جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 4120 - 2013 / 6 / 11 - 23:19
المحور:
كتابات ساخرة
كل من يقرئ هذا المقال سيقول عني بأنني شيوعي من الدرجة الأولى أو اشتراكي بالرغم من أن الشيوعية لم تدخل يوما من الأيام إلى بيتي لا هي ولا الاشتراكية ولا الماركسية ولا....,أنا أدعو إلى إلغاء المصاري(العملة النقدية) أو تنظيف البشرة من وسخ الدنيا فبشرتنا جميعا متسخة بوسخ الدنيا وارتكب أغلبيتنا الكثير من الحماقات والكثير من المخالفات الأخلاقية والإنسانية فقط من أجل الحصول على النقود ونحن نعلم بأنها وسخ الدنيا الوحيد الذي لا نرغب أبدا بتنظيف بشرتنا منه,ولكن الغريب في الموضوع أن جميع الحيوانات والمخلوقات الأخرى تأكل وتشرب دون الحاجة للحصول على وسخ الدنيا وبالرغم من أننا ندعي بأننا أفضل منها إلا أنها حتى اليوم لم تتسخ أبدا بوسخ الدنيا.
ومن أجل النقود قام بعض المزورين بكتابة وطباعة أحقر الكتب على وجه الأرض,وأعطيت الجوائز لأحقر الكتاب على وجه الأرض,ومن أجل المصاري أجريت أعمال التزوير وخان أغلب الناس أوطانهم وترك بعض الأزواج أزواجهم وباع الأبناء الآباء وباع الآباء الأبناء وتوهم الغالبية بأنهم عن طريق المصاري سيشترون الحب وسيشترون الحنان وسيشترون العواطف وارتكبت جرائم فضيعة جدا على مر التاريخ ,ومن أجل هذا الوسخ اتسخت بيوت العبادة التي من المفترض بها أن تكون أكثر البيوت طهارة, فحتى بيوت العبادة لم تخلو يوما من وسخ الدنيا فما زال هذا الوسخ عالقٌ بين جوانبها ,واتسخت بيوت الثقافة وظن الأغلبية من الناس أنهم بوسخ الدنيا سيقومون بتطهير بيوت الدعارة من دعارتها.
ستقولون عني بأنني شيوعي أطالب بعودة نظام المقايضة حصة بحصة وبضاعةً ببضاعة ومواد غذائية مقابل مواد غذائية,كان الإنسان القديم قبل اختراع العملة النقدية التي خربت بيت الإنسان, كان إذا أراد الحصول على بضاعة ليست عنده يذهب إلى السوق بما عنده في البيت من بضاعة فيستبدل مثلا الشعير الزائد عن حاجة ببضاعة أخرى هو بأمس الحاجة إليها, وكان الذي يملك السمك ولا يملك القمح يذهب إلى السوق للبحث عن شخص معه القمح فيستبدل السمك بالقمح أو القمح بالسمك,وكانت الناس على بساطتها طيبون جدا ولا يعرفون لا الضغائن ولا الحسد ولا النكد ولكن منذ أن دخلت العملة الورقية(العملة النقدية) والمصاري(النقود) نعم منذ دخلت إلى بيوت اتسخت بواسطتها الجدران والأسقف حتى مواقع الصلاة..واتسخت كل الناس أو الأغلبية الساحقة من الناس..وتحول الإنسان من إنسان بمعنى الكلمة إلى إنسان آخر غشاش وطماع وانتهازي وقناص للفرص همه الأول والأخير الحصول على النقود بأي وسيلة كانت لذلك قتل الإنسان أخيه الإنسان وسرق بيت جيرانه ورمل جارته وقتل الأقارب حتى الآباء قتلوا الأبناء والأبناء قتلوا الآباء فما هذه الحياة المقرفة التي حولتها المصاري في ظرف يوم وليلة إلى مخلوقات بشعة؟ مخلوقات أنانية ولصوص وقراصنة وقطاع طرق وشبيحة وبلطجية.
وبالرغم من أننا نصف المصاري والنقود بأنها وسخ الدنيا إلا أن جميع سكان الأرض يحلمون بأن تتوسخ أياديهم بهذا الوسخ, الكل يحاول الحصول على وسخ الدنيا بطرق كلها متسخة, بالكذب بالتزوير بالعناد وبالنصب وبالاحتيال,وحتى لو أضطر أحدهم لقتلك من أجل أن يحصل على ما في جيبك من نقود فإنه لن يتأخر عن فعل ذلك, وأكثر الناس وسخا تجدهم يحاولون أن يقولوا لك بأنهم أكثر الناس نظافة..إن المصاري لوثت العقول والقلوب وباعدت بين الأصحاب وجعلت بعض الناس لا يرون الطريق بوضوح وكم سمعت ورأيت أناسا في حياتي لا يرون الناس لأن ما يملكونه من مصاري أدى إلى إضعاف بصرهم فلا يرونك ولا يرونني,إن المصاري فعلا تُعمي القلوب والأبصار,بل وتضيع العقول وتجعل أغلبية الناس عبارة عن مجانين حقيقيين وتصرفاتهم غريبة وكل هذ تفعله النقود.
والإنسان الذي لا تتعامل معه بالمصاري يبقى مخلصا لك ويحبك وتحبه ولكن بمجرد ما أن تتدخل المصاري(العملة النقدية) بينه وبين صديقه فورا تنقلب قوانين اللعبة والحياة كلها ويصبح شعارك وشعاره إما قاتل وإما مقتول وإما غادر وإما مغدور, وإما فوق إلى الأبد وإما تحت إلى الأبد...إن العملة النقدية أدت إلى التفنن حتى في كيفية صياغة الجريمة وإدارة مسرح الجريمة, المصاري حين تدخل بين الناس يتحول فيها الأليف إلى شخص آخر وكأنك لأول مرة في الحياة تتعارف عليه أو تتعامل معه ففورا يكشر لك عن أنيابه,إن الحياة التي تحصل بواسطة المصاري فيها على كل شيء تصبح في نظرك كإنسان عاقل حياة مقرفة ليس فيها لا صحبة ولا فداء ولا حب ولا إخلاص ولا تفاني بالإخلاص, إن المصاري تفسد العلاقة بين الزوج وزوجته وبين الأخ وأخيه, وأخيرا المصاري تصبح (بهدلة) وقلة حياء وكم من أناس رأيتهم بعيوني من أبدع ما يكون ولكنت بمجرد ما تتدخل المصاري بيني وبينهم فورا يتحول الطرف الآخر إلى إنسانٍ آخر مغاير عن الإنسان الأول الذي عرفته قبل أن تتدخل العملة النقدية بينك وبينهم,ولكي لا نظلم الناس جميعا تكون المصاري أحيانا سببا للمحبة بينك وبين بعض الناس فالمصاري لا تُهم جميع الناس فالخير في الدنيا ما زال موجودا وهنالك من يعطيك لله أو من أجل الإنسانية أو حبا وكرامة,ولكن الأغلبية يريدون أخذ دمك ومص دمك من أجل أن يحصلوا منك على بعض ما بجيبك من نقود,ولا أحد يهتم كيف هي صحتك النفسية والجسدية والعاطفية, الكل يريد ذبحك ليتعشى عليك ..وتصبح القضية كلها عبارة عن خواء وملل جدا, فكيف مثلا بعض الناس يشترون الحب بالعملة النقدية ويشترون الأصدقاء ويشترون الذمم ويشترون حسن المعاملة,وكل شيء نحصل عليه بواسطة النقود يكون معناه تافها جدا, فلا أحد يعطيك شيئا من أجل شخصك الطيب أو من أجل ثقافتك أو حُسن خلقك,الكل يعطيك ما تطلبه بمقابل العملة النقدية التي معك ولا أحد يعطيك لمجرد أن قلبك أبيض مثل السكر والحليب,وإذا لم يجد أحدٌ معك عملة نقدية فإنه يعطيك مقابل مص دمك وزيت شبابك.
ومن أجل المصاري خان الناس بعضهم وقتل الآلاف الملايين من إخوانهم,ومن أجل النقود والعملة النقدية والذهب ظهر الاستعمار وانتقل الصراع من صراع على حبة بطاطة أو طماطم إلى الصراع على أرض كبيرة أو قارة كبيرة ومن أجل العملة الورقية خان الأمناء الأمانات وتحول الإنسان الطيب إلى إنسان بشع همه الأول والأخير توسيخ يده بوسخ الدنيا, هذا الوسخ الذي يحلم الجميع بالحصول عليه.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟