جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 4117 - 2013 / 6 / 8 - 21:19
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
طبعا العرب لا يخصون الفراعنة في كل شيء ما عدى الرمز الذي وجدناه في قصة بني إسرائيل وقتل كل الذكور الذين هم بنظر فرعون وحاشيته يريدون تغيير سياسة الدولة,فقط في هذه النقطة تتقاطع الأنظمة العربية مع الفراعنة لأن الأنظمة العربية تُبيد كل الحركات الثقافية والسياسية لأنها لا تريد التغيير في نهجها السياسي والثقافي..وغالبية الحكام العرب اليوم مع أجهزتهم الأمنية العالية السرية كلهم من الألف إلى الياء يشبهون فرعون الذي عاصر موسى اللاوي أو بن عمران,فموسى تنبأ له العرافون بأن رجلا من بني إسرائيل سيقوض ملكه وحكمه إلى الأبد وسيسقطه إلى أبد الآبدين, لذلك عمل الفرعون على قتل كل ذكر في القصة المشهورة عن موسى وأمه وأخته والفرعون وزوجته التي روتها الكتب الدينية....إلخ, طبعا كلنا يعلم بالتفاصيل ولكن الذي لا يعلم فيه أحد هو أنه حتى هذى اليوم ما زال بعض الناس ينظرون إلى إسرائيل وبني إسرائيل كشعب غريب عن المنطقة يريد التوسع من النيل إلى الفرات وحتى الكويت وهي منطقة الهلال الخصيب؟,طبعا لا أحد يعرف بأنه من الممكن لإسرائيل أن تتوسع ثقافيا قبل أن تتوسع جغرافيا وذلك عبر صقل المنطقة بالحرية السياسية وبالتعددية الفكرية والثقافية والسياسية,ومن لا يعلم ذلك عليه أن يعرف بأن الأنظمة العربية بحاجة إلى (فورمات) جديد من أجل العصرنة والتطوير والتحديث وهذا سيأتي على يد بني إسرائيل في المنطقة وبالتالي ستنهار الأنظمة الديكتاتورية وستحل محلها أنظمة حديثة ما زلنا ننتظر ميلاد نجمٍ جديد يطل علينا جلعاد أو تل أبيب.هذا النجم يجب أن يكون مؤمنا بالتعددية الفكرية والثقافية والسياسية,وهذا شيء لا تقبله أنظمة العرب الحاكمة حاليا.
وينظرُ الناس أيضا إلى الديمقراطية والحرية التي وصل إليها شعب إسرائيل ويريدون تخريبها ويريدون قتل اليهود والتخلص منهم ذلك أنهم أهل علم وحضارة ومن المحتمل أن تؤثر الحرية والديمقراطية في إسرائيل على الدول العربية المجاورة لإسرائيل فيطالب الشعب العربي بالحرية المتواجدة في إسرائيل وأيضا للمطالبة بتعدد الأحزاب وبتعدد مؤسسات المجتمع المدنية في داخل الجسم العربي كما هي منتشرة في إسرائيل.
والمشكلة لا تتوقف عند هذا الحد فقط لا غير فقد تطورت الأمور إلى ما هو أبعد من ذلك كله, بحيث تعلمت الأجهزة الأمنية في الوطن العربي على السياسة التي انتهجها فرعون بحق بني إسرائيل والتي تلخصت بقتل كل ذكر قادر على التفكير وحمل السلاح وبالمختصر المفيد قتل الذكور منذ لحظة ميلادهم, وبهذا فإن الحكام العرب زيّن لهم مستشاريهم بأن هنالك خطر كبير على الحكام العرب من المثقفين والسياسيين والتنويريين لذلك هم الآن ومنذ نصف قرن وهم يتابعون المثقفين والمفكرين خطوة بخطوة من أجل إلحاقهم بالذكور من بني إسرائيل ونقطة الخلاف بين العرب وبين فرعون مصر الذي قتل اليهود دون تعويض مالي يذكر هو أن الفرعون كان يقطع رؤوسهم ونحن لا أحد يقطع رؤوسنا بل يقطعون أرزاقنا ويقطعون أوصالنا من كل المؤسسات الثقافية التي تخدم المجتمع المدني ذلك أن الخبراء يعلمون القادة العرب على أن العقل النظيف خطر عليهم والمخ النظيف خطر عليهم والسياسي الذكي الذي يعرف كيف تسير الأجهزة الأمنية في المجتمع بخطواتها دون أن تترك وراءها أثرا كل ذلك معروف عندنا ومكشوف ولهذا تحارب الحكومات العربية بالثقافة تماما كما كان الفرعون يحارب بني إسرائيل ويقطع لهم رؤوسهم, ونحن طبعا نمشي ليل نهار ونقول بأن حظنا سيء علما بأن حظنا جيد جدا ولكن الأجهزة الأمنية هي من يقف وراءنا من أجل التخريب على الثقافة حتى لا تتغير سياسة الحكومة وحتى لا تتغير الوجوه القديمة التي تحكم بلادنا وتريد تلك الأجهزة من الثقافة أن تبقى واقفة مكانها لأن خطر التغيير يؤثر على المعسكرات القديمة التي تحكمنا بالحديد وبالنار, فكل تلك المؤسسات السياسية مؤسسات قمعية لا تريد التطور لشعوبها, وأنظمة الحكم في كافة الدول العربية لا يوجد
مثلها في العالم كله فهي الأجهزة الأمنية الوحيدة في العالم التي تحارب التطوير والتحديث لشعوبها وللمؤسسات المدنية التي تريد أن تكبر وتحكم الشعب بدل العسكر القديم المتعفن.
إن قصة موسى وبني إسرائيل مع فرعون مصر نجدها نفس القصة وذات الدلالة والسياق على وضعنا الحالي فالمثقفون اليوم هم بنو إسرائيل جملة وتفصيلا وكل مثقف تلاحقه أجهزة الأمن هو نفسه الإسرائيلي الذي كان يقبض عليه فرعون ويقطع رأسه قبل أن يكبر ويشكل عليه خطرا سياسيا كبيرا.وترصد مخابرات الدول العربية اليوم كل التحركات الخاصة بالمثقفين ويتم رصدها من أجل إعاقتها كليا عن الحركة وتوقيع أقسى أنواع العقوبات بحق الذين لديهم حِراك ثقافي وسياسي وذلك من أجل إبعادهم عن ساحة الثقافة التي تعمل على تغيير كل شيء,وبهذا يصبح كل مثقف عربي عبارة عن إسرائيلي وكل حاكم عربي عبارة عن فرعون هذه الأمة الحديث.
إن ما يفعلونه بنا لا أحد يعرفه كما نعرفه نحن المثقفين والنصب على الاختصاص, نحن نعرف ما يفعلونه فينا ونتجنب التصادم معهم وننسحب أحيانا من المواقع التي يتصيدون لنا فيها,وقلة من المثقفين التي لديها هذا الوعي وهذا الكم الكبير من الإدراك فأغلبية المثقفين العرب يعيشون على البركة أو كما يقال على السبحانية, فلا يتوقعون بأن أجهزة الدولة تترصد لهم وتعيق حركتهم وخصوصا يراقبون السيولة المالية مع أغلبهم لأن السيولة المالية سلاح كبير للحركة لذلك يشلون حركتهم اقتصاديا من أجل ضمان عدم تحركهم 100% وإسقاطهم في كل المجالات ويسقطونهم ماليا من أجل شل قدراتهم التفكيرية نهائيا وذلك عبر جعل الفرد يفكر ليلا ونهارا فقط في لقمة خبزه وأن لا يتعدى هذا التفكير, وهل تعلموا بأن أمي دائما ما تقول لي:فكر في مصروف أولادك من وين بكره تجيبه! وانسى الكُتب والثقافة عشانها ما بتطعميكاش خبز,يعني خليك في حالك أحسنلك.
فعلا الحكام العرب فراعنة عرب.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟