أسعد البصري
الحوار المتمدن-العدد: 4117 - 2013 / 6 / 8 - 02:27
المحور:
الادب والفن
1- الحنين
........
" عشرون قدْ مضين كالدهور كلّ عام " . أشيخ في الأقاليم البعيدة وحدي . لم أعد جديراً بدوران عيونك السود ، و لا قِبَلَ لي بحيرة خصركِ . أيتها البصرة ! . لا تركضي أمامي من الفرح . لقد أزرى بيَ الدّهرُ بعدكِ . أورثني فراقكِ داءَ القلب . يا أُمّ الكتاب ، كيف أُصبح شاعراً في البصرة ، وتحت كُلّ نخلةٍ شاعرٌ لا يكاد يراني . تشفع لي غربتي . هل تعرفون هذا الصوت ؟ . هل طرقَ الخوف أسماعكم قبل هذا ؟ . افتحوا الشبّاك فهذا آخر عهدي بالقمر . لا تعبثوا بالجدران بعد اليوم ، دعوني عليها حتى يمحوني تعاقب الشمس ، والمطر . أقف على أطلالكم للمرة الأخيرة . الشمعة التي أحرق ذوبانها أكفّكم تنطفيء . ولي عليكم غابات النخيل ، و جريان الجداول ، وسواد الناس . لي عليكم مباهلتي بالشناشيل . و دموعي التي فتحتْ درباً لأطفال المدارس . ولي عليكم عشاقٌ سيخرجون من فتحة قلبي ، حاملين راية ترفرف في صباحٍ بعيدْ . لي عليكم بلادي ، و عطشٌ يابسٌ في النشيدْ . ولي عليكم عراقي يعود إليَّ ، من خطإٍ فادحٍ في البريدْ .
2- الغربة
...................
" الملتقى بكِ ، والعراق على يديَّ هو اللقاء "
الوداع مُمْتِعٌ في البداية . لكنهُ يَكْبُرُ مع دقّاتِ القلب ، يورِقُ في دمي . تخرجُ أغصانهُ من عيوني . كلما سمعتُ صوت بلادي ، ماءٌ مالحٌ ، يسفحُ من أذنيّ . لو تعلمون كيف تطولُ المنارات ، و يتّسعُ القرآن . لو تعلمون أنني ليلٌ بنهار، ونهارٌ بليل . وهذه الضلالة التي بعتها بالهدى ، لم يعد أحدٌ يشتريها . هذه البلاد التي نسميها (حرية) جئتها بفرحة الأطفال . أرضها من صمغ . لا أريد حريّةً مقابل بلادي ، و أفئدة التاريخ . مُتحرِّرٌ على طريقتنا ، نجلس قرب المسجد ، نجادل المؤمنين ، حتى يطردنا المؤذن . كنتُ أجهل أنني ، لا أحب الأفكار المضيئة ، بل أحب المسجد ، والمصلين ، والجدل معهم . أكتب شوقي إلى وطني ، فأرى وطنين ، وطناً لجسدي هو العراق . وطناً لروحي ، هو الله .لم يقل أحدٌ إنني يوماً أعودُ . وهل أمتعتي سوى الندم . حقائبي عيوني ، ليتَ أختي في البصرة ، لا تفتحها .
" تقولُ ابنتي لمّا رَأَتْ طولَ رِحْلتيْ
سِفارُكَ هذا تاركيْ لا أباً لِيا "
مالك بن الرّيب
#أسعد_البصري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟