علم اعصاب اللاهوت Neurotheology والشعائر الدينية (الحسينية)

طلال الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4134 - 2013 / 6 / 25 - 03:56
المحور: الطب , والعلوم
    

كتبت مؤخرا مقالتين ( 2, 1) حول النبي محمد من وجهة النظر الطب العصبي والنفسي. وهي خطوة متسقة مع نشوء علم جديد يطلق عليه علم اعصاب اللاهوت
"Neurotheology",
كحقل فريد من الدراسة والتحقيق العلمية التي تسعى إلى فهم العلاقة على وجه التحديد بين الدماغ واللاهوت، وعلى نطاق أوسع بين العقل والدين. وقد اكتسب علم اعصاب اللاهوت اهتماما كبيرا في الأوساط الأكاديمية في السنوات الأخيرة. وقد كتب العديد من الكتب التي تتناول العلاقة بين الدماغ والخبرة اوالتجربة الدينية, وتم نشر العديد من المقالات العلمية حول هذا الموضوع.

استخدم ألدوس هكسلي مصطلح Neurotheology للمرة الأولى في الرواية الطوباوية أيسلندا (3). يدرس علم الأعصاب اللاهوتي الجوانب الذهنية المصاحبة للتجارب الدينية والروحانية من خلال استخدام علوم الاعصاب. و يستخدم هذا المصطلح أحيانا في سياق علمي غير دقيق أو في سياق فلسفي. فكان استخدام هكسلي للمصطلح استخداما فلسفيا بحتا وليس علميا.

ومع ذلك, بسبب حداثته, فلا يزال النشر في مجال هذا العلم الجديد محدودا نسبيا, بالرغم من ظهور مجلة متخصصة تعنى بدراسة التجارب والظواهر الدينية باستخدام علوم الاعصاب المختلفة, وخصوصا علم فسلجة الاعصاب
Neurophysiology
و علم الاعصاب التصويري
Neuroradiology او Neuroimaging
وتصدر تحت عنوان
(Zygon: Journal of Religion and Science (4

كما ونشرت بعض المقالات والبحوث المهمة ذات العلاقة بهذا العلم في مجلة
American Behavioral Scientist
(5) موقع المجلة

وفي محاولة جادة ومركزة لتوضيح ما المقصود بهذا العلم الجديد, نشر لورنس ماكيني (6) في عام 1994 كتابا عوانه:
Neurotheology: Virtual Religion in the 21st Century
وقد ذكر ماكيني في كتابه هذا افكارا مهمة للغاية ومثيرة حقا للجدل. فحسب ماكيني, فان علم اعصاب اللاهوت يعتبر التطور او النشوء الحديث لما ىيسمى "ما قبل المنطقة الامامية" Pre-Frontal Region في القشرة الدماغية للانسان مسببا لشيوع الوهم بان مرور الوقت Chronological time هو جزء اساسي للادراك الذهني الطبيعي في عمر تعدى الثلاث سنوات. وان عدم قدرة دماغ الانسان البالغ في استرجاع صور تجارب الطفولة تدفعه لان يتسائل: "من اين اتيت؟" و "الى اين ساذهب انا (والكل)؟". فاسئلة كهذه حفزت الاسان الى خلق تجارب ورؤى دينية من اجل السعي للاجابة على هذه التساؤلات او غيرها. كما يؤكد ماكيني بان "تجربة" الموت تشكل التراجع السلمي, عند وفاة الدماغ, الى الخلو من الوقت (timelessness"), اي الى مرحلة تطورية سابقة لنشوء منطقة القشرة الدماغية المشار اليها اعلاه. وقد اثارت فكرته هذه اهتماما كبيرا لدى رجال اللاهوت بمختلف اتجاهاتهم, مثل عالم اللاهوت الشهير آرثر كلارك وكذلك الدلي لاما.

يصف أندرو نيوبيرغ (أستاذ مشارك في قسم الأشعة والطب النفسي ويعمل ايضا في قسم الدراسات الدينية في جامعة ولاية بنسلفانيا), في كتاب صدر له في 2010 (7), اهمية العمليات العصبية التي تحفزها المؤثرات المتكررة والإيقاعية, كما هو الحال في الطقوس الدينية (مثلا: مراسيم العزاءات الحسينية, الرقص الصوفي, الحركة الايقاعية المتكررة المميزة لليهود امام حائط المبكى, او الرقص الايقاعي والغناء في بعض الكنائس), في المساهمة في خلق مشاعر التسامي والتواصل مع, او في, وحدة كونية شاملة. ولكن التحفيز المادي وحده او حركة الجسم الايقاعية بمفردها, كما يذكر نيوبيرغ, غير كافية لتوليد مثل هذا النوع من المشاعر, لهذا يجب أن يكون هناك المزج بين التحفيز الإيقاعي من جهة مع الأفكار او المعتقدات من جهة اخرى . وعندما يحدث هذا الامتزاج فان الطقوس تحيل فكرة ذات مغزى الى تجربة عاطفية كبيرة وعميقة. كما يؤكد نيوبيرغ بان البشر مضطرون, بسبب تركيبة الدماغ الخاصة, الى تحويل الافكار والمعتقدات الاسطورية الى افعال.

ان علم الاعصاب اللاهوتي علم مثير حقا ويمكنه المساهمة في دراسة الظواهر الدينية والاساطير دراسة علمية بالاعتماد على التطورات الحديثة في علوم الدماغ, ولربما يستدعي ذلك المزيد من المتابعة.

المصادر
1- 1-http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=365432

2-http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=365129

3- Aldous Huxley: Island

4- http://www.zygonjournal.org/

5- http://abs.sagepub.com/

6-Laurence O. McKinney: Neurotheology: Virtual Religion in the 21st Century

7- Newberg, A: Principles of Neurotheology, Ashgate, 2010

#طلال_الربيعي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل