أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - زمن الفعل















المزيد.....

زمن الفعل


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4153 - 2013 / 7 / 14 - 16:24
المحور: الادب والفن
    


زمن الفعل
داود روفائيل خشبة

هذه خواطر عفوية فى موضوع قد أعود إليه فى بحث مطوّل إن أسعفنى الزمن.
تعلمنا فى المدرسة أن الفعل فى اللغة العربية له ثلاثة أزمنة: الحاضر والماضى والمستقبل. وليس هذا صحيحا تماما، فإن المستقبل فى العربية يُعبّر عنه بصيغة الحاضر، فإن سئلت: متى تسافر؟ فقلت: أسافر غدا، فهذه الإجابة صحيحة لغة وأسلوبا ومعنى، فإن أردنا التوكيد على مستقبلية الفعل فإننا لا نملك لذلك صيغة خاصة للفعل تؤدى تلك الوظيفة بل نلجأ لأداة نلحقها بالفعل: السين أو سوف. فمن يُسأل: متى تسافر؟ إذا أجاب بقوله: سأسافر غدا أو سوف أسافر غدا كان ذلك تزيّدا سخيفا لا معنى له، إلا إذا كان يقصد التوكيد فى مواجهة تشكيك أو ممانعة من ناحية من يحادثه. بل إننا نقول فى العربية: إنى مسافرٌ غدّا، فنؤدّى وظيفة التوكيد دون الحاجة للسين أو سوف. وإذا تتبّعنا صيغ الحاضر والماضى فى لغة القرآن لوجدنا تداخلا بل تواصلا يشير إلى غيمومة مفهوم الزمن فى لغة العرب فى منتصف القرن السابع الميلادى؛ وأكتفى هنا بأن أحيل القارئ إلى الآية 97 من سورة الإسراء أو الآية 124 من سورة التوبة كمثالين ألتقطهما اعتباطا، وهناك بالطبع الآيات العديدة التى تقول "كان الله" دون أن تقصد الإشارة إلى زمن محدّد.
فى كثير من اللغات القديمة، مثل اليونانية الكلاسيكية واللاتينية، نجد مجموعة من صيغ أزمنة الفعل، استعاضت اللغات التحليلية الحديثة عن بعضها بصيغ مركـّبة مثل المضارع المستمر والماضى المستمر، وهذه الصيغ، التى ليس لها مقابل فى العربية الكلاسيكية، كثيرا ما تتعِب من يقوم بالترجمة من الإنجليزية أو الفرنسية مثلا إلى العربية، وكثيرا ما تجعل المترجم يقع فى الخطأ أو تشويه المعنى). فى العاميّة المصرية تسأل الأم: "فين أحمد؟" أو "أحمد بيعمل إيه؟" فتجيبها ابنتها: "بيلعب" ويكون المعنى واضحا تماما: إنه الآن منهمك فى اللعب. أما إذا سألت الأم بالعربية الفصحى: "ماذا يفعل أحمد؟" فتأتى الإجابة: "إنه يلعب" وقد يكون المعنى المقصود أن هذا دأبه وعادته ولا تتعارض هذه الإجابة مع أن يكون أحمد فى هذه اللحظة نائما مستغرقا فى النوم. ولا تمنع العامية المصرية أن تقول أخت أحمد فى مجال آخر: "الطفل يلعب" دون أن تقصد بذلك أن هناك طفلا ما يلعب فى هذه اللحظة بل تقصد أن هذه طبيعة الأطفال ولا غرابة فى ذلك.
فى رواية حديثة لكاتب متميّز ترد عبارة "لا أعتقد أن أختى ستغفر لى هذا". عندما قرأت هذه العبارة أحسست أنها غير منسجمة تماما مع السياق الذى وردت فيه. العبارة بصيغتها هذه تحتمل أكثر من معنى، وأقرب معنى تحمله الكلمات إلى الذهن هو أبعد المعانى عن السياق الذى وردت فيه. لنستعرض بعض هذه المعانى المتباينة التى يمكن قراءتها فى هذه الصيغة، ولنلاحظ أننا نستطيع أن نعطى هذه الصياغات ذات المعانى المحدّدة بفضل ما اكتسبته لغتنا عبر أحقاب من الزمن:
أولا: لا أعتقد أن أختى ستغفر لى هذا، والمعنى الضمنى أنى فعلت هذا وأختى لن تغفر لى.
ثانيا (بربط العبارة بالسياق الروائى الذى وردت فيه): لم أعتقد وقتها / لم أكن وقتها أعتقد أن أختى ستغفر لى هذا، والمعنى الضمنى أنى فعلت هذا ولم أكن أعتقد أن أختى ستغفره لى لكنها غفرته.
ثالثا: لم أعتقد أن أختى كانت لتغفر لى هذا، والمعنى الضمنى أنى لم أفعل هذا وكنت أعتقد أن أختى ما كانت لتغفر لى لو أنى فعلت. (لا مجال هنا للقول بأنها غفرت أو لم تغفر لأن المقدّمة لم تتحقق.)
رابعا: لا أعتقد أن أختى كانت لتغفر لى هذا، والمعنى الضمنى أنى لم أفعل وأعتقد أنى لو كنت قد فعلت فما كانت أختى لتغفر لى.
وأعطى فيما يلى ما يقابل هذه الصيغ الأربع التأويلية باللغة الإنجليزية عسى أن يكون فى ذلك بعض الفائدة:
1- I don’t believe my sister will ever forgive me that, implying, I did that and my sister will not forgive me.
2- I did not believe my sister would forgive me that, implying, I did that and at the time did not believe my sister would forgive me, but she did.
3- I did not believe my sister would have forgiven me that, implying, I did not do that and it was not my belief that my sister would have forgiven me had I done. (There is no point here of saying she did´-or-did not forgive.)
4- I don’t believe my sister would have forgiven me that, implying I did not do that and I believe that had I done, my sister would not have forgiven me.
لا أريد أن أنساق هنا إلى الإسهاب فى الحديث عن الخطأ الذى يقع فيه المترجم حين يتقيّد بشكليّة المصطلح فى لغة الأصل، الإنجليزية مثلا، فى مثل عبارة: “He said he wanted to do this”، فالفعل “wanted” هنا يأتى فى صيغة الماضى التزاما بقاعدة شكلية لا تتوافق مع المصطلح العربى، فالترجمة الصحيحة للعبارة فى العربية ينبغى أن تكون: "قال إنه يريد أن يفعل هذا" باستخدام المضارع فى "يريد"؛ أما "قال إنه أراد أن يفعل هذا" فمقابلها الصحيح، وليس الشكلى، فى الإنجليزية هو: “He said he had wanted to do this”. (كتبت "إنه" فى العبارتين الأخيرتين بكسر الهمزة مع إن لى نظرية توجب فتح الهمزة هنا، لكنى لا أريد الدخول فى مسألة يطول شرحها، خاصة وأن هذه ملاحظة عارضة تأتى فى ركاب ملاحظة هى بدورها عارضة.)
فى موضع آخر من نفس الرواية يكتب المؤلف: "ولو أحبّه الله فعلا لتعلـّم من هذا الخطأ". هذه العبارة بصيغتها هذه غائمة المعنى، وقد تعنى: "لو أن الله كان قد أحبّه حقـّا لكان قد تعلـّم من هذا الخطأ، إلا أن هذا لم يحدث، لا الله أحبّه ولا هو تعلـّم من الخطأ". إلا أن هذا المعنى ليس هو المعنى الذى يقتضيه السياق، إنما كان المفروض أن نقول: "إذا أحبّه الله فعلا فإنه يتعلـّم من هذا الخطأ". فى هذه الحالة، العبارة التى يرد فيه الفعل "يتعلـّم" بدون سين المستقبل تعطينا قاعدة عامة: من يحبّه الله يتعلـّم من خطئه، وهذا هو المعنى الذى يقتضيه السياق فى الرواية. أما صيغة "سيتعلـّم" فتعطينا مدلولا أضيق يشير إلى حالة معيّنة محدّدة.
هذه، كما قلت فى البداية، خواطر عفوية فى موضوع يستحق دراسة مستفيضة عسى أن يتصدّى لها من يملك من الوقت والجهد ما لا يملكه رجل تجاوز منتصف العقد التاسع.

مدينة السادس من أكتوبر، الجيزة، مصر، 14 يولية 2013



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدود التنظير
- كل منا له دور يؤديه
- حول الإعلان الدستورى
- الثبات على المبدأ وتجمّد الرأى
- لنحذر الباطل المتدثر بالحق
- فى أعقاب 30 يونية
- فى انتظار 30 يونية
- نوعان من الترجمة
- توافق ما لا يتوافق
- لقطة
- من هم العلماء؟
- اعتراف واعتذار
- فى لغة القرآن (2) قصار السور
- فى لغة القرآن (1) مقدمة
- أين الثورة؟
- لماذا الدين؟
- الحرية والسلطة
- التاريخ الإسلامى والدولة الإسلامية
- مرجعية الأزهر
- الإخوان والثقافة دونت ميكس!


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - زمن الفعل