غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4130 - 2013 / 6 / 21 - 21:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القناة الفرنسية الثانية, وهي مؤسسة حكومية. قدمت لنا مساء البارحة, وبعد تطبيل وتزمير خـــاص, ببرنامجها المسائي الخاص المسمى مراسل خاص Envoyé Spécial مرة أخرى عن برنامج الأسلحة الكيميائية في سوريا. متهمة السلطة السورية باستعماله. ومن الملاحظ أن عشرة أشخاص من المحاربين الإسلاميين هم الذين لعبوا دور الكومبارس بهذه التمثيلية المفبركة, مع مصور تلفزيوني منهم. هو نفسه الدليل Fixeur الذي قاد الصحفيين الفرنسيين اللذين يعملان في جريدة لوموند Le Monde الفرنسية واللذين بقيا لمدة شهرين مع مقاتلي المعارضة, ووجهما حيث يشاء وكيف يشاء. وبقيا مراقبين وعاملين مع جهة واحدة وطرف واحد.. كأنهم جاءوا فقط لإخراج قصة أو تمثيلية مكتوبة سلفا... تمثيلية هزيلة جدا.. حتى أن مراسل لوموند الذي حضر البرنامج وكان نفسه حامل هذه الأدلة المرتبة.. لم يقدم أية ثبوتيات حيادية أن ما أعطي وحمل له من أكياس وعلب ومساطر, عن غاز الساران Gaz SARIN, كانت من مستودعات أو ذخائر الدولة السورية الممنوعة. أو قدم براهين قاطعة بأن الجيش السوري هو الذي أطلقها... وأنها تكن محضرة ومفبركة من قبل المقاتلين (الجهاديين) نفسهم, ومن خبرائهم, أو من أختصاصيي الخبراء الأجانب في التشويش والدس Désinformation..والتسميم.. واختلاق الأكاذيب المصطنعة, كما فعلت هذه الأجهزة في حينه, يوم اختلقت الأدلة الكاذبة. حتى تبرر الحرب ضد العراق الجريح وغــزوه وتدميره وتفجيره وتشتيت شعبه...
استغرب أن هذا البرنامج الذي يدوم من عشرة سنوات تقريبا, والذي كان من أشهر البرامج الفرنسية الحيادية, يغرق في متاهات تمثيلية هزيلة مفبركة, بلا أية مصداقية صحفية إعلامية ولا ثبوتيات. غير ما يقدمه طرف مدعي. مع الإصرار على اتهام السلطات السورية, بالرغم أن القاضية الأمميةCarla Del Ponte أعلنت عدة مرات أن محاربي المعارضة الإسلاميين من جبهة النصرة والقاعدة وغيرهم, هم الذين استعملوا هذه المواد الكيميائية الممنوعة لتضليل التحقيقات الحقيقية... ولم يسمع أحد Carla Del Ponte. لأن الأوامر صدرت من فوق.. وخضعت جريدة لوموند والقناة الثانية الفرنسية بأخذ الترتيبات اللازمة لمتابعة اتهام السلطات السورية. اتهام متزامن مع مؤتمر G 8 والمساعي والتحضيرات الصعبة والمشربكة لمؤتمر Genève 2 . حيث أن الحرب الإعلامية ضد السلطات السورية الحالية, تتفاقم وتدبر وتهول حسب التطورات والتحركات القتالية على الأرض, والتي ـ يا للهول ـ ما زال المواطنون السوريون الأبرياء يدفعون لوحدهم ثمن انفجاراتها وقتلاها وخسائرها ونكباتها ومصائبها التي لا تحصر. ومـا من أحد يعرف مدى استمرارها ومتابعة أهوالها... ولا حاجة لي أن أردد مرة أخرى, بعد مئات المرات, ورغم الوخزات الاستفزازية التي توجه لي من طرف او من آخـر, بأنني لست على الاطلاق ملتزما مع هذه السلطة, ولا مع أية سلطة أو حزب أو دين أو جماعة... وأحمل مسؤولية هذه النكبات المتتالية التي أصابت بلد مولدي وشعبه, جميع الأطراف المتقاتلة على الأرض السورية, مهما كان التزامها أو ارتباطاتها , ومهما كانت واجهتها. وخاصة الجهات التي تعمل من خارج البلاد على إطالة وديمومة القتل والتقتيل.. ولا استثني من هذا الانتقاد الصريح مسؤولي هذه السلطة السابقين والحاليين واللاحقين, وخاصة أجهزة مخابراتهم ذات السمعات المعروفة بقوتها ومعرفتها وامتداد جذور بطشها وعيونها. إذ كيف تعامت ولم تر كل هذه التسربات من الرجال والعتاد والأسلحة المتنوعة التي دخلت إلى البلاد, دون معرفتها... أما هي شــريكة من بداية البدايات في الخيانات والمؤامرات... أما أنها هزيلة بالحقيقة.. ولا تستحق ثــقــة الشعب السوري بها والتي أعطاها مهمة حمايته وإدارته.. وحــال البلد اليوم.. بلا حماية... ولا إدارة... ولا كهرباء ولا مـاء... وانفجار أسعار الغذاء الضروري اليومي, وانعدام الأمان.. بالإضافة أن ذئاب الأرض كلها من إسـلامـويـيـن ومحترفي قتل وتقتيل وتكبيرات عجيبة غريبة.. تعيث تخريبا وقتلا وتفجيرا... بالطول والعرض في كافة أطراف الوطن السوري الجريح... والمتشاورون والمجتمعون والمتاجرون والمؤتمرون والمتآمرون.. سوف يجتمعون في الدوحة.. قلب الخيانة والدفع المتحرك النابض.. تحت شعار أصدقاء سوريا حتى يقررون تسليح المعارضة.. أو أية معارضة؟.. لأنهم حتى هذه الساعة لا يعرفون من هو الرأس.. ومن هو المقاتل المعتدل.. ومن هو المقاتل القاتل.. ومن هو المقاتل المسلم الصحيح.. ومن هو المقاتل المأجور... ولا يعرفون أنهم سوف يقتتلون بين بعضهم البعض.. كما حصل في ليبيا أو كما حصل في مـالـي. وكيف سيتفقون على اقتسام غنائم المعركة والمناصب.. وأية شـريعة إسلامية سوف يطبقون.. ومن هم جند اليرموك منهم.. ومن كانوا من جبهة النصرة.. وأي علم وأي دين يطبقون؟؟؟... ومن منهم يحرق كل مبادئ الديمقراطية والتعددية والحريات قبل الآخر.. حتى يرهب الآخر أكثر وأكثر.. و يرفع رايته وقراره وشريعته قبل الآخر........
لهذا السبب سوف يسلحكم الغربي الاستعماري الذي يحادثكم بكبرياء, لابسا قفازه قبل أن يلمسكم أو يصافحكم هازئا متحفظا محتقرا.. مهددا أحيانا بأن له الحق أن يسلح من يشاء.. ويدفع من الخزينة القطرية لمن يشاء... حيث انكم تعلمون أو لا تعلمون أن هذه الحرب لا تكلف المستعمر الغربي أي دولار ولا أي شيكل (العملة الاسرائيلية)... وأن الربيع العربي وقتل العرب للعرب يدفع دوما بأموال النفط القطري والسعودي... وهكذا تكتمل الحلقة.. ويكتمل ما لم يكتمل في بدايات ســايـكـس ــ بــيــكــو. وهو أن يقتتل العرب بين بعضهم البعض, وأن يتمزق العرب بين بعضهم البعض, ويتصحرون ويبقون على غبائهم وتحشيشهم الغيبي وفروقاتهم الطائفية... وتسود لوحدها دولة إسرائيل.. ويبقى النفط لخدمتهم.. وتأمين ديمومة مصالحهم الاستراتيجية والنفطية... وما يحدث في ســوريا اليوم ــ مع مزيد الأسى والمرارة والألم ــ هو ديمومة هذه المؤامرة على بلدنا وحياتنا ومستقبل وجودنا أو عدم وجودنا...... وما زال القتال والخيانة والاجرام والغباء مـسـتـمـرا... مستمرا...
اصــرخ... اصـــرخ...هذا ما استطيع لبلدي. لأنني لا أملك سوى صوتي المخنوق.........
وحتى نــلــتــقــي..........
للقارئات والقراء الأحبة, كل مودتي وصداقتي وصدق مشاعري واحترامي... وأجمل وأطيب تحية مهذبة... حــزيــنــة.
غـسـان صــابــور ــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟