أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - إمتحان البكالوريا














المزيد.....

إمتحان البكالوريا


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4136 - 2013 / 6 / 27 - 18:14
المحور: الادب والفن
    


كان الوقت عصرا، وكانت الشمس قد تنفست عبق الصيف ؛ التقيت قرب الشلال صديقاي عبد الكريم والعياشي، كان الأول يضحك كعادته، بينما الثاني كان عابسا، غير أنه يضحك بين الفينة والأخرى.
" لقد أعلن زوال اليوم أن الإعلان عن النتائج سيكون هذا المساء " ؛ كلمات صاعقة نطقها عبد الكريم، وهي ترتسم على وجوهنا، أجل لقد خرجت من جدار الحاضر، وها أنا أطوف بعيدا : " ألا تتذكري كلماتي أيتها الحديقة المنبطحة أمامي ؟ وماذا عن صوت العياشي المتسائل أيها الشلال ؟ آه أيها الشارع الطويل الذي قطعناك مرارا متحدثين ومتناقشين ؛ أين أنت الآن ؟ أرجوك لا تختف ولا تتلوى كالثعبان " .
ونمشي متسللين نقطع المسافات عبر شارع الجيش الملكي، وها هي الثانوية تتراءى كجلاد يحمل سوطا ؛ انتصبنا أمامها : " ثانوية الشريف الإدريسي " ؛ صاح العياشي : " هذه ليست ثانويتنا "، رد عليه عبد الكريم : " أ مسك الجنون !" .
جلست أنا وعبد الكريم، بينما العياشي كان يطوف الجموع المتلهفة والمترقبة لرؤية النتائج، ومن حين لآخر كان يقول : " هذه ليست ثانويتنا، ولا أحد سينجح " ؛ كنت أتمنى ألا تعلن النتائج، ونعود أدراجنا، لم تعجبني الجموع المنتظرة التي كانت تسيل لعابا ككلب جائع .
عاد العياشي ليجلس قربنا ؛ نظر إلي عبد الكريم، ثم قال :
- عبد الله ! لا تخف أنت ناجح لا محالة .

عقبت عليه :
- لا تقل هذا يا عبد الكريم ؛ إننا ينبغي أن نلعب على الجهتين ؛ لا نتفاءل كثيرا، ولا نتشاءم كثيرا .

مرت لحظة صمت، ثم ها هو العياشي يعود إلى رشده المعهود، بل إلى وهجه الفكري :
- الإنسان عليه أن يلعب على الجهتين لكي لا يصدم كما قال عبد الله .

وما إن نطق العياشي هذه الكلمات حتى حنق عبد الكريم :
- أنتم خائفون ؛ لا تثقون بأنفسكم ؛ أنا واثق من نفسي، أنا سأنجح .

مرت لحظات، و ها هو مصطفى البواب ؛ يصعد فوق الجدار حاملا اللوحات، و ما إن رآه عبد الكريم حتى انتفض كالنسر الجوعان، و ها هو يقول لي :
- عبد الله ! انهض

بمجرد ما سمعت هذه الكلمات، حتى انتابني دافع يحثني على الوقوف ؛ لقد حان الخلاص ؛ آه سنة كاملة تمثل أمامي : " مشاهد ؛ كتابات ؛ مراجعات ؛ أحلام ؛ ترددات ؛ ضحكات ؛ أصدقاء " ؛ أتقدم وجلا، وقلبي يخفق، وعيوني ترتعد، أوجه نظرة نحو اللوحات ؛ أرقام غريبة ؛ " آه للهول ! ما هذه الأرقام ؟ مالها تلسعني كالشوك ؟ "، فصاح عبد الكريم من الأمام : " لا تخف يا عبد الله ! إنها لوحات العلوم " ؛ عادت إلي الحياة قليلا، و ها هو مصطفى يحمل لوحات أخرى، و ما إن شرعت في النظر ( حقيقة لم أميز شيئا بين الأرقام ) ؛ حتى رأيت عبد الكريم خلفي يهيج ويميج : " عبد الله لقد نجحنا " ؛ يضحك ضحكا هستيريا، ويعانقني : " أنظر جيدا ؛ لقد نجحنا " ؛ بينما العياشي بجانبي يتفرس ضحكا ؛ تعانقنا، وكان النصر حليفنا .
كانت اللوحات بمثابة إعصار ؛ أشجار ظلت واقفة بجذورها الصلبة، بينما أخرى اقتلعت، وظلت واقفة، أما الأخرى دمرت تدميرا .
التفت خلفي، فأرى أمي زهرة ( أم عبد الكريم ) تحمل قنينة ماء بارد ؛ تسأل إبنها :
- آش درتي أوليدي ؟
- نجحت
- مبروك

وتعانق إبنها عناقا حارا، و تسكب عليه مياها من القنينة، ثم تطلق زغرودة ( لو لو لو ..) إلى عنان السماء .
ثم سألته :
- أشنو دارو صحابك
- حتا هما نجحو

وها هي تعانقني عناقا أموميا، وتعانق العياشي كذلك، بينما لا تتأخر في رشنا من مياه القنينة ؛ كانت فرحة عارمة ملأت صدورنا، وكانت من أجمل اللحظات التي قضيناها مع بعضنا ؛ أجل ستظل حواراتنا ونقاشاتنا يوما مشهودا في حياتنا .


عبد الله عنتار - الإنسان - / 26 حزيران 2013 / بنسليمان - المغرب .



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاهد كرزازية
- مطارحات
- ضفاف
- ضحك ( هههههههههههه )
- الحشرة
- لماذا أكتب ؟
- خواطر على السهل السليماني
- يد على الجرح
- منزلنا الريفي ( 6 )
- وداع
- حلم
- سقط القناع
- مشاهد الطفولة
- الوتد
- منزلنا الريفي ( 5 )
- دروب الكتابة
- منزلنا الريفي ( 4 )
- غصن دون جذور
- موقفي من المرأة
- الجرح الملالي


المزيد.....




- أصالة والعودة المرتقبة لسوريا.. هذا ما كشفته نقابة الفنانين ...
- الذكاء الاصطناعي التوليدي.. ضربة موجعة جديدة لقطاع الإعلام ا ...
- نقل الفنان المصري محمد صبحي إلى المستشفى بعد وعكة صحية طارئة ...
- تضارب الروايات حول استهداف معسكر للحشد في التاجي.. هجوم مُسي ...
- ديالا الوادي.. مقتل الفنانة العراقية السورية في جريمة بشعة ه ...
- مقتل الفنانة ديالا صلحي خنقا داخل منزلها بدمشق والتحقيقات تك ...
- القنبلة الذرية طبعت الثقافة اليابانية بإبداع مستوحى من الإشع ...
- بوليود بين السينما والدعاية.. انتقادات لـ-سباق- إنتاج أفلام ...
- الغيتار تحوّل إلى حقيبة: ليندسي لوهان تعيد إحياء إطلالتها ال ...
- سكان وسط أثينا التاريخية منزعجون من السياحة المفرطة


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - إمتحان البكالوريا