أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم الموسوي - دروس من تركيا















المزيد.....

دروس من تركيا


كاظم الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 4134 - 2013 / 6 / 25 - 15:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تستمر انتفاضة الشعب التركي في ميدان تقسيم (منذ 28 /5/2013) وتنتشر في ميادين وشوارع اخرى في تركيا لو كانت تريد او تطالب مطلبا واحدا متعلقا باجراء حكومي لتغيير معالم الميدان، او ضد قرار رسمي غير محسوب تماما وحسب. استمرت منذ اندلاعها معبرة عن تراكم منوع لتظلمات وسياسات خاطئة اضرت بالمصالح القومية والوطنية ودفعت الى تنامي غضب الشعب على برامج الحكومة ورئيسها رجب طيب اردوغان، وضرورات التغيير فيها. وتواصلت لأنها تحمل ابعادا ابعد من تلك القرارات، ابعادا سياسية واقتصادية وثقافية وغيرها، عبرت عنها الشعارات التي رفعت والإصرار عليها رغم المواجهات الحكومية العنيفة ضدها. وهي بالتالي تبيّن فشل اغلب تلك السياسات الحكومية في اقناع المنتفضين بها.
ردود افعال الحكام الرسميين عليها دلالة اخرى على هذه الحالة. تصريحات اردوغان واحتفالاته تعكس بصورة واضحة القلق والحرج من تطورات الميادين والشوارع التركية. كانت تركيا قد احرزت نجاحات اقتصادية وتحولات مدنية بعد صعود تيار الاسلام السياسي فيها، وبعد تسلم اردوغان رئاسة الحكومة قبل عقد من الزمان، وغيرها من التطورات التي تمت بدعم ومساعدات معروفة من الغرب والولايات المتحدة الامريكية خصوصا. لاسيما في نمو الاقتصاد واحترام العملية السياسية ونتائج الانتخابات وتعددية الأحزاب والعلاقات الدولية لفترة البدايات بعد استلام الحكم. وكان الهدف منها اعتبار الحكم في تركيا بحزبه ذي المرجعية الاسلامية، حزب العدالة والتنمية، نموذجا للبلدان التي تقطنها اغلبيات اسلامية، والمساهمة في تنفيذ مخططات الغرب في المنطقة ومشاريعه المعلنة في صناعة الانشراخ المذهبي والتغييرات الاخرى، وفي فرض الهيمنة الغربية والسيطرة الكاملة على ثروات الشعوب في العالمين العربي والاسلامي. ولهذا فان ما يحدث الان في تركيا يقدم دروسا متعددة عن تجربة وسياسات وسياسيين حاولوا خداع الشعوب في اداء ادوار مطلوبة منهم، وخسروا الحفاظ على استقرار بلادهم وتنميتها وبناء العدالة فيها. او تتلخص في تعرية مصائر سياسات التبعية والتخادم ومحاولات التغالب على الارادات الشعبية واستسهال التنازلات عن المصالح الوطنية والاعتبارات القومية والدينية.
حاولت سياسات تركيا في الفترة الاولى من حكمها "تصفير المشاكل"! مع جيرانها الجنوبيين خصوصا، الدول العربية وايران، وتطوير علاقاتها وتعزيز الثقة بها عبر شبكة واسعة من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية التي دفعت بالتنمية فيها درجات افضل مما كانت عليه، كما دعمت الاستقرار السياسي وتخفيف التدخل والانقلابات العسكرية فيها. ولكنها تراجعت ومارست سياسات اخرى، تكشفت في صناعة المشاكل مع جيرانها من جميع الجهات، لاسيما مع بلدان عربية وإيران وروسيا. اثرت على اوضاعها الداخلية، وانعكست في جوانبها الاقتصادية والسياسية والأمنية وغيرها. مما شحن غضب الشعب ودفعه الى الانتفاض والتحرك في الميادين والشوارع. وهذا درس مهم، لمن لا يتوقع عواقب تغيير سياسته عكس ما كانت عليه، وبزوايا منفرجة.
مجيء حزب العدالة والتنمية الى الحكم عبر انتخابات وصعود نجم اردوغان فيه لا يمنع التصدي له حين يمارس سياسات لا تمت بصلة بالديمقراطية وحقوق الانسان، ويستأثر في السلطة ويمارس سياسات الاستحواذ على مصادر القرار والشرعية في البلاد. وهذا ما حاول اردوغان القيام به وعمله مما اثار حفيظة قطاعات اجتماعية واسعة، ليس احزاب المعارضة التركية فقط. وهو ما تبين في نسبة المشاركين في الاحتجاجات وتنوعهم، من كل فئات الطبقات الوسطى والفقيرة، من المثقفين بأنواعهم ومن العمال والفلاحين والطلبة، والنساء والرجال على السواء، المنظمين في احزاب ونقابات او غيرهم. وهذا درس كبير اخر، فالديمقراطية ليست انتخابات وتفوق عددي بالأرقام وحسب، ولا تعني صكا مفتوحا لمن تنعقد له هذه الاغلبية في فترة زمنية وتتشابك فيها عوامل او جهات اخرى قد تتعارض مصالحها هي الاخرى معها في فترات اخرى. ما يتطلب الانتباه الى مثل هذه الحالات والتدقيق فيها، والاعتبار منها. التجربة الديمقراطية ممارسة ووقائع تثبت تحقيقها، وقواعد عملية تتجاوز المكاسب الانية والمصالح الفئوية والحزبية الاستفرادية، لاسيما في مجتمعات فسيفسائية.
الاخطاء الكبيرة التي وقع فيها الحزب الحاكم في تركيا وأركانه، لاسيما في العلاقات مع جيران تركيا اثرت عمليا في زعزعة الامن والاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني داخليا، وضغطت في صناعة فجوات بين الفئات والطبقات الشعبية، المؤيدة والمعارضة للحكومة وحزبها. زاد فيها مساعي الحزب وخلفيته الدينية في محاولات "تديين" المؤسسات والشعب والانقلاب على التفاهمات التي سمحت له بالفوز في الانتخابات والدخول الى الساحة السياسية التركية. ولعل هذا المخطط وتفرعاته في الاجراءات والقرارات الحكومية في تغيير ميدان تقسيم ومنع بيع الخمور وغيرها من الممارسات الدالة عليها اضافت للغضب الشعبي فتيلا اخر وعمقت من الهوة بين سياسات الحكم وطبيعة المجتمع التركي وتنوعاته المذهبية والثقافية والاجتماعية.
برهن الحراك الشعبي في الميادين والمدن التركية على حيوية الشعب التركي ورفضه لسياسات الحزب الحاكم واستفراده بالسلطة رغم انتخابه لثلاث دورات. ومن ثم الاحتجاج على رئيس الحكومة ومخططاته لتغيير هوية الشعب والبلاد والدستور والاستعداد لإعادة شكل من اشكال الدكتاتورية "العثمانية" عبر صناديق الانتخابات والاقتراع والاستفتاءات وغيرها. وفضحت ردود الفعل الرسمية انتهاكات واضحة لأبسط التقاليد الديمقراطية وحقوق الانسان. كما ان استدعاء الجيش الى قمع الانتفاضة وممارسة العنف ضد المتظاهرين واعتقال مشاركين وسقوط دماء لضحايا بين قتلى وجرحى دلالة كافية على فشل سياسات الحكم في الارضاء وتوفير الامن والخيارات الشعبية الوطنية وإنهاء الازمات سلميا وديمقراطيا.
الدرس الابلغ هو عدم الاستفادة من دروس التاريخ والتجارب الاخرى، فمجرد ارتكاب مجزرة دموية، يعني ان الشرارة اندلعت ولا تستطيع حواجز الخوف والرعب والتهديد والارهاب ايقافها، لاسيما وان الهشيم في المؤسسات الحكومية موجود ومنتشر حولها. وهذا ما دفع اغلب وسائل الاعلام التركية خصوصا الى القول بفقدان الشرعية للحزب الحاكم ورئيسه المتسلط عليه وعلى العباد والبلاد.
خلاصة الدروس: مؤشرات انتفاضة ميدان تقسيم لا تنتهي عند حدوده، ولا تعوّقها تهديدات اردوغان وتكراره لتهم جاهزة سبقه غيره بها للمنتفضين والحراك الشعبي.



#كاظم_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحديات الامنية في المنطقة
- وصمة عار لا تمحى
- الاول من ايار.. عربيا
- عشر سنوات.. الانسان موقف
- عشر سنوات.. والعراق جريح
- بعد عامين.. الى اين؟
- قمة تقسيم العالم العربي
- عدم الانحياز وحكم القانون
- الوحدة الوطنية صمام الاستقرار
- غائب وغالب
- صراع القهر وعبد الصبور
- إدريس والعالم
- تنوير العقل عبر ثقب إبرة
- يتكلمون بغير ألسنتهم..!
- الشاعر عبد الوهاب البياتي
- حدود مستباحة
- أمريكا: كشف المستور
- غائب طعمة فرمان... روائيا
- بعد كل تلك السنوات العجاف
- محاكمة بوش وإدارته، درس ضروري


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم الموسوي - دروس من تركيا