا المستوى الشفاف في الروحِ، يمكننا إدراكُ نقطة البياض في كل خسارة و ألم، و نستطيع بوعي العاشق الحكيم أن نستوعب كنه بعض الأعمال الشعرية التي تفوق رسالتها اللحظة و تتعدى حمولتها الوجدانية تقلبات الإنسان. و من هذه الأعمال ديوان ( القمر البعيد من حريتي ) للشاعر العراقي " لقمان محمود " الذي نسج من خلاله هذا الشاعر خيوطا للحرية بأيادٍ كلُ إصبعٍ فيها يرمز إلى عنصرٍ يشكل أحد ملامح حياة الإنسان، بحيث أضحى مثلا للحرية معيارٌ يتعدى المتعارف عليه في الأدبيات القانونية و المواثيق الدولية، معيارٌ وحدها الروح الحَكَمُ فيه.

و بين التراجيديا التي خلفتها سنوات الحرب و مواقف الفراق و الانتماء إلى هويةٍ أقرب إلى هوية الريح، تكمنُ فسيفساءٌ من الحب و الطفولة و الطبيعة و الأمل، و يعلو كلَ صورةٍ شعريةٍ نفسٌ مثقلٌ بالعواطف، يفسر المغزى الكامن وراء العنوان الذي اختاره الشاعر لديوانه. كأني بالقلق ينخر وجدانه و يقيده، حتى أضحى القمر كرمز للسلام الداخلي و السكينة حلقة مفقودة في حياة الشاعر، و معه حرية روحية تكبلها الذكريات التي تمنعه من مواصلة مسيره حرا من أثر الماضي الأليم. و بما أن الشاعر ابن بيئته فقد جسد " لقمان محمود " من خلال ديوانه ( القمر البعيد من حريتي ) قصة الأمة الكردية التي تبقى حريتها ناقصة و غير مكتملة، لأن الحرية في نظر الشاعر لا تقدم على جرعات كما قال " نيلسون مانديلا " ، فإما أن تكون حرا أو لا تكون.

حاول الشاعر " لقمان محمود " جاهدا في هذا الديوان إخفاء قلقه الوجودي، خلف صورٍ شعريةٍ متقنة و صياغة سرديةٍ رصينة، غير أنه و رغم مكابرته، لم يستطع تجاوز هذا القلق الذي سيطر عليه و ساهم بشكل حاسم في تكوين الجانب الجمالي من شخصيته و شحذها بالحس الإنساني المرهف. و لأسباب موضوعية متصلة بنشأة الشاعر و بيئته، يقاوم " لقمان محمود " سطوة هذا القلق الذي غلف روحه، و يناضل على نهج أسلافه هذا الشعور القاتل، بصبرٍ قذرٍ متعدد الأبعاد، على أمل أن تمتد إليه في النهاية أصابع الأمل الرقيقة:
استرح أيها القلق
كصبرٍ
قذرٍ
ينتظر الأمل
*قصيدة { موت مستيقظ } ص 71

و لأن قدرة الإنسان تتجلى في الشاعر، يحتفي " لقمان محمود " من خلاله ديوانه ( القمر البعيد من حريتي ) بالإنسانية و تعاليمها السمحاء كتصور شفاف و ناعم قام على أساسه الوجود، ليقينه التام بأن الإنسان أشرف على استنفاذ إنسانيته، و أن عليه التشبث في هذا العالم المتصدع و هذا الزمن الكافر بالأحاسيس، بالحب كسبيل وحيد و أوحد للعودة إلى فطرته الإنسانية، للنجاة من براثين المادة التي أتت مطامحها على الأخضر و اليابس:
فات الآوان
أيها الإنسان
و لا فائدة
من هذا العالم المتصدع
فقط دافع عن الحب:
حينها ستعرف
أن بيتك هي الأرض
و عائلتك هي الأشجار
*قصيدة { صمت الإنسان } ص 143

( القمر البعيد من حريتي ) نافذة واقعية المعالم على القضية الكردية، و تفصيل وجداني لملامحها العريضة و ارهاصات شعب أنهكته الحسابات على امتداد التاريخ، و نخرته على مهل المآرب و المصالح التي كان دوما محورها، حتى أضحى الإنسان الكردي من فرط معاناته، ينظر بعين الريبة لعقارب الساعة، و للحدود كأنها رقيب يجس نبضه و يدقق في كل الآلام و المآسي التي يعيشها و عاشها من قبلُ أجداده:
يأتي الظلام
من الأسلاك الشائكة.
فكل معلوماتي عن الحدود
أنها تراقب
الآلام المتبادلة
بين الأكراد
*قصيدة { الجحيم } ص 105

و رغم أن العناصر المحيطة بالشاعر " لقمان محمود " تدفعه إلى التفاعل مع الواقع من أفق غير مشرق، تملأُ أجواءه غيومُ الماضي الملبدة و أمطارٌ جارحةٌ تجلدُ كل نواةٍ ممكنةٍ لمستقبل واضح، إلا أن الهدوء الذي تبعثه ذكرى حبيبةٍ يسكنُ هواها الأضلع، كافٍ للتطلع إلى المستقبل و الأمل في تغيير الرؤى و المعطيات، للمضي بأقدام بيضاء نحو الأمام. هو الحب الذي نادى به شاعرنا في ديوانه ( القمر البعيد من حريتي ) كسبيل أوحد لنجاة الإنسانية، ما يمنعُ عنه الغرق في ظلمات الحيثيات، باستحضار والدته و هي تخبره بأن ابنة الجيران جلست في جحيمه و غنت: ( جنتي في الجحيم ) لأنها تحبه، أو الاقتراب من المياه و هي تنام حالمة بالحصى، و التدقيق في دهشته حين يطفو كل شيء على ظله بينما لا يطفو هو إلا على ناره، ربما يكفيه حلم تسهر فيه حبيبته / وطنه ( دلشا ) التي أخرسها العصر بينما يتابع هو أعمىً صدى كلماتها في ذاكرته:
تزورني دلشا كل نومٍ
لتسهر في أحلامي.
هي خرساء
و أنا أعمى
*قصيدة { الذي لم يتعلم الغرق } ص 8

و أخيرا، فإن الأعمال الأدبية المميزة حتما هي التي تتقبل عدة قراءات، و يجد فيها أي كان، من أي ثقافة أو جغرافيا، جزء منه. و شخصيا، أعتقد أن ديوان ( القمر البعيد من حريتي ) للشاعر العراقي " لقمان محمود " من جنس هذه الأعمال، و له خصوصيته على الساحة الشعرية المعاصرة، في العراق و خارجه.



#علاء_كعيد_حسب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تتبنى الهيئة الوطنية لحماية المال العام (فرع مراكش) ملف ت ...
- مسار الفنان المغربي(عبد الكريم خولة): حين تمتد الأصالة إلى ا ...
- خمس خطوات نور في العتمة
- (محاميد الغزلان) تستعد لاحتضان فعاليات الدورة الأولى للمهرجا ...
- ما تزيد ماء ما يفسد عجين
- (الإنسانة/ الطفلة/ المراهقة/ الحلم) في يدي ممدودة للحلم
- حوار مع القاص و الروائي المغربي ياسين أبو الهيثم
- حرية الرأي أو لا شيء
- حزب الاستقلال و القضاء و السلطتين المنتخبة و المحلية متورطة ...
- جماعة (إكرفروان) / المغرب: الواقع المرير
- الشاعرة المغربية -رشيدة الشانك-: حين تمتد القصيدة إلى الخطى
- تعدد العوالم في لوحات الفنان التشكيلي المغربي -ياسين خولفي-
- الغرابة في -بلاغ في الولع- للشاعر سلمان داود محمد
- رصد الوحشية في قصيدة -قذائف و شناشيل- للشاعر سعد ياسين يوسف
- قصيدة -إشارات بأصابع مطفأة- للشاعر -طلال الغوار-: خطوات شاعر ...
- على مهل أمشي
- ليس للقصيدةِ وطنٌ
- صورة بين الظل و النور
- لست محظوظا بما يكفي
- رحلة إلى الظل -في رثاء الصديق الشاعر العراقي ثائر الحيالي-


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء كعيد حسب - على خطى الشاعر العراقي - لقمان محمود - في ديوانه ( القمر البعيد من حريتي )