أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - نحن















المزيد.....

نحن


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4132 - 2013 / 6 / 23 - 10:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ما أصعب أن تكون مسيحيا في زمن نيرون أو إسرائيلياً في زمن فرعون, أو كاتبا عربيا حرا في هذا الزمن الذي أعيش فيه أنا.

فأهلنا سبروا أغوار الماضي,تركوا في ذاكرتنا شيئا من عبق السنين, ولكنهم لم يفتحوا أي باب أو أي نافذة تطلُ على المستقبل القريب أو البعيد, لذلك نحن ما زلنا كما نحن لم نتطور ولم نتقدم ولم نتحول من قرود إلى بشر حقيقيين,ما زلنا نحن كما نحنُ,مازلنا نقتلُ بعضنا ونهاجم بعضنا ونسرق بعضنا ونحارب المثقفين بشتى أنواع الأسلحة,إنها المعركة المستمرة التي لا تنتهي ضد كل أشكال التطور والتجديد..

تركوا أثرهم في سلوكياتنا, ومضوا إلى عالمٍ آخر ,أفضل من هذا العالم الذي نعيش فيه,أخذوا معهم حفنةً من القمح وحفنة من التراب ,وتركوا لنا الأوراق والمعادن الخسيسة التي من أجلها نقتل بعضنا وندوس على كرامة كل من بقي حيا بعد المعركة,كتبوا لنا من دمائهم حبرا على ورق معتقا ومن عرق جبينهم قصائد تتلى,مزاميرَ وأناشيدَ,مازالت حتى اليوم رائحتهم الزكية تنبعث من بين أصابع قدميهم,وما زالت عيونهم معلقة في السماء لتخبر عن شعب طموح جدا وجاهل جدا.
كانت الأمور عندنا وما زالت على عاداتها القديمة في المأكل والملبس والمشرب,والأمور تمشي عندنا بصعوبة بالغة وليس من السهل أن تقضي حاجتك بسهولة,لا بد أن تتعب كثيرا,وأن تعرق كثيرا,وأن تحاول مرارا وتكرارا,وأن لا تكف أبدا عن المحاولة,وأن تبتسم في وجه قاتلك وتدعو له بطول العمر بعد أن تقبل يديه وترفعهما على رأسك عاليا وأنت تقول :شكرا لك يا ألله على هذه النعمة.

الأمور معقدة جدا,وحتى تعيش أنت بحاجة إلى عقل كبير ومخالب وأسنان حادة,فليس من السهل أن تقوم بتحصيل لقمة الخبز,يجب أن تغامر كثيرا وأن تقطع السبع بحور مثل قصص(حسن الشاطر),وهذه ليست إلا البداية,وكل أسلافنا تركوا وراءهم أثرا يدل عليهم وعلى أماكن تواجدهم لنمشي خلفهم على العادات القديمة,..دون أن يعطونا وقتاً للتفكير وللاختيار,فنحن لسنا طلاب علم نجباء وأذكياء,نحن لم نقرر بعد أي شيء,نحن لم نكن نريد هذه الحياة القديمة,هم اختاروا لنا كل شيء,يوم عيد الميلاد اختاروه لنا,والزوجة ومحل الإقامة,لم نقرر مصيرنا بعد.. والضرب عند أغلب الناس يستعمل للبهائم الحيوانات علما أن دولا حديثه لم تسمح به حتى للحيوانات, فبأي حقٍ أنت أو هو تقوم بضرب الحيوان؟هل هذه طريقة لأكله؟,أو لشربه؟, أم لتربيته على مسطحات النجيل في أرضية ملاعب كرة القدم؟ ومع الكثير من الأسف يستعمل الضربُ عندنا للأطفال, وللمرأة,للكبير وللصغير, وهو وسيلة أو طريقة جهنمية في التربية ,وهو النظرية الوحيدة عندنا التي لا تقبل شكا أو جدلا من أصله ,والضرب أفضل وسيلة للتعليم, خصوصا تعليم الأطفال, وهو وسيلة جيدة وذات مردود ممتاز جدا على المرأة التي لا تطيع زوجها أو أبيها أو أخيها, فبعد وجبة دسمة من الضرب ,تصبح المرأة مطيعة وكما يقال(على سنقت عشره) وإن كانت وزارة التربية والتعليم قد منعت الضرب شكلا في المدارس باعتباره أسلوب غير صحي للتدريس فإن بيوتنا ما زالت تمارس رياضة الركض وراء الأطفال بهدف الإمساك فيهم وضربهم ويقوم القابض على الطفل بضرب الطفل حتى لا يكرر الخطأ مرة أخرى, وهذا يحدث أمام أصدقاء الطفل وإخوانه لكي يأخذوا العبرة والحيطة والحذر,ويتفاخر بعض الرجال وأحيانا بعض النساء بضربهم للأولاد كأسلوب سحري في التربية,علما أن الآباء هم من يحتاج إلى الضرب -عقابا لهم على أُميتهم في التعليم -من جهة أخرى أقوى منهم.

ونحن جماعةٌ ما زلنا نعتقد حتى اليوم بأن الشيطان يأكل معنا إذا لم نُسمي على الطعام بجملة(بسم الله الرحمن الرحيم),وما زالت عندنا حتى هذه الساعة تصورات وتخيلات وأوهام عن عالم آخر موجود وغير موجود,عالم كبير وغني بالمؤثرات,وهنا وليس هنا,يرانا ولا نراه, لا هو في الداخل ولا هو في الخارج,ويقال بأنه يعرفنا أكثر مما نعرفه ويرانا أكثر مما نراه وكذلك يسمعنا ويشتم روائحنا ,يفعل الخير ويفعل الشر, وهو الذي يهب الحياة والروح وهو الذي يأخذهما ,ليس طويلا ولا قصيرا وليس مذكرا ولا مؤنثا وليس رجلا أو امرأة ومع كل ذلك نجد كل أوصافه ذكورية (مذكر)..له يد وليس له يد...إلخ .

وأهم شيء أننا لا نعيش في عالم عادي, بل نحن في عالم آخر فانتازي ليس حقيقيا وأغلب الناس عندنا لا تشرب المسكرات ولكن كل الناس طائشة في الهواء وسكرانه ومدمنة على شتى أنواع النُكات والحكايات المطمئنة,عالمنا ليس حقيقياً بل نحنُ نعيش في وسط عالم افتراضي جدا كله أخيلة وتوقعات عن عالم آخر غير موجود إلا في مخيلتنا,ذلك العالم الذي سنذهب إليه مشيا على أقدامنا إن لم نجد وسيلة نقل, أو محمولين على البراق أو على سفينة فضائية أسطورية, أو من خلال تعلقنا بمذنب من المذنبات التي تجوب كوكب الأرض في كل وقتٍ وحين, نحن يا أصدقائي لسنا واقعيين ولا نؤمن بالواقع مطلقا ونحن ليل نهار مع الأفاكين والدجالين والنصابين الذين يتاجرون بدمائنا ويغامرون بأرواحنا, ويصعدون على أكتافنا العريضة من أجل مصالحهم الشخصية, ونحن كل يوم نموت مع الحكايات المؤلمة التي يتكرر مشهدها وسترى يا صديقي كثيرا إذا عشت كثيرا,نحن لم نتقدم للأمام ولا بأي خطوة بل على العكس نسير للوراء كلما تقدم غيرنا للأمام,ونزداد تخلفا وجهلا كلما ازداد غيرنا تقدما ومعرفة,فبرغم وجود المدارس وانتشار الجامعات إلا أن كل شيء عندنا يمشي بالواسطة وبالمحسوبية أو بقوة الذراع وبالصولجان وبالكرباج على ظهر كل من يُعصي وكل من يقول لا, والتغيير عندنا لا يتم بطرقٍ سلمية بل بالإكراه أو بالطرق الحربية.. فالأمور عندنا لا تمشي بطرق عقلية ومنطقية بل بالعناد وبالصراخ وبالقتال على كل الجبهات ولا يعرف قومنا أن هنالك اختراع عظيم اسمه الحرية والديمقراطية وحق تقرير المصير وحق كل إنسان بأن يحيا الحياة المناسبة له وبأن يتعايش مع الناس وفق ما يؤمن به,ومن حق كل فرد تشكيل الجمعيات والأندية ودخولهن كعضو فاعل وعامل,ومن حق كل مواطن أن ينتسب للحزب الذي يراه مطابقا لأفكاره,إن لم تؤمن الحكومات العربية بهذا,فهذا معناه أننا قادمون على كارثة عظيمة أعظم من حرب الثلاثين عام التي استمرت بين البروتستانت والكاثوليك, وبأن هنالك وجبة يجب أن نأكل منها كل يوم تحت مسمى الرأي والرأي الآخر,وإننا نقول عن الأشياء التي لا تُقدر بثمن بأنها شيء تافهٌ جدا ,ومن الممكن في بيئتنا أن تفتح أي موضوع للنقاش ما خلا ثلاثة مواضيع ممنوع فتحهن وهن على التوالي حسب الترتيب:الدين,الجنس,السياسة.فالدين ورجاله عبارة عن خطوط حمراء ممنوع تجاوزهما وممنوع الاقتراب منهما من قريب أو من بعيد ويجب أن تقف بعيدا عنهم وأنت محافظ على مسافة كبيرة بينك وبينهم,وممنوع أن تأخذ معهم أي صورة,إن حياتنا بمجملها فيها كثيرٌ من التعقيدات التي يصعب حلها كليا.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصر التنوير
- السحر الحقيقي
- بوذا والتخلص من الرغبات
- نفحات مسيحية
- العودة للتراث
- نحن أمةٌ مجرمة
- وسخ الدنيا
- من الذي سيصلح الأرض,المسيح أم المفكرون؟
- العرب الفراعنة
- دراسة نقدية عن رواية القط الذي علمني الطيران
- لماذا كان المسيح كثير البكاء؟
- اليهود والعصفور
- أين تذهب ثرواتنا الوطنية؟
- من يتحمل المسئولية؟
- القلب الطيب
- وجودي وعدمه واحد
- الإسلام دخل الجامعات وأفسدها
- المسيحيون في الأردن
- المسيحية طريقة حياة
- المسيحية في عالم آخر


المزيد.....




- لقاء وحوار بين ترامب ورئيس بولندا حول حلف الناتو.. ماذا دار ...
- ملخص سريع لآخر تطورات الشرق الأوسط صباح الخميس
- الهند تشهد أكبر انتخابات في تاريخها بمشاركة مليار ناخب
- هل يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يخرج التدريس من -العصر الفيكتو ...
- دراسة تكشف تجاوز حصيلة قتلى الروس في معارك -مفرمة اللحم- في ...
- تدمير عدد من الصواريخ والقذائف الصاروخية والمسيرات والمناطيد ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /18.04.2024/ ...
- -كنت أفكر بالمفاتيح-.. مؤلف -آيات شيطانية- يروي ما رآه لحظة ...
- تعرف على الخريطة الانتخابية للهند ذات المكونات المتشعبة
- ?-إم إس آي- تطلق شاشة جديدة لعشاق الألعاب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - نحن