|
الحنين ، اللغة ، برودسكي
أسعد البصري
الحوار المتمدن-العدد: 4115 - 2013 / 6 / 6 - 11:20
المحور:
الادب والفن
الكتابة عن الحنين ، تعني الكتابة عن برودسكي . لجأ الشاعر الروسي جوزيف برودسكي إلى الولايات المتحدة عام 1972 م ، لأسباب سياسية خارجة عن إرادته . ومنها تم تصنيفه كأحد فحول الشعراء الأمريكان . و حصل من هناك على جائزة نوبل للآداب كشاعر روسي حر و مبدع . كانت تهمة برودسكي " الطفيلية " ، و "الإنحلال الأخلاقي " ، و "الحداثة " . هذه التهم مجتمعة في الإتحاد السوفيتية ، أدت إلى حجر هذا الشاعر في " مصح عقلي " ، ثم الحكم عليه خمس سنوات أشغال شاقة في سيبيريا . لكن محاكمته التي تم تهريب نصها إلى الصحافة ، و تلقفها الأدباء الأوربيون والأمريكان ، أدت إلى عاصفة إعلامية ، وضغط دولي ، نتج عنه إطلاق برودسكي مبكراً من سيبيريا . و من ثم لجوئه إلى الولايات المتحدة . وهذا أدناه ترجمتي الشخصية ، لنص المحاكمة السوفيتية : " القاضي : ما هي مهنتك عموماً ؟؟ برودسكي : أنا شاعر ، و مترجم أعمال أدبية . القاضي : ومن منحك لقب شاعر ؟ . من صنفك ضمن الشعراء ؟ برودسكي : لا أحد . ومن تراه صنفني ضمن البشر ؟! القاضي : كيف أصبحت شاعراً ؟ أنت حتى لم تحاول الحصول على الثانوية العامة . أين يتم تأهيل الشعراء ؟ . أين يتم تعليمهم ؟ . برودسكي : لم أكن أظن أنه يمكن تعلم الشعر في المدرسة . القاضي : وكيف إذن ؟؟ برودسكي : أعتقد بأن ذلك يأتي من الله . "
يصف برودسكي الأديب من المنفى بذلك "الذي يعيش كسمكة في الرمال " ، مع هذا لم يرجع بعد سقوط الإتحاد السوفيتي ، و عودة روسيا . أخبر ديفيد ريمنك ، الصحفي في الواشنطن بوست ، بأن هذه التغييرات السياسية الكبرى في بلاده ، عديمة الأهمية بالنسبة لسيرته الشخصية ، و تفتقر إلى اهتمامه . إن وفاءه كان للغة " أنا أنتمي إلى الثقافة الروسية ، أشعر بأنني جزء منها ، من تكوينها ، ومهما تغير مكان إقامتي ، فإنه لن يغير هذه الحقيقة النهائية . اللغة أكثر قدماً من البلد ، و هي شيء لا يمكن تجاوزه . أنا أنتمي إلى اللغة الروسية " . أغنية حب ............... جوزيف برودسكي / ترجمة شخصية
لو تغرقين ، أجيء لإنقاذك ألفك بملاءتي ، وأغلي لك الشاي لو كنتُ شرطياً ، أقبض عليكِ أبقيكِ في زنزانة ، بالقفل والمفتاح لو كنتِ طائراً ، أسجل لك أسطوانة وأصغي طوال الليل ، إلى تغريدكِ الرفيع لو كنتُ ملازماً ، تكونين تحت التدريب و يا عزيزتي ، أؤكد لك أنك ستحبين التمرين لو كنتِ صينية ، أعشق اللغة الصينية أضرم المفرقعات ، أرتدي ثياباً مضحكة لو كنتُ مرآةً ، كنتُ عصفتُ بالسيدات أمنحك شفاهي الحمر ، و أزين أنفك لو تحبين البراكين ، أكون الحمم أتفجرُ باستمرار ، من مخبئي الخفيّ ولو كنتِ زوجتي ، أكون حبيبك فالكنيسة ترفض الطلاق بقوة
برودسكي الغريب ، فالحديث عن الحنين ، المدخن الذي لم يعش سوى خمسة و خمسين عاماً . لم يتوقف برودسكي عن التدخين ، حتى بعد عمليات القلب المفتوح التي أجراها بأمريكا . ولد في لينين غراد 1940م ، و هرب إلى أمريكا 1972م ، أصبح مواطناً أمريكياً عام 1977م . مات بسكتة قلبية 1996م ، حيث تم دفنه على الماء ، في فينيسيا إيطاليا ، بمقبرة سان مايكل . الشاعر الذي استشهد بمقولة أودين ، عن الشاعر ييتس في آخر حوار معه " إرلندا المجنونة ، توجعك في الشعر " ويضيف : ما الذي يوجعك في الشعر ، أو في الأدب سوى اللغة ؟ . إحساسك باللغة ، وليس فلسفتك الخاصة ، ولا لهفتك الخلاقة ، أو فتوتك . مات برودسكي الذي شبه الزمن بالماء مرة ، و سخر من نفسه قائلاً : " إنه لا يستطيع فقدان كرشه ، بالسهولة التي يفقد بها شعره و عقله " . و كان من آخر ما كتب " اهتمامي الأساسي يتمحور حول طبيعة الزمن ، هذا ما يثير اهتمامي بالدرجة الأساس . ماذا يفعل الزمن بالإنسان ؟؟ . هذه واحدة من أهم التأملات ، وأقربها إلى طبيعة الزمن التي يمكننا العثور عليها في الحياة . "
#أسعد_البصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زيارة الإمام الكاظم رسالة سياسية إلى السنة
-
الطائفة الغالبة لا تشعر بمعاناة الطائفة المغلوبة
-
التكفير والهجرة ، عصر الحروب المقدسة
-
حاجتي ليست في قوافلكم
-
الجواهري و مديح الطغاة
-
عذابات السني العراقي
-
الحرب الحبيبة
-
وما هو ضرر الحروب ؟
-
البحرين قميص عثمان الإمبراطورية الخمينية
-
عَمّتِيْ أَمِيْنة ، و جَرَّتُها الثّقِيْلة
-
النخبة والعامة
-
شَهْوَةُ الحرب
-
وَجَعُ الحياة
-
أوديسيوس
-
الشُّعَراء من نَفْسٍ واحدةٍ
-
الصَّلاة
-
الإسلام تجربة روحيّة ، و ثقافة
-
الشاعر علوان حسين و دموعه
-
أدب الصَّمْت عند هنري ميللر
-
عن الشاعر المسلم
المزيد.....
-
-فنان العرب- يظهر في عيد ميلاده.. -روتانا- تحتفل به وآمال م
...
-
فنانة لبنانية ترقص وتغني على المسرح في أشهر متقدمة من الحمل
...
-
“فرحة للعيال كلها في العيد!” أقوى أفلام الكرتون على تردد قنا
...
-
موسيقيون جزائريون يشاركون في مهرجان الجاز بالأورال الروسية
-
الشاعر إبراهيم داوود: أطفال غزة سيكونون إما مقاومين أو أدباء
...
-
شاهد بالفيديو.. كيف يقلب غزو للحشرات رحلة سياحية إلى فيلم رع
...
-
بالفيديو.. غزو للحشرات يقلب رحلة سياحية إلى فيلم رعب
-
توقعات ليلى عبد اللطيف “كارثة طبيعية ستحدث” .. “أنفصال مؤكد
...
-
قلب بغداد النابض.. العراق يجدد منطقة تاريخية بالعاصمة تعود ل
...
-
أبرزهم أصالة وأنغام والمهندس.. فنانون يستعدون لطرح ألبومات ج
...
المزيد.....
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
المزيد.....
|