أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الإنسان طيب وشرير في نفس الوقت














المزيد.....

الإنسان طيب وشرير في نفس الوقت


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4084 - 2013 / 5 / 6 - 12:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الشر الذي يصيبني قد يفرح له الناس كثيرا,وقد يجوع الآلاف من أجل أن يشبع إنسان واحد وقد تألم المسيح وذاق شتى أنواع العذاب من أجل أن يسعد الملايين من الناس.

يقال بأن (بروتاغوراس) من كبار السفسطائيين كان الملهم الأول لأينشتاين حيث وضع آينشتين نظريته النسبية على أن كل شيء نسبي,ومجمل ما قاله بروتاغوراس:إن كل الأشياء نسبية فليس هنالك شيء خير في نفسه أو شرٌ في نفسه وإنما هو خير وشر وعدل وظلم, بمعنى آخر أن الذي يتسبب لك بالسعادة قد يكون بالنسبة لغيرك شر كبير بما في ذلك الذي يتمناه لك أعداءك فيستاء أعداءك من الخير الذي يصيبك ويفرح أعداءك للشر الذي يصيبك لذلك لا يوجد شيء من الممكن أن نعتبره خيرا مطلقا أو شرا مطلقا فكله على بعضه خير وشر وعدل وظلم,ولكن كيف نترجم هذه المقولة على أرض الواقع؟ من وجهة نظر أدبية يتبين من هذه المقولة بأن كل شيء في هذا الكون نسبي وأفضل من يعبر عن ذلك هو الشاعر أبو الطيب المتنبي حين قال: بذا قضت الأيامُ ما بينَ أهلها.....مصائبُ قومٍ عند قومٍ فوائدُ,أي أن الشر الذي يصيبك هو بالنسبة إلى غيرك خيرٌ كثير وليس شرا,والشر الذي قد يصيبُ غيرك من الناس قد يكون مردود عليك خيرا,وبأن الشرور كلها لا يمكن أن تكون شرورا بمعنى الكلمة وإنما هي عند غيرك عبارة عن خير غير مطلق,وبالمثال الآخر:أن الشر الذي يصيبك الآن قد يكون مردود عليك في المستقبل خيرا وليس شرا دائما,فلا يوجد خير دائم ولا يوجد شرٌ دائم وإن الحياة كلها عبارة عن تبادل أدوار بينك وبين الناس فأحيانا تكون أنت مسرورا والناس محزنون وأحيانا تكون أنت محزون جدا والناس مسرورون,والصديق الذي تستفيد منه في الوقت الحالي قد يضرك في المستقبل القريب,والخبر الذي يضحكك نجده بأنه يبكي غيرك من الناس لذلك الأخبار بمجملها خير وشر وعدل وبكاء وحزن وسرور.

وعمل الخير الذي تقوم به لنفسك أو لغيرك تجدُ انعكاسه على بعض الناس عبارة عن شرٍ كبير, وبمعنى آخر: أن هنالك من الناس من يتضرر من الخير الذي يصيبك وهنالك من الناس من ينبسط جدا للشر الذي يصيبك, وبذلك لات يمكن للفلسفة السفسطائية أن تسمح لك بأن تقول عن نفسك بأنك إنسان خيّر فعلت الخير والعمل الطيب بل أنت إنسان شرير ذلك أنك عن طريق عملك للخير لبعض الناس في نفس الوقت تسببت بالشر لبعض الناس وها أنت على حقيقتك طيب وبشع وشرير وحسود وحقود وغيور,وأنت مجرم لا يختلف عن المجرمين والذين تعمل لهم أعمال شريرة يشكرك الآخرون على ما فعلته واصفين عملك بأنه عمل طيب,لذلك أنت أيها الإنسان تائه وضائع لا تعرف كيف تخرج من دوامة الحياة التي كلها نسبية.

وبهكذا معادلة نستطيع أن نقول بأنه لا يوجد خير أبدي أو شرٌ أبدي,فالذي تتألم منه يكون انعكاسه على غيرك عبارة عن خير كثير,فأعداؤك مثلا يفرحون للشر الذي يصيبك,ويحزنون من فعل الخير الذي يصيبك,حتى أنت في المستقبل القريب أو البعيد تتضرر جراء الخير الذي يصيبك اليوم,فلا يوجد شيء في هذا الكون من الممكن أن نقول عنه بأنه خيرٌ دائم أو حزنٌ دائم,فالشر لا يدوم إلا مؤقتا والخير لا يدوم إلا مؤقتا,وساحة المعركة التي تنتصر أنت فيها تكون في نفس الوقت ساحة هزيمة لغيرك وهو عدوك والعكس أيضا صحيح فساحة المعركة التي تنهزم أنت فيها تكون بالنسبة لغيرك ساحة نصر,والشر الذي يصيبك نجده عند غيرك خيرا كثيرا لأنه يجلب لك المنفعة والفرحة,وهكذا نحن نعيش في دوامة لا نكاد نقف على شيءٍ ثابت فكل شيء نسبي غير مطلق.

وفعلا كما قال المتنبي: بذا قضتْ الأيامُ ما بين أهلِها... مصائبٌ قومٍ عند قومٍ فوائدُ.

وسلوكك الذي تظن بأنه أخلاق جيدٌة تجد أناسا آخرين يعتبرونه سيئا جدا وفق ما يعتقدون وما يظنون أنه عيباً أخلاقيا كبيرا , وعملك الذي تظنُ بأنه إنساني طيب يكون عند بعض الناس عيبا كبيرا ونقصاً في شخصيتك وضعفا فيها فالأخلاق أيضا نسبية فلا يوجد مبدأ أخلاقي ثابت فالأخلاق تختلفُ معانيها باختلاف معايير المجتمع والبيئة التي تعيشُ فيها وما تراه أنت عيبا أراه أنا شيئا عاديا وبالمثال على ذلك: المرأة التي تلبس ملابس شبه عارية وتنام على رمل البحر بملابس(بكيني) قد يكون هذا العمل بالنسبة لمعايير الأخلاق في بيئتها شيئا عاديا وليس عيبا ولكن هذا العمل في المدينة التي أعيش فيها أنا يعتبر مخلا بالشرف ومعارضا لمعايير الأخلاق التي تربينا عليها,فلا يوجد شيء ثابت أو معايير ثابتة وكل شيء يتبدل بحسب الظروف وبحسب البيئة وباختلاف المجتمعات وباختلاف الزمان والمكان.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشاعر والأحاسيس من وجهة نظر رواقية
- درس من الإنجيل
- الغنوصية
- الاستثمار في الإنسان
- الحلاج الفقير الذي تكرهه الناس
- الحج عن المعضوب
- مبروك...مبروكه ..وطقومة قزاز
- سلمان المُحمدي
- الأفكار الكبيرة تبدأ من بذرة صغيرة
- ما حدى مرتاح
- المرأة مثل البهيمة عند العرب
- مبسوط جدا
- شكل الربيع العربي
- الانبراطورية السنية السلفية السعودية
- العقلية اليهودية صالحة لكل زمان ومكان
- اليهودية الإصلاحية
- أبحثُ عن ولدٍ ضائع
- أحذية المصلين في المساجد
- الشيطان يخاف من الإنسان ولا يخاف من الله
- إلى أين ذهبت دمشق؟


المزيد.....




- هل يثير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران زخما لوقف ح ...
- أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طالت ا ...
- مصادر إسرائيلية تتحدث عن قتال صعب وإجلاء جنود جرحى بخان يونس ...
- هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟ ...
- تزايد اختطاف الأطفال على يد جماعات مسلحة بموزمبيق
- فتح الحدود بين إريتريا وإثيوبيا دون إعلان رسمي.. ما القصة؟
- دينيس فيلنوف يقود أولى مغامرات جيمس بوند تحت راية أمازون
- لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
- انقسام في الكونغرس بعد أول إفادة بشأن ضرب إيران
- البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الإنسان طيب وشرير في نفس الوقت