أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - فى لغة القرآن (2) قصار السور














المزيد.....

فى لغة القرآن (2) قصار السور


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 4102 - 2013 / 5 / 24 - 18:40
المحور: الادب والفن
    


جاء القرآن وقت أن كان للعرب شعر منظوم لكنهم لم يكونوا قد عرفوا النثر الأدبى، وكان من الطبيعى أن تبدو على لغة القرآن ملامح تلـَمُّس الطريق إلى صنع لغة الخطاب النثرى، فتأتى شيئا بين الشعر والنثر، وتظهر فيها بالضرورة محاسن وعيوب التجربة المرحلية.
فى رأيى أننا نستطيع أن نقرر فى اطمئنان أن أوائل النصوص المكية كانت خواطر عفوية تلقائية، كتلك التى يعرفها كل شاعر وكل كاتب مبدع، والتى يحس الشاعر أو الكاتب أنها تأتيه من حيث لا يدرى وأنها تـُملى عليه إملاء. ولهذا فإنى أرجّح أن النبى فى أول الأمر كان صادقا فى اقتناعه بأن تلك الخواطر تأتيه كوحى من خارج ذاته. وهنا أجدنى مضطرا لأن أوضح أمرين كان من المفروض ألا تكون هناك حاجة لإيضاحهما لولا أن الكثير من الناس يصرّون على إساءة فهم ما أكتب. الأمر الأول أنى حين أقول إن النبى كان صادقا فى اقتناعه فإننى لا أعنى أنه كان مصيبا فى اقتناعه، فإننا نعرف أن هذه الخواطر التى يحسّها الشاعر أو المبدع تـُملى عليه إملاء، لا تأتيه فى الواقع من خارج ذاته بل من أعماق ذاته. وأكتفى بهذا البيان الموجز، فهذا موضوع يمكن أن تـُكتب فيه مجلـّدات ضافية. الأمر الثانى أنى هنا أتحدّث تحديدا عن النصوص المكية الباكرة، وما أقوله لا ينطبق بالضرورة على السور المكية المتأخرة، وهو بالتأكيد لا ينطبق على السور المدنية.
إذا نظرنا فى السور المكية الباكرة (وعلينا هنا أن نتذكر أن الترتيب الزمنى لسور القرآن أمر ملتبس غاية الالتباس وكل ما نقوله فى هذا الصدد لا يمكن إلا أن يكون حدسا يؤخذ على وجه التقريب)، إذا نظرنا فى تلك السور وجدناها تتميّز أوّلا بالإيقاع الشعرى مع غموض المعنى أو حتى انتفاء المعنى، وتتميّز ثانيا بالقصر الشديد، فسورة الكوثر مثلا لا تتجاوز عشر كلمات، وسورة قريش سبع عشرة كلمة، وسورة العصر أربع عشرة كلمة، وهكذا.
فلننظر فى سورة العلق التى يتفق المسلمون على أنها "أوّل ما أنزِل من القرآن". هذا القول قد ينطبق على الآيات الخمس الأولى، أما باقى الآيات، من السادسة حتى التاسعة عشرة، فلا تأتى فى سياق هذه الآيات الأولى، فمن الواضح أن بعض هذه الآيات لا يمكن أن يكون قد أتى إلا بعد أن جَهَر النبى بدعوته وما أدى إليه ذلك من نزاع وصدام بينه وبين أهل مكة. ولا رابط بين الآيات 6 - 19 وبين تلك الآيات الأولى، كما أنه لا يوجد رابط بين بعض هذه الآيات وبعضها الآخر.
الآيات الخمس الأولى تتميّز بإيقاعها وبالتزام القافية، مع غموض المعنى، وأمسك نفسى عن أن ألحِق بصفة الغموض صفة أخرى. ما معنى خلق الإنسان من علق؟ أى إنسان؟ الإنسان الأول أم آحاد أفراد البشر؟ لكنى وعدت بأن أحرص على ألا أنساق إلى مناقشة الفكر والعقيدة إلا فى حدود ما لا يمكن فصله عن المناقشة اللغوية.
الآيات 6، 7، 8 يصعب أن نراها تأتى فى سياق الآيات التى سبقتها، لكنى أريد هنا أن أركز على نقطة أسلوبية: "كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى إن إلى ربك الرجعى". ما الرابط المنطقى بين هذه العبارات الثلاث؟ لآ أقول أن ليس هناك رباط معنوى بينها، فهذا الرباط يمكن أن نستشفـّه. لكنى أتحدّث عن غيبة أدوات الربط المنطقية. ليس هذا عيبا يُلام عليه من صاغ هذه العبارات، بل هو عيب تلك المرحلة الزمنية من مراحل تطوّر اللغة العربية. فى عبارة "إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى" تعجز "أن" عن أن تؤسس لعلاقة النتيجة بالسبب. فإن أردنا أن نعبّر عن بعض ما قد تنطوى عليه هذه العبارة الهلامية، مستخدمين بعض الأدوات التى اكتسبتها اللغة العربية بعد احتكاكها بحضارات أرقى ولغات أكثر تطوّرا يمكننا أن نقول: "إذ رأى أنه قد استغنى"، أو "لأنه رأى أنه قد استغنى"، أو "متى رأى أنه قد استغنى". وهذه العبارات البديلة، إلى جانب أنها تفصح عن ارتباط السبب بالنتيجة، فإنها تعطينا بدائل بينها فروق دقيقة لنا أن نختار بينها، ولم يكن هذا متاحا للغة العربية وقت صياغة القرآن.
ويمكننا أن نستخرج الكثير بالنظر فى الآيات 9 إلى 19، إلا أنى أكتفى بهذا الآن، لكنى أودّ أن أتوجّه برجائين، أو برجاء إلى كل من فئتين من قراء هذا المقال. الرجاء الأول أوجهه لكل من يريد التعقيب على هذا المقال، أن يقرأ أولا المقدمة التى وضعتها لهذه السلسلة من النظرات فى لغة القرآن، ليعرف الغاية والحدود التى ألزمت نفسى بها فى هذا العمل. الرجاء الثانى إلى من سيحاولون أن يثبتوا خطأ وبطلان كل ما أقول به بالاستشهاد بآيات من القرآن. إنكم تضيعون وقتكم ووقت غيركم من القراء. امتنعوا عن قراءة ما أكتب وقولوا لمن يسمعون لكم: هذا كاتب كافر فإياكم أن يضللكم، لكنكم لن تقنعونى بمنطق أن القرآن كلام الله لأن القرآن يقول إنه كلام الله.



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فى لغة القرآن (1) مقدمة
- أين الثورة؟
- لماذا الدين؟
- الحرية والسلطة
- التاريخ الإسلامى والدولة الإسلامية
- مرجعية الأزهر
- الإخوان والثقافة دونت ميكس!
- وحى الشعراء ووحى الأنبياء
- سورة الفتوى
- حكايتى مع الدين
- حدود احترام أحكام القضاء
- هل بقى أمل؟
- فى الدين (8) الإسلام
- فى الدين (7) المسيحية
- فى الدين (6) اليهودية
- فى الدين (5) البوذية
- فى الدين (4) الهندوكية
- فى الدين (3) زرادشت
- فى الدين (2) نشأة الدين
- فى الدين (1) كلمة تمهيدية


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - فى لغة القرآن (2) قصار السور