أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - مطارحات














المزيد.....

مطارحات


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4132 - 2013 / 6 / 23 - 05:14
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



مطارحات

جلسوا تحت شجرة وارفة الظلال، تخترقها ظلمة مطبقة، غير أنه من حين لآخر تأتيها بارقة نور تصدر عن مصباح يتراوح بين الاشتغال والعطالة....

صاح أحدهم :

- الفلسفة حمق .

رد الثاني :

- الفلسفة تربي على الإلحاد، وأصحابها زنادقة، بل إنهم ملحدون .

بينما رد الثالث بتأن على الأول :

- ماذا تقصد بعبارة " الفلسفة حمق " ؟

ذهل الأول من هذا السؤال، في حين توجه نحو الثاني بسؤال، فقال له :

- أريد منك أن تشرح لي معنى الإلحاد ؟ و هل كل فيلسوف ملحد ؟

أجاب الأول هو يرتبك :

- الفلسفة حمقاء ؛ لأنها تتساءل دون حدود، ولا تفكر فيما يفكر فيه الناس .

فرد عليه الثالث :

- هل كل من يفكر و يتساءل أحمق ؟

ثم وجه نظرته نحو الثاني :

- أريد أن تشرح لي علاقة الفلسفة بالإلحاد والحمق .

يسكت لحظة، ثم يجيب :

- نحن لسنا ضد التفكير، أو التساؤل، لكن الفلسفة تتجاوز الحدود، فعندما تفكر بدون حدود تتجاوز المناطق الحمراء التي تصل بك حد الإلحاد والحمق .

أجاب الثاني :

- إن التفكير بدون ضوابط يقودنا إلى التيه .

ثم رد الثالث :

- عندما تفكر، وفي نفس الوقت تجثم عليك الضوابط والحدود ؛ ساعتئذ ؛ هل سيصبح هذا تفكيرا ؟ هذا من جهة ؛ من جهة ثانية حينما تقول لي : " فيما يفكر فيه الناس " ؛ هل الناس يفكرون ؟ و من جهة ثالثة ؛ أنتما لم تجيبان عن معنى الإلحاد والحمق، ثم من جهة رابعة ؛ هل كل فيلسوف ملحد ؟

ذهلا من هول الأسئلة التي انهالت عليهما دفعة واحدة، وأراد كل واحد أن يتبرم عن الإجابة، غير أن الثاني أحس بضغط رهيب، فأجاب :

- التفكير هو خوض في ضوابط محددة، ومن ثمة على العقل أن ينصت لهذه الضوابط قصد الإجابة عن ما يتوخى الوصول إليه،أما الخوض في مسائل لا معنى لها، فهذا من شأنه أن يقود إلى التيه، فيما يخص سؤال " هل الناس يفكرون ؟ " ؛ أقول لك : إن الناس يفكرون، والدليل على ذلك هو انضباطهم مع الحدود والقواعد الاجتماعية، من هنا يمكنني أن أقول أن الحمق هو خروج عن القواعد التي وضعها المجتمع، أما مسألة " هل كل فيلسوف ملحد ؟ " ؛ أقول : أنه كلما خنع للقواعد ابتعد عن الإلحاد، وكلما تمرد اقترب منه .

وعلى ضوء هذه الإجابة ؛ اكتنف الأول نوع من الإعجاب والتذمر، فتردد هنيهة، ثم فصح قائلا :

- يا أخي رغم وجاهة ما قلت، فالتفكير يحتاج دائما لفسحة من الحرية .

و انطلاقا من الإشارة التي أثارها المحاور الأول ؛ عقب المحاور الثالث :

- التفكير تحت ضوابط محددة ليس تفكيرا ؛ بل هو اجترار ؛ التفكير يتحول كذلك في اللحظة التي نتوقف، فنطرح سؤالا ضد تيار المجتمع، أما حينما نخنع للضوابط، فإننا نجتر و نكرر، ونعيد ما سلف و ننجرف مع التيار ؛ من هنا التفكير هو الحرية، بمعنى ألا تخضع لتوجيه معين، وعندما لا تخضع فإنك تبدع، ويقصد بذلك الإتيان بشيء جديد، وعلى ضوء ذلك أقول إن الناس لا يفكرون ؛ لماذا ؟ لأنهم لا يأتون بجديد، فهم يكررون مجموعة من الضوابط والعادات والتقاليد، فليس فرق بينهم، وبين الأسطوانات التي تسجل الأفلام، ومن ثمة لا ينطبق عليهم حمل صفة الإنسان كاملة ؛ إن هذه الصفة يحملها الفيلسوف لأنه يفكر، ولهذا إذا كان الحمق هو أن تفكر، والسدادة هي أن تجتر، فهذه أكبر هزيمة للإنسانية، وانتصارها رهين بأن يقترن الحمق بالاجترار، والسدادة بالتفكير، وحينما أقول كذلك، فإنني أقول الإبداع، ولما أقول كذلك، فإنني أقول التفكير دون حدود، تلك هي مهمة الفيلسوف التي هي إعادة الاعتبار للإنسانية عوض الدخول في الحمق والبهيمية .
وعلى ذكر الإلحاد، فإذا كنت تعتبره ضد القواعد، فإنني أعتبر ذلك إبداعا على اعتبار أن القواعد لحظة انبثاقها كانت إبداعا، ولكن مع مرور الوقت أصبحت اجترارا، وبالتالي على الإنسان في كل لحظة أن يعيد فيها النظر، أما إذا كنت تعتبر الإلحاد هو نقيض الإعتقاد، فأنا أقول عكس ذلك : " الإلحاد هو إيمان بفكرة معينة، فإذا كان المؤمن يؤمن بوجود الله، فإن الملحد ينفي ذلك، لكنهما يشتركان في كونهما يؤمنان "، وهنا حينما أقول الإيمان، فإنني أقول الاطمئنان والدغمائية، من هنا الفلسفة ترفض الإيمان، لكنها ترعاه كحق إنساني، ومن ثمة لا يمكن للفلسفة أن تقترن بالإلحاد، لأنه إيمان، وبالتالي هي تستفزه بأسئلة مضجة شأنه شأن أي مؤمن لأنها تفكر دون اطمئنان .................

فجأة سقط العمود الكهربائي ؛ ارتجت الشجرة، فعرف الثلاثة أنهم إزاء هزة أرضية ؛ إزاء تسونامي ....حول المدينة إلى حطام، بينما هم الثلاثة بمثابة وردات نبتت فوق الخراب، وآمنت بأهمية الفلسفة في بناء صرح عماده الاختلاف .

عبد الله عنتار - الإنسان-/ 22 حزيران 2013 / بنسليمان - المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضفاف
- ضحك ( هههههههههههه )
- الحشرة
- لماذا أكتب ؟
- خواطر على السهل السليماني
- يد على الجرح
- منزلنا الريفي ( 6 )
- وداع
- حلم
- سقط القناع
- مشاهد الطفولة
- الوتد
- منزلنا الريفي ( 5 )
- دروب الكتابة
- منزلنا الريفي ( 4 )
- غصن دون جذور
- موقفي من المرأة
- الجرح الملالي
- ومضة
- مدينة ... ترتدي نعش الذكرى (2)


المزيد.....




- وسط تصاعد الاحتجاجات النقابية.. ميناء رافينا الإيطالي يرفض د ...
- فرنسا تحذّر إسرائيل من ضم الضفة الغربية وتكشف عن عشر دول ستع ...
- قاعدة باغرام: ماذا نعرف عن أكبر قاعدة جوية في أفغانستان يسعى ...
- نجل زين الدين زيدان يختار -الجنسية الرياضية الجزائرية- بدل ا ...
- -استفزاز جديد-.. الناتو يعترض مقاتلات روسية اخترقت أجواء إست ...
- ليلى شهيد عن الاعتراف بدولة فلسطينية: لا معنى لأي كلام دون و ...
- ليلى شهيد عن الاعتراف بدولة فلسطينية: لا معنى لأي كلام دون و ...
- نعيم قاسم يدعو السعودية -لفتح صفحة جديدة- وإنشاء جبهة ضد إسر ...
- هل تشعل صواريخ -باراك إم إكس- الإسرائيلية في قبرص مواجهة مفت ...
- الإليزيه يكشف عن 10 دول ستعترف بفلسطين الاثنين


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - مطارحات