غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4126 - 2013 / 6 / 17 - 11:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المشرق يغلي ويحترق...صـرخـة إضافية
المشرق يغلي... أردوغان يهدد... مرسي يحمل علم المعارضة السورية, كرئيس للإخوان المسلمين, لا كرئيس لمصر...بوتين يحاور... وكاميرون يراوغ بوتين.. وفابيوس حانق, لأنه عاجز حاليا عن إزاحة الأســد.. في قطر شائعات تغيير.. الأبن مكان الأب... في المغرب العربي, تحركات في الشوارع... كل هذا يعني أنــه حيثما يوجد عــرب, وأعراب, أو مسلمون وإسلام... مشاكل... مشاكل...أزمات ونكبات وموت... وهجرات وتشتيت... وعدم استقرار... دون أن ننسى بغداد والعراق, ومئات القتلى بالتفجيرات الآثمة الغبية الإجرامية كل يوم....
وفي دولة إسـرائيل, تتدفق المعونات والاجتماعات والحمايات, وتزداد التوسعات... وصمت كامل على التحركات.. تتبعها دوما ترقبات واعتقالات...وانتهاكات... تعسفية طبعا... بالأوساط الفلسطينية, وفي مختلف الأراضي المحتلة. بلا حسيب أو رقيب.. ولا أي احتجاج مما كان يسمى من عشرات السنين الميتة : الجامعة العربية!!!.......
وفي هذه الأثناء.. أوروبا تسلح أو لا تسلح... العناصر المقاتلة الإسلامية.. على الأرض السورية... وأمريكا بعد لعبة هوليودية ــ فرنسية قررت نهائيا أن السلطة السورية استعملت غــاز الـسـارانGaz SARIN ضد المقاتلين... وأنها سوف تتدخل بشكل أو بــآخــر لإزاحة هذه السلطة السورية التي لا تمشي حسب رغباتها من عشرة سنين على الأقل.. ولها صداقات لا تحبها ولا توافق عليها ولا ترغب فيها.. وعلى السلطة السورية أن تختار أصدقاءها حسب البروتوكولات الأمريكية ــ الإسرائيلية.. وإلا عليها أن ترحل.. أو ليست هي وحدها سيدة العالم, رغم الشوكة الروسية التي تعترض ــ شكليا ــ من وقت لآخر حسب المد والجزر في المصالح الرأسمالية والاستراتيجية والبترولية... حتى الصين من عشرات آلاف الكيلومترات, لها مصالح ومصالح في هذا المشرق وهذا المغرب الإفريقي الذي يغلي...ويستعمل دوما حق الـفـيـتـو, حسب حاجاته من البترول والغاز العربي والإفريقي... دون أن ننسى أن سـوريا تبقى حجرة شطرنج رئيسية في هذه اللعبة... تصوروا أن أكبر الدول الرأسمالية الكبرى G 8 سوف تجتمع بعد أيام قليلة معدودة, لا للبحث في مصير شعوب هذه المنطقة, وحاجتها للعيش والحريات الطبيعية والديمقراطية... إنما لاقتسام الكعكة والمغانم والمكاسب وتوسيع وتوزيع مناطق النفوذ.. وخاصة كعكة الغاز والبترول.... وخاصة من يحق أو لا يحق له امتلاك الأورانيوم!!!... انظروا إلى إيــران..........إيران التي اختارت رئيسا (معتدلا) بنسبة قليلة جدا أكثر من 50%...
والعرب.. والعرب والمسلمون.. يتابعون تقتيل بعضهم البعض.. كأيام داحس والغبراء... وما زلنا كأننا في أولى أيام الخلاف على الخلافة.. حــروب سنية شيعية تدوم من خمسة عشر قرن من صراع مستميت غبي دائم, يستغله بمهارة وماكيافيللية من يلعب بمصير الأمم, كلما احتاجوا إلى جحافل موت جديدة... ومن عشرات القرون بقينا الضحايا الغبية التي تحرق من أجل أن تستمر اليوم حياة الرأسمالية والصهيونية التوسعية الجديدة. وذلك باستمرار على حساب ضحايانا.. حروب باردة, أو حروب ساخنة.. تحولت اليوم إلى حروب إثنية وطائفية, تترك أفظع وأشرس النتائج ضد كل قواعد المدنية والإنسانية وحقوق الإنسان الطبيعية.. وخاصة بحقوق الأمم وسيادتها... وغالبا تستغل هذه الدول الشرهة الطماعة, بمؤسساتها الرأسمالية, استغلال هذه المبادئ مراوغة, حتى تسلب وتنهب وتسرق هذه الدول الضعيفة, و تمتص كل خيراتها وما تبقى من مواردها المعيشية, مفجرة الهجرات والمذابح, حتى تعيد بيع الأسلحة وأدوات الموت لهذه الشعوب الغبية المتقاتلة... متابعة الدس والتلفيق واختراع الأسباب والدوافع الكاذبة وإثارة النعرات والحقد الديني الذي أصبح اليوم أخطر أسلحة الدمار الشامل... وما حدث ويحدث في العراق.. وما حدث ويحدث في سوريا, وغيرها من بلدان ما سمي ألف مرة خطأ الربيع العربي.. أكبر وأوضح دليل على خطورة هذا السلاح الذي أسميه الخلاف والحقد الطائفي.
لولا هذه الخلافات الطائفية ورواسبها, التي تغلغلت بأفكارنا ودمائنا وعقولنا وجيناتنا, لما انحدرنا إلى هذا الحضيض من التمزق الغبي, بعد أن كانت حضارتنا التي سبقت جميع الأديان, منارا للإنسانية كلها...
***********
واليوم ونحن أمام الدروب المسدودة.. أتساءل ما فائدتنا من Genève2, أو حتى نصل إلى Genève 33, كما ذكرت في كتاباتي عشرات المرات بهذه الآونة الأخيرة.. أو حتى من اجتماع G 8... باعتقادي لا شيء.. لا شيء... غير الأماني والأمنيات.. والخطابات والمجاملات الديبلوماسية والمصالحية المعهودة... ونــهــب خيراتنا وأرواحنا يتابع بدقة رياضية محسوبة مدروسة.. وما عدد القتلى الذي يتكاثر ويتكاثر, سوى الجزء المخبوء من هذه المؤامرة العالمية ضد شعوبنا... ونحن.. نحن نتابع غباءنا وتخديرنا وصلواتنا وانشقاقاتنا وتعصبنا.. وانتظار الحلول بليلة القدر........
أو ليس من الأفضل يا قوم.. يا بــشــر.. أن نتحاور مع بعضنا البعض.. بعد أن عشنا سنينا وسنينا مع بعضنا البعض... لماذا لا نعود بذكاء, وبعد مئات الألوف من موتانا المشتركين, بلا أي رابح, إلى فكرة حوار سوري ــ سوري. إلى طاولة حوار سوري ــ سـوري... لأنه الخلاص الوحيد لنا وأراملنا وأيتامنا وملايين مشردينا بلا وطن. لأنني أؤكد لكم يا قوم.. يا بــشــر... بأن مرسي لن يخلصنا.. وأن أردوغان لن يسمعنا.. وأن فابيوس لا تهمه شكوانا.. وأن هيغ وكاميرون لا يؤمنون سوى بتأمين بترولهم اليومي ولا شيء آخـر.. وأن حمد وآل سعود, لن يفهموا مآسينا.. وهما نواة مآسينا.. وأن كيري أو لافروف همهم الوحيد من سيربح لعبة الشطرنج العالمية هذه فقط... وأن من تبقى من الدول الأوروبية وغيرها من هذه الدول التي تلعب بنا كالطابة الضائعة, لا هم ولا انشغال لها سوى حصتها من البترول والغاز وبقية المواد الرئيسية لحاجاتها... أما حرياتنا.. أما مطالبنا الديمقراطية وحاجتنا للعيش بحرية وأمان وسلام, كبقية الأمم المتحضرة.. كل هذا ليست مشكلتها, ولا تدخل في مخططات اهتماماتها الحقيقية... وكل ما تبقى كلام جرائد.. يهضمه الأغبياء من شعوبنا.....
لهذا علينا أن نستيقظ وأن نتحاور مع بعضنا البعض.. وبين بعضنا البعض.. لأن عامل الزمن.. يقتل كل يوم المزيد من ابنائنا.. من ابــنــائــنــا!!!..... ومشرقنا الذي كان يوما منارة العالم يغلي ويحترق.
بــالانــتــظــار.........
للقارئات والقراء الأحبة كل تكريمي ومودتي واحترامي.. وأصدق تحية مهذبة.
غـسـان صــابــور ــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟