لبنان؟؟؟...لبنان يؤلمني...

غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 4134 - 2013 / 6 / 25 - 11:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لـبـنـان؟؟؟...لبنان يؤلمني.. لبنان يقلقني.. لبنان يوقظني...والموت في لبنان يزعجني ويحزنني.. ويثيرني. لأن الموت في صــيــدا, هو نفس الموت في حلب ودمشق واللاذقية والقصير وعرسال والرقة ودير الزور وحمص وحماه وجيع المدن والقرى والحواري السورية المهدمة.. لأنه نفس الموت في بغداد والمدن العراقية المنكوبة الثكلى... إنـه الموت الذي يحمل راية الطائفية والحقد والفتنة والقتل والتكبير.. حرب التعصب الطائفي, بما يحمل تحت عباءته وزنانيره من اسلحة الدمار الشامل المعروفة وغير المعروفة... هذه الحرب وهذه الأسلحة, التي رسمت في واشنطن ولندن وباريس, وتوزعت من الدوحة والرياض واسطنبول وعمان وطرابلس ليبيا وطرابلس لبنان...وأخيرا رفع اعلامها رئيس الأخوان المسلمين المصريين والذي تولى خلافة مــصــر السيد محمد مـرسـي!!!...
لــبــنــان.. قلب التناقضات.. بلا رأس ولا قلب...مركز المؤامرات والتآمر من أولى أيام سايكس بيكو حتى هذا المساء...لبنان الذي بـقــي رغم تغييرات الطقس والمناخ والمؤامرات والمتاجرات, رئــة سـوريـة, وملجأ للكتاب والمفكرين واللاجئين, حاضنا دوما أصوات من ليس لهم أي صوت... ولا يمكن أن أنسى كيف كنت ألجأ إليه أيام فتوتي وشبابي والصعوبات, كلما أردت أن أصرخ بكل حرية.. أو لقاء عشيقة ممنوعة, لاختلاف معتقداتنا التي ولدنا بها بالرغم عنا!!!... هكذا كان لبنان دوما بلد اللاجئين والعاشقين... وكل التناقضات المذهبية والتي مكثت اللغم الموقوت المحضر, بيد الدول الغربية, وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وزلمها ومخابراتها التي تملك زر الريمونتكونترول...
كم عدد أجهزة المخابرات الخارجية العالمية في هذا البلد المضغوط المصغر؟؟؟... بالمئات... بالمئات عدد الأجهزة... وبالآلاف عدد من يعمل فيها. وحكومات هذا البلد.. لم تكن يوما حكومة... تجمع شخصيات موالية لمئات الأطراف التي تشد حبال مشنقة هذا البلد حين تشاء... ومع هذا يبقى هذا البلد أحلى بلاد المشرق والعالم العربي... ولكن رغم كل إمكانياته المتفرقة المختلفة العديدة.. هل يمكنه ان يعيش... رغم إمكانياته المتفرقة العديدة... وخاصة أن قلب التفرقة ومحركه هو الانقسام والتقسيم الطائفي... ولا يمكن للفكر والحضارة والثقافة العلمانية الحقيقية ــ رغم وجود العديد من العلمانيين ــ أن تصل بصدق ووضوح إليه, طالما أن المشايخ والكهنة فيه ما زالوا يتزعمون ويديرون سياساته, التي تباع وتشترى يوميا كأسهم البورصة... لهذا لبنان يقلقني.. وخاصة أن شــارعه يستمع لشخصيات مثل الشيخ الأسير, ويقتل جيشه بعد الاستماع المتهور لأناس مثل هذا الأسير... والذي يروى بهذه الساعة المتأخرة من الليل, أنه لــجــأ إلى سفارة قــطــر في بيروت.. بعد أن أشعل الفتنة في مدينة صيدا اللبنانية. مما تسبب بموت العشرات من رجال الجيش اللبناني ومن المقاتلين السلحين من جماعته... والبحث جــار عنه... وعلى الطريقة اللبنانية, سوق يبقى الشيخ الأسير فــارا.. حتى يصدر عفوا عنه.. حسب نظرية جميع الحروب الأهلية اللبنانية من خمسينات القرن الماضي حتى اليوم.. وغدا.. وبعد غد.. لا غالب ولا مغلوب......
ولكنني أحب لــبــنــان.. ولي به ذكريات وأقارب وأصدقاء وقصص وروايات... لأن هذا البلد رغم كل ما يعبر بــه من مــآس وحروب وفتن.. يبقى بلد حرية الفكر والتعبير.. بلد التناقضات.. إنــه صــورة من بــاريس وكابول... يمكنك أن تشتري في دكاكينه كل ما تشتهي من كتب الفكر النادرة.. حتى الكوكايين والكلاشينكوف... وبيروت رغم أنها ما زالت تحمل بقايا آثار حرب 1975 هي من أجمل مدن العالم, ونساؤها بمختلف الأزياء والأشكال.. من النقاب السعودي والعباءة الكاملة الأفغانية الطالبانية, حتى الشورت القصير جدا.. ترى وتشاهد عيناك كل شيء وكل ما تــرغــب في بيروت... من حــي إلى آخــر تجتاز تاريخ البشرية... من بداية الحضارة او اللاحضارة على الاطلاق.. إلى جميع المبتدعات الاجتماعية والفنية والموسيقية والأدبية.. آخــر صرخــة.. وآخــر صــرعــة!!!.....
أتمنى لــلــبــنــان الذي يحمل شرحة هامة من مشاعري وقلبي واهتماماتي.. لأنني أعتبره جزءا من الحضارة والسلام الإنساني, رغم كل الظروف والمآسي التي تجتاحه اليوم, والتي تبقى رغم كل شيء جزءا من امتداد المأساة السورية التي يرتفع تأجيج نارها في سوريا وفي لبنان هذا الأسبوع, وسوف يتفاقم حتما خلال الأسابيع المقبلة... أو هـل سوف يغير وصول وريث شــاب جديد إلى قمة سلطة أمــارة قــطــر التي تــمــول بسخاء هذه النكبات وهذه المـــآســي في سوريا ولبنان والعراق, والعديد من البلاد العربية الأخرى... هل سيغير استبدال أمير بأمير آخر مجرى النكبات ونوعية تسييرها... وتوجيهها؟؟؟!!!...
بــــالانــــتــــظــــار................
للقارئات والقراء الأكارم, كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي.. وأطيب تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ــ لـيـون فــرنــســا

#غسان_صابور (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات