أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء كعيد حسب - مسار الفنان المغربي(عبد الكريم خولة): حين تمتد الأصالة إلى النغم















المزيد.....

مسار الفنان المغربي(عبد الكريم خولة): حين تمتد الأصالة إلى النغم


علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي


الحوار المتمدن-العدد: 4044 - 2013 / 3 / 27 - 02:19
المحور: الادب والفن
    


ساهم الطرب الأصيل، و مازال، في السمو بأذواق محبي و عشاق الموسيقى و الثقافة العربيتين، و تحصين الموروث الذي يمثل خصوصيتنا من الغزو الفكري الغربي، و قد كان له الأثر البالغ في الحفاظ على الهوية و الروابط المشتركة بين شعوب العالم العربي و قضاياه المصيرية. فكان بحق، سلاحا ناعما و فعالا في إثارة الوجدان العربي ضد كل تفرقة و هجمة، و مهيجا عند الحاجة للوعي الجمعي للانتصار للمصلحة العامة على الأفاق الضيقة التي فرضتها التغييرات الدولية و موازين القوى و ما رافقهما من انحراف للبوصلة العربية عن وجهتها الموحدة.

و رغم أن هذا الانحراف شجع أشباه المبدعين و وفر لهم إمكانات ضخمة و وسائل انتشار متعددة لترسيخ الميوعة و الانحطاط، فإن مجموعة من المبدعين الحقيقيين في شتى بقاع العالم العربي تجاهد بوسائل ذاتية لتشذيب الذوق العام من هذه العوالق، و تسعى بما أوتيت من عزم و إيمان إلى الحفاظ على الروح الأصيلة للموسيقى و تزكية دورها كمكون ضروري و عنصر أساسي في الشريط الذي يربط الماضي بالحاضر، نحو مستقبل نصنعه دون حذف أي همزة من تاريخنا. و من بين هذه الفرق فرقة (عبد الكريم الرباطي) بمراكش التي يرأسها سليل مدينة الرباط المطرب (عبد الكريم خولة) الذي أخذ على عاتقه تشجيع الأصالة في مدينة تتسارع فيها الخطى الهمجية للمعاصرة، و أضحت غريبة في اللباس الذي ألبسته إياها السياحة غصبا. فاستحق انصافا على مجهوداته الجبارة، أن يكون ابن مراكش بالتبني.

من الطرب العربي الأصيل الذي يستحضر العمالقة إلى الموسيقى المغربية التي تتغنى بالأعلام التي ما زالت تتناقل أغانيها الأفواه، مرورا بالفن الشعبي الرصين و الملحون و الطرب الأندلسي، تطلق فرقة (عبد الكريم الرباطي) العنان للأنغام و الإيقاعات لتعلو و تنخفض، و للمواويل لتشمل كل البلدان العربية، فيغدو المتلقي غيمة تنتقل بين أزمنة متعددة و أماكن مختلفة، قاسمها المشترك الأصالة و الالتزام و الاتزان في الكلمة و الأداء و اللحن. و في هذه الأجواء، ينسى المرء التفاصيل التي تشكل واقعه، و يغيب الجزئيات التي تربطه بالمادة، ليدرك قيمة ثقافته و قدرتها في الحفاظ على روحه الأصيلة و خصوصيته الفريدة، في زمن العولمة و طغيان النموذج الغربي و ذهنية الاستهلاك التي تسعى بقوة إلى إقصاء و تحجيم كل ما يدفعنا للفخر بماضينا و التشبث به.

كانت بداية المشروع الحلم سنة 1962 بالعاصمة الرباط مع مولد الفنان (عبد الكريم خولة)، الذي ساهم تكوينه في وسط فني عريق في توجيهه إلى منابع الموسيقى العريقة. فبعد التحاقه بداية الثمانينات بمعهد مولاي رشيد للموسيقى الأندلسية و تتلمذه على ثلة من رواد هذا الفن على رأسهم الفنان (بن عمر الزياني) و احتكاكه بأعلام كالمرحوم (عبد القادر الراشدي)، تراءت لهذا الفنان الخطى التي لا بد له من القيام بها و الطريق التي يجب عليه إتباعها ليحافظ على الإرث و القيم التي أودعها فيه هؤلاء الأفذاذ. فانطلق من الرباط رفقة المجموعة التي شكلها إلى مدينة مراكش لينقل إليها أصولا و ضوابط تشكل قاعدة كل فن الأصيل، و ملامح لكل عمل يرتبط بالموروث الخالد للأمة العربية.

و من سنة 1986 تاريخ التحاقها بمراكش و تنشيطها ساحتها الموسيقية، و إلى الآن، قامت فرقة (عبد الكريم الرباطي) بقيادة رئيسها (عبد الكريم خولة) بالعديد من الأنشطة الفنية و أحييت الكثير من الآماسي و السهرات الفنية في كل مناسبة و حين، و بكل ربوع المملكة. فأمست عنوانا للأصالة بمدينة مراكش و نبراسا للتوجه الراقي في الفن، ما جعلها على رأس الفرق الموسيقية التي تعنى بالطرب المتزن بكل فروعه و فصوله.

و كان من النقاط الأساسية في مشروع (عبد الكريم خولة) الذي يرتكز على الثقافة العربية، قيامه باستنباط عمل موسيقي من حكايات ألف ليلة و ليلة على شكل أوبريت عرض، لاق استحسانا واسعا من لدن المتتبعين و عشاق كل ما هو أصيل. كما قام بتنظيم سهرات لفائدة المعوزين بالخيريات و المدارس في المناطق المهمشة، إحياء للقيم الأصيلة للفن و ترسيخا لدوره الأبدي. كذلك أسهم الأستاذ (عبد الكريم خولة) في عدد كبير من السهرات بأمريكا و كندا و سويسرا و فرنسا و إسبانيا و البحرين و تونس و دول أخرى عبر العالم، خدمة لسمعة المملكة المغربية و تراثها، رافضا في تفس الوقت الانصياع لأي إغراءات تهدف لترسيخ الجانب المادي على الجانب الروحي للموسيقى.

و يبقى وسام هذا الفنان الأغر التزامه بالعلاقات الإنسانية بينه و بين أعضاء فرقته و باقي الفنانين من جهة و كذلك حفاظه على الوشائج التي تربطه بأفراد عائلته من جهة أخرى. فهذا الأب لثلاثة بنات و ابن، لا يهتم في الدنيا بشيء أكثر من أسرته، لأنه يعتبرها الكنز الأساسي و ميراثه الحق الذي لا يقبل التفاوض أو التغاضي، تحت أي إغراء أو سبب.

و ليكتمل المشروع الذي سطره هذا الفنان، ساهم في تكوين عدد من المواهب و تشجيعها، من بينها الفنانة الواعدة (دليلة بلكاس) التي يراهن عليها و يتوقع لها مستقبلا متميزا، و يسعى إلى توفير الإمكانات اللازمة التي من شأنها تدعيم موهبتها. و بهذا الأساس أفادت (دليلة بلكاس) بان الدعم الذي قدمه (عبد الكريم خولة) كان حاسما في مسارها الفني و مستقبلها الموسيقي، بإيمانه أولا بموهبتها و توفير الدعم اللازم لتطوير قدراته الصوتية، و ثانيا بفتح الأبواب لها للتواصل مع محبي و عشاق الموسيقى.

و في حوار مع (عبد الكريم خولة) جدد ارتباطه بالنهج الذي سار على خطاه من المرحوم (بن عمر الزياني) و المرحوم (عبد القادر الراشدي) و لغاية الآن، إذ اعتبر أن المطرب الأصيل ملزم باحترام ضوابط و أصول الفن، و الحفاظ على دوره الحقيقي و رسالته الحقة للرقي و السمو بأذواق عشاق الموسيقى و تشذيب أذواقهم دون المس بثقافتهم و مكوناتها. و عن انتشار الموسيقى الهابطة و أشباه المطربين، أفاد بأنها ظاهرة مرضية تعبر عن الحالة العامة للمجتمع الذي ينخره الضعف و تستحوذ عليه الأفكار الدخيلة، و أكد بان ما نشهده لا يعني غياب أو تقلص القاعدة الجماهيرية للطرب الأصيل بكل صنوفه بقدر ما يفسر صلابة موروثنا الموسيقي و استمراريته رغم الحملات الواسعة لتشجيع الموسيقى الهابطة و الإمكانات الضخمة الموفرة لها، و هو مؤشر يطمئن كل غيور على الفن.

إضافة إلى علاقته بالطرب الأصيل، يرتبط الفنان (عبد الكريم خولة) بالمبدعين في المسرح و التمثيل و الشعر و التشكيل، لأنه يعتبر الموسيقى متصلة بباقي الفنون و أن المطرب الذي ينفصل عنها يبتعد كليا عن كينونته الجمالية التي لا تكتمل سوى بالاحتكاك المتواصل و المثمر بباقي التجارب المختلفة. فتجد منزله دائما محجا لنخبة من المبدعين و نقطة التقاء فروع الإبداع، و مزارا تنتفض فيه الإنسانية بعيدا عن الذات الأنانية و ما يمثلها.

و من المثير في هذا المسار الحافل بالإنجازات و المبادرات العظيمة اتجاه الكلمة الطيبة و الأداء المتزن و اللحن الجميل، اكتفاء الأستاذ (عبد الكريم خولة) بما يوفره الفن لوجدان المتلقي كأثمن تكريم يمكن للمبدع نيله، ليستشعر قيمة مساره و جدوى اختياراته، التي كانت من منطلق إيمان راسخ بالدور الوجودي الذي يلعبه الفنان بصفته أفضل تجل لقدرة الإنسان. فكان بكل تأكيد، سفير المغرب للأغنية الجادة و الهادفة، و عرابها و معلمها بالنسبة للأجيال القادمة، فأوجب علينا التزامه و تفانيه في هذا النهج الصعب و حجم التضحيات التي قدم في سبيله، أن نقول له: شكرا.



#علاء_كعيد_حسب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمس خطوات نور في العتمة
- (محاميد الغزلان) تستعد لاحتضان فعاليات الدورة الأولى للمهرجا ...
- ما تزيد ماء ما يفسد عجين
- (الإنسانة/ الطفلة/ المراهقة/ الحلم) في يدي ممدودة للحلم
- حوار مع القاص و الروائي المغربي ياسين أبو الهيثم
- حرية الرأي أو لا شيء
- حزب الاستقلال و القضاء و السلطتين المنتخبة و المحلية متورطة ...
- جماعة (إكرفروان) / المغرب: الواقع المرير
- الشاعرة المغربية -رشيدة الشانك-: حين تمتد القصيدة إلى الخطى
- تعدد العوالم في لوحات الفنان التشكيلي المغربي -ياسين خولفي-
- الغرابة في -بلاغ في الولع- للشاعر سلمان داود محمد
- رصد الوحشية في قصيدة -قذائف و شناشيل- للشاعر سعد ياسين يوسف
- قصيدة -إشارات بأصابع مطفأة- للشاعر -طلال الغوار-: خطوات شاعر ...
- على مهل أمشي
- ليس للقصيدةِ وطنٌ
- صورة بين الظل و النور
- لست محظوظا بما يكفي
- رحلة إلى الظل -في رثاء الصديق الشاعر العراقي ثائر الحيالي-
- عشرين شمعة لوجهين كئيبين
- المأساة و الأمل في -مرثية دم على قميص قتيل- للشاعر العراقي - ...


المزيد.....




- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء كعيد حسب - مسار الفنان المغربي(عبد الكريم خولة): حين تمتد الأصالة إلى النغم